تتجه الأنظار الآن إلي الضرائب كطوق نجاة ودواء من الأزمة التي تطحن اقتصاد مصر عقب ثورتين. ورغم أن ظاهرة التهرب الضريبي ليست جديدة ولكن آثارها علي الاقتصاد وسط الظروف الحالية أصبحت أكثر خطورة. حيث تؤثر علي فرص الدولة في الإصلاح الاقتصادي وتمويل المشروعات وضبط ميزان المدفوعات. وفوق ذلك تمثل إخلالاً رهيباً بمبدأ العدالة الضريبية بين الممولين. "الجمهورية" حاورت المسئول الأول عن التهرب الضريبي في مصر أحمد عبدالرحمن أبورحمة رئيس الجهاز الذي كشف عدداً من ثغرات قانون الضرائب ومسئولية الاقتصاد غير الرسمي عن إهدار 40% من حصيلة الضرائب العامة. * "الجمهورية": تم الإعلان سابقا عن إنشاء مركز معلومات لمكافحة التهرب الضريبي وتطوير العمل فلماذا تعثر المشروع في مهده؟ ** المشروع قائم بالفعل والإدارة تبني عليه آمالاً كبيرة لتطوير العمل بالمكافحة خاصة أنه سيساعد في حصر المجتمع الضريبي وكل من له بيانات وتم بالفعل تجهيز المكان الخاص وجاري استكمال باقي التجهيزات وإمداده بالحاسب الآلي وقد وعدنا رئيس المصلحة ووزير المالية بتوفيرها في أقرب وقت حتي تكتمل المنظومة في هذا المركز وسيتم العمل به فور الانتهاء من استكمال كافة الأجهزة المطلوبة. * "الجمهورية": هل اختلفت أعداد المتهربين من سداد الضرائب في ظل عدم الاستقرار الحالي؟ ** بالتأكيد زادت نسبة المتهربين من سداد الضرائب المستحقة عليهم خاصة من بعد ثورة 25 يناير بسبب حالة الانفلات الأمني وتزايدت أعداد الممولين المتهربين من الضرائب ظنا منهم بأن المصلحة عاجزة عن تتبعهم ونحن كقطاع مكافحة التهرب الضريبي نسير في سلوك ومنهجية محددة لمتابعة هؤلاء المتهربين لاسترداد حق الدولة لذلك قام قطاع المكافحة خلال العام المالي السابق بتحقيق حصيلة من التعويضات والضرائب تفوق السنوات السابقة إلي جانب زيادة حصيلة الضريبة سنويا حيث بلغت في العام المالي 2012/2013 230 مليار جنيه ونسعي أن تصل إلي 320 مليار خلال العام المالي الحالي 2013/2014 طبقا للخطط والدراسات التي نسير عليها. * "الجمهورية": ما رأيكم فيما يثار أن مكافحة التهرب الضريبي في حكم الإخوان كان لها توجهات من قبل الحكومة؟ ** لا ننكر أن في كل العصور وباختلاف الأنظمة السياسية كانت توجد توجهات من الأنظمة الحاكمة ولكن دور مكافحة التهرب الضريبي هو التحقق والدراسة والتمحيص في إثبات وجود شبهة تهرب سداد الضريبة من عدمه قبل اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه أي ممول فإذا أثبتت الدراسات وما يسبقها من تحريات واستدلالات وجود واقعة تهرب فيتم استكمال الإجراءات القانونية اتجاه الممول بالإحالة إلي النيابة المختصة لاستكمال باقي التحقيقات والتي تنتهي بالإدانة أو البراءة مؤكدا أنه لن يظل ممول لأن إجراءات المكافحة تنتهي بتسليم الموضوع للنيابة والقضاء وهي الجهات الأكثر حرصا علي إعطاء كل ذي حق حقه سواء مصلحة الضرائب أو الممول فمن هنا تصبح توجهات الأنظمة غير ذي جدوي أمام عدالة القضاء. * "الجمهورية": هل تنوي الحكومة فرض ضرائب جديدة؟ ** من المفترض أنه في حالة وجود عجز في الخزانة العامة أن تتخذ الدولة إجراءات لزيادة مواردها مثل فرض ضرائب جديدة لسد العجز ولكن وزارة المالية تري أن فرض ضريبة جديدة يتبعه زيادة العبء علي محدودي الدخل وبناء عليه ترفض تعميم فرض ضريبة جديدة إلا أن الدولة تنتظر من رجال الأعمال القيام بدور فعال في هذا الاتجاه للمساهمة في سد ولو جزء من هذا العجز لذلك تدرس فرض ضريبة بواقع 5% علي من يزيد دخله السنوي عن مليون جنيه لمدة ثلاث سنوات مضيفا أن هذه الدراسة لن يتأثر بها أصحاب الدخول الضعيفة لكن يتحملها أصحاب الدخول العالية فهي لا تمثل عبئاً لهؤلاء الفئة سواء الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين. * "الجمهورية": ثار الجدل حول قيام الحكومة بفرض ضرائب علي العاملين بالخارج فما صحة ذلك؟ ** لا توجد نية لفرض ضرائب علي العاملين بالخارج فالدولة تقدر دورهم وتأمل منهم زيادة ضخ مدخراتهم لاستثمارها داخل مصر خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية. * "الجمهورية": طبقا للمؤشرات يعادل الاقتصاد غير الرسمي 40% من الاقتصاد الكلي مما يؤثر علي الحصيلة الضريبية فما رأيك في ذلك وما الحلول المقترحة؟ ** الإحصائيات تقدر حجم الاقتصاد غير الرسمي من 35 إلي 40% من حجم الاقتصاد الكلي وهذه فاجعة كبري حيث إن هذه النسبة تضع الاقتصاد المصري في مقتل علي سبيل المثال لديك 40 ممولاً من كل 100 ممول لا يؤدي حق الدولة وهؤلاء المتهربون يزاولون نشاطهم في الخفاء أو كما يقال "تحت السلم" وهذا بدوره يضيع حوالي 40% من الحصيلة الضريبية مشيرا إلي أن مكافحة التهرب الضريبي من جانبها تلاحق هذه الفئة في حدود إمكانياتها من العمالة المتاحة وفي ظل الظروف الأمنية الصعبة بالإضافة لذلك فقد تقدمت باقتراح لرئيس مصلحة الضرائب المصرية بتفريغ مأموري الضرائب المعينين في المسابقة الأخيرة إلي جانب أوائل الخريجين المعينين لحصر الابتعاد غير الرسمي علي الطبيعة وإدخاله في مكانه الطبيعي كاقتصاد فعال مشارك في موارد الدولة وقد وعد رئيس المصلحة بتنفيذ المقترح بعد انتهاء موسم تقديم الإقرارات الضريبية. * "الجمهورية": ما هو سبب تفشي ظاهرة الاقتصاد غير الرسمي في المجتمع المصري؟ ** هناك أسباب عديدة وراء تفشي هذه الظاهرة وعلي رأسها تدني العقوبات تجاه المتهربين من الضريبة فالقانون 91 لسنة 2005 اعتبر جريمة التهرب الضريبي جنحة عقوبتها الحبس أو الغرامة أو الاثنين معا كما يجوز لوزير المالية التصالح مع المتهرب قبل صدور حكم قضائي بات ضده مقابل سداد تعويضات تعادل 100% من الضريبة المخفاه وإذا نظرنا إلي العقوبات من القانون الضريبي السابق 157 لسنة 1981 وتعديلاته نجد أن المشرع اعتبر جريمة التهرب الضريبي جناية عقوبتها السجن أو الغرامة أو الاثنين معا مع إجازة التصالح مع المتهرب بسداد 100% من الضريبة المخفاه ونجد في الدول الأوروبية وأمريكا أن جريمة التهرب الضريبي عقوبتها السجن لا يتم التصالح فيها ونطالب بإجراء تعديلات علي مواد العقوبات الضريبية باعتبار جريمة التهرب الضريبي جناية وعقوبتها السجن كما كانت بالقوانين السابقة مع إعطاء المجتمع الضريبي فترة لتوفيق وضعه الضريبي ودخوله ذاتيا إلي المنظومة الضريبية كممول فعال كما نطالب اعتبار عدم إصدار الفاتورة الضريبية جريمة تهرب ضريبي بدلا من اعتبارها مخالفة ضريبية يستحق عليها غرامة فقط في القانون الحالي. * "الجمهورية": نحن في فترة تقديم الإقرارات الضريبية فهل الممولين ملتزمين بتقديم إقرارات سليمة عن عام 2013؟ ** خلال فترة تقديم الإقرارات للأشخاص الطبيعيين التي انتهت في 31/3/2014 فإن المؤشرات تدل علي تقديم الإقرارات الضريبية بنفس معدلات السنة السابقة ومنهم من تقدمخ بإقرارات متضمنة ضريبة مالية مثل الفنانين علي رأسهم الفنان عادل إمام الذي سدد 5 ملايين جنيه وغيره من المذيعين والمحامين ونأمل أن تتقدم الأشخاص الاعتبارية والتي تنتهي فترة تقديمهم الإقرارات في 30/4/2014 بإقرارات فعلية حقيقية تعبر عن نشاطهم الفعلي وتكون مصحوبة بضريبة عالية للمساهمة في تنشيط الاقتصاد المتعثر حتي تتمكن الحكومة من استكمال أعباءها المالية الحالية. * "الجمهورية": هل هناك علاقة بين قطاع التهرب الضريبي ومركز كبار الممولين ومباحث التهرب الضريبي بوزارة الداخلية؟ ** بحكم أن قطاع مكافحة التهرب الضريبي ومركز كبار الممولين يتبعان مصلحة الضرائب المصرية فإن التواصل بينهم شيء طبيعي حيث يتم الحصول علي بيان الممولين من مركز كبار الممولين ومقارنته بما يتم التوصل إليه بقطاع المكافحة لمعرفة التزام الممول من عدمه. أما العلاقة بين قطاع مكافحة التهرب الضريبي ومباحث التهرب الضريبي بوزارة الداخلية فهي علاقة وثيقة حيث إن مباحث التهرب تمد المكافحة بالبيانات والمعلومات الخاصة بتعاملات الممولين في صورة تقارير مباحث ويتم الاستعانة بها أيضا في عمل التحريات عن الممولين والأماكن التي يحتفظون بمستنداتهم بها. * "الجمهورية": ما هو موقف جهاز مكافحة التهرب الضريبي تجاه الممولين المنتمين لجماعة الإخوان؟ ** الآونة الأخيرة طلبت بعض الجهات الرقابية بيان بالموقف الضريبي لبعض الممولي المنتمين للجماعة المذكورة فتم إعدادها بمواقفهم الضريبية وعند ورود تقارير من هذه الجهات سيتم دراستها كأي تقارير أخري وفي حالة وجود وقاعة تهرب ضريبي تنفذ الإجراءات القانونية ضدهم مثلهم مثل الآخرين. * "الجمهورية": دائما نسمع عن تهرب عدد من الفنانين والرياضيين من سداد الضرائب فهل يتم معاملتهم كأي ممول؟ ** هناك من يقدم إقراره الضريبي من الفنانين والرياضيين في المواعيد المحددة وهناك آخرون يحاولون التهرب ولكننا نقف لهم بالمرصاد وبالفعل تم عمل قضايا تهرب ضريبي لعدد من الفنانين فمثلا الفنانة الشهيرة ب "روبي" سبق عمل قضية لها عن فيلم "الوعد" و"البي بي دول" وتم التصالح مقابل مليون و270 ألف جنيه كما تم عمل قضايا لبعض لاعبي الكرة مثل بركات وحسام غالي ومتعب ولكن حتي الآن لم يتقدم أحدا منهم للتصالح والقضايا مازالت منظورة أمام القضاء. * "الجمهورية" هناك أساليب متبعة لبعض رجال الأعمال للتهرب من الضرائب فما موقف الجهاز من الثغرات التي تستغلها تلك الفئة؟ ** عندما يتم اكتشاف أي نوع من التهرب يتم عمل قضايا ضريبية وهذا ما حدث مع عدد من رجال الأعمال من أرباح محققة نتيجة بيع أسهم غير مقيدة بالبورصة وتم التصالح معهم مثل شركة عامر جروب لصاحبها منصور عامر حيث تم التصالح معه وسداد 18 مليون جنيه ضريبة وتعويضات كما تم التصالح مع شركة أيوب عدلي أيوب عن نفس النشاط وسدد 6 ملايين جنيه ضريبة وتعويض وقد تم التصالح أيضا مع رجل الأعمال أيمن الجميل عن نشاطه في استيراده القمح وقام بسداد 63 مليون جنيه ضريبة وتعويضات كما تم التصالح مع شركة معمار المرشدي عن ضريبة دمغة لم تسدد للمصلحة قدرت بنحو 5 ملايين جنيه ومثلهم ضريبة وتم التصالح مع مطعم فرحات للكباب وقام بسداد 6.5 مليون جنيه تعويضات وسداد 6.5 مليون ضريبة عن نشاطه المخفي فقط.