- السقف الزمني لاستعمال المعتقلين دورات المياه لا يتجاوز العشر دقائق - لم تعكر بدلة الإعدام قلب أخي المتفائل "فالأحمر يليق به" حوار: سماح إبراهيم "عامان من الاعتقال مرورًا كأعوام طوال علينا.. قد نتحمل فراق اللقاء لشهور وسنوات، لكن حينما يصل الأمر بنا لرؤية من كانوا فخرًا لنا يرتدون كفن النظام الأحمر, هذا حقًّا ما لا يطاق!!" بهذه الكلمات تحدثت شقيقة المهندس أحمد محمود أحمد دبور، مواليد 26 يونيو 1986، والمحكوم عليه نظاميًّا بالإعدام شنقًا، بعد أن التقطت شقيقته أميمة صورة تجمع بينه وبين والدته ببدلة الإعدام خلال زياراتهما الأخيرة له بسجن العرب. تسرد أميمة دبور، شقيقة المعتقل، قصة اعتقال أخيها الأكبر -ل"الحرية والعدالة"- والانتهاكات التي تعرض لها، ومن معه للاعتراف بجرائم -حسب ما تروي- لم ترتكب, وماذا عن حملات التعذيب البدني لمعتقلي سجن العرب الممنوعة من العرض بشاشات التلفاز أو صفحات وزارة الداخلية. - الأمن هدد المعتقلين بالاغتصاب ان لم يعترفوا حرفيًا بجرائم لم ترتكب تقول "دبور": أُخفى أخي أحمد قسريًّا لمدة تجاوزت الشهر؛ حيث هاجمت مليشيات الأمن وعناصر من الشرطة في الأول من مارس 2014، مقر عمله وقاموا باقتياده لمكان مجهول، كنا نتردد على أقسام الشرطة طوال الثلاثين يومًا دون جدوى، إلى أن علمنا من صفحة وزارة الداخلية بالمنصورة أن أخي ضمن 24 شخصًا تم إدراجهم ضمن خليه إرهابية، على خلفية اتهامهم في القضية 16850 لسنة 2014، والمتهم فيها 24 شخصًا من أبناء محافظة الدقهلية بقتل رقيب الشرطة عبدالله عبدالله متولي، في أثناء عودته من عمله بحراسة منزل المستشار حسين قنديل. وتضيف: تعرض أحمد لأسوأ وأبشع أنواع التعذيب خلال فترة إخفائه, وظهر ذلك واضحًا في الصور والفيديوهات التي نشرتها الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" وعلى وجهه آثار من التعذيب والتنكيل، للزج به بقضية "الحارس" المعروفة إعلاميًّا، التي استمرت جلساتها لعدة شهور متتالية لتنتهى بالإعدام لأخي و8 آخرين. وتتابع: خلال جلسات محاكمة أخي جاءت أوامر أمنية بنقله للحبس الانفرادى بسجن برج العرب، حيث زنازين ردئية التهوئة تحت الأرض بأمتار، ممنوع أن يتعرض ساكنوها للضوء أو فسحة من التريض أيضًا، بل إن استخدام دورات المياه لها سقف زمني لا يتجاوز العشر دقائق دون مراعاة لظروف مرضية أو نفسية تصيب المعتقل. وحول الانتهاكات التي تعرض لها سجناء سجن العرب تقول: أسر المعتقلين المحكوم عليهم بالإعدام ومنهم محمود وهبة وأحمد الشال وخالد عسكر بذلوا محاولات مضنية لوقف الانتهاكات ضد أبنائهم, مطالبيين النيابة بعرضهم على الطب الشرعي لإثبات حالات التعذيب، إلا أنه تم تجاهلهم, موضحة أن المعتقلين سردوا أمام النيابة تفاصيل التعذيب البدني الذي تعرضوا له وصعقهم بالكهرباء وجلدهم بالأسواط فضلًا عن التهديد باغتصاب أخواتهم وأمهاتهم إن لم يقوموا بالاعتراف بالشكل المطلوب منهم, كما سرد عبد الرحمن عطية هلال بيومي الانتهاكات التي تعرض لها بمقر الأمن الوطني بمدينة نصر؛ حيث تم تعليقه وصعقه بالكهرباء في جميع أجزاء جسده، وكان معصوب العينين، ثم أجبر أمام وكيل النيابة على التوقيع على محضر باعترافه بجرائم لم يقم بها. - النيابة العامة رفضت التحقيق بوقائع التعذيب وتجاهلت سماع شهود النفي وتشير إلى أن المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا قامت بتوثيق ما تعرض له أغلب المعتقلين على خلفية تلك القضية للاختفاء القسري لفترات متفاوتة وتعذيبهم بوسائل لا آدمية لإجبارهم على تصوير اعترافات ملفقة حول ارتكابهم جرائم إرهابية أمام الكاميرات وبثها قبل بدء التحقيقات القضائية معهم. وعددت "دبور" أسماء التسعة المحالة أوراقهم إلى المفتي، الذين تم اعتقالهم: أحمد محمود أحمد دبور, عبد الرحمن محمد عبده عطية، إبراهيم يحيي عبد الفتاح عزب، باسم محسن الخريبي، محمد علي العدوي، محمود ممدوح وهبة, خالد رفعت عسكر، أحمد الوليد الشال، محمد جمال". وحول هاشتاج "الأحمر لايليق بك" الذي دشنه أصدقاء المعتقلين بالقضية، الذي لاقى انتشارًا واسعًا تقول: الهاشتاج ذيل بأول صورة لأحمد منذ اعتقاله وهو يرتدي بدلة الإعدام ويضحك بوجه والدتي, في صورة تصيب بالحسرة، لك أن تتخيل نفسك في غرفه تحت الأرض: بلا ضوء أو مياه أو حياة، ممنوع من أقل حقوقك كأنسان، تفقد التواصل مع العالم الخارجي.. فلتصف لنا شعورك!! وتابعت: "لن ننسى حديثه عن أنواع التعذيب من جلد وتعليق وصعقه بالكهرباء، جعل الله آلمه وكل لحظه سوء مرت عليه داخل سجون الظلم لعنة على سجانه، 731 يومًا منذ اعتقاله، وما زلت أتذكر تفاصيلها وكأنها ليلة البارحة، وكيف كنت تتألم من مرض بزانزنتك أو من تعذيب رجال الأمن، عامان يا أحمد أتذكر كل لحظه مرت علينا ونحن في أمس الحاجة إليك.. عامان يا أحمد جدران البيت تشتاق إليك فما بالك بجدران القلب.. عامان يا أحمد اﻟﺠﺪﺭﺍﻥ فيها ﺷﻮﺍﻫﺪ على ما مر بك، ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺠﺪﺭﺍﻥ ﺷﺎﻫﺪﺓ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻋﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺪﻭﺭ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﻫﻮﺍﻝ ﻭﺍﻻﻧﺘﻬﺎﻛﺎﺕ.. ﻭﺣﻴﻨﻬﺎ ﺳﻴﺄﺧﺬ ﻛﻞ ﺫﻱ ﺣﻖ ﺣﻘﻪ.. ﻛﻨﺎ ﺻﻐﺎﺭًﺍ ﻧﻌﺪ ﻣﻦ ﻳﺪﺧﻞ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﻣﺠﺮﻣًﺎ ﻟﻜﻦ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﺍﻟﻤﺠﺮﺩﺓ ﻟﻸﻣﺮ ﻋﺮﻓﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﺠﻮﻥ ﻟﻠﺮﺟﺎﻝ. كما شددت "دبور" علي ضرورة إيقاف مهزلة القتل الجماعي التي ينتهجها القضاء المصري واستنادهم على تحريات مجهولة المصدر، واعترافات تم انتزاعها منهم تحت وطأة التعذيب. وتتساءل عن دوافع النيابة العامة لرفض فتح أي تحقيق في وقائع للتعذيب القاسي والاختفاء القسري للمعتقلين بالقضية. وعن الأسلحة التي ظهرت أمام المعتقلين في الفيديو الذي بثته وزارة الداخلية تقول: جميع الأسلحة التي تم تصويرها اختفت ولم تعرض على النيابة، مضيفة أن الأحراز التي ذكرها المحضر الرسمي تضمنت ماسورة صرف صحي وبندقية قديمة لم تستعمل من قبل وخالية من الأعيرة. ولفتت النظر إلى محاولات رجال الداخلية لتخويف أهالي المعتقلين من زيارة أبنائهم وذويهم بالداخل, التي تمثلت في تعميم منشورات بإدرات السجون والأقسام بالكشف عن أسماء الزائرين للمعتقلين والمسجونين للقبض فورًا على "المطلوبين" أمنيًّا!! معقبة على ذلك بقولها: "ده معناه إنى ممكن أروح الزيارة لأحمد عادي جدًّا مع أهلى.. ونرجع ناقصين واحد". وحول الإجراءات القانونية ومستجدات القضية تقول دبور: ننتتظر السادس والعشرين من مارس الجاري 2016م؛ حيث جلسه النظر بالاستشكال الذي تقدمت به هيئة الدفاع، للمطالبة بتقديم شهود النفي لسماع أقوالهم التي تم تجاهلها مسبقًا، وإثبات تدليس تحريات جهاز الأمن الوطني والمباحث العامة، مشيرة إلى أن هذه المرة الرابعة التي يتم فيها تأجيل الطعن المقدم بإعادة المحاكمة. واختتمت شقيقة المهندس أحمد دبور أن الحالة النفسية لشقيقها في أعلى مستوياتها، ولم يعكر اللون الأحمر قلبه المتفائل، فهو واثق أن دولة الظلم لن تدوم ولم تدم، وأن أحبال المشانق لن تطوق سوى رقاب الجناة، فهو مطمئن لحكم الله وإرادته فيه لأنه لم يكن منهم ولو لساعة.