أجمع الشارع وخبراء النفس والاجتماع علي ان انتشار الاسفاف في برامج التوك شو والأفلام والأعمال الفنية أصبح السمة الرئيسية في كافة البرامج لتحقيق أعلي نسبة مشاهدة وأرباح طائلة من اعلانات عبر حوارات غير هادفة مستغلين غياب دور ميثاق الشرف الاعلامي. لذا تحولت الساحة الاعلامية الي حلبة مصارعة تستخدم فيها كافة الأساليب غير المشروعة من الألفاظ الخارجة وبعدت كل البعد عن مشاكل الوطن وهموم الناس. محمد حسن مهندس يقول: نعيش مهزلة حقيقية بسبب الاسفاف في برامج الفضائيات التي أصبحت مهزلة اعلامية تهدم القيم والأخلاق وتحرض علي الفسق والرذيلة لذا يجب علي جميع المواطنين مقاطعة هذه البرامج التي ليس لها هدف الا الاثارة علي حساب القيم والأخلاق. ويضيف محسن علام محام ان المقاطعة وعدم مشاهدة هذه البرامج والأفلام ليست حلا لكن يجب ان تكون هناك أجهزة رقابية للقيم الاعلامية والأغاني ذات الألفاظ البذيئة لمواجهة هذه الظاهرة التي تسيء للفكر العام وتتنافي مع آداب مجتمعنا. أما محمد عبدالمنعم مدرس فيقول: تعودنا يوميا علي سماع الاسفاف بين الطلبة والشباب بسبب كثرة البرامج والأغاني والأفلام التي تحتوي علي مشاجرات وبذاءات وشتائم أعضاء مجلس الشعب ولعل برنامج "نفسنة" وفيلم أولاد رزق من أشهر الأعمال التي تحض علي الفسق والرذيلة والألفاظ الخارجة وتدخل جميع البيوت المصرية. ويضيف حسن عبدالله سائق: نجلي يبلغ من العمر 4 سنوات فوجئت بأنه يقوم بتقليد أغنية تحتوي علي ألفاظ خادشة تعرض علي قناة "المولد" مما جعلني أغضب بشدة من تصرفاته وقمت بالغاء هذه القناة من علي الريسيفر. بينما يوضح محمد علي مقاول: يجب علينا التدخل السريع من البرلمان والمكون لإيقاف هذه المهزلة التي نعيشها والتي تحدث علي القنوات الفضائية لأن ما يعرض يشوه وجهنا أمام العالم ويحول مساره من برامة هادفة الي تدميرية تخرب العقول وتسيء لفرض توجيهات معينة حيث أصبح كل من يملك مالا صاحب قناة يديرها حسب هواه بلا ضوابط أو معايير. ويشير محسن عابد موظف الي ان ما حدث مع توفيق عكاشة رسالة قوية من الدولة والبرلمان لكل من تسول له نفسه زرع الاسفاف العلني واستغلال قناته في العمل في غير مصلحة الدولة. أما كرم أحمد موظف بوزارة الاعلام فيقول: الأجهزة الرقابية تشارك في جريمة الانحطاط الأخلاقي والقيمي الذي يتم غرسه في مجتمعنا واعطاء الفرصة أمام القنوات لعرض برامجها وأقلامها بكامل الفاظها الخادشة والجارحة مقابل أموال يتحصلون عليها لذا يجب التدخل السريع من الرئيس السيسي لوقف هذه المهازل التي تعرض يوميا. الدكتور عبدالرءوف الضبع أستاذ ورئيس قسم الاجتماع جامعة سوهاج يقول: الفن في أي مجتمع يعتبر داعما أساسيا ورئيسيا للقيم الاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية. وابن خلدون مؤسس علم الاجتماع يقول: اذا أردت معرفة ثقافة شعب أنظر الي أغاني هذا المجتمع. فاذا كانت تحمل معاني وقيما رشيدة فيدل ذلك علي تقدم المجتمع. اما اذا كانت هابطة ومبتذلة فتدل علي الفوضي وانحدار القيم. ونحن كأساتذة بالاجتماع وجدنا ان الفن داعم للأخلاق والقيم النبيلة كفيلم الأيدي الناعمة الذي أعلي قيمة العمل.. كذلك الأفلام القديمة التي كانت لا تخلو من قيمة يقدمها للمجتمع. ويشير الضبع الي ان المجتمع المصري انتشر فيه الاسفاف بشكل كبير سواء في الأغنية أو الأعمال والمسلسلات والأفلام وخاصة بعد الثورة فاهتزت القيم وبعد ان كان في خدمة المجتمع أصبح أداة ومعولا لهدم القيم السامية. ويرفض الضبع بعض الأعمال الفنية التي تصور المواطن المصري علي انه أهبل وعبيط علي خلاف الواقع فالانسان المصري محترم ووقور. وأضاف الضبع: نحن كمواطنين علينا دور كبير في مواجهة هذا الاسفاف بالامتناع عن تشجيع مشاهدة هذه الأعمال المبتذلة. والدولة عليها دور كبير متمثل في وزارة الثقافة والمهتمين بالفن عليهم انتاج أعمال تدعم القيم وتبتعد عن الاسفاف ولرجال الدين دور كبير في التصدي للظاهرة في المساجد والكنائس وتبصير الذين يشجعون الاسفاف من أجل أعمالهم بأن أموالهم من حرام. ويرجع الدكتور ابراهيم المغازي أستاذ علم نفس جامعة بورسعيد ظاهرة الاسفاف الي اختلال أساليب التربية داخل الأسرة المصرية وغياب القدوة. فالأسرة اذا صلحت فيها المعايير والقيم ينعكس ذلك علي أفرادها واذا فسدت القيم فإنها تخرج أشخاصا ليس لديهم قيم اجتماعية ولا أخلاقية. والواجب علي الأسرة ان تبث في أفرادها قيمة الايثار وهي تعني تفضيل مصلحة المجتمع علي المصلحة الشخصية. ويوضح ان الاسفاف يعني الخروج علي الحياء المصري والتقاليد والعادات والثقافة مما جعل أجندة المجتمع تضم قيما غريبة وألفاظا خارجة. وللعلاج يجب تبصير الأسرة بأهمية التنشئة السليمة لأولادها كما يقع علي الاعلام دور كبير في نشر وتدعيم النسق الأخلاقي والقيمي كذلك أئمة المساجد وقساوسة الكنائس. ويؤكد الدكتور علي الرشدي باحث بجامعة المنصورة ان الاسفاف كظاهرة انتشر بشكل كبير بعد الثورة نتيجة تسليط الأغاني والأفلام علي الظواهر السلبية في المجتمع وأدي ذلك الي قيام الأطفال والشباب بالتقليد الأعمي من أجل لفت النظر اليهم ويظهر ذلك في أفلام السبكي. ويشار الي أن هذه الظاهرة موجودة منذ سنوات طويلة في بعض المناطق العشوائية ولكن الأعمال الفنية ساعدت بشكل كبير علي انتشارها. علي العكس هناك بعض الأعمال الهادفة كيوميات ونيس والذي يقدم المشاكل ويضع لها الحلول. ولكن الاعلام لا يركز علي الأعمال الهادفة. ويضيف: للأسرة دور كبير ونتيجة غيابها طوال اليوم عن المنزل لجلب الأموال انحدرت القيم وساد الاسفاف وكذلك المدرسة التي أصبحت مفرغة من المحتوي العلمي والأخلاقي فالمدرسون غير مؤهلين لمواجهة السلوكيات السلبية. ولعلاج هذه الظاهرة لابد من توجيه الاعلام للجانب الايجابي وتسليط الضوء علي القيم والسلوكيات الايجابية مع وضع قانون رادع لمن يفسد الذوق العام لأن من أمن العقاب أساء الأدب وبعد ذلك لابد من دور كبير للمراكز البحثية للتصدي لهذه الظاهرة.