* الحكومة تضع خططا تحفيزية لزيادة إنتاج القطن * روشتة من 6 محاور للنهوض بزراعته * تشجيع الفلاح وتحفيزه بوضع أسعار استرشادية قبل الزراعة * زيادة المساحة المزروعة من القطن لتصل إلى 2 مليون فدان * عودة الدورة الزراعية وإلزام الفلاح بزراعة مساحة بالقطن * إعادة تأهيل مصانع الغزل والنسيج واستيراد ماكينات حديثة * تحويل الإنتاج المحلى من القطن إلى غزول للتصدير للخارج * رفع إنتاجية الفدان وتقليل التكلفة بالجنى الآلى للقطن القطن المصرى طويل التيلة أو الذهب الأبيض له اسم ومكانة عالمية كبيرة، لكنه تراجع فى الفترة الأخيرة، فبعدما كان يستحوذ على حصة سوقية تصل إلى 50% من إجمالى السوق العالمية وصل حاليا إلى قرابة 30% فقط، وذلك بسبب الإهمال الذى عانى منه كثيرا طوال حكم المخلوع الذى دفع الفلاح لزراعة أنواع أخرى على حساب القطن، فكانت النتيجة أن تراجعت المساحة من 2 مليون فدان فى الثمانينيات إلى 340 ألف فدان العام الماضى، وترتب على ذلك تراجع الإنتاجية من 9 ملايين قنطار إلى 2.2 مليون قنطار. والسؤال الذى يطرح نفسه بقوة: هل تستطيع الحكومة الحالية أن تستعيد مكانة القطن المصرى عالميا؟ وهل لديها الخطة القادرة على ذلك؟ خاصة بعد ما أكد الدكتور صلاح عبد المؤمن -وزير الزراعة واستصلاح الأراضى- أن الحكومة تسعى لاسترجاع القطن مكانته، واستعادة مقولة "صنع فى مصر"، وليس مستوردا من الخارج.. وهل يمكن أن نرى تحسنا فى هذا المحصول الإستراتيجى كما فعلت الدولة مع محصول القمح من إجراءات تحفيزية أدت إلى زيادة كبيرة فى إنتاجه الموسم الجارى. الوزير أعلن مؤخرا أن الحكومة تعد خطة تأهيل مستقبلية لتوفير الدعم اللازم للأقطان لتشجيع المزارعين، لزراعته والحفاظ على القطن طويل التيلة وإقرار خطة جديدة لإعادة تأهيل مصانع الغزل والنسيج لاستيعاب الأقطان المحلية طويلة التيلة بدلا من الاعتماد فى التشغيل على الأقطان المستوردة قصيرة التيلة، مؤكدا أن الخطة تستهدف تحويل الإنتاج المحلى من القطن إلى غزول للتصدير إلى الخارج بدلا من تصدير القطن الخام. "الحرية والعدالة" حرصت على استطلاع آراء خبراء الصناعة والمتخصصين الذين قدموا روشتة لعودة القطن المصرى إلى سابق عهده وإنقاذ صناعة الغزل.. وذلك فى التحقيق التالى.. فى البداية، يقول المهندس محمد محب صلاح الدين -رئيس مجلس إدارة شركة مصر حلوان للغزل والنسيج-: إن القطن يمثل نحو 67% من التكلفة الكلية لإنتاج الغزل، وهى نسبة عالية ومن ثم يمثل نقصها مشكلة للمصانع، مضيفا أن توافر الأقطان بأسعار مناسبة يتيح الفرصة للتنافس؛ لأن مواصفات القطن المصرى تعد من أرقى أنواع الأقطان على مستوى العالم حيث يمتاز بالمتانة ونعومة الملمس، كما أنه يعد السبب الرئيسى فى شهرة مصر فى صناعة الغزل والنسيج. ويقترح صلاح الدين، قيام منتجى الأقطان بالاشتراك مع مراكز البحوث ووزارة الزراعة لرفع إنتاجية الفدان والبحث عن السبل المناسبة لتقليل التكلفة من استخدام الجنى الآلى للقطن حيث تزيد نسبته عن 40% من تكلفة الإنتاج، مطالبا بضرورة استبعاد الأراضى التى تعطى إنتاجية منخفضة، بالإضافة إلى عودة الدورة الزراعية وتخصيص مساحات متكاملة لزراعة الأقطان كما كان يتم سابقا، وعودة الجمعية المشتركة لتسويق الأقطان ووضع أسعار استرشادية ودعم الفلاح بكل الطرق الممكنة وووجود الإرشاد الزراعى بفاعلية، مشيرا إلى أن كل ما سبق من شأنه أن يسهم فى تقليل التكلفة ويؤدى إلى انخفاض الأسعار وارتفاع الجودة. ويطالب بضرورة إعادة النظر للأقطان، فليس الغرض منها هو الغزل والنسيج فقط، وإنما تعطى القيمة المضافة على أسعارها لإنتاج الغزل والنسيج والملابس الجاهزة، بالإضافة إلى أن كل 100 كيلو جراما من بذرة القطن يعطى من 7- 8 كيلو من العلف الحيوانى، وكل 700 فدان قطن تعطى 220 ألف قنطار زيت طعام ومليون طن علف حيوانى. أما المهندس محمود الغمرى -رئيس مجلس إدارة الشركة الأهلية للغزل والنسيج- فيقول: إن المشكلة الرئيسية فى القطن المصرى تكمن فى إحجام الفلاح عن زراعة القطن؛ لأن العائد عليه قليل وغير كاف نظرا لزيادة تكلفة الإنتاج وهذا ما يجعله يلجأ لزراعة المحاصيل الأخرى التى تحقق عائدا أكبر، فضلا عن وجود مشكلة فى إنتاجية الفدان حيث ينتج الفدان الواحد من 6 -7 قناطير، فى حين أنه من المفترض أن ينتج 14 قنطارا، مؤكدا على ضرورة الاهتمام بدعم سياسة تطوير خواص سلالات القطن الموجودة والاهتمام بإنتاجية الفدان ودعم الأبحاث الخاصة بذلك. ويقترح الغمرى، زراعة القطن بمناطق صحراوية بمساحات مجمعة تمكن من الميكنة والجنى الآلى، مع ضرورة تشكيل مجلس أعلى للصناعات النسيجية أو وزارة تضم ممثلين من الزراعة والصناعة والاستثمار والمالية، إلى جانب التخطيط الإستراتيجى المتكامل بدءا من توفير الخامات وانتهاء بتسويق المنتجات النسيجية والعمل على تشغيل الطاقات الآلية بالقطاع العام بالكامل ومعالجة نقاط الاختناق وتوفير قطع الغيار اللازمة ورأس المال العامل، وكذلك منع التهريب بمختلف وسائله، وأيضا مراجعة نظام دعم الصادرات وربطه بالقيمة المضافة. ويشير إلى أنه رغم دعم الدولة لسعر قنطار القطن بمبلغ 150 جنيها لا يحقق السعر المنافس للأقطان القصيرة ولا يرضى الفلاح بسبب ضعف الإنتاجية وزيادة التكلفة؛ حيث إن السعر بعد الدعم 700 جنيه، مقابل 560 جنيها للأقطان القصيرة، وهذا لا يحقق المنافسة مع المنتجات المثيلة. من جانبه يؤكد الدكتور محمد عبد الحكيم القاضى –مدير معهد بحوث القطن– أن مساحة الرقعة المنزرعة قطنا تناقصت بعد أن شهد أزهى عصوره فى الثمانينيات ومطلع التسعينيات، حيث وصلت إلى 1.697 مليون فدان، موضحا أن التسويق الحر للمنتج المصرى والذى بدأ فى التسعينات جعل الفلاح فريسة سهلة فى يد التجار، كما عرضه لتقلبات السوق وهذا ما دفعه للإحجام عن زراعة القطن. ويقول القاضى: إن إنتاج مصر من القطن فى السابق كان يصل إلى 9 ملايين قنطار وبلغ الاستهلاك المحلى منه 3.5 ملايين قنطار ونصدر 5.5 ملايين قنطار، ويرجع سبب انخفاض المساحة المنزرعة من القطن إلى زيادة معدل السكان ومحدودية الأرض الزراعية إلى جانب غياب نظام الدورة الزراعية التى كان يتم من خلالها إلزام الفلاح بزراعة مساحات معينة من القطن، بالإضافة إلى عدم وجود سياسة واضحة لتسويق القطن، فضلا عن غياب الأسعار الاسترشادية قبل الزراعة لتحفيز الفلاح على زراعته. وأضاف مدير معهد بحوث القطن: "لكى يعود القطن المصرى إلى مجده لا بد أن تضاف مساحة 550 ألف فدان، ومن الممكن أن يزرع القطن فى الصحراء بالرى والتنقيط، وهناك تجارب أجريت بالإسماعلية، وذلك حتى ننتج 4.5 ملايين قنطار شعر تلبى احتياجات المغازل المحلية والحصة التصديرية، على أن نصدر نحو 2 مليون قنطار شعر والباقى يستهلك محليا، بشرط تطوير المغازل المحلية لكى تكون هى المستهلك للقطن المصرى". وطالب بضرورة القضاء على الأشياء التى تنافس صناعة القطن فى مصر كتهريب المنسوجات مثل الغزول المستوردة، وتجارة الدروبلك وأيضا تجارة الترانزيت التى تؤثر على صناعة الغزل والنسيج، وشدد على ضرورة فرض رسوم على الغزول المستوردة، وإنشاء صندوق موازنة لأسعار القطن لحماية المزارع من تقلبات الأسعار. ويوضح مدير معهد بحوث القطن أن مركز البحوث يسعى إلى إنتاج أصناف ذات إنتاجية مرتفعة، كما يكرم الفلاحين الأكثر إنتاجا لتحفيزه على زراعة القطن، مشيرا إلى أن جميع الأصناف المصرية يتراوح إنتاجها من 10- 14 قنطار، مشيرا إلى أن المعهد يسعى أيضا إلى تطوير المعاملات الزراعية بحيث يحصل الفلاح على أعلى إنتاجية من جهة الكثافة والتسميد، واستخدام الميكنة الزراعية فى المساحات الكبيرة، مؤكدا أن المعهد يبحث عن ماكينات جنى تجنى مساحات صغيرة.