للوجه القبلى "الصعيد" عاداته وتقاليده التى تميزه عن غيره، ومن أهمها أفراحه وما بها من طقوس خاصة، دفعت الباحثين لدراستها لتأصيلها وتوثيقها؛ ومن هؤلاء درويش الأسيوطى -الباحث فى التراث الشعبى- الذى أعد كتابا تحت عنوان "أفراح الصعيد الشعبية" ونشرته الهيئة المصرية العامة للكتاب، وسعى فيه لتصحيح بعض المفاهيم المغلوطة عن الصعيد والتى رسخها الإعلام فى عقول المشاهدين. ومن ضمن ما تم تصحيحه فى الكتاب أن الفتاة الصعيدية لا يؤخذ برأيها حين الخطبة، بينما فى الأصل فإن مفاتحتها من قبل أم العريس أو إحدى قريباتها هى الخطوة الأولى للتعرف على موقفها من العريس وإذا ما كان لديها استعدادا للاقتران به من عدمه. رأى النساء أولا يقول الأسيوطى -فى كتابه عن خطوة المفاتحة-: "يبدأ الأمر بالزيارة، فإذا أعجبت الفتاة أم العريس يتم إطلاع الأب على الموضوع وأخذ رأيه، والرجل لا يملك أن يرفض الفتاة التى توافق عليها أم العريس، وبمباركة الرجل تقوم أم العريس بتحديد موعد الزيارة لأم العروس". ويضيف: "وفى كل الأحوال ترحب أم العروس بالزيارة حتى وإن كانت تعلم أن الزواج لن يتم، فالفتاة ترتفع أسهمها فى القرية كلما زاد عدد خطابها، وتقوم أسرة الفتى بتدبير ما يُهدى إلى أسرة الفتاة وهو ما يسمى ب"النفقة"، ويصحبها العريس متجهًا إلى بيت العروس، وإذا تم الاتفاق تبدأ "الزفة اليومية" وهى احتفال قد يستمر أربعين ليلة ولا يقل عن أسبوع، وفيه تتجمع البنات والنساء فى مكان متسع من بيت العروس عقب صلاة العشاء من كل ليلة، ويغنون ويرقصون، وربما شاركتهم العروس بالرقص والغناء. ويتابع: "وفى هذه الفترة يتم شراء الذهب و"الجهاز"، وتبدأ الاستعدادات لليلة الزفاف منذ بزوغ شمس اليوم المحدد لدخول العروس بيت زوجها، فيتم فيه عقد القران، ودخول العروس بيت العريس، ويتم إحياء ليلة الفرح بأشكال متعددة، فيمكن أن يحيى الليلة واحد من كبار قرّاء القرآن الكريم". الحنة وضرب النار وتحمل شهادات أهل الصعيد إضافات أخرى، فتقول سعاد -من كوم أمبو-: "بعض العائلات تصر على إعداد عشاء فاخر ثانى يوم العرس ويطلق عليه "عشاء الصباحية"، ويعده أهل العروس للضيوف ويتم فيه تقديم الفتة واللحوم والطيور والفواكه". ويضيف أحمد عطا الله -من قنا-: "فى الصعيد يوجد يوم "الطيبة" وهو ما يوازى يوم الخطوبة فى القاهرة؛ حيث يذهب أهل العريس بعد صلاة العشاء لمندرة أهل العروس فيتم استقبالهم بذبح الخروف وتوزيع الحلوى للجميع ثم يقرءون الفاتحة، ويمسك أحد أفراد أسرة العريس بدفتر النقوط الذى يسجل فيه اسم صاحب النقوط والمبلغ المدفوع، ثم يتناول عشاءه مع باقى الضيوف، وأخيرا تبدأ السهرة بصوت أحد رواة السيرة الهلالية، ثم القرآن الكريم، ومداح فى حب النبى". أما شيماء -من أسوان- فتقول عن ليلة الحنة: "تغنى النساء الأغانى الشعبية -الفولكلورية- وتوضع الحنة فى إناء كبير مزين بالشموع تحمله إحدى قريبات العروس لتتزين العروس وصديقاتها بالحناء، وتظل ليلة الحنة فرصة جيدة للسيدات الباحثات عن عرائس لأبنائهن لذلك تظهر الفتيات بأحلى حلة". ولا يخلو عرس صعيدى من ضرب النار كما يقول بدر سعيد -من سوهاج-: "لا يحلو العرس إلا بضرب النار لأنه مجال للتفاخر بين العائلات، كذلك يمارس الرجال لعبة التحطيب كفقرة لاستعراض القوى بين الرجال". أما أم كرم -من الأقصر- فتقول: "من عاداتنا (الشنطة) وهى حقيبة يضع فيها العريس ملابس وأقمشة وعطورا وهدايا يقدمها لعروسته يوم عقد القران، وتتفاوت قيمتها من ألف جنيه فأكثر وفقا لإمكانيات العريس وتقديره للعروس".