* فيصل السيد: على القاضى العودة لمحرابه وترك الأهواء السياسية والحزبية * لا يجوز أن تصبح سلطة القضاء دولة داخل الدولة * مطلوب إلغاء التوريث القضائى والأولوية لأصحاب الكفاءة والتميز * محمد عوض: المخلوع أفسد القضاء مثلما أفسد باقى المؤسسات * رمضان بطيخ: "الأخونة" كذب صريح.. والتعيين بالكفاءة * أيمن الوردانى: يجب مساءلة الزند قانونيا عن تهديده مؤسسات الدولة * أحمد الخطيب: هناك خطط ممنهجة لعرقلة إصدار القانون أكد سياسيون وقضاة أن مصر بحاجة ماسّة لإصدار تعديلات على قانون السلطة القضائية، بشكل عاجل، وأن تلك التعديلات –حال إقرارها من مجلس الشورى- سيكون لها تأثير إيجابى كبير بالنسبة لاستقلال السلطة القضائية، وسينسحب ذلك التأثير الإيجابى على باقى مؤسسات الدولة، وليتم تحقيق العدالة والمساواة والنزاهة بالنسبة للجميع. ففى البداية، يؤكد فيصل السيد -عضو اللجنة القانونية لحزب الحرية والعدالة- الحاجة الماسّة لإصدار تعديلات على قانون السلطة القضائية، الذى سيتم بمقتضاها تخفيض سن معاش القضاة ليصبح 60 عاما بدلا من 70 عاما، بما يعنى أنه ستتم إحالة القضاة الذين يتجاوزون 60 عاما للتقاعد، ومن ثم فلن يتم عزلهم، وسيطبق حال الانتهاء مباشرة من القانون، خاصة أننا مقبلون على عام قضائى جديد ليبدأ القضاء المصرى مسيرة جديدة من العطاء للوطن. وأوضح "السيد" أنه من المنتظر أن تتضمن التعديلات معايير جديدة ومختلفة تماما عن السابق بالنسبة للالتحاق بالسلك القضائى، سواء بالنيابة العامة أو مجلس الدولة، والهيئات القضائية المختلفة، حيث سيتم اختيار وتقديم أصحاب الكفاءة والتميز والأجدر مهنيا على ما يعرف بالتوريث القضائى، الذى زعم البعض أنه زحف مقدس، لأن ذلك أمر مرفوض جملة وتفصيلا ويضرب عرض الحائط بالعدالة الاجتماعية، مشيرًا إلى أنه من المقرر تفعيل المادة الخاصة بتعيين جزء من المحامين المقيدين بالابتدائى والاستئناف والنقض بالسلك القضائى. وشدّد على أن من أهم الأشياء المأمولة من قانون السلطة القضائية الجديد التزام القاضى بنصوص الدستور والقانون، وأن يتجرد من الأهواء السياسية أو الشخصية، لأننا نتابع خروج أحكام تلغى الدستور وتضرب به عرض الحائط، مثل الحكم الخاص ببطلان تعيين النائب العام الحالى، وبالتالى فمن الضرورى أن يعود القاضى لمحرابه ليتعبد بأحكامه لله –عز وجل- فيحق الحق ويبطل الباطل، وألا يكون له أهواء سياسية أو حزبية أو فئوية، مما يبعده عن الحكم بالعدل والقصاص. وأشار السيد، إلى أهمية تفرغ القاضى للقضاء تماما، حينما يتم انتدابه للعمل بإحدى الوزارات أو الهيئات أو للعمل خارج البلاد، وأن يعمل القضاة والدوائر القضائية على أسس مهنية وحيادية تماما، بحيث لا ينظر قضاة بعينهم فى قضايا بعينها، وبالتالى فيجب أن يتم إسناد القضايا للقضاة المهنيين والفنيين أصحاب الخبرة والكفاءة وليسوا أصحاب أشياء أخرى، نحن فى غنى عن ذكرها، ليشعر الجميع أن هناك محاكمات عادلة، وأن هناك قصاصا لدماء الشهداء. وأكد أنه ستتم إعادة اختيار وتشكيل الجمعيات العمومية ومجالس القضاء من جديد بما يتوافق مع نصوص القانون المقرر إصداره خلال الأيام المقبلة؛ لأن هناك علامات استفهام حول بعض الأمور المهمة، مثل تجاهل وجود اتهامات جنائية لقضاة بعينهم ولم يتم رفع الحصانة عنهم إلى الآن، رغم أن هناك أدلة تثبت جرائمهم فى اغتصاب أراضٍ ونهب أموال عامة، وتلقى رشاوى وهدايا، وبالتالى فلا يجوز أن تصبح سلطة القضاء دولة داخل الدولة، مما يستوجب على جميع القوى الوطنية والثورية التصدى لذلك بالسبل كافة. وقال: "تطهير القضاء هدف رئيسى من أهداف الثورة، لكن ما يقوم به البعض والزعم بأن قانون السلطة القضائية الجديد سيهدم القضاء، وأشياء فارغة لا أساس لصحتها، هو ثورة مضادة لإعادة إنتاج النظام القديم بشكل ما أو بآخر، لكننا نسعى لإصلاح واستقلال حقيقى للقضاء، لتكون الثورة قد وصلت بالفعل لمؤسسات الدولة كافة، بما يثبت أن الثورة هى التى تحكم وتسود، وليس رجال النظام البائد الذين قاموا بحل مجلس الشعب المنتخب بإرادة شعبية حقيقية، ويسعون لحل مجلس الشورى، وإبطال الدستور وانتخابات الرئاسة، وإصدار أحكام فى إطار مهرجان البراءة للجميع لرموز النظام السابق، فهذه الأحكام صدرت من قضاة مبارك الذين ترعرعوا فى عهده، وجمعوا الكثير من الأموال بفضل أحكامهم التى لا تتسم بالمهنية والعدالة". وأشار "فيصل" إلى أن مقولة "القضاء هو من يطهر نفسه بنفسه، وأن القضاة أنفسهم هم المنوط بهم وضع قانون السلطة القضائية" خاطئة تماما، لأن القضاة ليسوا جهة تشريع على الإطلاق، فهذا عمل أصيل للبرلمان، ولا يمكن لأحد أن يطهر نفسه بنفسه، ومن يردد هذه الكلمات لا توجد لديه أية نية للتطهير، وهذا الأمر يشبه الأقاويل التى قيلت لنا خلال الثورة إنه يكفى ما حدث وعودوا لمنازلكم، فمبارك لن يترشح ثانية أو نجله جمال، واتركوه يحكم الشهور القليلة المتبقية له، وكلها شعارات خادعة ولن تنطلى علينا، فمنذ مرور أكثر من عامين على الثورة لم يقم القضاة بأى تغيير لعمل منظومة القضاة ولم نر إصلاحات حقيقية لها. وأضاف أن اتهام بعض القوى السياسية ل"الإخوان" بأنها تسعى لأخونة السلطة القضائية من خلال إصدار قانون السلطة القضائية الجديد، هو ادعاء زائف تماما، فهؤلاء للأسف يتنكرون لمبدأ جوهرى من مبادئ وأهداف الثورة، محاولين خلق فزاعة من جماعة الإخوان مثلما حاول الرئيس المخلوع، وهؤلاء يسعون لعرقلة إصلاح القضاء لأهواء سياسية بحتة، وقد يكون لذلك علاقة بملفات فساد خاصة بهم يسعون إلى طمسها، وإلا فلماذا يخشون من إصلاح القضاء؟! القضاة يؤيدون أما المستشار محمد عوض -المنسق العام لحركة قضاة من أجل مصر- فيرى أن السلطة القضائية ملك للشعب المصرى وللدولة، وأنه قد أصاب سلطات الدولة الثلاث العطب والفساد خلال العهد البائد، ولم يستطع القضاء قبل الثورة أن يحقق للشعب طموحه فى رفع الظلم عنه أو منحه العدالة والكرامة الواجبة واللازمة، بسبب خلل كبير فى السلطة القضائية. وأضاف عوض: "إذا كنا قد قمنا بتغير السلطتين التنفيذية والتشريعية بعد الثورة، فمن الطبيعى أن يكون هناك تغيير ملموس فى السلطة القضائية لتتحقق العدالة وطموحات الشعب المصرى، خاصة أن الرئيس المخلوع أفسد مؤسسات الدولة كافة، من خلال التدخل والإفساد وتعيين العناصر الفاسدة والتابعة له فى كل مؤسسات الدولة، وقد أتضح للجميع أن هناك بعض القضاة يتلقون أموالا وهدايا من مؤسسات صحفية، والبعض استولى على أراضٍ ملكا للدولة". وتابع قائلا: "بعض القضاة كانوا يتعاونون مع جهاز أمن الدولة، وهم المعروفون بالتنظيم الطليعى الذى أدخله الرئيس الراحل جمال عبد الناصر فى القضاء، الذين يعتبرون معول هدم للسلطة القضائية، وهم من ابتكر جرائم بعينها مثل محاصرة مكتب النائب العام بصورة مهينة، ومنهم من يصدر أحكاما يتعمد فيها المخالفة الصريحة للقانون عن قصد، وأحكاما أخرى سياسية بامتياز تهدف لهدم المؤسسات كافة التى يتم بناؤها، بالإضافة لهدر الإرادة الشعبية بصورة فجة، وكلها أخطاء جسيمة تستحق المساءلة عليها، ولذلك نطالب بتطهير القضاء من كل هؤلاء حتى يتم بناء مؤسسات مصر وتصبح قوية". ونفى عوض أن تكون المطالبة بخفض سن التقاعد للقضاة فى الوقت الحالى لهدف سياسى، لأن جموع القضاة طالبوا بذلك فى 2005 أى قبل الثورة بسنوات، مؤكدا أن الأصل بالنسبة لسن تقاعد القضاة هو 60 عاما، ولكن لأهداف سياسية قام مبارك خلال عهده الذى امتد ل30 عاما برفع سن التقاعد للقضاة 4 مرات، أولها إلى 64 عاما، ثم إلى 66 عاما، ثم ل68 عاما، حتى وصل ل70 عاما، مؤكدًا أهمية إلغاء انتدابات القضاة وقصرها على الضروريات فقط، حتى يتفرغ القضاة للعمل ومن ثم إنجاز القضايا بسرعة. وشدّد على أهمية تفعيل دور التفتيش القضائى لتشمل مظلة القضاة كافة، ولديه ملفات فساد لبعض القضاة، وعليه أن يتخذ قرارا بالتحقيق معهم، وألا يتقاعس عن إقالتهم، لأن الأفعال والجرائم التى ارتكبوها تمثل إهانة للقضاء ككل، ومن خلال إنشاء مجلس أعلى للسلطة القضائية يكون برئاسة رئيس الجمهورية وعضوية وزير العدل ورؤساء الهيئات القضائية، وتكون مهتمة بمتابعة وتقييم القضاة والتفتيش عليهم، وترقيتهم والمساواة بينهم ماليا. وشن "عوض" هجوما حادا على بعض القوى السياسية التى تدعى الثورية وبعض الإعلاميين الذين يرفضون قانون السلطة القضائية، قائلا: "بعض هؤلاء يخشون بشدة أن تطالهم يد العدالة بعدما يتم تطهير وإصلاح القضاء، لأن بعضهم متورط فى قضايا فساد جنائية ومخالفات وجرائم، وهم يرفضون أى إجراء يعمل على بناء أو تطهير وإصلاح مؤسسات الدولة، ولا يريدون لمصر الخير، بل يسعون إلى أن تظل مصر فى حلقة مفرغة لا تنهض أبدا، وجعلوا خلافاتهم مع السلطة الحالية أكبر من حبهم للوطن وإصلاح مؤسساته، ولذلك فهم يمارسون إرهابا سياسيا وإعلاميا كى لا يصدر قانون السلطة القضائية أو أى قانون عام يصب فى مصلحة البلاد، خاصة أن النظام البائد كون إمبراطورية من الفساد ومجموعات فاسدة لها مصالح من استمرار الأوضاع التى بها خلل جسيم". مجرد تعديلات من جهته، أوضح د. رمضان بطيخ -عضو الهيئة العليا لحزب الوسط، عضو مجلس الشورى- أنه لا يوجد قانون جديد للسلطة القضائية، بل سيتم إدخال تعديلات على قانون السلطة القضائية الحالى، وهذه التعديلات تهدف لضبط وإحكام المنظومة القضائية، وفقا للدستور الجديد، وخاصة بالنسبة للتعيين بالسلك القضائى، فالدستور نص على أن يكون التعيين وفقا للكفاءة والجدارة، وهو ما سيتم تطبيقه فى التعيين والاختيار". وقال بطيخ: "الدستور نص على تنظيم ندب أعضاء السلطة القضائية، وأيضًا هناك آلية معينة بالشرح والتفصيل لتعيين النائب العام، والدستور أكد أيضًا المساواة بين موظفى الدولة كافة، ولذلك كان التفكير فى سن الإحالة للمعاش لتكون عند الستين، وهذه النقاط كافة مطروحة للنقاش". وشدّد على أن التعديلات التى سبق ذكرها سوف تسهم فى إصلاح المنظومة القضائية وضمان استقلالها وحياديتها، لافتا إلى أن رفض بعض القضاة للتعديلات يرجع إلى أن كل فئة فى المجتمع حريصة على الحفاظ على المكتسبات التى حققتها التى تتمتع بها، وبالتالى فحينما يتم سن أى تشريع يكون من خلال قواعد عامة مجردة لا تنظر لفئة بعينها أو مصالح شخصية أو ذاتية بل للصالح العام ككل. وحول زعم البعض بأن تلك التعديلات ستعمل على أخونة القضاء، أكد "بطيخ" أن هذا كذب صريح، فهو غير مطروح على الإطلاق، فلن تكون هناك تعيينات جديدة، بل ستكون هناك معايير موضوعية للكفاءة والجدارة بغض النظر عمن تتوفر فيه هذه المعايير. أما المستشار أيمن الوردانى -الرئيس بمحكمة استئناف الإسكندرية- فيرى "أن الحاجة ماسّة الآن لتعديل قانون السلطة القضائية، دعونا نقل بما يضمن إصلاح منظومة القضاء، وذلك حتى ينسجم هذا القانون مع أهداف الثورة المصرية والنظام الديمقراطى الذى تعيشه البلاد الآن". وتعليقا على تهديد المستشار أحمد الزند -رئيس نادى القضاة- بحل مجلس الشورى إذا أقر القانون، قال الوردانى: "المستشار الزند غير معنى أصلا بنظر القضايا المتعلقة بمجلس الشورى، كما أن سلطة الحل ليست بيده، فهناك دستور جديد أصدره الشعب به نصوص واضحة، وما قيل إن صح أمر جد خطير، والأخطر منه أن يصدر من رجل قانون المفروض أنه يعرف الدستور والقانون جيدا". وأكد أن حديث الزند يخالف محاذير أوجبها عليه القانون مما قد يعرضه للمساءلة القانونية، كما أنه محظور على القاضى أن يهدد أو يتوعد مؤسسة من مؤسسات الدولة بالحل أو البطلان أو الحمل على إصدار تشريع ما، فضلا عن أن ذلك هو الذى يدعو إلى مطالبة مجلس الشورى المنوط به الآن إصدار التشريعات إلى إصدار قانون السلطة القضائية الجديد، وأن يتضمن فى نصوصه الفصل التام بين السلطتين القضائية والتنفيذية بما يحول دون أى تداخل بينهما، وحتى لا تخرج علينا أمثال تلك التصريحات التى قد تثير البلبلة وعدم الثقة بين أبناء الشعب. ويؤكد المستشار أحمد الخطيب -رئيس محكمة الاستئناف- أن مشروع قانون السلطة القضائية يلاقى صعوبات كثيرة وخططا ممنهجة لعرقلة إصداره، ليس اليوم فقط وإنما منذ قيام الثورة عندما حاول المجلس العسكرى إخراجه كأداة من أدوات إصلاح النظام القضائى والديمقراطى فى مصر فخرجت بعض الأصوات المعترضة وطالبت بالانتظار حين يأتى مجلس الشعب. وأضاف الخطيب، أنه "بعد التوافق على اللجنة التى شكلها المستشاران حسام الغريانى وأحمد مكى لصياغة القانون وانتخاب مجلس الشعب، خرجت أصوات من نادى القضاة ترفضه، وتطالب بالأخذ بمشروع قانون أعده النادى، وهو غير مختص أصلا بإعداد القوانين أو مشروعاتها، وحدث الانقسام، ورفضت الأصوات نفسها إصدار القانون من مجلس الشعب المنتخب، واشتد الخلاف بين القضاء والسياسة، ولم يخرج القانون إلى النور، وعندما تم الحديث الآن عن قانون جديد للسلطة القضائية تم توظيفه سياسيا والهجوم عليه". وتابع أنه للحكم على مشروع القانون الجديد إذا كان جيدا أو رديئا يتطلب خطوة مسبقة، وهى دراسة محتواه، وما يتضمنه من نصوص ومواد؛ لأن القبول المطلق أو الرفض المطلق دون إدارك لحقيقة ذلك القانون هو نوع من المزايدة السياسية والانتصار للمصالح الشخصية بعيدا عن أى معايير موضوعية للحكم عليه. وطالب المستشار الخطيب بدراسة مشروع القانون المقدم، وعرضه على مجلس القضاء الأعلى لأخذ رأيه، وكذلك أخذ آراء القضاة بصورة منظمة كرأى استشارى وليس ملزما، إلا أنه يتعين أن يكون محل اعتبار، واصفا ذلك بالخطوة الضرورية لقطع الطريق على المزايدين الذين يتصدرون المشهد، ويحاولون إحداث وقيعة بين النظام والقضاء تحت ذريعة الدفاع عن استقلاله. وشدد على أن تخفيض سن التقاعد كان مطلبا لعموم القضاة؛ من أجل إتاحة الفرصة للشباب وضخ دماء جديدة، غير أن البعض يتحدث عنه باعتباره مذبحة، وهو ما يقتضى التعامل مع هذه المادة تحديدا بحذر قانونى وسياسى حتى لا تكون سببا لعرقلة إصدار القانون.