جاءتني رسالة يقول صاحبها: ان برنامج الشركة التي يحج معها يقوم علي الذهاب إلي عرفات من مكة وعدم المبيت بمني في يوم التروية. فما الحكم؟ أقول: المبيت بمني في يوم التروية. وهو اليوم الثامن من ذي الحجة. ليلة يوم عرفة: من سنن الحج وليس من واجباته بالاجماع في الجملة. فمن تمكن منه فله أجر وثواب السنة. ومن حرص عليه وحيل بينه في ذلك بسبب خارج عن ارادته كالإلتزام بصحبة الرفقة فله أجر بنيته. لعموم ما أخرجه الشيخان من حديث عمر بن الخطاب. ان النبي صلي الله عليه وسلم قال: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرء ما نوي". ومن ترك المبيت بمني في يوم التروية ليلة يوم عرفة بسبب الزحام أو اختصارا للوقت فلا حرج عليه. لأن السنة مبناها علي السعة. أما من ترك السنة متعمداً مع امكانه لها بقصد اهمالها فقد أساء لخبث سريرته. ومع ذلك فحجه صحيح ولا شئ عليه. إن كان قد أتي بالأركان والواجبات. ويدل علي استحباب المبيت بمني في يوم التروية ليلة يوم عرفة: ما أخرجه مسلم من حيث جابر بن عبدالله. في صفة حجة النبي صلي الله عليه وسلم قال: فلما كان يوم التروية توجهوا إلي مني فأهلوا بالحج. وركب رسول صلي الله عليه وسلم فصلي بها أي في مني الظهر والعصر والمغرب والعشاء وفجر يوم عرفة. ثم مكث قليلاً حتي طلعت الشمس. ثم توجه إلي نمرة بعرفات. أما المبيت بمني بعد الوقوف بعرفة في أيام التشريق فهو واجب عند جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة. ومن تركه بغير عذر فعليه الهدي كفارة. وهذا الهدي عن ترك المبيت في كل أيام التشريق عند الشافعية والحنابلة. ويري المالكية وجوب الهدي عن كل يوم ترك المبيت فيه من أيام التشريق. وأصحاب الأعذار كأهل السقاية والرعاية يجوز لهم ترك المبيت في مني أيام التشريق. ولا شئ عليهم. لما أخرجه الشيخان من حديث ابن عمر. أن العباس بن عبدالمطلب استأذن النبي صلي الله عليه وسلم أن يبيت بمكة ليالي مني من أجل سقايته فاذن له قالوا: ولولا أن هذا المبيت واجب لما احتاج إلي اذن. وذهب الحنفية إلي أن المبيت بمني ليلي التشريق سنة وليس واجبا قياسا علي المبيت بمني يوم التروية في ليلة عرفة. ولعدم ثبوت دليل صريح ملزم بالمبيت في مني.