هناك شبه اجماع عالمي علي شريط سينمائي. يري كثيرون أنه أهم شريط سينمائي في القرن العشرين. بل ويذهب البعض إلي أنه غير نمط هوليوود وأفلامها. في 22 نوفمبر 1963. تم اغتيال الرئيس جون كيندي في مدينة دالاس بولاية تكساس. أثناء مرور سيارته في شارع ديلي بلازا. نتيجة رصاصات أطلقها قاتل يدعي لي هارفي. قبع في مبني مخزن الكتب وفقاً للتحقيقات الرسمية. كان بين صفوف الجمهور الذي أتي لمشاهدة الرئيس كيندي وتحيته علي الصفين. ترزي يدعي أبراهام زابرودر من محبي السينما. أتي للقاء الرئيس كيندي. وهو يحمل كاميرته السينمائية 8 ملليمتر. ليصور بها موكب الرئيس كيندي عند مروره. بذلك حصل زبرارود علي الصور السينمائية الوحيدة لمقتل كيندي. أصبح فيلم زابرودر "26 ثانية". أهم وثيقة عن مقتل كيندي. وأولي لقطات سينما للحدث وقت وقوعه. قبل ظهور الفيديو كام وكاميرا التليفون المحمول. فيلم اغتيال كيندي عبارة عن 477 كادراً. يعد أهم كادر فيها هو رقم 313. وهو الكادر الذي تصيب فيه الرصاصة الثانية جمجمة كيندي ليخرج جزء من مخه. ويقع علي حافة المقعد الخلفي. يظهر الفيلم بعد ذلك جاكلين كيندي وهي تترك مقعدها وتتجه لخلف السيارة. لتصرخ إنها كانت تحاول استرداد شظايا مخ كيندي المتناثرة علي خلفية مقعد السيارة. هذا المشهد البشع. جعل زابرودر نفسه يطالب بعدم عرض فيلمه. رغم بيعه لمجلة لايف الأمريكية. ظل الفيلم ممنوعاً من العرض لمدة 12 عاماً. حتي تم اكتشافه في خزانة مجلة لايف. بعد أن توقفت المجلة عن الصدور. تلك الصور الصادمة تفوق بشاعة الجريمة نفسها. في التأثير علي الجمهور. وقد أدي عرض تلك الصور إلي ظهور مشاهد مماثلة في سينما هوليوود. مع مشهد الروليت الروسي مثلاً. في فيلم صائد الغزلان لمايكل شيمنو. حيث نري جمجمة تنفجر. لكن الرائع أرثر بن مخرج "بوني وكلايد 1967". أظهر مشاهد مقتل وارن بيتي الذي لعب دور كلايد بارو رجل العصابات الشهير مع وابل من الرصاصات. أحداها فجرت جمجمته. كان ذلك قبل عرض فيلم زابرودر. لكن أرثر بن كان ممثلاً للموجة الجديدة في هوليوود. وصانع سينما أمريكية خارج الحلم الأمريكي. وأحد أطفال هوليوود المطرودين من جنتها. بالطبع هناك مشاهد مباشرة أخري تخص النقل المباشر لعمليات القتل وقت حدوثها. منها اغتيال أوزولد نفسه قاتل كيندي "وفقاً للتحقيقات الرسمية تقرير وانر". لكن يظل فيلم زابرودر الأهم والأكثر شهرة. جاء أوليفر ستون في التسعينيات ليقدم رائعته السينمائية جي أف كيه. ويقوم خلالها بإعادة تصوير فيلم زابرودر من جديد في مشاهد الاغتيال. ليقلب أمريكا كلها عليه. ويفتح أبواب جهنم التيارات اليمينية والمحافظة ضده وضد فيلمه. وذلك لأنه قدم دليلاً حياً علي أن السينما الروائية عندما تقتفي الدقة في نقل الوقائع. تكون أكثر تأثيراً من المشاهد التسجيلية عن الحدث. وذلك لأنها تملك سحر المونتاج والتقطيع وتغير أحجام الكادر. نحتفل بمرور 50 عاماً علي فيلم زابرودر. في عصر أصبح هناك ملايين. بل مليارات زابرودر. بتليفوناتهم المحمولة. يقبعون في كل ركن من أركان المدن حول العالم. علي استعداد لنقل الحقيقة وقت حدوثها للعالم أجمع. لكن للأسف. هم معرضون للقتل وللخطف. فقد أدرك الجميع قوة الصورة وكشفها للحقيقة. أو علي الأقل لن ينالوا ما ناله زابرودر من شهرة.. الكل يذكر الضابط فاقع عيون الشباب في واقعة "جدع ياباشا" بمحمد محمود. لكن من منا يتذكر ملتقط الصور.