تأتي ذكري الميلاد هذا العام في ظل ظروف استثنائية تعيشها مصر بصفة عامة والكنيسة المصرية بصفة خاصة ورغم ذلك نشعر جميعا ان ميلاد السيد المسيح اكبر من أي الم سببه الحادث الارهابي الذي تعرضت له منذ أيام الكنيسة البطرسية. وسقط جراره العديد من الشهداء والمصابين ورغم قسوة الحادث إلا اننا نثق ان هؤلاء الشهداء يشاركوننا فرحة الميلاد وهم في السماء مع الطفل المولود. نحتفل اليوم بذكري ميلاد السيد المسيح وبداخلنا المزيج من المشاعر التي كانت موجودة فمنذ ايام ميلاد الطفل يسوع. المجوس وخارطة الطريق المجوس هم مجموعة علماء مدربين لهم خبرة وباع في معرفة الفلك واسراره وحين رأوا في السماء نجما مجيدا أدركوا ان هذا النجم مرتبط بميلاد شخص مجيد.. فلم يكتفوا بمجرد مشاهدة النجم بل قرروا ان يتبعوه ليقدموا السجود للشخص العظيم الذي ولد الا ان أول خطأ وقعوا فيه كان ذهابهم للقصر الملكي في أورشليم بدلا من الذهاب لبيت لحم اذ حدثتهم تخميناتهم الناقصة ان الملك المولود لابد وان يكون في القصر لكن بدخولهم القصر واعلانهم خبر ميلاد ملك ليس في قصر هيرودس شعر الملك ان شرعيته اهتزت فقام بفعله الباطش وامر بذبح اطفال بيت لحم. وهنا نقف لنفكر ماذا لو كان للمجوس خارطة طريق محددة المعالم تحميهم من القرارات غير المدروسة؟ بالطبع ستكون العواقب مختلفة فنحن حين لانضع خارطة طريق محددة المعالم نضطر للسير في طرق ضبابية تصل بنا الي قرارات قد تكون كارثية وان كانت بنينا علاقة حية مع الله حتما لن نضل الطريق وسنصل بمعونته وارشاده الي ما نصبوا اليه. ثمن الشرعية حينما شعر هيرودس الملك باهتزاز عرشه جراء سماعه خبر ميلاد ملك ليس من صلبه ادرك ان شرعيته في خطر فلم يفكر الا في حماية هذه الشرعية وكان الثمن مقتل اطفال بلا عدد دماء بريئة اريقت ثمنا للشرعية المزعومة وامهات كسرت قلوبها في سبيل ان تحمي جماعة شرعيتها الا ان الشرعية الحقيقية هي التي تبقي. وقد اكد السيد المسيح علي شرعيته بأن قدم الحب والسلام للجميع كما اكدها ايضا من خلال كلمة الله التي شهدت له وبتعاليمه. الهروب الي المستقبل اعلنت السماء حمايتها للسيد المسيح : اذا ملاك الرب قد ظهر ليوسف في حلم قائلا : "قم وخذ الصبي وأمه واهرب الي مصر وكن هناك حتي اقول لك لان هيرودس مزمع ان يطلب الصبي ليهلكه" فقام واخذ الصبي وأمه ليلا وانصرف الي مصر "متي 2:13-15". كان هناك خطر وكان قرار الهروب لمصر تقديرا جيدا للظروف اذ كان البقاء ومواجهة عدو مثل هيرودس سيعد نوعا من الانتحار حينها كان الهروب الي مصر هو الخروج الامن وهكذا فإن الميلاد يعلمنا متي نهرب ومما نهرب. الا ان قرار الهروب لم يكن نهاية المطاف بل اقترن الهروب بقرار اخر بالعودة لكن العودة لمن تكن لاورشليم ولا لبيت لحم بل الي الناصرة فلما مات هيرودس اذا ملاك الرب قد ظهر في حلم ليوسف في مصر قائلا : "قم وخذ الصبي وأمه واذهب إلي أرض إسرائيل. لانه قد مات الذين كانوا يطلبون نفسي الصبي" فقام وأخذ الصبي وأمه وجاء إلي أرض اسرائيل وأتي وسكن في مدينة يقال لها ناصرة "متي 2:19-21.23". الوحدانية بقلم:الأنبا بنيامين ونحن في بداية عام جديد ومع عيد الميلاد المجيد الذي بميلاد رب المجد يسوع المسيح وَحَّدْ السمائيين بالأرضيين نلتقي مع موضوع هام جداً وهو الوحدانية بمعني الاتحاد أو الوحدة.. نريد معرفة معني محدد للوحدانية وصور لهذه الوحدانية ** الوحدانية: وهي عدم "الانقسام أو التشرذم أو الفرقة" لأن الوحدانية هي أساس القوة والصحة والسلامة..الخ فصحة الجسد في وحدته أي أن تكون كل الأعضاء سليمة وثابتة في الجسد لكن تخيل أعضاء منقسمة متفرقة غير ثابتة في الجسد فسيكون مصيرها الضعف والمرض والموت أخيراً.. لذلك فالوحدانية هي سر قوة أي كيان متحد لكن إذا انقسم أو تفرق أو تشرذم أو دخل في عداوات فسيكون ضعيفاً جداً. لذلك كله فالوحدة مطلوبة وسط الشعب ووسط الأسرة ووسط أي مؤسسة تريد أن تحقق نجاحاً في تأدية رسالتها وسط الناس.. ولكن لابد من معرفة ما يعارض الوحدانية وكيف نواجهها ونحفظ الوحدانية. ** عوامل ضد الوحدانية: دائماً تقف الذاتية والدوران حول الأنا عائقاً في وجه الوحدانية إذ تؤدي الذاتية إلي الاختلاف في وجهات النظر والرؤية المختلفة لكن الصالح العام هو الذي يجمع الكل حول هدف واحد مشترك أما الاختلاف فيحدث إذا اختلفت الأهداف وصار لكل فريق هدف خاص يتعارض مع هدف الفريق الآخر ودائماً الرؤي يؤسسها الهدف فطالما اختلفت الأهداف فستختلف الرؤي والخطط والمساعي كلها وهكذا نتفرق أي نصير فرقاً ومجموعات متنافرة ومتناحرة.. وهذا ما نراه الآن في مصر إذ انقسام الشعب إلي فرق فهذا ليبرالي وهذا ديني وذلك تيار شعبي.. الخ. وصار لكل فريق هدف فالبعض هدفه تطبيق الشريعة والآخر هدفه الدولة المدنية والآخر تطبيق القانون فقط وترك الشريعة لحكم الدين والحياة مع الله فقط.. وهكذا اختلفت الرؤي والأهداف مما أدي إلي انقسام الشعب والخوف لا قدر الله أن يحدث انقسام في الوطن وهذا ما لا نتمناه مطلقاً.. ** كيف نحفظ الوحدانية: لابد من الاتفاق علي مبادئ هامة تحفظ الوحدانية بين شعبنا وتلمم كل الاتجاهات حتي تصير لها هدف واحد هو رفعة المجتمع وسعادة الشعب وتقدم الوطن وفي ظل هذا الاتجاه الواحد كهدف تصير الرؤي متفقة والأفكار متلاقية.. ولكن كيف نصل إلي ذلك؟ 1- الحوار: وهو تبادل الأفكار والرؤي للوصول إلي انصهار تام لكل هذه الأفكار حتي بانصهارها نتفق في الهدف فنتفق في الرؤي وبذلك نتحد كمشاعر وكأعضاء ويصير الخلاف في أضيق نطاق ولا يؤثر علي وحدتنا العميقة ولا علي هدفنا الواحد ولا علي لقائنا الفكري وفي الرؤي أيضاً.. 2- موضوعية الخلاف: بمعني أن الخلاف لا يأخذ البعد الشخصي ولكن نلتقي حول الموضوع أساساً وإذا اتفقنا في الموضوع فيصير الاختلاف في وجهات النظر يثري الوحدة كما نري في اختلاف الألوان مثلاً ؟ إذ تتكامل الألوان أفضل من اللون الواحد كما نري في الحديقة التي تتنوع ورودها أو أزهارها أو ثمارها.. هكذا الموضوعية مع اختلاف الرؤي تعطي تنوعاً وتكاملاً وقوة أكثر وبذلك تتحقق الوحدانية.. 3- الاعتدال: وهو يأتي نتيجة للموضوعية وروح الحوار فيحدث الاعتدال والوسطية في النظر للأمور ولا شك أن عكس الاعتدال هو التطرف والتعصب لرأي معين أو التمسك بوجه نظر معينة بإصرار وعناد وعدم رغبة في الاتفاق والوصول لحلول وسطية مريحة هذا ما يؤدي إلي الانقسام ويطعن الوحدانية في مقتل.. ومعرفة أن الوسطية هي سمة في الشعب المصري لأن نهر النيل يجري في وسط أرض مصر وهذا ما عَلَّمَ الشعب الوسطية والاعتدال والبعد عن التطرف والتحمس لفكرة معينة وحيدة ورفض كل ما سواها.. هذا ما يسبب التحزب والتقاتل بعيداً عن الوحدانية والتلاقي.... طفل المذود بقلم:الأب : بطرس دانيال يارب.. أكتب لك خطابا غير معتاد ويبدو انه غريب. هذه الرسالة مني كطفل بدأ في الايمان بك بكل وعي وفهم وحب اما الان اكتشفت ان الهدايا التي كانت تقدم لي لم تكن منك أنت. وانما كان والدي وأحبائي يرسلونها لي عن طريق بابا نويل حتي أنني فهمت بأن هذه العطايا مرتبطة بالمحفظة والمال ولم تكن هبات مجانية. للاسف توجد عقليات تربط بين الهدايا والنقود كل شئ يشتري نستطيع ان نحصل علي كل ما نحتاجه اذا كان لدينا مال لكنني انتظر هبة اخري لاتقدر بثمن او تشتري وهذه الهبة ستغير العالم وليست لها صلة بالمال عطية لانستطيع الحصول عليها من المحلات ولا صلة اذا كنت صالحا ام لا انا انتظر هذه العطية التي ستمنح لي حتي ولو كنت خاطئا او لست علي مايرام انتظر عطايا تغير العالم كالسلام والمحبة والسعادة والارادة الصالحة والاخوة والعدل بين الناس انتظر كل هذه منك شخصيا كما اطلب منك يارب ان تقرأ رسالتي جيدا لان عيد الميلاد بالنسبة لي هو انتظار العطية..م انا لا اعدك بأن اكون طيبا أو صالحا يوم عيد ميلادك أود ان اكون صادقا معك كثيرون يتظاهرون بأنهم صالحون واسخياء ومتعاطفون ومهذبون ومتسامحون الي درجة انهم يبدون كقديسين.. ولكنهم في الغد يعودون كما كانوا من قبل الي الانانية واللامبالاه تجاه القيم الانسانية والروحية ويبحثون عن المنفعة الذاتية والمصالح الشخصية وغيرها جميعنا يتفنن شتي الطرق للاحتفال بالعيد من طعام وملابس وهدايا وزينة ومشاعر طيبة كل هذه تستهلك في يوم عيدك لذلك اعلن لك صراحة بأن لا نية لي لاكون افضل واحسن واطيب في يوم ميلادك لكن اريد ان اكون كما انا حتي تستطيع التعرف علي وتتقابل معي مثل سائر الايام الماضية في ضعفي ووهني.. لذلك لا اعدك بأي تغيير في هذا اليوم. لا رغبة لي في ذلك تكفي الاعداد الغفيرة التي تتجمل في هذا اليوم لكنني اعدك بأن اتغير في اليوم التالي وسأضع علي عاتقي عيد الميلاد من الغد.. كثيرون هم الذين يقدمون افضل ما عندهم في هذا اليوم ولكنني اريد ان انتهز الافضل كنتيجة للعيد يكفينا ان هذا اليوم مملوء بالافضل والاحسن وهو ما قدمته انت يارب لنا جميعا الغالبية العظمي تعتبر عيد الميلاد كيوم خارج تقويم السنة كأنه يوما لا وجود له في الزمن انو كأنه محطة الوصول النهائية ليس عيد الميلاد هو نقطة الوصول لكنه محطة الانتقال والسفر ويجب ان نعي جيدا بأننا لم نصل الي النهاية في هذا اليوم ولكننا نبدأ في التحرك والرحيل.