تغافلت الحكومات المتعاقبة عن تقارير الجهات البحثية وعلي رأسها المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية التي حذرت من البناء فوق هضاب المقطم أو بالقرب منها فسقطت أرواح مواطنين أبرياء نتيجة الانهيارات المتتالية مثلما حدث في الدويقة وطالت الانهيارات خطوط السكك الحديدية المخصصة لنقل البضائع بطرة ومع ذلك لم تتوقف المتاجرة بالمقطم كمنطقة استثمار عقاري. د. حنفي دعبس رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية الأسبق يؤكد ان المعهد أعد أول دراسة حول هضبة المقطم عام 1995 والتي خلصت لنتائج مهمة تغافلتها أجهزة الدولة أنها تحذر من البناء فوقها أو تحتها أو بالقرب منها خاصة علي الحواف نظرا لطبيعة تلك الصخور وتأثرها الشديد بالمياه وعوامل التعرية فهي في الأصل صخور رسوبية جيرية طفلية بها تشققات. يوافقه الرأي الدكتور حاتم حمدي عودة رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية ويضيف: لا يوجد لدينا أية حلول علمية لمشكلة هضبة المقطم وانما تنفيذية فقط بإخلال جميع المناطق الخطرة منها والواقعة عند سفح المقطم بجميع حدودها مثل منطقة الدويقة والاباجية والزبالين بمطلع المقطم وما نفعله حاليا يتم من خلال وحدة الاستشعار عن بعد بالمراقبة الجيدة والمستمرة للكتل الصخرية وحوافها وبروزها عن طريق الأقمار الصناعية لمعرفة قرب وقوعها وإخلاء من تحتها. ويستنكر عودة ما قامت به الدولة من بناء فوق الهضبة والتوسع في ذلك حتي انها أعطت تراخيص جديدة لشركات كثيرة محلية وعالمية لإقامة مدن ذات طابع خاص للطبقة الراقية بها ملاعب الجولف والبحيرات الصناعية وحمامات السباحة مما يعجل لانهيارها بشكل سريع. ويقول الدكتور صلاح محمود رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية السابق نظرا لضيق الرقعة المخصصة للبناء في مصر لجأت الحكومات للبناء فوق هضبة المقطم وهذا جائز بشرط اتباع الأساليب العلمية في البناء الهندسي بوسط الهضبة بعيدا عن الأطراف حواف الهضبة المهددة بالانهيار في المنطقة الممتدة من المقطم وحتي حلوان إلي منطقة عتاقة بالسويس مثلما حدث في انهيار كتلة صخرية كبيرة عام 2008 بمنطقة الدويقة نتيجة تصريف معظم المنازل المبنية بالمنطقة العليا من الهضبة علي طرنشات أدت إلي انتفاش الطبقة الطينية وخلخلت الطبقة الجيرية. وينصح محمود بمتابعة نشرات هيئة الأرصاد الجوية وخرائطها لمعرفة الأحوال الجوية واستقراء لمناطق هطول السيول وتنظيف مخراتها. وهنا يتحدث الدكتور محمد عبد ربه باحث في الشبكة القومية للزلازل من عامل آخر قائلا ان الكرة الأرضية في تحرك مستمر كما انه هناك حقائق علمية ثابتة بانزلاق القارة الافريقية اسفل أوروبا وهذا ما يجعل منطقتها الجنوبية منطقة نشاط زلازلي هذا بالاضافة لاتساع البحر الأحمر بمعدل ثابت بتحرك شبه الجزيرة باتجاه جبال ايران بالاضافة للحركة الطبيعية لخليجي السويس والعقبة. ولطبيعة الكتلة الصخرية بالمقطم والتي بها تشققات كثيرة يجعلها عرضة أكثر من غيرها وتأثرا بحركة الأرض والنشاط الزلزالي ولكن بشكل عام تأثر أي مبني أو هضاب يكون نسبياً علي حسب قوة الزلزال ومركزه واتجاهه ويشير إلي أن من يقدم علي البناء في مثل تلك المناطق يجب عليه أن يحصل علي موافقة معهد بحوث الاسكان وتحديد كود الزلازل لتلك المنطقة. ومؤخرا في الاجتماع السنوي التاسع والعشرين للجمعية الجيوفيزيقية المصرية طرح الدكتور أحمد مصطفي عبدالجواد الاستاذ بكلية العلوم جامعة عين شمس بحثا عن اسباب الانهيارات الأرضية بمنطقة طرة والتي هي جزء من سلاسل هضاب المقطم بهدف تحديد مصدر المياه التي تراكمت في قاع محجر الطفلة الخاص بمصنع أسمنت طرة بمنطقة الجنوب الشرقي للقاهرة وأدت إلي انهيارات أحدثت انهيارات بمسار القطار الواصل بين طرة وحلوان. وأكدت الدراسة ان الانهيارات الأرضية لن تتوقف ونبه علي ان معدلها سريع جدا خاصة في السنوات الثلاث الماضية وأضاف عبدالجواد ان مصدر المياه المستمر والقادمة من هضبة الحجر الجيري تغطي كل الجزء الشرقي من المنطقة. لذا فهو يوصي بمراقبة الأبراج الكهربائية عالية الجهد بشكل دوري ونقلها بعيدا عن الانهيارات الأرضية ونقل مسار القطار من هذه المنطقة في أقرب وقت ممكن تفاديا للأضرار الجديدة المتوقعة جراء الانهيارات الوشيكة وإلزام محاجر طرة بالتوقف الفوري عن العمل في الواجهة الشرقية.