"نفوس غير سوية.. ربنا يهديهم"، لم تكن تلك عبارة أحد دعاة الأوقاف أو ضيف من ضيوف برامج إذاعة القرآن الكريم، بل جاءت على لسان قاتل ولص أراضٍ بحجم الملياردير هشام طلعت مصطفى، أحد حيتان نظام المخلوع الراحل حسني مبارك، وأحد المحظيّين بعفو جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي، وهو ينتقد الحملة الشعبية الشرسة ضد عنصرية دعاية مشروع مدينتي. وعلّق قاتل الفنانة المغمورة سوزان تميم على الانتقادات التي تواجه الحملة الإعلانية لمشروع “مدينتي”، إحدى مشروعات شركته، وعبر مصطفى عن استيائه من الانتقادات خلال مداخلة هاتفية مع المطبلاتي عمرو أديب في برنامج الحكاية المذاع على فضائية “إم بي سي”، قائلًا: “هناك نفوس غير سوية وتشعر بالملل، وجاية تتسلى.. ربنا يهديهم". لازم يفضلوا تحت! من جهته يقول الدكتور عماد الوكيل، المحاضر في الجامعات الكندية: "لن أنسى يوم نجاح الدكتور مرسي وكنت وقتها في كاليفورنيا، جاني اتصال من دكتور كبير في أمانة السياسات وكان في معرفة سابقة تقريبا هيتجنن وبيقولي حسّيت إني عايز أكلم حد بيفهم فطلبتك قلتله خير قالي تصور مرسي نجح قلتله إيه المشكلة، قالي تخيل مرسي ده من قرية وأستاذ في جامعة الزقازيق دي مهزلة، قلتله ليه قالي يا دكتور عماد إنت متعاملتش مع الطبقات دي دول لازم يفضلوا تحت!.. طبعا أنا كفيت ووفيت في إهانته يومها". وتابع: "للأسف دي فكرة الطبقة العليا في مصر عن باقي المصريين. إعلان مدينتي ما هو إلا تصوير لقناعات ناس كتير في مصر. هشام طلعت مصطفى سرق فلوس البلد وأراضيها تقريبا مجانا وبيبعها بملايين دلوقت، وطبعا أيام الثورة اتفتحت الملفات معاه ومع لصوص كتير في مصر زي ساويرس وغيره، لكن للأسف الحرامية اجتمعوا على أول تجربة ديمقراطية وثورة وقتلوها عشان يفضل اللي تحت تحت واللي فوق فوق". مضيفًا: "قتلوها زي مهشام طلعت مصطفى قتل فنانة مغمورة كان ماشي معاها وبيصرف عليها فلوس الشعب المصري، من أول عمليات التجميل لحد تكاليف القتل؛ عارف ليه لأن فعلا في نفوس مريضة زي مقال هشام مع عمرو أديب امبارح على المصريين أيدوا إجرام اللصوص دول على البلد عشان يفضلوا كدا للأبد". جريمة قتل سوزان تميم هي قصة مثيرة، فتميم مغنية لبنانية فازت في مسابقة غنائية عربية للمواهب عام 1990، أصبحت عشيقة مصطفى حين كان عضوا في البرلمان يمثل الأمانة السياسية ل"الحزب الوطني الديمقراطي"، الحاكم في عهد المخلوع مبارك الذي كان رئيسا آنذاك، كما كان أحد المقربين من نجل مبارك ووارثه المحتمل جمال، وقيل إن مصطفى، الذي كان متزوجا أساسا، رغب في أن تكون تميم زوجته الثانية لكنها رفضت وارتبطت بعدها بالرياضي العراقي رياض العزاوي، بطل العالم في الكيك بوكسينغ للوزن الثقيل. وبعد رفضها له وشعوره بالغضب، دفع مصطفى مبلغ 2 مليون دولار لضابط مصري سابق في جهاز مباحث أمن الدولة من أجل قتل عشيقته السابقة، وفي يوليو 2008، غادر ضابط الشرطة المتقاعد محسن السكري القاهرة متوجها إلى دولة الإمارات، حيث اغتال تميم في شقتها، قاطعا رأسها تقريبا بواسطة سكين كبيرة. ولسوء حظه، ترك السكري أثر أقدام مليئة بالدماء أثناء فراره من مسرح الجريمة، وتمكّنت الشرطة الإماراتية في النهاية من تعقّب الحذاء الرياضي الذي أوصلها إلى متجر في دبي حيث اشتراه السكري قبل أيام فقط من تنفيذه الجريمة، ومن ثم تمّ التعرف على السكري وتسليمه إلى السلطات حيث ورّط مصطفى في المؤامرة. وفي ربيع عام 2009، أثارت المحاكمة اهتمام المصريين، وبدا أنها قضية يسهل الفوز بها، فلم يقتصر الأمر على اعتراف السكري بالجريمة وتوجيهه أصابع الاتهام نحو مصطفى، بل شملت الأدلة محادثات هاتفية مسجلة بين مصطفى والقاتل، وتمحور السؤال حول ما إذا كان مصطفى- رغم ثروته وعلاقاته- سيلقى محاكمة عادلة في إطار نظام قضائي يشتهر بتلاعب نظام عسكري بمجرياته. قطع رأسها وخرج بعفو! من جهته يقول الناشط عبده فايد: "واحد خد متر أرض بجنيه عشان يعمل عليه مشروع يخدم أثرياء الطبقة الوسطي العائدة من الخليج والنامية من شبكات الخدمات الاجنبية في مصر.. حب بنت لبنانية، بلونداية مزيّفة، وقعت في شوية مشاكل، فعرض أنه يخلصها منها، وزي أي راجل، شاف في الأمر فرصة للتودّد والتقرب، ولما مخدش مراده، بدأ يلاحقها في فنادق القاهرة ولبنان ولندن.. ولما اترفض صعبت عليه نفسه.. يروح لمين؟ لضابط أمن دولة سابق، هو محسن السكري، ابن لواء شرطة أيضًا هو منير السكري". مضيفًا: "ويؤجره لقتل الفنانة في لندن، ميعرفش، فيلاحقها لدبي، وهناك يقتلها بأريحية ويمثّل بجثتها وبعود للقاهرة.. دبي متسكتش وتكشف كل شيء بما فيه، صور السكري وتسجيلات المكالمات بينه وبين هشام ونقرأها يوميًا علي صفحات الجرائد أيامها، وتطالب بتسليمه.. مصر تحتج طبعًا.. احنا دولة ذات سيادة، ومش بنسلم مواطنين للخارج، مع أن مصر ذات نفسها كانت أحد المحطات الأمريكية في عهد جورج بوش الابن، لتعذيب وتسليم المُشتبه بهم في قضايا إرهاب". وتابع فايد: "بس لما تقرأ لمحاسيب السلطة ترفع فورًا شعارات السيادة الوطنية.. ويتحاكم في مصر ومن إعدام لمؤبّد لغاية ما يدفع 5 ملايين دولار لصندق تحيا مصر، والجنرال السيسي اللي بيموت في عهده أطفال داخل السجون بعد حبس احتياطي جائر لمدة سنتين، وبسيب شيوخ وعجائز يعانوا الموت البطيء من الإهمال الطبي، مكنش عنده مشكلة يفرج عنه، ويرجعه يدير أعماله من شركته وبيته، بدلًا من إرهاق الإدارة الفندقية الطبيّة." وعن فساد العسكر والقضاء ورجال المال، يواصل فايد بالقول: "تحالف استثنائي لداخلية وقضاء ورئاسة يقدر يخرج ملياردير من جريمة قتل، أقل عقوبة قانونية لها، هي تعليق رقبته علي حبل المشنقة.. شيء من فرط فساده يعجز حتي المرء عن توصيفه.. ومش بيحصل فعليًا غير في مصر.. لأ.. للأمانة بيحصل في بلاد أخرى فيها نفسها التحالفات الفاسدة.. الهند مثلًا.. في قضية مشهورة جدًا لموديل اتقتلت سنة 1999 في بار ب22 طلقة.. وقاتلها هو مانو شارما.. تايكون أو حوت بلغة سينما المقاولات.. وشقيقه أحد أباطرة الإعلام ووالده برلماني ووزير وإقطاعي.. خلطة كانت لازم تخرج مانو من قتل شاهده المئات.. وفعلًا الشرطة مسحت الأدلة، وأبوه رشي الشهود، والمحكمة كمّلت الجميل وطلعته براءة بعد 7 سنين". مضيفا: "نفس التحالف القذر..لكن الفرق في الناس..الهنود عملوا ثورة صغيرة لحق البنت..تظاهرات بعشرات الألوف، وحملات مقاطعة لشركات أسرة القاتل، وشركات حتي أجنبية كمان، زي شركة برازيلية مختصة بالموضة، بتعمل بانرات وتعلّقها في الشوارع بأسماء القتلة والمتواطئين..وفي النهاية كان لازم مانو يروح المحكمة والمرة دي حكم بالمؤبّد في 2007..". موضحا: "الفرق دائمًا في الناس، الناس اللي لسه عندها قدرة تقول لأ، لما تشوف الفحش في تحالفات السلطة، الناس اللي عارفة أن القانون الهندي زي شبكات العنكبوت، يصطاد الحشرات الصغيرة، ويفلت منه الدبابير.. الناس اللي لسه قادرة تغيّر المعادلة.. بس حتي دول مش موجودين في مصر". عز الطبّال وتأسف فايد على ذاكرة المصريين تحت سياط السلطة بالقول: "المصريين مش بس بينسوا، لأ، بيلتمسوا للقاتل العذر، ويعطوا له فرصة ذهبية لغسيل سمعته، يعملوا قتال قتلة، رمز وطني للإنشاءات، وأسطورة عصامية للترقي الطبقي، ويحتفوا بمشروعاته، ويدافعوا عنها كما لا يفعل هو نفسه.. المصريين اللي بيحبوا القوة حتي لو كانت باطشة وغير مقترنة بالعدل.. تقديس مش حب.. ومش بس رجل أعمال، لأ.. سياسي بني حكمه علي أرتال من الدماء، أو عسكري مشهود له بالبطش والتعذيب..ينسوا له كل حاجة، ويخفضوا رؤوسهم، تقديرًا مصحوب بخوف من البطش.. لكن عمرهم ما يفكروا يقولوا له.. لأ". وتابع: "رمضان السنة دي فرصة استثنائية في الإعلانات عشان نشوف مصر الجديدة، لأ، مصر الحقيقية، مش بس في هشام طلعت مصطفي، أحمد عز كمان..كل رجال الدولة القديمة ورجال الحزب الوطني اللي إعلاناتهم مغرّقة الشوارع والتلفزيون بوصفهم رجال صناعة..". وتابع: "عز الطبّال، ابن السبتية، اللي في يوم وليلة تحوّل لرجل جمال مبارك، وسُحقت لعيونه شركات الصلب الوطنية، وبني علي جثتها إمبراطورية ب40 مليار جنيه، وكان مهندس عمليات تزوير الانتخابات وتمكين التوريث، ولما اتسجن بعد يناير، وقولنا جزء من العدالة اتحقق، خرج تاني، وحضر عزاء مبارك، واللي كان بيستخبي من ضلة، بقي بيعمل إعلانات عن مشاريعه في قنوات الأجهزة السيادية، واللي كان بيستخبي منهم هما دلوقتي اللي منورين الزنازين". واستطرد فايد قائلا: "عز وهشام وغيرهم رسالة الدولة ليك.. احنا واحد.. يقتل فنانة ولا يسرق قوت شركات القطاع العام.. احنا واحد.. تحالفنا كل مبني على بعض.. احنا اللي بناخد فروق السمسرة في أراضيهم وشركاتهم، واحنا اللي بنورد لهم غاز مجاني في وقت انت مش لاقي إنارة في بيتك.. واحنا اللي هندافع عنهم وقت ما يرتكبوا جريمة ونحميهم منك.. شرطتنا هتكدّر عيشتك أنت علي كلمة أو فيديو وترميك في السجن لغاية ما تتعفّن، بس وقت ما يدخلها الكبار، هتقعدهم مرتاحين وبياخدوا خدمة فندقية.. وقضاءنا شامخ، بس عليك، نفخت بالونة، مشيت بتيشيرت، حسبنت، هيجيبك ويعلقك علي أعواد المشانق، بس هينسي شموخه وقت ما واحد من الرجالة بتوعنا ما يقف قصاده". وخيتم بالقول: "كبيرهم مبارك حرامي الغسيل، هنعوره بس بحكم مخل بالشرف، ونقعده في مستشفي عسكري، ونعمله جنازة مهيبة بحضور الجنرال.. وعياله هنشد ودنهم ونطلقهم على تويتر ونحمي ممتلكاتهم المليارية من الملاحقة.. وصبيانهم هشام وعز وأقرانهم، همحيهم من العدالة في سجن، لغاية ما الفرصة تيجي، ويخرجوا لك بإعلاناتهم..ويعايروك أنت بعدم سوية نفسيتك..ويفكّروك.. أن دي بلدهم.. ودي تحالفاتنا.. وأنت المواطن طلعت ولا نزلت، ثورت ولا خمدت، مش هتعرف تمس شعرة منهم..ولا من أي حد في ضهره دبورة وكاب..لا يُضام رجل أعمال وفي ظهره بيادة.. فمتنساش إن دي مصر.. بلدهم مش بلدك".