لم يكن حادثة إطلاق النار على ثلاثة من مفتشى التموين فى إحدى مدن محافظة البحيرة، بعد عودتهم من رحلة تفتيشية على عدد من مخابز القرى، مما أدى إلى استشهاد اثنين وإصابة الثالث، مجرد حادثة بسيطة أو اعتراض من قطاع طرق أو لصوص ومجرمين بغرض السطو والسرقة، والاستيلاء على أموال وجوالات وما بحوزة المغدور بهم، ولكنه يأتى فى إطار محاولات مستميتة من عصابات منظمة، وميلشيات ومافيا من بقايا النظام السابق تحالفت معها بعض قوى التخريب والإفساد بغرض إفشال أى محاولات للإصلاح، والانتهاء من المرحلة الانتقالية، وتحسين مستوى الأداء، وإيصال الدعم لمستحقيه، وإشعار السواد الأعظم من أبناء الشعب المصرى بحدوث تغييرات فى منظومة الخدمات التى تقدم له، من مياه ومرافق وتحسين رغيف الخبز، وقطع الطرق أمام اللصوص والحرامية الذين يلتهمون الدعم، ويبيعون الدقيق فى السوق السوداء، وينتجون رغيف خبز لا يصلح حتى علفا للمواشى. الحادثة جاءت رسالة سريعة ومباشرة للخطط التى تقوم بها وزارة التموين ووزيرها د. باسم عودة، بل الحكومة كلها ورئاسة الجمهورية، ومفادها أن أى محاولة للإصلاح ستقابل بألف محاولة للإفساد، وأن عمليات اجتثاث جذور الفساد وشل أيدى المفسدين ستقابل بكل قوة من البلطجية وقطاع الطرق وأكلة أموال الناس بالباطل حتى لو أدى الأمر إلى القتل والحرق والسحل. لقد فشلت عصابات مافيا المخابز وتجار الدقيق فى السوق السوداء فى تعطيل خطط وزير التموين، خاصة ما يتعلق بتحسين رغيف الخبز، وتطبيق منظومته الجديدة، التى تقوم على إيصال الدعم المباشر للمواطن، وحقه فى الحصول على رغيف خبز محسن، مطابق للمواصفات بالسعر الذى تقدمه له الدولة، لا الذى ينتجه أصحاب المخابز من ذوى الضمائر الميتة، فبدأت محاولات الإعاقة بشل عمل وزير التموين ووزارته، والاعتداء الإجرامى على مبنى الوزارة ومحاولة حرقها بزجاجات المولوتوف والقنابل الحارقة واقتحامها وتحطيم مكاتب المسئولين والموظفين، فى خطوة لم تسترع انتباه أحد، وسط تعتيم شديد من إعلام الفلول وصحف وفضائيات ساويرس والأمين وبهجت ومن يدور فى فلكها، وتجاهل تام من برامج "توك شو" التى صدعتنا ليل نهار بالأخبار الكاذبة والتصريحات الملفقة، والصور المزيفة، وهجومها ليل نهار على الرئيس والحكومة، وبرامج الإسفاف والسباب والحوارات الهابطة والكلمات البذيئة والألفاظ النابية التى لا يتورع البعض من استخدامها، والحملات الإعلامية المنظمة والممنهجة التى يقودها وينفذها ويشرف عليها خبراء ومتخصصون مدعومون بكل قوة من رجال مال وأعمال شعروا أن مصالحهم التى حصلوا عليها بالسلب والنهب مهددة. وتبع ذلك التظاهرات الشبه يومية والاعتصامات التى قام بها بعض أصحاب المخابز، أمام الوزارة لرفض منظومة الخبز الجديدة، التى فشلت أمام إصرار الوزارة على المضى قدما فى تنفيذها، وتخييرها أصحاب المخابز بين المنظومة الجديدة بمزاياها، أو العمل وفق المنظومة الفاسدة السابقة بشروط ومعايير جديدة، مما كشف القناع عن الزائفين وحرامية الدقيق ولصوص الدعم، والمتاجرين فى قوت الشعب، فتوارى بعضهم عن الأنظار وبدءوا فى مخططاتهم الإجرامية لإعاقة الوزارة وإرهاب مفتشى التموين بأعمال أكثر جرما، التى وصلت إلى حد القتل وإطلاق الرصاص على مفتشى تموين الدلنجات، وترويج أخبار كاذبة عن إطلاق النار على الوزير نفسه فى زيارته للبحيرة، على الرغم من أن د. عودة لم يزر البحيرة، طبقا للمتحدث الرسمى باسم وزارة التموين. ومع انخراط قرابة ال70% من المخابز على مستوى الجمهورية فى المنظومة الجديدة، وتكثيف حملات الرقابة والتفتيش على المخابز، وتحرير المخالفات على من لا يلتزمون بالضوابط والمعايير، والتضييق على اللصوص والحرامية، وشعور المواطنين بالتحسن فى رغيف الخبز كمًّا وكيفًا، فإن الحرب على التموين والمفتشين ورجال الوزارة وفروعها فى المحافظات المخلصين سوف تزداد من عمليات إرهاب وتهديدات من المرتزقة والنفعيين والمستأجرين، أو من البلطجية والمجرمين الذين يعملون لحساب أطراف وعصابات لا تريد الخير لهذا البلد، وتريده أن ينجرف فى العنف والفوضى والقلاقل والاضطرابات أو من قبل مسئولين فاسدين ما زالوا يعشعشون فى مفاصل الدولة العميقة. والذين يحاربون بشدة اليوم منظومة الخبز الجديدة، هم أنفسهم الذين يقفون وراء أزمة السولار، والسطو على أكبر كميات تورد لمحطات الوقود وبيعها بأسعار مضاعفة فى السوق السوداء، وخلق أزمة فى المعروض بالسوق، رغم تضاعف الكميات التى تضخ يوميا، وتوصيل رسالة سلبية إلى المواطنين الذى يحتاجون للسولار لتسيير سياراتهم التى يعملون عليها أو المزارعين الذين يستخدمونه فى ماكينات الرى وآلات الحصاد والجرارات الزراعية، وهم أنفسهم الذين سجلوا محطات وقود وهمية تحصل على كميات وحصص يومية وهى غير موجودة أصلا على أرض الواقع. ومن ثم فإن حرب أصحاب المنافع وما فيها المصالح، ومن يسخرونهم لخدمتهم والدفاع عن مصالحهم ومكتسباتهم غير المشروعة سوف تستمر، وتزداد شراسة وقوة فى مواجهة الخطوات التى تبذل والإجراءات التى تتخذ لإغلاق منابع الفساد واجتثاث جذور المفسدين، ووصول الحقوق لأصحابها، والدعم لمستحقيه، وإذا كان المجرم الملثم الذى أطلق رصاصات الغدر والخيانة على المفتشين الثلاثة، قتل اثنين وهرب فإنه سيلاحق وسيقبض عليه وسيعرف جميع أبناء الشعب المصرى من يؤجر هؤلاء؟ وكم يدفع لهم من أموال طائلة؟ ومن يخرب؟ ومن يحرق المبانى والمنشآت؟ ومن يطلق المولوتوف والخرطوش ويوقع الضحايا؟ ومن يقف خلف ماكينة الأكاذيب التى لا تهدأ ولا تنام، وتخرج لنا يوميا عشرات الأكاذيب التى وصلت إلى حد ترويج أكاذيب لا تدخل العقل، ولكنها هيستيريا أصابت أناسا يشعرون يوما بعد الآخر أن مصالحهم مهددة، وإنهم لن يفلتوا من يد العدالة، وسيلقون جزاءهم على ما اقترفوه من آثام وإجرام فى حق مصر والمصريين. رحم الله شهيدى تموين البحيرة وشفى المولى عز وجل المصاب الثالث، وحمى الله مصر وأهلها من كل سوء.