نبض القلم بقلم: د. إكرام منصور 23 يوليو ثورة عملاقة مازالت ثورة 23 يوليو 52 عملاقة بعد مرور 64 عاما عليها وقبل اندلاعها كانت هناك أسباب ومقدمات أثرت بالسلب علي الشعب المصري وجيشه ومهدت لاشتعال الثورة أهمها كانت هزيمة فلسطين هي الصخرة التي تحطم عليها العرش الملكي فحينما عاد الضباط من الحرب مهزومين ومقهورين تحولوا إلي خلايا نشطة ذات طابع تنظيمي لأنهم رأوا ان الملك فاروق هو السبب وراء الهزيمة العسكرية المصرية سواء بالقيادات الفاشلة التي تجهل أساليب الحرب أو بقلة الإمداد والتموين أو بالأسلحة والذخيرة الفاسدة. ولذلك تم تكوين الهيئة التأسيسية للضباط الأحرار في سبتمبر 1949م برئاسة البكباشي جمال عبدالناصر وكانت المنشورات هي سلاح التنظيم ضد الملك وحاول البوليس السياسي معرفة أسماء الضباط الذين يقفون وراء هذا التنظيم. ولكنهم لم يفلحوا كما كان للاحتلال الانجليزي لمصر دور في قيام الثورة أيضاً ونقض الانجليز لوعودهم بالجلاء وفساد النظام الملكي في مصر ومن هنا اشتعلت الثورة ولقد قامت الثورة علي مبادئ ستة هم عمادها ومنهم والقضاء علي الاقطاع القضاء علي الاستعمار والقضاء علي سيطرة رأس المال علي الحكم وإقامة حياة ديمقراطية سليمة وإقامة جيش وطني قوي وإقامة عدالة اجتماعية كما تم تشكيل أعضاء مجلس قيادة الثورة من محمد نجيب وجمال عبدالناصر وعبدالحكيم عامر ويوسف صديق وحسين الشافعي وصلاح سالم وجمال سالم وخالد محيي الدين وزكريا محيي الدين وكمال الدين حسين وعبداللطيف البغدادي وعبدالمنعم أمين ومحمد أنور السادات وجمال حماد وفي لحظة تاريخية غيرت وجه مصر الاجتماعي والسياسي والاقتصادي وينطلق صوت الزعيم الرحل محمد أنور السادات ويلقي البيان الأول بالإذاعة ونصه من اللواء محمد نجيب إلي الشعب المصري لقد اجتازت مصر فترة عصيبة في تاريخها الأخير من الرشوة والفساد وعدم استقرار الحكم. وقد كان لكل هذه العوامل تأثير كبير علي الجيش وتسبب المرتشون والمغرضون في هزيمتنا في حرب فلسطين. وأما فترة ما بعد هذه الحرب فقد تضافرت فيها عوامل الفساد وتآمر الخونة علي الجيش وتولي أمره إما جاهل أو خائن أو فاسد حتي تصبح مصر بلا جيش يحميها. وعلي ذلك فقد قمنا بتطهير أنفسنا وتولي أمرنا في داخل الجيش رجال نثق في قدرتهم وفي خلقهم وفي وطنيتهم ولابد ان مصر كلها ستتلقي هذا الخبر بالابتهاج والترحيب. أما من رأينا اعتقالهم من رجال الجيش السابقين فهؤلاء لن ينالهم ضرر وسيطلق سراحهم في الوقت المناسب واني أؤكد للشعب المصري ان الجيش اليوم كله أصبح يعمل لصالح الوطن في ظل الدستور مجرداً من أي غاية وانتهز هذه الفرصة فأطلب من الشعب الا يسمح لأحد من الخونة بأن يلجأ لأعمال التخريب أو العنف لأن هذا ليس في صالح مصر وان أي عمل من هذا القبيل سيقابل بشدة لم يسبق لها مثيل وسيلقي فاعله جزاء الخائن في الحال. وسيقوم الجيش بواجبه هذا متعاوناً مع البوليس. واني اطمئن إخواننا الأجانب علي مصالحهم وأرواحهم وأموالهم ويعتبر الجيش نفسه مسئولاً عنهم والله ولي التوفيق للواء أركان حرب محمد نجيب.. ومن انجازات الثورة العظيمة العملاقة قرار الزعيم الراحل جمال عبدالناصر تأميم قناة السويس واسترداد الكرامة والاستقلال والحرية وسقوط الحكم الملكي وقيام الجمهورية وتوقيع اتفاقية الجلاء بعد أكثر من سبعين عاماً من الاحتلال لبناء حركة قومية عربية للعمل علي تحرير فلسطين واصدار قانون الاصلاح الزراعي بجانب مجانية التعليم كما تعتبر الثورة العصر الذهبي للطبقة العاملة المطحونة الذين عانوا أشد المعاناة من الظلم وفقدان مبدأ العدالة الاجتماعية وأسفرت الثورة عن توجهها الاجتماعي وحسها الشعبي مبكراً عندما اصدرت قانون الملكية يوم 9 سبتمبر 1952 قضت علي الاقطاع وأنزلت المليكات الزراعية من عرشها وإلغاء الطبقات بين الشعب المصري وأصبح الفقراء قضاة وأساتذة جامعة وسفراء ووزراء فهي الثورة العملاقة في تاريخ مصر الحديث الذي غيرت وجهها. السلام العربي مع إسرائيل بقلم: مرعي يونس "من نكد الدنيا علي الحر أن يري عدواً ما من صداقته بُد" هذه حكمة اسوقها بمناسبة ما سمعته عن قيام وفود غير رسمية من دول عربية بزيارة لإسرائيل ويبدو لي ان هذه الزيارات رسالة للقمة العربية المنعقدة في العاصمة الموريتانية "نواكشوط" مفادها لا مانع من السلام والحوار مع إسرائيل.. لا بأس فنحن أمة حوار وأمة سلام بشرط ان تتخلي إسرائيل عن نزعتها العدوانية وان تعيد الحقوق لأصحابها وان تكون مخلصة في السلام فلا تتآمر علينا ولا تقسمنا ولا تشكل مع بعضنا محوراً ضد آخر ولا يجوزلنا - نحن المسلمين - ان نستعين بإسرائيل علي بعض المسلمين حتي وان اختلفوا معنا مذهبياً وسياسياً. ويجب ان نعرف ان إسرائيل بحاجة للسلام معنا مثلما نحن بحاجة له فإسرائيل لم تعد الدولة التي لا تقهر بل هي قابلة للهزيمة والانكسار وإسرائيل جربت الحرب مع مصر وهزمت وجربت الحرب مع حزب الله وحماس وانكسرت. والسلام مع إسرائيل يمر عبر مصر صاحبة الخبرة في الحرب والسلم. رحم الله الرئيس الراحل أنور السادات كان حاكماً ذكياً صاحب رؤية كان قارئاً للمستقبل ولو سار العرب وراءه لأصبح لهم شأن آخر. ولكي يتحقق السلام مع إسرائيل لابد لنا - نحن العرب - ان نغير رؤيتنا وان نقرأ التاريخ قراءة صحيحة ايجابية وان نستحضر من ديننا ما يدفعنا إلي الامام وصوب السلام وان نعمل بجد لكي نتقدم علمياً وسياسياً واقتصادياً حتي نكون انداداً علي قدم المساواة مع أبناء المجتمع الإسرائيلي. وإذا كانت إسرائيل دولة يهودية حقاً وليست دولة صهيونية استعمارية توسعية فإن اليهود الحقيقيين من سلالة نبي الله يعقوب نشأوا وترعرعوا وتناسلوا وكثروا وسط المصريين وعلي أرض مصر.. جاء بنو إسرائيل بعد ان مكن الله لسيدنا يوسف علي أرض مصر وأصبح عزيزاً لها وكبير وزرائها وكان يوسف قد تربي علي أرض مصر ودخل سجنها بسبب موقفه من زليخة زوجة قوطيفار عزيز مصر ومارس النبوة ودعوة التوحيد في مصر. أراد الله لمصر أن تكون الأرض التي يجتمع علي أديمها سيدنا يوسف مع أبيه يعقوب عليه السلام برفقة ابنائه الأحد عشر وعاش بنو إسرائيل في رعاية حكام مصر حتي ابتليت مصر بفراعين جبابرة علوا في الأرض وانزلوا البطش ببني إسرائيل فشاء الله ان يولد سيدنا موسي في بني إسرائيل علي أرض مصر أيضاً وشاء الله ان يربي سيدنا موسي في بيت الفرعون ويختاره الله نبياً ورسولاً وهو علي أرض مصر ويقارع سحرة فرعون ويخرج ببني إسرائيل إلي الأرض المقدسة حيث تلقي موسي الالواح علي طور سيناء. ان السلام مع إسرائيل ليس جريمة بل هو الآن ضرورة لما تبقي من الأمن القومي العربي بشرط ان يتحقق السلام بين العرب انفسهم أما ان ينقسموا ويتقاتلوا علي أساس طائفي ومذهبي وسياسي ثم تجري الاستعانة بإسرائيل لتكون حليفاً لمسلمين ضد مسلمين آخرين فهذا أمر أحذر منه لأن إسرائيل ستلتهم الجميع في نهاية المطاف.