** ثمة شيء ما يربط بين البراءة في العيون والبراءة من السجون. فالمصريون أبرياء بالفطرة. تلمع البراءة في عيون صغارهم ويستقر مردودها في صدور كبارهم. وهي أي "البراءة" في الحالتين معني معنوي يختلف معناه في عيون الاطفال عن معناه في أذهان البشر. فيقولون: "براءة الأطفال".. و"الطفولة براءة" وعلي الجانب الآخر يقولون حصل المتهم علي البراءة. أو المتهم بريء مما نسب إليه. وفي هذه الحالة تترادف الكلمتان أو تتناقضان بحسب المتلقي. فإما عدل وإما ظلم. والحقيقة في كلتا الحالتين في عالم الغيب. ولكن المؤكد أن البراءة في عيون الأطفال تبعث علي السعادة في نفوسنا وكلما تأملنا في وجه طفل أحببنا الحياة وتمسكنا بها - هكذا دونما تفكير - فهذه فطرة الله التي خلق عليها البشر. أي البراءة في العيون من صنع رب العالمين. وكذلك البراءة من السجون بإذن رب العالمين وإن كانت إلي حين. فربما يبريء المتهم في الدنيا وتراه في الآخرة من الآثمين وفي المأثور الشعبي المصري: "ياما في الحبس مظاليم"..!! - وبالأمس القريب اختلف المصريون حول قرار المحكمة ببراءة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.. الفرعون الذي حكم مصر قرابة ثلث قرن "1981-2011" تلك الفترة التي برزت خلالها زمرة المنتفعين واصحاب المصالح والمتسلقين الذين استولوا علي ثروات المصريين. وفي عهده تم تجريف العقول جنبا إلي جنب مع تزييف الإرادة الشعبية. وانقسم المصريون إلي اغلبية مهمشة تعاني من شظف العيش وتكافح من أجل الحصول علي الحد الأدني من الحياة الكريمة. وأقلية تمتلك النفوذ والمال أو كليهما معا.. باختصار اصبحت مصر في عهده تعوم علي بحيرة من الفساد يتساقط فيها تباعا عموم المصريين. بينما تعبر الأقلية إلي شاطيء الرفاهية والأمان.. وواقع الحال أن الحكم بالبراءة لم يكن مفاجأة. وإن كان بمثابة صدمة لأسر الشهداء والمصابين. أولئك الذين خطوا بدمائهم الطاهرة أروع السطور في تاريخ مصر المعاصر خلال ثورة الخامس والعشرين من يناير المجيدة. ** وإذا كان سحرة فرعون من العاملين بالفضائيات يصرون علي المضي في تشويه الثورة والثوار عبر قذائفهم المحرمة - أخلاقيا - علي مدار اليوم من خلال حملة إعلامية ممنهجة. ففي المقابل هناك "حراس الحقيقة" من حملة الاقلام الشرفاء الذين يدافعون عن حق الشعب في الحرية والعيش والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية. وفي مقدمة هؤلاء شاعرنا الكبير الكاتب الصحفي - رفيع المقام - فاروق جويدة. ودعونا نتوقف أمام مقاله يوم الجمعة الفائتة تحت عنوان: "المصريون ومخاوف مشروعة" وفيه طرح جويدة عشرات الأسئلة والتساؤلات دون ان يستخدم علامة الاستفهام علي الاطلاق. لأن الاجابة أو الاجابات سوف تكون صادمة ومغزية وتعبر في مجملها عن غياب الدولة وتقصير الحكومة في أداء مهامها المنوطة بها في مطاردة الفساد والتصدي لرموز العهد البائد حتي لايستولوا علي مقاعد الأغلبية في البرلمان القادم.. ويتساءل جويدة في مقاله التاريخي: ماذا لو عاد هؤلاء باموالهم واقتحموا مجلس الشعب القادم وفرضوا سيطرتهم علي الشارع السياسي مرة أخري. وهم يعرفون نقاط ضعف المصريين جيدا.. إن من بين هؤلاء الذين يحاولون إعادة صور الماضي الكئيب أشخاص ورموز نعتز بتاريخهم الوظيفي والوطني والتنفيذي. ولكنهم لايمثلون الحاضر أمام أجيال تغيرت وواقع جديد يفرض نفسه. ** آخر كلام: تتصاعد وتيرة التسريبات حول قرار سيادي منتظر بالافراج عن أعداد كبيرة من الشباب المحبط وراء القضبان. جنبا إلي جنب مع قرار بتجريم التطاول علي ثورتي يناير. ويونيو. الأمر الذي دفع بأحد أباطرة الفضائيات من سحرة فرعون إلي الاعتراض علي القرار قبل صدوره. مؤكدا أنه سيهاجم تلك القرارات حال صدورها مستندا إلي حصانته الصحفية أو كما قال "حرية الصحافة".. والسؤال: من أين يستمد هذا الإعلامي جرأته في التطاول علي الدولة..؟!