"ما كنت أتخيل أبدا يا سنمار أن القصر سيكون بهذه الفخامة والجمال.. إنك تستحق جائزة كبيرة"، قصة يتداولها الناس حدثت بين ملك ظالم ومهندس خبيث سهل له بناء قصر يحتوي على دهاليز سرية للهرب من الشعب، وكان الجزاء من جنس خبثه، أمر الملك جنوده بإلقائه من فوق أسوار القصر بعد انتهاء مهمته، وهو ما يفعله قائد الانقلاب السيسي مع قضاة 30 يونيو، الذين ساندوا انقلابه وحاكموا الثائرين ضد الانقلاب. غضب شديد انطلقت شرارته داخل الأوساط القضائية حتى المؤيدة لقائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، بسبب مشروع القانون المقترح بتعديل نص المادة 44 من قانون السلطة القضائية وقوانين الهيئات القضائية المقدم من النائب "المخابراتي" أحمد حلمى الشريف، وكيل اللجنة التشريعية في برلمان الدم، وينص مشروع القانون المقدم على أن يكون التعيين لرؤساء الهيئات القضائية من بين 3 مرشحين بقرار من السيسي، وهو ما يختلف عن طريقة التعيين الحالية، التى تكون بالأقدمية المطلقة. ويرجح مصدر قضائي بوزارة العدل، أن السبب وراء تقديم هذا المشروع حاليًا هو رغبة السلطة في ممارسة مزيد من الضغط على القضاة، وتهديدهم بالتدخل في عملهم والنيل مما تبقى لهم من استقلال، لا سيما أن الفترة المقبلة بين عامي 2017 و2019، ستشهد وصول عدد من القضاة غير المرضي عنهم من جميع أجهزة الدولة لرئاسة مجلس القضاء الأعلى ومجلس الدولة تحديدًا. "قطع شطرنج".. تقارير سرية تطارد قضاة السيسي ويكشف المصدر نفسه عن أن أجهزة أمنية سبق وأبلغت أعضاء بمجلس القضاء الأعلى تحذيرات من تولي المستشار، أنس علي عبدالله عمارة، رئاسة محكمة النقض بالأقدمية بعد عامين من الآن، على الرغم من أن أقدميته تسمح بذلك، بسبب علاقته الوطيدة بالرئيس الأسبق للمحكمة والجمعية التأسيسية لدستور 2012، المستشار حسام الغرياني. ويضيف المصدر أن هناك محاذير أيضاً من تولي المستشار، يحيى دكروري، رئاسة مجلس الدولة بدءاً من منتصف العام المقبل، ولا سيما أنه صاحب حكم القضاء الإداري ببطلان التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، وهناك دوائر قلقة من توليه منصب رئيس المحكمة الإدارية العليا الذي يتولاه رئيس مجلس الدولة بحكم وظيفته. وينتمي النائب "الشريف" إلى الأغلبية النيابية المسماة “دعم مصر”، ويترأس الهيئة البرلمانية لحزب المؤتمر الذي يعتبر من الأحزاب الرئيسية الداعمة للسيسي، والتي تحظى بعلاقة مميزة بالدائرة الاستخباراتية-الرقابية التي يقودها مدير مكتب السيسي، اللواء عباس كامل. قضاة العسكر.. ساندوا الانقلاب وتاجروا بالحشيش السيسي يقفز فوق القانون يفتح نظام الانقلاب جبهة جديدة ضمن سلسلة جبهات المواجهة التي فُتحت منذ الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي في يوليو 2013، بما يساعده على الهيمنة على مفاصل الدولة كافة، ولا سيما إن كانت هذه الجبهة الجديدة ضد أحد أركان تحالف السلطة الحالية. من جانبه، قال المستشار محمد عبدالمحسن منصور، رئيس نادى القضاة ونائب رئيس محكمة النقض، إن التعديل المقترح الذى يجعل اختيار رئيس محكمة النقض رئيس مجلس القضاء الأعلى بمعرفة رئيس الجمهورية من بين ثلاثة مرشحين من نواب رئيس محكمة النقض يرشحهم مجلس القضاء الأعلى، يمثل اعتداء على استقلال القضاء لمساسه بالثوابت القضائية المستقرة، وﻻ يحقق الغاية من التشريع باختيار الأجدر منهم لهذا المنصب، الأمر الذى ﻻ يتأتى إﻻ لجمعيتهم العمومية، مشددا فى ذات الوقت على أن استقلال القضاء خط أحمر ﻻ يجوز المساس. جدير بالذكر أن منظومة القضاء في مصر كانت قد انتفضت ضد قرار الرئيس المنتخب محمد مرسي، بعزل نائب عام المخلوع مبارك "عبد المجيد محمود"، في 2013، فضلاً عن محاولة تخفيض سن تقاعد القضاة عبر قانون قدم لمجلس الشورى، ما اعتبروه حينها تدخلاً في أعمال القضاء، حيث عقدت أندية القضاة حينها جمعية عمومية لمعارضة هذا القرار. فهل ينتفض القضاة هذه المرة ضد التعديلات المقدمة على قانون تعيين رؤساء الهيئات القضائية، والذي يعد أكثر خطورة على استقلالية القضاء من تحديد سن التقاعد؟ بينما تفضح الحملة الاستنكارية التي تبناها نادي قضاة مصر حيال مشروع التعديلات الجديدة في قانون الهيئات القضائية، فصل جديد من تفاعلات الصراع بين طوائف الانقلاب (الجيش والشرطة والقضاء )، لتحقيق مكاسب أكبر لكلا الأطراف، وبصرف النظر عن النتائج إلا أنه في النهاية من الصعب أن ينفك هذا النوع من التحالف القائم على استباحة الأرواح والدم. شاهد.. المستشار محمد عوض: القضاة الذين أيّدوا الانقلاب يستحقون الإعدام تقليم أظافر القضاة واعتبر القضاة أن القانون مساسًا ب"استقلالية القضاء"، فضلاً عما يشتمل عليه من محاولة السيطرة الكاملة على أذرع القضاء الأربعة (محكمة النقض، ومجلس الدولة، وهيئة قضايا الدولة، وهيئة النيابة الإدارية) من خلال التدخل في تعيين رؤساء هذه الهيئات والتدخل في اختيار أعضائها، وهو نقض لما يسمى بالتحالف الهادئ بين القضاء والسلطة التنفيذية الحالية. القانون يتلخص في إسناد سلطة تعيين رؤساء الهيئات القضائية الأربعة المذكورة، إلى رئيس الجمهورية الذي يختار رئيس كل هيئة من ضمن 3 قضاة ترشحهم الهيئة، وهو ما يتضمن نسفًا لكل ما كان يجري في السابق، حيث كانت الجمعية العمومية للهيئة أو المجلس الأعلى فيها، ترفع اسم أقدم الأعضاء بها إلى رئيس الجمهورية، للتصديق عليها، وبناءً عليه يصدر قرار جمهوري بالتعيين دون تدخل من رئيس الجمهورية بالاختيار أو الاستبعاد. القانون بصيغته المقدمة يسمح لقائد الانقلاب بتجاوز مبدأ الأقدمية المعمول به منذ القدم، ما يعد سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ القضاء المصري، فمن حق السيسي هنا إذا تقدمت أي من الهيئات القضائية الأربع ببعض الأسماء المرشحة أن يتجاوز أقدمهم سنًا ويختار دون معايير واضحة من بين الأسماء الأخرى، ما يشكل تهديدًا لنفوذ السلطة القضائية داخل النظام الحاكم، إذ إن اختيار رؤساء أكبر هيئات قضائية في الدولة يصبح في يد السيسي، وهو ما يجعل خيوط أرفع التنظيمات القضائية في يد العسكر بلا توازن.