إلي متي سنظل نعيش في وهم الشعارات والعبارات الرنانة ذات السجع والجناس اللفظي.. والفعل مفيش؟! برامج كبار الإعلاميين في الفضائيات المصرية تساهم بشكل كبير في ترويج الأكاذيب وخداع المواطنين بالشعارات والعبارات الجوفاء التي لا تغني ولا تسمن من جوع. "الشعب يأمر".. كان أحد تلك الشعارات الوهمية والتي روج لها كثيرا أحد هؤلاء الإعلاميين الكبار عبر شاشة فضائية خاصة وجديدة ظهرت فجأة في غفلة من الزمان وغفوة. ضجيج كبير بلا طحن صاحب هذه الحملة "الشعب يأمر" وأظهر كبار التجار وأصحاب السلاسل التجارية والمولات أنهم يستجيبون لأمر وإرادة الشعب ويخفضون الأسعار للمواطنين وسمعنا أسماء كثيرة لهؤلاء التجار ومناشدات ساقها ذلك الإعلامي صاحب الصوت الجهوري والصخب والزعيق المبالغ فيه بلا سبب.. ويبدو أنها كانت مجرد زوبعة وفرصة للترويج لأسماء رجال الأعمال من التجار وإظهارهم أمام الناس بمظهر الحمل الوديع الحريص علي مصلحة المواطنين والساعي لخدمتهم وتقديم السلع لهم بتخفيضات هائلة حتي ولو أدي الأمر إلي أن يخسر ولا يحقق أي مكاسب في سبيل إرضاء الناس وكان هذا الأمر كذبا حقيقيا ظهر بعد ذلك في الأيام التالية للحملة. ليس هذا الشعار فقط خدعنا فمنذ أيام قليلة سمعنا وقرأنا عن "البلاك فرايداي" والتخفيضات الهائلة التي تقدمها المولات التجارية وذهب الناس بالآلاف ووقفوا في طوابير طويلة للغاية حتي ينالوا شرف الشراء من هذه المولات بأسعار مخفضة للغاية وكانت الأكذوبة الثانية فقد تفاجأ الجميع بأن الأسعار مرتفعة جدا وتزيد كثيرا عن أسعار نفس السلع في محلات وسط البلد ولم يكن هناك خصم حقيقي ولا أي شيء سوي سعي تلك المولات إلي تحريك عملية البيع والشراء ولو علي حساب خداع الناس وبيع الوهم لهم وبأسعار تعجيزية. أكذوبة ثالثة وشعار كرهناه من كثرة ما تردد علي ألسنة المسئولين وهو "حماية محدود الدخل" و"توفير الدعم للمستحقين" و"تنقية بطاقات التموين" ندوات واجتماعات ومشاورات وتصريحات للمسئولين ومناقشات لا تنتهي وإعلانات بالهبل علي شاشات الفضائيات حول توصيل الدعم إلي مستحقيه. وكل هذه الزفة والضجة حول 18 جنيها زادت من الشهر القادم إلي 21 جنيها فقط هي قيمة دعم الفرد "محدود الدخل" في بطاقة التموين.. أي والله 21 جنيها وبضعة أرغفة من خبز ردئ للغاية للمواطنين يوميا. ولا أفهم أو أتصور أن مواطنا كائنا من كان يمكن أن يعيش ب 21 جنيها في الشهر يشتري بها كيلو سكر ب 7 جنيهات في بطاقة التموين وكيلو أرز ب 6 جنيهات وزجاجة زيت ب 9 جنيهات والمجموع هنا 22 جنيها يعني هيدفع جنيه من جيبه الخالي من النقود أصلا. أي دعم هذا الذي يتحدثون عنه ليل نهار وكأنه فضل وجدعنة وشهامة لا حدود لها من جانب الحكومة لصالح الفقراء.. الناس زهقت من كثرة الأحاديث والتصريحات والفعل سييء للغاية ومحبط للغاية لأن غول الأسعار هاجم الجميع بشراسة وبلا رحمة واشتعلت أسعار كل شيء وأصبح المواطن علي كل المستويات غير قادر علي مواجهة الارتفاع المستمر للأسعار التي لم تعد تخضع لرقابة أي أحد لا الحكومة ولا جهاز حماية المستهلك ثم يصدعون رءوسنا بعد ذلك بالحديث عن الدعم وهو دعم ضئيل للغاية.. وهم في ذلك ليسوا أصحاب فضل فدعم الفقراء والعاطلين موجود في أغني وأفقر دول العالم وتقدمه الحكومات هناك عن طيب خاطر وبنفس راضية ودون منّ علي الناس. لا تحدثوني عن دعم الوقود والبنزين والسولار فكلها قد زادت أسعارها كثيرا مؤخرا ويقال إنه سيتم رفع الدعم عنها نهائيا خلال وقت قصير.. تكاليف النقل ارتفعت والمواصلات زادت أسعارها والمواد الغذائية وكافة أوجه الحياة ارتفعت تكلفتها في مواجهة المواطن البسيط والمتوسط الحال. لا أري دعما حقيقيا للمواطن الآن وهو أمر يشكل خطرا اجتماعيا لا تحمد عقباه ولا أري سيطرة حقيقية وجادة علي التوحش في الأسعار وفي الأسواق أسمع وأري وأقرأ تصريحات رنانة وشعارات جوفاء يرددها الإعلام ويرددها المسئولون في الحكومة وأقول للحكومة اذهبوا إلي مواقع التواصل الاجتماعي واقرأوا ما يقوله الناس وما يشعرون به لتعرفوا نبض الجماهير الحقيقي بدون تزييف أو خداع أو انزلوا إلي الشارع واسمعوا رأي رجل الشارع!!