توالت الصفعات الموجعة على "قفا" عبدالفتاح السيسي في الأيام الأخيرة الماضية داخليًا وخارجيًا في حصاد مرير لفشل العسكر التام في إدارة كل الملفات أو إيجاد حلول لأزمات الوطن المتلاحقة، حتى إنه لم يكد يهرب من غرق محافظات الجمهورية وموت المواطنين بمياه الأمطار حتى عاقبته بريطانيا في عقر دارها. السيسي الذي نهش الاقتصاد أركان انقلابه على الثورة ومكتسباتها، برهن عن فشل العسكر فإدارة الدولة وضرب كل المبررات التي روجها عبر الأذرع الإعلامية من أجل الإطاحة بالشرعية المنتخبة ودهس إرادة المصريين، بعدما كشف الملف المنهار عن عجز الجنرال وأجهزته في إيجاد حلول ناجعة للخروج من النفق المظلم على الرغم من تدفق "الرز الخليجي" والمعونات والقروض الدولية دون حساب. ولم يكد النظام المصري يعبر صدمة غلاء الأسعار عبر منافذ العسكر، حتى لاحقه الارتفاع غير المسبوق للدولار، ليجد نفسه محاصر بنقص حاد في السلع الحيوية وعلى رأسها الأدوية التي يهدد نقصها الحاد حياة المصريين، ومع تلقي ضربة موجعة في تفريعة قناة السويس التي التهمت أموال المصريين دون جدوى، كان رهان دولة السيسي على السياحة لضخ قليل من الأموال في عروق الاقتصاد الجافة إلى جانب خنق الشعب بمزيد من الضرائب والإتاوات. ولم تكن السياحة من الأصل أحسن حالاً من سائر الملفات التالفة في دولاب الحكومة البائسة، حيث جاء حادث سقوط الطائرة الروسية في سيناء بمثابة المسمار الأخير في نعش أحد الروافد الرئيسية للاقتصاد، وهو المشهد المأساوي الذي رصده تقرير شبكة "الجزيرة" الإخبارية. وكشف التقرير المشهد دون رتوش بعدما ظهرت شواطئ المنتجع السياحي الأهم في مصر خاوية على عروشها فيما بدت الصورة في المطار مغايرة تماما، مضيفًا: "على عجل يتوافد هؤلاء السياح علي صالة المغادرة بمطار شرم الشيخ، مشاهد تكدس قد لا تكون مسبوقة في مطار المنتجع المصري الأكثر جاذبية للسياح حول العالم". وأوضح: "لم يكن ينقص السياحة المصرية المتراجعة أصلا منذ الانقلاب إلا ما شهدته الساعات الماضية، من تسابق دول العالم إلى إعلان وقف رحلاتها، بل تحذير رعاياها من السفر حاليًا إلى مصر، بعد تزايد احتمالات أن تكون الطائرة الروسية المنكوبة قد سقطت يوم السبت، بفعل قنبلة كانت على متنها". وشدد التقرير على أن الصفعة جاءت قوية في لندن بعدما رفضت مراعاة أي اعتبار لزيارة قائد الانقلاب إلى أراضيها إذا تعلق الأمر بأمن رعاياها، معقبا: "حتى بريطانيا التي كانت تستقبل السيسي لم تستطع تأخير القرار حتى يرحل، لم تفكر لندن كغيرها إلا في سلامة مواطنيها". ونقل عن أحد الرعايا المغادرين لدولة السيسي بعدما سقطت ورقة التوت لتكشف فشل الأجهزة الأمنية إلا فى التعامل مع الحرائر والمعارضين والقُصر، قائلاً: "اتخذت الحكومة القرار الصحيح بإخراجنا تدريجيا من مصر، وأخذ سلامتنا بعين الاعتبار". وأضاف التقرير: "وجود 20 ألف سائح بريطاني في شرم الشيخ، هو ما عجل بقرار لندن وهو ما أتى بسفيرها إلى هنا ليباشر سفر مواطنيه الضجرين من الانتظار"، وشدد السفير: "نباشر العمل هنا في شرم الشيخ وإجراءات الصعود إلى أول رحلتين إلى بريطانيا، نتعامل جيدا مع السلطات المصرية وهدفنا إعادة أكبر عدد من الناس إلى ديارهم في أقرب وقت". وأشار التقرير إلى أن "الاستعدادات الأمنية التي رفع مستواها في مطار شرم الشيخ منذ الحادث لم تقنع فيما يبدو حتى أقرب أصدقاء نظام السيسي بأن الأمور على ما يرام، لتنضم موسكو لاحقًا بعد تردد طويل لقائمة الدول المعلقة لرحلاتها الجوية إلى مصر كلها، وليس إلى شرم الشيخ فقط". قرار موسكو الصادم يعني أنه "سيرحل معه قرابة 50 ألف سائح روسي يقضون أجازاتهم في مصر حاليًا - وفق وكالة تاس الروسية - يمكن ببساطة تصور تداعيات ذلك عاجلاً على أرزاق آلاف المصريين العاملين في قطاع السياحة، وآجلا على الاقتصاد المصري المأزوم بوجه عام ومستقبل السياحة ربما لسنوات قادمة، كما يمكن تصور حجم الحرج البالغ الذي يقع فيه النظام المصري".