مريم طالبة صفر الثانوية كشفت عورة نظامنا التعليمي واطلقت رصاصة الرحمة عليه.. مريم اثبتت ان نظامنا التعليمي العام هو الاسوأ بشكل مطلق وان محاولات الترميم والاصلاح بأفكار تقترب من العبثية واخري تثير الضحك مثل منح عشر درجات علي السلوك واقامة مطبخ وجبات ساخنة في كل مدرسة والطالب يختار استاذه.. وغيرها من الافكار اصبحت مادة شيقة للتسلية والسخرية علي مواقع التواصل الاجتماعي. لن نتوقف الان أمام ملايين التلاميذ الصغار الذين وصلوا إلي الصف الرابع او الخامس الابتدائي.. دون ان يعرفوا الفارق بين الالف وكوز الذرة والذين سقطوا بامتياز في اختبار القرائية.. ولا اعرف لماذا القرائية وليس القراءة.. لن اتحدث عن مناهج العار في المرحلتين الابتدائية والاعداية وعلي رأسها اللغة العربية والدراسات الاجتماعية التي تكرس قيم الغباء وتعلي مهارة الحفظ دون فهم.. ولن اتحدث عن معاناة أطفال صغار تتحول حياتهم إلي جحيم طوال العام الدراسي.. ولا عن فساد الذمم وانعدام الاخلاق وتحويل التعليم الي تجارة فاسدة.. ولكن سأتحدث عن الثانوية.. كارثة الكوارث ومصيبة المصائب في كل بيت مصري. دعونا نعترف ان امتحانات الثانوية العامة هذا العام هي الاسوأ ربما في تاريخ التعليم وهو انجاز يفوق في اهميته انجاز المطبخ ودرجات السلوك واختيار المدرس.. دعونا نعترف ان الاعتداءات التي تعرض لها مراقبون ومراقبات في امتحانات الاعدادية بالاقاليم والتي وصلت الي حد تجريد مدرسة من ملابسها والاعتداء عليها من قبل تلاميذ بإحدي لجان الاعدادية لانها منعتهم من الغش.. اطلقت جرس انذار لم يسمعه من يعانون الصمم في الوزارة: اذا كانت لجان الاعدادية تشهد هذا الارهاب ضد من يحاول أن يمنع الغش فماذا عن الثانوية العامة؟؟. هل يعتقد معالي الوزير ان لجنة في الارياف يخرج منها اثنان من الاوائل يتصادف انهما كانا جالسين علي مقعدين متجاورين ويحملان رقمي جلوس متتالين وانهما حصلا علي نفس الدرجات.. بل ويتصادف ان كل طلاب هذه اللجنة حصلوا علي درجات اعلي من 9 بالمائة؟.. الم يلفت هذا نظره.. هل فكر في التحقيق ولو من باب معرفة سر هذه الظاهرة المبهجة التي تستحق ان نتعلم اسبابها وان نعممها لنحصل علي اجيال من العباقرة؟. جميع الامتحانات تسربت ونشرت علي مواقع الانترنت.. الاجابات كانت في متناول الطلاب بعد دقائق من بدء معظم الامتحانات.. هناك 45 الف طالب معظمهم من الاقاليم حصلوا علي اكثر من 95 بالمائة والطريف ان المرحلة الاولي من التنسيق لم تتسع لهم.. هناك طلاب حصلوا علي 98 بالمائة ولم يدخلوا الكلية التي يحلمون بها.. هل يعتقد معالي الوزير ان مراقبا في لجنة بقرية او نجع يستطيع ان يمنع الغش الجماعي.. هل يعتقد ان هناك من يمكن ان يضحي بسلامته او حياته وييتم ابناءه او يقضي باقي عمره عاجزا من اجل الذود عن الحياض الكريمة والشمائل العظيمة للثانوية العامة. الثانوية العامة اصبحت كابوسا وعبئا علي الاسرة.. من يجتهد ويتعذب ويذاكر ويصل الليل بالنهار لا يلحق مكانا في مرحلة التنسيق الاولي ولا يجد سوي فتات المعاهد ودكاكين التعليم العالي الخاصة.. ومن يغش يدخل الطب ويلتحق بالهندسة والاقتصاد والعلوم السياسية والاعلام وغيرها من كليات القمة. من الانصاف ان نعترف ان وزير التربية الحالي لا يتحمل وزر الفساد والانحلال والانهيار التعليمي العام ولكن من الانصاف ايضا ان نقول انه لم يفعل شيئا يذكر ولم يطرح افكارا تستحق الاهتمام لمواجهة كارثة ان يتحدد مستقبل طالب بعد 14 سنة من القهر الدراسي.. في امتحانات تستغرق عدة ساعات.. وللحديث بقية ان كان في العمر بقية