"حكومة ائتلافية أم انتخابات مبكرة؟".. سؤال يطرح نفسه بقوة على الساحة التركية والإقليمية والدولية على السواء؛ خاصة بعد مرور أسبوعين على نتائج انتخابات البرلمان التركي والتي أجريت في السابع من الشهر الجاري، وفشل كمال كلجدار أوغلو، زعيم حزب الشعب الجمهوري، في ترأس حكومة ائتلافية من أحزاب المعارضة، فضلا عن استمرار حزب العدالة والتنمية في مشاوراته مع الأحزاب الفائزة. فشل المعارضة في تشكيل حكومة فيما بينها، دفع رئيس الوزراء التركي الحالي وزعيم حزب العدالة والتنمية، أحمد داود أوغلو، إلى الإعلان أن حزبه منفتح على الحوار مع مختلف الأطراف السياسية، بخصوص تشكيل الحكومة الائتلافية المنتظرة، مشيرا إلى أنه سيلتقي مع زعماء كافة الأحزاب الممثلة في البرلمان، وسيتحدث إليهم بكل وضوح، بعد أن يجري تكليفه بتشكيل الحكومة من قبل رئيس الجمهورية.
يأتي هذا الفشل في توحد أحزاب المعارضة في تشكيل حكومة فيما بينها ، في وقت أجل فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ، تكليف أحد برئاسة الحكومة المقبلة، وأكد "أردوغان" عدم رغبته في تكليف رئيس الوزراء "أحمد داود أوغلو" بتشكيل الحكومة الجديدة للبلاد، قبل انتخابات رئيس البرلمان التركي المقرر انعقادها في 28يونيو الجاري. وحسب ما جاء في تقرير صحيفة "حرييت" التركية ، فإن مراسم القسم الدستوري للنواب الجدد في البرلمان التركي الذي سيتم يوم الثلاثاء القادم سيكون نقطة انطلاق مرحلة تشكيل الحكومة الائتلافية أيضا، ومن المقرر أن يتقدم المرشحين لرئاسة البرلمان التركي بطلباتهم حتي 27 يونيو الجاري.
ويمنح القانون للرئيس التركي أردوغان حق الدعوة إلى انتخابات برلمانية مبكرة بعد 45 يوما من إعلان النتائج، في حال فشل الأحزاب التركية في تشكيل حكومة ائتلافية. ويري مراقبون ان تشكيل حكومة الائتلافية يواجه العديد من التحديات، بالرغم من اقتراح كمال كليجدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري تولي دولت بهجت رئيس حزب الحركة القومية منصب رئيس الوزراء في الحكومة الجديدة، وهو ما رفضه الأخير قائلا: إن حزبه لن يشارك بصورة مباشرة أو غير مباشرة في الحكومة الائتلافية، الامر الذي يؤكد قيمة حزب العدالة والتنمية في المشهد التركي.
يأتي هذا في وقت بدأت تتسرب تقارير إعلامية تشير إلى احتمالية قيام حكومة تركية بين حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، إثر محادثات غير رسمية انطلقت بين مسؤولي "العدالة والتنمية" والحركة القومية، لمناقشة شروط الحركة القومية الثلاثة، وهي إيقاف عملية السلام مع العمال الكردستاني، وإحالة الوزراء الأربعة الذين اتهموا بعمليات فساد في ديسمبر 2013 إلى المحاكمة، والتزام الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بالامتناع عن التدخل في شؤون الحكومة.
من جانبه ، قال الباحث في منظمة البحوث الاستراتيجية الدولية في تركيا- قسم إفريقيا والشرق الأوسط- فؤاد فرحاوي، إن هناك 4 سيناريوهات لمستقبل المفاوضات السياسية التي تعرفها تركيا بهدف تشكيل الحكومة ، أولها : حكومة أكثرية تضم العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، هذا السيناريو يحظى بتأييد رئيس حزب العدالة والتنمية والوزراء داوود أغلو، لكنه يواجه رفضا من قبل رئيس الجمهورية أردوغان، بسبب اعتراضات الحركة القومية على سلطات الرئيس أردوغان" ، والسيناريو الثاني يتمثل في "قيام حكومة بين حزب العدالة والتنمية وحزب الشعوب الديموقراطي، وهذا السيناريو يواجه صعوبات كذلك أبرزها مواقف حزب الشعوب من الرئيس أردوغان، ولكن هذا السيناريو أيضا يمكن أن يتحقق في حالة وعود تتعلق بإدارة المناطق الكردية، وإن كان مثل هذه الوعود سيثير الشعب والقوميين وكذلك الجيش".
ويشير فرحاوي إلى أن السيناريو الثالث هو "الذي دافع عنه زعيم حزب الشعب الجمهوري، كمال كيلجدار أوغلو، يقضي بتشكيل حكومة أقلية يتولى دولت بهجلي زعيم حزب الحركة القومية منصب رئاسة الوزراء، لكنها تحتاج دعما من حزب الشعوب، في ظل خلاف لا ينكره أحد بين الشعوب والحركة القومية"، مضيفا أن السيناريو الرابع، "حكومة أقلية تضم حزب الشعب الجمهوري مع حزب الشعوب الديموقراطي، وهي بدورها تحتاج دعما من حزب الحركة القومية".