ما بين مأساة غرق الإسكندرية فى مياه الأمطار، وتبعات كارثة سقوط الطائرة الروسية فى شرم الشيخ، تكشفت بشكل فاضح الازدواجية التي تسيطر على تعاملات العسكر مع الملفات الشائكة فى مِصْر، التى تنذر بانفجار وشيك يلوح فى الأفق، خاصة مع تباين المشهد من نظرة خاطفة من شباك الطائرة على غرق المِصْريين وزفة "الزغاريد" فى شرم الشيخ على شرف السياحة. السيسي الذى يرى أن تحركاته نحو الأزمات تحصنها لافتة "ميصحش كده" ترك الأوضاع تتفاقم فى السياحة المِصْرية بوجه عام، وأحد أهم روافدها فى شرم الشيخ على وجه الخصوص، على مدار 12 يومًا وتحديدا من سقوط الطائرة المنكوبة، قبل أن يظهر فجأة وفى أجواء مسرحية ليزيد من مخاوف العالم من ارتباك سلطات الانقلاب وعجزها عن إيجاد حلول تتجاوز حدود العباراة المنمقة. شبكة "الجزيرة" الإخبارية، رصدت المشهد الموجع فى مِصْر والازدواجية الفجة فى التعامل مع الملفات التي باتت تفوح منها رائحة الانفجار فى الشارع المِصْري؛ حيث كان المشهد الأول فى منتجع شرم الشيخ، وتمثل فى "استعراض خاطف أشبه بمواكب الأعراس.. هكذا زار السيسي مطار شرم الشيخ للمرة الأولى بعد اثني عشر يوما كاملة من تحطم الطائرة الروسية، دون أن يتطرق الرجل لأي مما ينتظره العالم منه حول الحادثة". واستخدم قائد الانقلاب عبارات تنم عن عجز تام وافتقاد الرؤية وغياب الحلول من مخلفات الأنظمة العسكرية التى تتحدث عن أن الشعب متوحد وشامخ وقوي، وكان الحديث عن فتنة طائفية لا أزمات متلاحقة، وأشار التقرير إلى أن تلك العبارات قد لا تفلح في حجب وقائع الأزمة المتصاعدة يوميا في سوق السياحة التي تشهد حالة هروب جماعي غير مسبوقة حتي في أحلك الظروف. وأضاف التقرير: "يجمل الرجل وإعلام نظامه، واقع صارت قتامته حديث العالم، فى نهج لا يفرق فيه بين أزمات الداخل أو الخارج، حيث يغرق شطر من البلاد فيقرر السيسي زيارة مناطق مختارة دون أخرى، وبينما يحتشد بضباطه أمام العدسات تبقى مِصْر الأخرى بعيدة عن العدسات والاهتمام على حد سواء". ورصد التقرير مأساة قرية تابعة لمركز أبيس على مشارف الإسكندرية التى حظيت بزيارة رئاسية خاطفة؛ حيث هدمت السلطات منازل البسطاء دون أن توجد لهم بدائل، وسط صرخات الأهالي من الوضع المأساوي والتباكي على تأييد السيسي فى انقلاب لم يجلب على البلاد سوى الخراب، فى مشهد فضح بجلاء "نهج متطرد في ازدواجيته منذ الانقلاب يؤجج بشهادة الكثيرين احتقانا يوشك على الانفجار". وفى المشهد المقابل من مسلسل ازدواجية العسكر، "يُخلي سبيل رجل الأعمال البارز صلاح دياب بعد ثلاثة أيام فقط، ويحظى برفع سريع للحظر على أمواله الطائلة، ورغم الحملة التي شنت ضد ما اتهم به الرجل من فساد، إلا أنه مطلق السراح بكفالة 50 ألف جنيه فقط، بينما ترتفع كفالة الطالب الجامعي المفرج عنه من رافضي الانقلاب إلى 100 ألف أو تزيد". وبالتزامن مع دياب كانت الصورة تكشف عن اختفاء حسام بهجت بعد استدعائه من النيابة العسكرية، وأوضح التقرير: "قامت الدنيا ولم تقعد حتى يفرج عنه بعد يومي اعتقال لا غير، ويتحدث إعلام النظام عن صلات «بهجت» بدوائر خارجية ضغطت على مِصْر لصالحه". وما بين حسن مالك وصلاح دياب، وحسام بهجت ومئات الصحفيين، وما بين مشاهد متفرقة لذات السيناريو الفج، تتكشف عورات انقلاب المصالح وانبطاح العسكر، فيما يبقى وراء الأسوار خمسين ألف معتقل لا بواكي لهم منهم نساء وأطفال في الثالثة عشرة، حبس أحدهم مؤخرا بتهمة قلب نظام الحكم.