نعم.. أكرر أفريقيا.. أفريقيا.. تأكيداً لحاجة مصر إلي قارتها.. أكرر هذا بعد أن عادت مصر إلي أفريقيا.. وهي لم تغادرها إلا إهمالاً.. وإهداراً لتاريخ طويل.. في هذه القارة التي ننتمي إليها.. ويقع فيها مجالنا الحيوي. ومصدر الحياة.. والمستقبل أيضاً. استثمرت مصر في عهد الزعيم جمال عبدالناصر. كل جهودها وأموالها أيضاً في تحرير القارة بأكملها.. بداية من الشمال الأفريقي العربي: تونس والجزائر والمغرب. إلي أقصي الجنوب. حيث جنوب أفريقيا.. ومن الشرق إلي الغرب.. احتضنت مصر حركات التحرر الأفريقي. واستضافت مكاتبها في القاهرة. وساندت بالمال والسلاح.. واحتضنت أبناءها في القاهرة. يدرسون وينهلون العلم من مدارسها وجامعاتها.. إعداداً لهم ليتولوا أمور أوطانهم بعد تحررها.. وخاضت معهم وبهم.. مساندة ودعماً بكل ألوانه.. كل معارك تحرير القارة.. ثم كانت معهم بعد التحرر تشارك في إنعاش اقتصادهم.. وإنشاء مؤسساتهم.. وعندما حان الوقت لإنشاء منظمة الوحدة الأفريقية. كانت الداعية والمؤسسة.. واقترح الزعيم جمال عبدالناصر. "أديس أبابا" لتكون مقراً لها.. ولم يطلب أن تكون القاهرة.. مع أنه لو طلب هذا لما خذله الأفارقة.. ولكنه أراد أن يعطي فضلاً لأديس أبابا.. مدركاً مدي ارتباط مصر بهذه الدولة الشقيقة. أفريقيا كانت إحدي الدوائر المهمة التي أشار إليها عبدالناصر في كتابه "فلسفة الثورة".. ولم يتخل عبدالناصر عن أي من هذه الدوائر. التي جعلها محور حياة ومستقبل مصر. وقد عرف الأفارقة فضل عبدالناصر. وحفظوا لمصر مساندتها. ووقوفها إلي جوارهم.. فكانوا معها في كل ما يحتاج إلي المساندة.. ومواقفهم معروفة في مساندة مصر بعد عدوان ..1967 وقطعهم للعلاقات مع إسرائيل.. تضامناً مع مصر.. وقد أتم ما غرسه عبدالناصر.. وتولي الكثيرون ممن تعلموا في مصر من أبناء أفريقيا. زمام الأمور في بلدانهم.. وكثيراً ما التقيت في عديد من المؤتمرات العالمية التي شاركت فيها بأفارقة في مناصب الوزراء والسفراء وغيرهم. وعندما نتجاذب الحديث معاً. ويعرفون جنسيتي المصرية. يعبرون لي عن اعتزازهم بمصر. التي درسوا فيها وتخرجوا في جامعاتها.. ويذكرون بالخير الزعيم الخالد جمال عبدالناصر. ولكن مبارك للأسف بدد هذا التراث. وأدار ظهره لكل هذا.. واتجه فقط صوب أوروبا وأمريكا.. وكانت النتيجة ما عشناه من عزلة مع أفريقيا. حتي جاء الرئيس عبدالفتاح السيسي. ليعيد وصل ما تقطَّع من خيوط مع القارة "الشابة".. وليواجه أول وأضخم الكوارث. التي كانت نتيجة طبيعية لذلك العصر.. وهي كارثة سد النهضة. التي وعد الرئيس السيسي أنه لن يضيعنا فيها أبداً.. مهمة شاقة وبالغة التعقيد والصعوبة.. ولكن لابد من تأكيد حق مصر. والتمسك به إلي ما لا نهاية. استطاع الرئيس السيسي منذ تولي الرئاسة. ترميم العلاقات المصرية الأفريقية.. والانطلاق بها إلي آفاقها الطبيعية. وسوف تكون للجهود المصرية في أفريقيا انعكاساتها علي الاقتصاد المصري بكل فروعه.. فضلاً عن تحقيق الأمن القومي لمصر. ولا ينقضي أسبوع أو شهر إلا وتكون القاهرة قد استضافت رئيساً أفريقياً.. أو وزيراً.. أو وفداً اقتصادياً من أفريقيا.. وفي الأسبوع الماضي كان لدينا رئيس وزراء الكونغو.. ثم كان منتدي أفريقيا 2016. الذي دعا إليه الرئيس عبدالفتاح السيسي. وانعقد برئاسته علي مدي يومين في شرم الشيخ.. ليكون تعبيراً بحق عن عودة مصر بكل قوة إلي أفريقيا.. ولتكون مصر بحق بوابة أفريقيا.. وليقدم هذا المنتدي أفريقيا كقارة للفرص الواعدة في الاستثمار والتبادل التجاري.. وكسوق ضخم للسلع والخدمات.. وليكون المنتدي فرصة يلتقي فيه المستثمرون ويوقعون خلالها علي اتفاقات عديدة. وقد أكد الرئيس السيسي خلال المنتدي.. وخلال لقائه بالمستثمرين الأفارقة علي أهمية الدور الذي يؤديه القطاع الخاص كقاطرة رئيسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في مصر وأفريقيا. وإتاحة فرص العمل وتعزيز حركة التبادل التجاري ودمج أفريقيا في الاقتصاد العالمي.. كما طالب الرئيس السيسي مؤسسات التمويل الأفريقية بتقديم التسهيلات الائتمانية لتنفيذ مشروعات إقليمية تربط الدول الأفريقية.. معلناً عن استعداد مصر لإنشاء طريق يربط مصر بأثيوبيا. مروراً بالسودان.. ثم يمتد إلي دول أخري. وكما أشاد الرئيس باستثمارات القطاع الخاص المصري في أفريقيا. والتي وصلت إلي ثمانية مليارات دولار.. فإنه رحب أيضاً بالاستثمارات الأفريقية والأجنبية في مصر. لقد حقق هذا المنتدي السنوي الذي اقترح فكرته الرئيس السيسي. نجاحاً كبيراً في دورته الأولي.. وشارك فيه نحو 1800 مشارك. ما بين رؤساء ورؤساء وزارات. ووزراء. ومناصب عليا. ومستثمرين أفارقة وأجانب ومصريين.. وسوف يجعل من مصر بحق بوابة أفريقيا الاقتصادية.. بل إن مصر أصبحت بعد هذا المنتدي العاصمة الاقتصادية والسياسية لأفريقيا. كما قال بحق سكرتير عام تجمع الكوميسا.. وحفظ اللَّه مصر.