لجنة مراقبة الأسواق تقود حملات تفتيشية مكبرة بطنطا    وظائف خالية ب الهيئة العامة للسلع التموينية (المستندات والشروط)    حزب الوفد ينظم محاضرة "تحديات الأمن القومي في عالم متغير"    بيطري المنيا يوجه بضرورة تحصين الماشية ضد الحمى القلاعية والوادي المتصدع استعدادا للأعياد    أحمد موسى يحث على متابعة حوار السيسي مع وزيري الصحة والاتصالات: شوفوا الرئيس بيفكر إزاي    مطار الملك خالد الدولي يستقبل أولى رحلات خطوط شرق الصين الجوية القادمة من شنغهاي    وزير الدفاع الماليزي يصل جاكرتا    البث الإسرائيلية: محكمة العدل الدولية ستصدر على الأرجح أوامر اعتقال ضد نتنياهو وآخرين    وزير الخارجية ونظيره السويسري يستعرضان العلاقات الثنائية بين البلدين    مرشحة رئاسة أمريكية اعتقلت في احتجاجات الجامعات المؤيدة لغزة.. من هي؟    لبيب يكافئ لاعبي الزمالك بعد الفوز على دريمز الغاني    تحقق 3 توقعات لخبيرة الأبراج عبير فؤاد في مباراة الزمالك ودريمز الغاني    محافظ الغربية يتابع نتائج حملة لجنة المراقبة الأسواق والمخابز    بالأسماء.. إصابة 12 في حادث انقلاب سيارة ميكروباص في البحيرة    عمرو أديب ساخرا: "هاتوا واحد هندي يمسك شغلانة التكنولوجيا في مصر"    ملك أحمد زاهر ترد على منتقدي أداء شقيقتها ليلى في «أعلى نسبة مشاهدة»    محمد أبو هاشم: هذا أقوى سلاح لتغيير القدر المكتوب (فيديو)    صحة الإسماعيلية تنظم قافلة طبية مجانية ضمن مبادرة حياة كريمة    «الرقابة الصحية»: القطاع الخاص يقدم 60% من الخدمات الصحية حاليا    ملك أحمد زاهر عن والدها: أتعامل معه خلال التصوير كفنان فقط    محافظ الدقهلية: دعمي الكامل والمستمر لنادي المنصورة وفريقه حتي يعود إلي المنافسة في الدوري    فرقة بني سويف تقدم ماكبث على مسرح قصر ثقافة ببا    بايرن ميونخ يغري برشلونة بجوهرته لإنجاز صفقة تبادلية    الرئيس عباس يطالب أمريكا بمنع إسرائيل من "اجتياح رفح" لتجنب كارثة إنسانية    تحذيرات عاجلة لهذه الفئات من طقس الساعات المقبلة.. تجنبوا الخروج من المنزل    امتحانات الفصل الدراسي الثاني.. نصائح لطلاب الجامعات ل تنظيم وقت المذاكرة    دعاء راحة البال والطمأنينة قصير.. الحياة مع الذكر والقرآن نعمة كبيرة    برلماني: الحوار الوطني خلق حالة من التلاحم والتوافق بين أطياف المجتمع    أون لاين.. خطوات إصدار بدل تالف أو فاقد لبطاقة تموين 2024    منها تناول السمك وشرب الشاي.. خطوات هامة للحفاظ على صحة القلب    جدول امتحانات الصف الأول الإعدادي بمحافظة الأقصر    بروتوكول بين إدارة البحوث بالقوات المسلحة و«التعليم العالي»    «حرس الحدود»: ضبط كمية كبيرة من الأسلحة والذخائر قبل تهريبها    فيلم «شقو» ل عمرو يوسف يتجاوز ال57 مليون جنيه في 19 يوما    ننشر أقوال محمد الشيبي أمام لجنة الانضباط في شكوى الأهلي    إعلام عبري: 30 جنديًا بقوات الاحتياط يتمردون على أوامر الاستعداد لعملية رفح    وكيل «صحة الشرقية» يتفقد مستوى الخدمات المقدمة للمرضى بمستشفى أبوكبير    رمضان عبد المعز: فوّض ربك في كل أمورك فأقداره وتدابيره خير    طريقتك مضايقاني.. رد صادم من ميار الببلاوي على تصريحات بسمة وهبة    الرئيس العراقي خلال استقباله وزير الري: تحديات المياه تتشابه في مصر والعراق    حجازي: مشاركة أصحاب الأعمال والصناعة والبنوك أحد أسباب نجاح التعليم الفني    وزير بريطاني يقدر 450 ألف ضحية روسية في صراع أوكرانيا    مستشفيات جامعة بني سويف تستقبل مرضى ومصابي الحرب من الأشقاء الفلسطنيين    رئيس هيئة الدواء يبحث سبل التعاون لتوفير برامج تدريبية في بريطانيا    رفض والدها زواجه من ابنته فقتله.. الإعدام شنقًا لميكانيكي في أسيوط    الليلة .. سامى مغاورى مع لميس الحديدى للحديث عن آخر أعماله الفنية فى رمضان    سفير روسيا بمصر للقاهرة الإخبارية : علاقات موسكو والقاهرة باتت أكثر تميزا فى عهد الرئيس السيسى    «رجال الأعمال المصريين» تدشن شراكة جديدة مع الشركات الهندية في تكنولوجيا المعلومات    موعد مباريات اليوم الثالث بطولة إفريقيا للكرة الطائرة للسيدات    بصلي بالفاتحة وقل هو الله أحد فهل تقبل صلاتي؟..الإفتاء ترد    تأجيل محاكمة 11 متهمًا بنشر أخبار كاذبة في قضية «طالبة العريش» ل 4 مايو    اعرف مواعيد قطارات الإسكندرية اليوم الأحد 28 أبريل 2024    قضايا عملة ب 16 مليون جنيه في يوم.. ماذا ينتظر تُجار السوق السوداء؟    خلال افتتاح مؤتمر كلية الشريعة والقانون بالقاهرة.. نائب رئيس جامعة الأزهر: الإسلام حرم قتل الأطفال والنساء والشيوخ    تقييم صلاح أمام وست هام من الصحف الإنجليزية    البوصلة    إعلان اسم الرواية الفائزة بجائزة البوكر العربية 2024 اليوم    حسام غالي: «شرف لي أن أكون رئيسًا الأهلي يوما ما وأتمناها»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رفيق حبيب: الثورة المضادة.. دولة الاستعمار المحلي

كشف المفكر والباحث السياسي د.رفيق حبيب أن الثورة المصرية وكل ثورات الربيع العربي تواجه الدولة التي زرعها الاستعمار في المنطقة، حتى يستمر في استعماره للمنطقة العربية والإسلامية من خلالها. تلك الدولة، التي تمثل الاستعمار المحلي، الذي استلم مهمة الاستعمار الخارجي بعد نهاية مرحلة الاستعمار العسكري المباشر. الأوطان العربية والإسلامية لم تتحرر بعد خروج الاستعمار الغربي العسكري، بل استمر استعمارها عن طريق وكيل محلي، تمثل في الطبقة الحاكمة، التي تولت الحكم بعد المستعمر، وأصبحت وكيلا له، وتمثل امتدادا له. فأصبحت الدول العربية والإسلامية، تحت حكم الاستعمار المحلي.

•سياسات الرئيس المنتخب تحقق الاستقلال الحضاري والتنمية ضد سياسات دولة الاستعمار المحلي.. وهذا سبب الانقلاب عليه
وأضاف في دراسة حديثة له عنوانها "دولة الاستعمار المحلي ..الثورة المضادة" لن يكمل الربيع العربي مهمته التحررية، إلا بإنهاء حقبة الاستعمار المحلي، لتنتهي فعليا حقبة الاستعمار الغربي، والتي بدأت قبل قرنين من الزمان. فخروج المستعمر الغربي، لم يحقق التحرر، لأن الدولة الاستعمارية التي زرعها، استكملت مهمة استعمار الأمة.
•الانقلاب العسكري فِعلٌ إقليمي ودولي على ثورات الربيع العربي التي تحرر المجتمع من الاستعمار المحلي لتنهي كل أشكال الاستعمار الغربي
مشيرا إلى أن المعركة مع الاستعمار الخارجي، أقل صعوبة من المعركة مع الاستعمار المحلي، لأنها مع وافد خارجي، يمكن جمع الصف الوطني ضده. ولكن المعركة مع الاستعمار المحلي، هي معركة داخلية، بين قطاع من المجتمع يرفض الاستعمار بكل صوره، ويبغي تحقيق التحرر الكامل، وبين قطاع آخر في المجتمع، يقوم بدور الاستعمار المحلي.
لذا فثورات الربيع العربي، هي حركة تحرر ضد الطبقة الاستعمارية المحلية التي تولت احتلال أوطان الأمة بالوكالة، بعد رحيل المستعمر الغربي. وهي أيضا ثورة تحرر، ضد الطابع الاستعماري للدولة، والذي جعلها تمارس مهمة الاستعمار، نيابة عن المستعمر الأصلي، الذي زرعها في أوطان الأمة العربية والإسلامية. ولقد مثل الانقلاب العسكري في مصر، فصلا من فصول انقلاب دولة الاستعمار المحلي على الربيع العربي. فالانقلاب العسكري، ليس شأنا محليا، بقدر ما هو انقلاب من قبل دولة الاستعمار، على ثورات الربيع العربي، التي تريد تحرير المجتمع من الاستعمار المحلي، لتنهي كل أشكال الاستعمار الغربي.
الخصائص الاستعمارية للدولة
وتساءل "حبيب" كيف استطاع المستعمر بناء دولة استعمارية، تقوم باحتلال المجتمعات نيابة عنه؟ موضحا أنه قد بنيت الدولة على عدة خصائص، جعلتها تمثل استعمارا محليا، لتصبح وكيلا عن المستعمر الخارجي، وليست وكيلة عن المجتمع. فعقد الوكالة الذي تأسست عليه الدولة، جعلها تتبنى خصائص المستعمر، بدلا من أن تتبنى خصائص المجتمع. هي إذن، دولة المستعمر، وليست دولة المجتمع، تلك الدولة التي استمرت بعد رحيل المستعمر الأجنبي، لتصبح أداته الرئيسة في الاستعمار غير المباشر لأوطان الأمة العربية والإسلامية. وعندما جاء الربيع العربي، بدأت المعركة بين مجتمع يتحرر، ودولة تفرض عليه الاستعباد.
ونبه "حبيب" إلى أن دولة الاستعمار المحلي، تبنى أساسا على الاستبداد، ولا يمكن أن تكون دولة ديمقراطية بأي معنى من المعاني، فهي دولة تسيطر على المجتمع، ولا تخضع له، وهي دولة تهيمن على المجتمع، ولا تعبر عنه. لذا كان الاستبداد، هو الأساس الذي بنيت عليه دولة الاستعمار المحلي.واستبداد دولة الاستعمار المحلي، لا يعني انفراد طبقة بالحكم، أو استبداد حاكم فقط، بل يعني فرض نظام حكم على المجتمع، يأتي من خارجه، ويحقق مصالح الخارج، ويفرض هيمنة الخارج. فليست المشكلة في الاستبداد الذي عانت منه بعض الدول، بل المشكلة في أنه استعمار لصالح الخارج، أداته الاستبداد.
تبعية تحقق الاستعمار الخارجي
لافتا إلى أنه لا يمكن بناء منظومة استبداد شامل، بدون أن ينتج عنها منظومة فساد شامل أيضا. والاستبداد يحمي الفساد، وأيضا فإن الاستبداد يبنى على الفساد، لأن الفساد هو الثمن الذي تشترى به طبقة الحكم المستبدة. مما يجعل الاستبداد والفساد، وجهين للسلطة الاستعمارية المحلية. ودولة الاستعمار المحلي هي دولة تابعة، بل إن تبعيتها هي المهمة الأصلية لها. فهي دولة تابعة للقوى الخارجية، وتعمل داخل منظومة التبعية الغربية، لأنها هي الدولة التي صممت لتحمي الهيمنة الغربية، وتحقق الاستعمار الخارجي غير المباشر. ولأنها دولة تابعة، لذا فإن الدولة تتحرك وفقا لما يفرض عليها من الخارج، وليس وفقا لما يفرضه عليها المجتمع. مما يجعل هيمنة الدولة على المجتمع أساسية، لأنها تفرض على المجتمع ما يحقق مصالح خارجية، وليس مصالح المجتمع.


•ثورات الربيع العربي حركة تحرر ضد الطبقة الاستعمارية المحلية التي احتلت أوطان الأمة بالوكالة بعد رحيل المستعمر الغربي
مضيفا لذا فالدولة التابعة دولة مستبدة دائما، وليس أحيانا، فهي تستخدم أدوات الاستبداد، لتفرض على المجتمع التبعية للخارج المهيمن. فدولة الاستعمار المحلي، تستعمر المجتمع نيابة عن القوى الخارجية المهيمنة، حتى يخضع المجتمع للهيمنة الخارجية عن طريق الدولة المستبدة. والدولة المستبدة التابعة، تكتسب هويتها وطبيعتها من الوكيل الخارجي الذي أسسها، والذي جعل منها وكيلا له. فهي تستمد هويتها من الهوية المفروضة عليها، من القوى الخارجية المهيمنة. لذا فالدولة التابعة، هي دولة قومية قُطرية علمانية، تستمد هويتها، لا من المجتمع، بل من القوى الخارجية التي تسيطر عليها.
وأوضح "حبيب" أن دولة الاستعمار المحلي، هي تلك الدولة التي تتميز بخصائص استعمارية، أهمها الاستبداد والفساد، والتبعية للخارج، والهوية الوافدة. فهي دولة يتم تشكيلها بتلك الخصائص، التي تجعلها وكيلا عن الخارج، وليست وكيلا عن المجتمع.
دولة التخلف
"وتحت عنوان "دولة التخلف" ذكر "حبيب" أن دولة الاستعمار المحلي، هي دولة تكرس التخلف، ولا تحقق التنمية أو التقدم، كما أنها لا يمكن أن تحقق النهوض الشامل، لأنها تفتقد لأهم خصائص التقدم والنهوض. فلا يمكن تحقيق التنمية والتقدم، إلا بالحرية واستقلال الإرادة الوطنية والخصوصية الحضارية. ففي ظل الاستبداد، لا مكان للحرية، وفي ظل الفساد، لا مكان للتنمية، وفي ظل التبعية لا مجال للحديث عن الاستقلال، وهو ضرورة لتحقيق التقدم. كما أن الدولة التي تتبنى هوية وافدة، لا تحقق النهوض، والذي يعتمد أساسا على الخصوصية الحضارية والتميز الثقافي.
لقد صنع الاستعمار الغربي دولة تُبقي الدول العربية والإسلامية متأخرة، وتمنع حدوث أي تقدم أو نهوض حقيقي لها، حتى تبقى تابعة له. وأصبحنا لا نواجه استبدادا سياسيا، بل استعمارا محليا، يقوم بدور الوكيل عن الاستعمار الخارجي، ويعمل لمصلحته.
والناظر إلى سياسات أول رئيس مدني منتخب في مصر بعد الثورة، يجد أنه اهتم بتحقيق الهوية المستقلة لمصر، والإرادة السياسية المستقلة، والتنمية والتقدم. لذا كانت سياسات الرئيس ضد سياسات الاستعمار المحلي، التي تتبناها الدولة. وتلك هي المسألة، أي جوهر أسباب حدوث الانقلاب العسكري. فدولة الاستعمار المحلي، تحمي التخلف، أي تحافظ على تخلف الدول العربية والإسلامية، حتى لا تحقق الاستقلال والنهوض. فالدولة التابعة، تبقي المجتمع متأخرا، حتى يظل تابعا، وحتى لا يحقق الاستقلال والتحرر، فلا تكون له هوية مستقلة أو إرادة مستقلة.
الانقلاب العسكري الغربي
ورصد "حبيب" أنه لم يكن الانقلاب العسكري في مصر، إلا فعلا إقليميا ودوليا بامتياز، فهو محاولة للحفاظ على المنظومة الإقليمية والدولية، التابعة للهيمنة الغربية، وهو أيضا حدث قصد منه، استعادة مصر للهيمنة الغربية، حتى لا تحقق التحرر الكامل، وتنهي حقبة الاستعمار المباشر وغير المباشر.
فالانقلاب العسكري، لم يكن ضد الإخوان المسلمين، بل كان ضد التحرر، وضد كل من يعمل من أجل التحرر. والانقلاب العسكري، جاء أساسا، لمنع تحرك مصر نحو الاستقلال الشامل، أي استقلال الإرادة السياسية، واستقلال الانتماء الحضاري.

•الاستعمار المحلي استلم مهمة الاستعمار الخارجي بعد نهاية مرحلة الاستعمار العسكري المباشر
وإذا كانت جماعة الإخوان المسلمين قد مثلت مشكلة خاصة، فذلك لأنها تتبنى مفهوم الاستقلال الشامل، أي الاستقلال الحضاري، وليس فقط الاستقلال السياسي. والمتابع لتاريخ المعارك مع الاستعمار الغربي، يجد أن التبعية الحضارية، كانت تقود إلى التبعية السياسية. فلا يمكن تحقيق الاستقلال السياسي، دون تحقيق الاستقلال الحضاري، لذا أصبحت كل الحركات التي تتبنى نهج الاستقلال الحضاري، تمثل خطرا حقيقيا على دولة الاستعمار المحلي. لهذا، أصبحت المعركة ضد الإخوان المسلمين، في حقيقتها، حربا على الاستقلال الحضاري الشامل. والدعم الإقليمي الذي حظي به الانقلاب العسكري، كشف عن انتماء الأنظمة السياسية في المنطقة إلى منظومة التبعية، مما جعلها تدافع عن وجودها، ضد أي تحول في الوضع الإقليمي، ينتج عن خروج مصر من دائرة التبعية.
والانقلاب العسكري، جاء تعبيرا عن دفاع طبقة الحكم الداخلية عن منظومة دولة الاستعمار المحلي، التي تحقق لها المكانة والمصالح والمكاسب، وعن دفاع الدول الخليجية عن المنظومة التابعة الحاكمة، وكذلك دفاع الدول الغربية، عن منظومة التبعية، التي أسستها في المنطقة العربية والإسلامية. ومع بداية الانقلاب العسكري، أصبحنا أمام مواجهة شاملة، بين مجتمع يحاول تحقيق التحرر، ودولة بنيت من أجل منع تحرر المجتمع. فلم يعد الحراك الثوري، محاولة للتخلص من الاستبداد الداخلي فقط، بل أصبح حراكا ضد دولة الاستعمار المحلي، وكل المنظومة التي تستند لها، إقليميا ودوليا.
خدعة حماية الدولة
ويرى "حبيب" أنه منذ بداية ثورة يناير، تردد كثيرا تعبير حماية الدولة من أطراف عدة، ولكن معنى هذا التعبير اختلف اختلافا كبيرا بين هذا الطرف وذاك. فهناك من كان يحاول حماية أجهزة الدولة، أي مؤسساتها، حتى لا تعم الفوضى، وهناك من كان يحاول الحفاظ على طبيعة الدولة. والدعاية التي روجت لوجود خطر على الدولة من جماعة الإخوان المسلمين، تعني أن الجماعة تمثل خطرا على دولة الاستعمار المحلي، أي الدولة التابعة. أما خطر انهيار مؤسسات الدولة، فهو أمر آخر، يتعلق بأهمية الحفاظ على المؤسسات وإصلاحها.

•الانقلاب يعبر عن دفاع طبقة الحكم الداخلية عن منظومة دولة الاستعمار المحلي التي تحقق لها المكانة والمصالح والمكاسب
وبيّن "حبيب" أنه بعد ثورة يناير، أصبحنا أمام تحدٍّ واضح له علاقة بطبيعة الدولة، حيث ظهر من يريد الحفاظ على طبيعة الدولة القائمة، ومن يريد تغييرها. فهناك من رأى أن الثورة تحرر الدولة، من التبعية ومن الطبيعة الاستعمارية، وتجعلها وكيلة عن المجتمع، وهناك من حاول الحفاظ على طبيعة الدولة التابعة، الوكيلة عن المنظومة الدولية الغربية. وإذا كان هدف حماية الدولة، يمكن أن يجمع الكل، فإن حماية طبيعة الدولة، يمثل أهم خلاف حول الثورة. فالثورة تحرر المجتمع، وبالتالي تحرر الدولة من أي تبعية. ولا يمكن تحقيق الحرية في ظل وجود دولة تابعة. كما أن الدولة التي لا تعبر عن المجتمع، لن تكون دولة مستقلة. ولا يمكن أن تنجح ثورة، ولا تصبح الدولة وكيلة عن المجتمع وتعبر عنه.

•شكلت دولة الاستعمار المحلي طبقة حاكمة لها.. تتمثل في قيادة المؤسسات المركزية خاصة الجيش والقضاء والشرطة
لهذا، فإن شعار حماية الدولة، الذي رفعته العديد من النخب، خاصة النخب العسكرية، كان يمثل تحديا لفكرة الثورة نفسها. فلا يمكن أن تبقى الدولة، التي رعت الاستبداد والفساد، كما هي بعد الثورة. ولا يمكن أن تنجح ثورة، دون تحرير الدولة، وتحقيق استقلالها السياسي والحضاري الكامل.

مجتمع دولة الاستعمار المحلي
وكشف "حبيب" أن دولة الاستعمار المحلي شكلت طبقة حاكمة لها، تتمثل أساسا في قيادة المؤسسات المركزية في الدولة، خاصة الجيش والقضاء والشرطة. كما شكلت دولة الاستعمار المحلي، النخبة الخاصة بها، والتي ارتبط وجودها بها، كما ارتبطت مصالحها بها. وشكلت دولة الاستعمار المحلي شبكات مصالح متعددة، تستفيد منها، وتعمل على حمايتها، وترتبط مصالحها بها. وشبكات المصالح، تمتد داخل مصر وخارجها، لتشكل المنظومة الإقليمية والدولية المستفيدة من دولة الاستعمار المحلي.
ويمكن القول: إن دولة الاستعمار المحلي، شكلت مجتمعها الخاص، الذي يديرها ويهيمن على السلطة والنفوذ، ويحقق مصالحه من خلالها. وأصبح مجتمع دولة الاستعمار المحلي، هو المحيط الحامي لها، والمدافع عنها، وهو السند الاجتماعي لها. ولم يكن الانقلاب العسكري، إلا حراكا من مجتمع دولة الاستعمار المحلي، للحفاظ على تلك الدولة، وحماية مصالحه ونمط حياته، وحماية النموذج الذي تكيف معه. فأصبحنا أمام معركة بين مجتمع الأقلية المستفيد من دولة الاستعمار المحلي، وأغلبية المجتمع، التي تمثل ضحايا تلك الدولة.

•مهما عملت آلة الدعاية والتضليل والإعلامي فإن مجتمع دولة الاستعمار المحلي "الاستبداد والفساد" مجتمع الأقلية
وتابع: ومهما عملت آلة الدعاية والتضليل والإعلامي، فإن مجتمع دولة الاستعمار المحلي، أي مجتمع دولة الاستبداد والفساد، هو مجتمع الأقلية. فكل الدول التابعة، يستفيد منها أقلية، أما ضحاياها فهم الأغلبية. لأن دولة التبعية، هي منظومة تسلب مقدرات الوطن، من أجل أقلية تحمي بقاء هذه المنظومة. وكل نماذج التبعية والاستعمار، هي نماذج تبنى من أجل منع الاستقلال والنهوض، لذا فإن ضحاياها هم الأغلبية. فدولة الاستعمار المحلي، هي دولة أقلية؛ ولو كانت دولة أغلبية، ما كانت استعمارية، ولا كانت تابعة، ولا كانت تحمل هوية وافدة.
معركة التحرير الشامل
وأكد "حبيب" أن الحراك الثوري يواجه في وجه الانقلاب العسكري عدة معارك، وليس معركة واحدة. فالحراك الثوري بعد الانقلاب العسكري، يواجه تحدي تحرير المجتمع أولا، من أجل تحرير الدولة في النهاية. فالمعركة لم تعد معركة تحقيق الحرية للمجتمع، بل تحرير المجتمع، من أجل تحرير الدولة من قبضة الاستعمار المحلي. فدولة الاستعمار المحلي، تخضع لطبقة الحكم المستبد، ولمجتمعها الخاص، وللقوى الخارجية المسيطرة عليها، والتي تعد الدولة وكيلة لها، تستعمر المجتمع لصالحها. لذا أصبح الحراك الثوري، يستهدف تحرير الدولة من طبقة الحكم، ومن مجتمع التبعية، ومن القوى الخارجية المهيمنة عليها.

•الحراك الثوري معركة تحرير من قبضة الاستعمار المحلي وسيطرة الأقلية لصالح الأغلبية.. ومن الهوية الوافدة للهوية الموروثة
مشددا على أنه لا يمكن تحرير الدولة، وإخراجها من نموذج الاستعمار المحلي، دون بناء مجتمع حر، له إرادة واعية وقادرة على تحقيق التحرير الكامل للمجتمع، حتى يتمكن من تحرير الدولة. فمعركة التحرير، التي يقودها الحراك الثوري، هي معركة الاستقلال الشامل للمجتمع والدولة معا.
ومعركة التحرير الشامل، هي معركة استقلال حضاري، كما أنها معركة استقلال الإرادة السياسية، فلا يمكن تحقيق استقلال الإرادة السياسية، في ظل أي شكل من أشكال التبعية الثقافية أو الحضارية. لذا فالحراك الثوري، لن ينتصر، إلا بالقضاء على كل أشكال التبعية، وتخليص الدولة من التبعية الخارجية. ولا يمكن تحرير الدولة، من قبضة التبعية للغرب، إلا بوجود المجتمع الثائر، القادر على تحرير الدولة، بعد أن يحرر إرادة المجتمع. فالمجتمع المستقل الحر، هو الذي يبني الدولة المستقلة. والمجتمع المتحرر من أي تبعية ثقافية أو حضارية، هو القادر على تحرير الدولة من كل أشكال التبعية.

•معركة التحرير الشامل هي معركة استقلال حضاري كما أنها معركة استقلال الإرادة السياسية
وأشار "حبيب" إلى أنه بعد الانقلاب العسكري، انقسم المجتمع، بين قطاع يؤيد دولة الاستعمار المحلي، أي دولة التبعية، وقطاع يرفض التبعية بكل أشكالها؛ لذا أصبحت معركة التحرر، هي معركة ضد قطاع مؤيد للتبعية، حتى لا يفرض تلك التبعية على المجتمع كله. والانتصار على التبعية، وتحقيق التحرر، يعني ضمنا، التحرر من حكم الأقلية التي سيطرت على دولة الاستعمار المحلي، واستفادت منها، أو تلك الأقلية التي تكيفت مع دولة الاستبداد والفساد. فالتحرر من سيطرة الاستعمار المحلي، تعني التحرر من حكم الأقلية، التي تقاوم الحراك الثوري، وتحاول إجهاض الثورة.
الخلاصة
وخلص "حبيب" إلى أن المعركة بعد الانقلاب العسكري توسعت لتصبح معركة ضد كل منظومة الاستعمار المحلي، التي قادت الثورة المضادة. وهي لهذا، معركة إقليمية ودولية، كما كان الانقلاب العسكري. فثورات الربيع العربي، ليست حركة تحرر من استبداد داخلي لطبقة حكم فقط، بل هي معركة تحرر ضد منظومة استعمارية خارجية، لها حلفاء في الإقليم وحلفاء محليون. فدولة الاستعمار المحلي، هي العقبة الأساسية أمام كل مشاريع التحرر والاستقلال والنهوض، لذا فإن معركة التحرر، التي يقودها الحراك الثوري، هي معركة تحرير الدولة من منظومة التبعية، التي جعلتها دولة استعمار محلي، تقوم باستعمار المجتمع بالوكالة عن المستعمر الخارجي. والحراك الثوري يمثل عملية تحرير للدولة من سيطرة الأقلية، لصالح الأغلبية، ومن الهوية الوافدة لصالح الهوية الموروثة، ومن التبعية لصالح الاستقلال. هي إذن، معركة شاملة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.