رغم أن الدعم يعد أحد المحاور التى تستخدمها الدول لمساعدة المواطنين وأصحاب الدخول البسيطة، فإن المستفيد الرئيسى منه هم الأثرياء والتجار؛ الأمر الذى دفع الحكومة إلى التفكير فى إعادة هيكلة هذه المنظومة، بدءا من تخفيض دعم الطاقة للقادرين فى الموازنة الجديدة بما يوفر حوالى 10 مليارات جنيه بالإضافة إلى تطبيق نظام الكوبونات فى البوتاجاز لتوفير حوالى 4 مليارات. وحسب الإحصاءات الرسمية، فإن دعم الكهرباء يحصل على 5 مليارات جنيه فى موازنة عام 2011- 2012، بما يمثل نحو 3.7% من إجمالى قيمة الدعم، فيما ارتفعت مخصصات المواد البترولية إلى 108 مليارات جنيه بما يؤثر فى خطط التنمية ويزيد العبء على خطط النهوض ويعرقل كل مسيرات النمو. ويرى خبراء الطاقة أنه يجب ترشيد دعم الطاقة ووضع خطة إستراتيجية لهيكلتها بما يتناسب مع موازنة الدولة وضمان وصول الدعم إلى مستحقيه من الفقراء ومحدودى الدخل، مشيرين إلى أن الإحصاءات أثبتت أن المستفيد الأساسى من الدعم هم الأثرياء من أصحاب سيارات بنزين 95، وأصحاب مزارع الدواجن الذين يستخدمون أسطوانات الغاز للتدفئة، والمحلات والمطاعم التجارية التى تحصل على الأسطوانات مدعمة ب3 جنيهات فقط. ونظم حزب "الحرية والعدالة" ورشة عمل لمناقشة وسائل هيكلة وترشيد دعم الطاقة وصياغة خطة يستغرق تنفيذها من 3 - 5 سنوات، بحيث يستعاض عن الدعم العينى بدعم نقدى يصل إلى مستحقيه؛ إذ يرى المشاركون فى الورشة أنه يمكن استغلال أموال هذا الدعم فى الصحة والتعليم والاستثمار؛ لأن أكثر من ثلثى الدعم يوجه إلى المنتجات البترولية، كما يصل أقل من الربع إلى دعم الغذاء. وتعتمد الخطة على الغاز الطبيعى كحل أساسى لكل المشكلات، وبديل لكل أنواع الوقود؛ وذلك من خلال الإنتاج المحلى أو الاستيراد للغاز واستخدامه بديلا فى محطات الكهرباء والسيارات وقمائن الطوب ومزارع الدواجن بما يوفر فى حدود 10 مليارات جنيه، وزيادة عدد الشركات الحالية مع تقديم الدعم المادى للإسراع فى توصيل الغاز الطبيعى إلى المنازل. وتتضمن الخطة تفعيل منظومة نقل الغاز الطبيعى المضغوط بسيارات النقل المُخصصة لذلك إلى المناطق النائية المُستهلكة للمُنتجات البترولية، ولا جدوى اقتصادية من إنشاء خطوط أنابيب لها؛ لصغر حجم استهلاكها (جنوب وشمال سيناء / البحر الأحمر / وجنوبالغردقة / الساحل الشمالى / الوادى الجديد / المصانع متوسطة الحجم بجوار المدن). وطالب خبراء بتطبيق نظام الكوبونات فى البوتاجاز بحيث تحصل كل أسرة مكونة من 4 أفراد على 18 أسطوانة سنويا بسعر 5 جنيهات للأسطوانة المنزلية وباقى الاحتياجات بسعر 25 جنيها. دعم الطاقة يتزايد وشدد تقرير إحصائى أعدته الهيئة العامة للبترول، فى فبراير الماضى، على أن دعم الطاقة فى تزايد مستمر منذ عشر سنوات، وأنه تزايد باطراد نتيجة ارتفاع أسعار المواد البترولية عالميا وثبات الأسعار المحلية فترة زمنية طويلة. وتشير الإحصاءات إلى أن معدل دعم المنتجات البترولية فى مصر وصل إلى 21.7 مليار جنيه فى عام 2003 – 2004، وارتفع بنسبة كبيرة ليصل إلى 95.5 مليار جنيه فى 2011 - 2012، وزاد ليصل إلى 108 مليارات جنيه فى الموازنة الجديدة 2012 – 2013 جنيه. ومن المتوقع أن يزيد إلى 114 مليار جنيه. وبالمقارنة بين إجمالى الدعم بالموازنة العامة للدولة ودعم المواد البترولية، يتضح أن دعم المواد البترولية قد تجاوز فى عام 2011 -2012 نسبة 72% من إجمالى الدعم الكلى؛ ما يؤثر سلبا فى توفير الدعم للقطاعات الأخرى، مثل التعليم وا لصحة والسلع التموينية؛ إذ استحوذت المواد البترولية على دعم وصل إلى 95 مليار جنيه من أصل 132.3 مليار جنيه من إجمالى الدعم. السولار فى المقدمة وتضيف الإحصائية أن السولار حصد أعلى نسبة فى دعم المنتجات البترولية لعام 2011 -2012؛ حين وصل إلى 46 مليار جنيه، فيما حصد البوتاجاز 13.4 مليار جنيه. و12.6 مليار جنيه للبنزين، و13.3 مليار جنيه للمازوت، و10.1 مليارات جنيه للغاز الطبيعى. ومن المتوقع أن تزيد نسبة الدعم لكل منتج لتصل إلى 114 مليارا. ويرى المسئولون بالهيئة العامة للبترول أنه يجب أن يكون هناك بدائل لترشيد دعم المنتجات البترولية؛ بهدف توجيه هذا الدعم إلى مستحقيه، والتخفيف عن الموازنة العامة للدولة، وتوجيه جزء من الدعم إلى الخدمات الأخرى؛ وذلك بتعديل أسعار الغاز الذى يصدر إلى الخارج، وهو ما قد تم بالفعل. وينتظر أن يحقق ذلك زيادة فى الإيرادات حوالى مليار دولار سنويا حال تصدير كامل الكميات المتعاقد عليها، إضافة إلى زيادة أسعار الغاز الطبيعى للصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة بواقع 1 دولار / مليون وحدة حرارية بريطانية، مع ربط أسعار الغاز بسعر المنتج النهائى الذى يصدر إلى الخارج. الكوبونات وشدد تقرير صادر عن الهيئة على تطبيق نظام الكوبونات فى البوتاجاز كأحد البدائل المقترحة لترشيد الدعم بحيث تحصل كل أسرة مكونة من أكثر من 4 أفراد على 18 أسطوانة سنويا بسعر 5 جنيهات للأسطوانة المنزلية، و50 جنيها للاستخدام التجارى، مع اقتراح تطبيق نظام كوبونات أو كارت ذكى للبنزين والسولار بحيث يحصل كل صاحب سيارة على كارت بعدد من اللترات سنويا، يصرف عند تجديد ترخيص السيارة بما يكفى استهلاكه سنويا. وما يزيد عن ذلك يتم مراجعة الأسعار للتوافق على تكلفته الفعلية من البنزين والسولار. ويرى د. تامر أبو بكر خبير الطاقة والرئيس السابق للهيئة العامة للبترول، أنه يجب أن تكون هناك خطة إستراتيجية لترشيد دعم المنتجات البترولية وإحلال الغاز الطبيعى كأحد الحلول والبدائل المقترحة لتوفير الدعم، والتحول الكامل لجعل جميع المنتجات البترولية تعمل بالغاز الطبيعى؛ لرخص سعره وفوائده البيئية. رفع الدعم ويضيف أبو بكر أن رفع الدعم عن المنتجات البترولية يأتى من خلال برنامج معلن على أن يتم تدريجيا فى فترة زمنية من 5 إلى 7 سنوات، ووضع آلية محددة لدعم من يستحق الدعم، وتحديد قيمة الدعم النقدى بالنسبة للأسرة الواحدة، وكيفية الوصول إلى هذه الأسر من خلال استخدامها البطاقات التموينية والكوبونات أو المبالغ النقدية. وتقول دراسة أعدتها كل من د. ماجدة قنديل ود. أمنية حلمى عن طرق إصلاح المالية العامة فى دعم الوقود؛ إن المستفيد الأساسى من دعم المواد البترولية هى الشريحة الحضرية الأكثر ثراء بنسبة 33% من الدعم، تليها الشريحة الحضرية الأكثر فقرا بنسبة 3.8% فقط؛ ما يعد ظلما كبيرا يدفع فاتورته الفقراء ومحدودو الدخل.