هضبة المقطم من المناطق التي يقبل كثيرون علي السكن فيها من جميع المستويات سواء الاثرياء او متوسطي الحال وفقرائهم نظرا لموقعها المتميز.. يحدث ذلك في الوقت الذي انتقلت له العشوائية التي تسيطر علي كل شيء في المجتمع الي هذه المنطقة التي تحتاج الي معاملة خاصة سواء في المناطق المتميزة او المناطق التي تحولت الي عشوائيات وعلي الرغم من امتلاك مصر للعديد من الخبراء الجيولوجيين الذين قاموا باعداد الكثير من الدراسات الخاصة بهذه المنطقة ذات الطابع الخاص الا ان نتائج هذه الدراسات ظلت حبيسة الادراج ولم يتم التعامل معها بجدية والنتيجة الكوارث المتتالية وعلي خلفية كارثة الدويقة يعيد الخبراء تحذيراتهم بصوت عال: انتظروا المزيد من الكوارث اذا لم يتم التعامل مع نتائج دراساتنا العلمية بالجدية اللازمة! ومن جانبه يري د. صلاح محمود رئيس المعهد القومي للعلوم الجيوفيزيقية ان طبيعة ارض المقطم الجيولوجية مناسبة تماما للبناء بشرط مراعاة كل من الصفات الهندسية ومعامل الامان الزلزالي المعمول به وتشير دراسة الطبيعة الجيولوجية للهضبة انها عبارة عن حجر حيري يتخلله رقائق من الطفلة تشمل الهضبة العليا والوسطي والسفلي، ويوضح ان سبب حدوث هذه الكارثة الطبيعية هو اختلاط هذه الطفلة بمياه الصرف الصحي العشوائي مما جعلها تصل الي مرحلة التشبع يتبعها عملية انتفاخ ثم تمدد نتيجة الظروف الجوية الحارة وهو ما ادي بدوره الي تخلخل طبقات الحجر الجيري وحدوث ضغط عليه وهو ما ادي في النهاية الي حدوث تصدع وانهيار صخري هناك خاصة في ظل وجود ميل حاد علي حافة الهضبة. وفيما يتعلق بالمنطقة المستوية بالهضبة العليا فلا توجد بها اي مشكلات طالما تم مراعاة جميع الاحتياطات الجيولوجية من حيث تحديد نوعية التربة والمباني المستخدمة ووضع تصميم هندسي للمنشآت طبقا للطبيعة الجيولوجية للمنطقة، ويحذر من ان الازمة قد تتكرر في المناطق ذات الانحدار الشديد مثل منطقة الدويقة علي حد تعبير د. صلاح وعليه يتعين اخلاء هذه المناطق العشوائية واتخاذ جميع الاجراءات اللازمة لمعالجة هذا الانحدار لاكسابه صفة الثبات. وينوه صلاح محمود الي انه مع بداية الازمة الخاصة بالعشوائيات في هذه المنطقة قد بدأت من خلال حدوث تكدس سكاني داخل عزبة "برمسيس" بالدويقة مكان احد المحاجر القديمة حيث نزح عدد كبير من السكان المصريين بشكل عشوائي وقاموا ببناء تجمعات سكنية بفارق 70 مترا فوق المحجر هذا بخلاف مشكلة الصرف الصحي التي يتم صرفها بين صخور الجبال وهو الامر الذي أدي الي تعظيم الكارثة. ويشير صلاح الي وجود عقبة امام اخلاء كل المناطق العشوائية المهددة بكارثة مماثلة تتمثل في زيادة اعداد السكان هناك والثقافة المتواضعة التي يتبناها معظمهم والتي تجعل من الصعوبة اقناعهم بأن ثمة خطرا ما تشكله الطبيعة عليهم. ويطالب صلاح بضرورة تشكيل هيئة هندسية لوضع دراسات مستفيضة لاسباب انهيار هذه الصخور ومحاولة وضع حلول علمية لها تناسب طبيعة جبل المقطم. الدراسات موجودة كما يؤكد د. محمد حسان عوض عميد كلية العلوم جامعة الأزهر وأستاذ الجيولوجيا انه من واقع إعداده لدراسة عن الطبيعة الجيولوجية لجبل المقطم وجد أن هضبة الأبوسين الموجودة في طرفي وادي نهر النيل والتي تشمل تتابعات من اسنا جنوبا حتي جبل المقطم شمالا وتضم بينهما وادي النيل لها طبيعة جيولوجية متميزة عبارة عن تتابع رسوبي من الحجر الجيري ومكون علي هيئة مصاطب في منطقة المقطم بها طفلة بالجزء العلوي من الجبل، مؤكدا أن الخصائص الطبيعية للحجر الجيري تشمل وجود فواصل وتشققات يتم البناء عليها دون تشكيل خطورة حقيقية ولكن المشكلة تتمثل في البناء علي الحواف والتي تظهر بها الفواصل والتشققات نتيجة لعوامل التهوية "تفاعل الهواء مع المياه" والتعرية، وكانت هذه نتيجة لعمليات الاختلاف في درجات الحرارة وتتابع الليل والنهار علي مدار ملايين السنين بالإضافة إلي العوامل الأرضية الأخري كالهزات الزلزالية القديمة في غابر الزمان. كوارث متنوعة ويضيف د. حسان أن هناك العديد من المناطق يتوقع تكرار الكارثة فيها وهي المناطق العشوائية التي تم بناؤها علي حافة الهضبة التي بها فواصل وكتل سخرية مفصولة عن الجبل ومناطق الكهوف بجبل المقطم أيضا من المناطق المهددة بكارثة مشابهة إذا لم يتم معالجة مشكلة مياه الصرف العشوائية الناتجة عن ري الحدائق بالمقطم. وينصح حسان بأهمية الحصول علي خبرة ورأي الجيولوجيين عن البناء في المناطق الصخرية وأثناء التخطيط للمباني والمدن الجديدة داخل منطقة المقطم، متسائلا لماذا لا يتم الاستعانة بآراء الجيولوجيين والمتخصصين عن البناء في المناطق المختلفة الواقعة علي جبل المقطم، كما سبق وتم الحصول علي آرائهم في المشروعات الكبري مثل مشروع السد العالي ومترو الانفاق. خاصة أن الخبراء يمتلكون الخرائط الجيولوجية الدقيقة كما أن هناك العديد من التقارير الجيولوجية عن المقطم التي أعدتها الكثير من الجهات المعنية كهيئة الاستشعار عن بعد وهيئة المساحة الجيولوجية سابقا.. بالإضافة إلي وجود صور بالأقمار الصناعية ترصد اتجاهات الفواصل والتشققات داخل منطقة جبل المقطم.