شاهدت أمس في مهرجان أبوظبي السادس الفيلم التونسي "مانموتش" أحد أفلام فنان السينما التونسي الكبير نوري بوزيد. وهو من أعلام السينما العربية منذ فيلمه الأول "ريح السد" الذي أخرجه عام .1986 الفيلم الذي عرض في أبوظبي لأول مرة في العالم أول فيلم تونسي روائي طويل عن ثورة تونس التي كانت بداية ثورات الربيع العربي في نهاية عام 2010. وتوجت بهروب الديكتاتور في 14 يناير 2011. ونوري بوزيد في فيلمه الجديد مثل يسري نصرالله في "بعد الموقعة" لم ينتظر نهاية للأحداث حتي يعبر عنها روائياً.. وإنما رأي التفاعل مع الواقع. والمشاركة في صنعه إن كان ثمة "نهاية" فالواقع ليس فيلماً "محكم الصنع" له بداية ووسط ونهاية. الشعوب العربية في ظل ديكتاتورية تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا. خرجت تطالب بالحرية. والحرية تعني الحرية للجميع بما في ذلك ما يسمي تيار الإسلام السياسي. ولكن أنصار هذا التيار خرجوا من السجون ولا يريدون الحرية إلا لأنفسهم باعتبارهم ملاك الحقيقة المطلقة. مما يعيد إنتاج ديكتاتورية جديدة. وهذا هو موضوع فيلم نوري بوزيد. الذي تبدأ أحداثه وتنتهي أثناء الثورة قبل وبعد هروب الديكتاتور. البداية مظاهرات وقتلي ولجان شعبية تحكم الشارع. وكذلك النهاية.. والدراما عن أسرتين من الطبقة الوسطي التي قامت بالثورة. أسرة زينب الشابة التي تتبادل الحب مع إبراهيم. وتنتظر أن تستكمل دراستها في فرنسا لتكون مصممة أزياء. وتعمل نادلة في أحد مطاعم العاصمة تونس.. وأسرة صديقتها عائشة التي تعمل في نفس المطعم. ولكن في صناعة الخبز. وتعول أختين بعد أن خدعها حبيبها واختفي. يخرج حمزة شقيق زينب الإسلامي من السجن. ويفرض ارتداء "الحجاب" علي أمه وأخته. ويوافق إبراهيم "نفاقاً" لما يبدو أنه "السلطة" الجديدة. وفي الوقت ذاته يحاول مالك المطعم ومديره أن يقنع عائشة بخلع الحجاب وترك المخبز والعمل مكان زينب في تقديم الطلبات. وكل من حمزة وعائشة يريد الآخر. ولكنهما يفشلان. كما تفشل العلاقة بين زينب وإبراهيم. في بداية الفيلم هناك عجوز ضرير يعزف الأكورديون في الشارع. وفي لقطات دخيلة تقطع الأحداث نري عملية تغسيل جثة ندرك في النهاية أنها جثته. ويقوم بهذا الدور نوري بوزيد نفسه. ولكن المتفرج لا يعرف ذلك بالطبع.. وهذه الشخصية لا تربط بين أجزاء الدراما. وإنما تظل غريبة وغير مقنعة.. والفيلم بصفة عامة يتسم بالبساطة إلي حد التبسيط المخل في التعبير عن واقع مركب. وإخراج مشاهد المظاهرات والمعارك ضعيف حرفياً وغير مؤثر. ولكن الأداء التمثيلي جيد والموسيقي تنويعات جميلة من أغنية سيد درويش "طلعت يا محلا نورها".. الفيلم صرخة من أجل الحرية. ولكنه ليس من الأفلام الكبيرة للمخرج الكبير.