السيسي يهنئ البابا تواضروس بمناسبة عيد القيامة المجيد    جامعة المنيا تحقق معدلات مُرتفعة في سرعة حسم الشكاوى    تفاصيل مشروعات الطرق والمرافق بتوسعات مدينتي سفنكس والشروق    تعرف على أسعار الأسماك بسوق العبور اليوم السبت    رفع أطنان من المخلفات وصيانة أعمدة الإنارة في كفر الشيخ    بإجمالي 134 مليون جنيه، رئيس مياه سوهاج يتفقد مشروعات مدينة ناصر وجهينة    القاهرة الإخبارية: تقدم ملحوظ في مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة    كوريا الجنوبية: ارتفاع عدد الهاربين للبلاد من الشمال لأكثر من 34 ألفا    "3 تغييرات".. التشكيل المتوقع للأهلي ضد الجونة في الدوري المصري    إصابة 8 أشخاص في انفجار أسطوانة غاز بسوهاج    ضبط 37 مليون جنيه حصيلة قضايا إتجار بالنقد الأجنبي    الصحة السعودية تؤكد عدم تسجيل إصابات جديدة بالتسمم الغذائي    «البدوي»: الدولة تتبنى خطة طموحة للصناعة وتطوير قدرات العمال    محافظ الوادي الجديد يهنئ الأقباط بمناسبة عيد القيامة المجيد    حملات لرفع الإشغالات وتكثيف صيانة المزروعات بالشروق    عاجل| مصر تكثف أعمال الإسقاط الجوي اليومي للمساعدات الإنسانية والإغاثية على غزة    روسيا تسقط 4 صواريخ أتاكمز أوكرانية فوق شبه جزيرة القرم.    إندونيسيا: 106 زلازل ضربت إقليم "جاوة الغربية" الشهر الماضي    مصرع 14 شخصا إثر وقوع فيضان وانهيار أرضي بجزيرة سولاويسي الإندونيسية    جيش الاحتلال يقصف أطراف بلدة الناقورة بالقذائف المدفعية    «الرعاية الصحية» تعلن خطة التأمين الطبي لاحتفالات عيد القيامة وشم النسيم    صافرة كينية تدير مواجهة نهضة بركان والزمالك في نهائي الكونفدرالية    عفروتو يرد على انتقادات «التقصير والكسل»    وزير المالية: الاقتصاد بدأ بصورة تدريجية استعادة ثقة مؤسسات التصنيف الدولية    «الإسكان»: دفع العمل بالطرق والمرافق بالأراضي المضافة حديثاً لمدينتي سفنكس والشروق    أمر اداري لمحافظ الأقصر برفع درجة الاستعداد بالمراكز والمدن والمديريات فترة الاعياد    «أتوبيسات لنقل الركاب».. إيقاف حركة القطارات ببعض محطات مطروح بشكل مؤقت (تفاصيل)    سفاح فى بيتنا.. مفاجآت فى قضية قاتل زوجته وابنه    "دفنوه على عتبة بيتهم".. أبوان يقيدان ابنهما ويعذبانه حتى الموت بالبحيرة    "تطبيق قانون المرور الجديد" زيادة أسعار اللوحات المعدنية وتعديلات أخرى    5 ملايين جنيه إيرادات أفلام موسم عيد الفطر أمس.. السرب في الصدارة    تامر حسني يوجه رسالة لأيتن عامر بعد غنائها معه في حفله الأخير: أجمل إحساس    طرح البوستر الرسمي لفيلم «بنقدر ظروفك» وعرضه بالسينمات 22 مايو    برج «الحوت» تتضاعف حظوظه.. بشارات ل 5 أبراج فلكية اليوم السبت 4 مايو 2024    ما حكم الإحتفال بشم النسيم والتنزه في هذا اليوم؟.. «الإفتاء» تُجيب    إيرادات فيلم السرب على مدار 3 أيام عرض بالسينما 6 ملايين جنيه ( صور)    «القومي للمرأة» يشيد بترجمة أعمال درامية للغة الإشارة في موسم رمضان 2024    هل بها شبهة ربا؟.. الإفتاء توضح حكم شراء سيارة بالتقسيط من البنك    أسعار البيض اليوم السبت في الأسواق (موقع رسمي)    الصحة توجه نصائح هامة لحماية المواطنين من الممارسات الغذائية الضارة    رئيس هيئة الدواء يشارك في اجتماع «الأطر التنظيمية بإفريقيا» بأمريكا    عمرو وردة يفسخ تعاقده مع بانسيرايكوس اليوناني    تشكيل أرسنال المتوقع أمام بورنموث| تروسارد يقود الهجوم    بايدن يتلقى رسالة من 86 نائبا أمريكيا بشأن غزة.. ماذا جاء فيها؟    محمود بسيوني حكما لمباراة الأهلي والجونة في الدوري    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    إسماعيل يوسف: «كولر يستفز كهربا علشان يعمل مشكلة»    حفل ختام الانشطة بحضور قيادات التعليم ونقابة المعلمين في بني سويف    مصرع شاب في حادث اليم بطريق الربع دائري بالفيوم    سبت النور.. طقوس الاحتفال بآخر أيام أسبوع الآلام    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    دعاء الستر وراحة البال .. اقرأ هذه الأدعية والسور    عضو «تعليم النواب»: ملف التعليم المفتوح مهم ويتم مناقشته حاليا بمجلس النواب    دينا عمرو: فوز الأهلي بكأس السلة دافع قوي للتتويج بدوري السوبر    دعاء الفجر مكتوب مستجاب.. 9 أدعية تزيل الهموم وتجلب الخير    طبيب يكشف سبب الشعور بالرغبة في النوم أثناء العمل.. عادة خاطئة لا تفعلها    أخبار التوك شو| مصر تستقبل وفدًا من حركة حماس لبحث موقف تطورات الهدنة بغزة.. بكري يرد على منتقدي صورة حسام موافي .. عمر كمال بفجر مفاجأة    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دراسة ل د.رفيق حبيب: سلطة الانقلاب ستواجه لحظة حساب عسيرة


القمع ينهي أي فرصة للحوار وتحقيق المصالحة
خلص المفكر والباحث السياسي د.رفيق حبيب في دراسة حديثة له عنوانها "هل المعركة صفرية؟ تداعيات الانقلاب" إلى أنه ربما لم يعد من الممكن تجنب المعركة الصفرية، وأن هذا هو ما تشير له الوقائع على الأرض. مما يعني أن فرص الحل السياسي التي تؤدي إلى مصالحة وطنية شاملة، تتضاءل تدريجيا. لتصبح معركة الثورة، هي معركة بين تيار يناضل من أجل الحرية وتيار آخر يتنازل عن الحرية من أجل العلمانية أو المصالح.
وأكد أنه لم تعد المعركة مع قيادة الانقلاب، بل أصبحت معركة مع شبكات واسعة ساندت الانقلاب، كما ساندت الاستبداد قبل الثورة. مما يجعل المعركة ذات أساس اجتماعي واضح، ويجعلها معركة بين مكونات المجتمع.

ونبه إلى أنه كلما تمادى القمع والتضليل والتشويه الإعلامي، وتمادت آلة التعذيب والقتل والاعتقال، تصبح المعركة وجودية، وتصبح معركة صفرية. مما يعني أن تحقيق صيغة لا غالب ولا مغلوب، لم تعد ممكنة. فقد يكون الأوان قد فات، ولم يعد من الممكن تجنب نهاية المعركة بانتصار طرف على آخر، فيكون هناك غالب ومغلوب، كما حدث في لحظة الانقلاب العسكري.
لافتا إلى أنه إذا استمرت المعركة الصفرية، فإن من رفض قبول الاحتكام للعملية الديمقراطية، وأيّد الخروج عليها، سوف يكتشف أن حصر الخلاف داخل الآلية الديمقراطية كان أفضل، وأن تقويض العملية الديمقراطية، جعل المعركة في الشارع، وأصبحت تحسم في الشارع.

وفيما يلي عرض لأهم القضايا التي تضمنتها الدراسة:
أشار "حبيب" بداية إلى أن كل معارك الثورات، هي معركة بين التحرر والاستبداد، فهي إذن معركة صفرية مع الاستبداد. فالثورة تنجح عندما تُسقط نظام الحكم المستبد، وتبني نظاما يستعيد حرية المجتمع كاملة. والثورة تنجح عندما تتغلب قوى التحرر على قوى الاستبداد. فالمعركة بين التحرر والاستبداد صفرية، أي فيها غالب ومغلوب.
ولكن برأيه تظل معركة الثورة محصورة فقط في الطبقة الحاكمة المستبدة، والتي تسقط عندما تنجح الثورة، ويصبح كل المجتمع غالبا ومنتصرا، وتهزم الطبقة الحاكمة المستبدة. ولكن عندما تتوسع معركة الثورة المضادة، تدخل الثورة في مرحلة مختلفة، حيث لا تقتصر معركتها مع طبقة الحكم المستبدة فقط.

ورصد "حبيب" أن الثورة المصرية قد واجهت عدة تحديات كبرى، من أهمها رفض القيادة العسكرية التكيف مع مرحلة الثورة والتحول الديمقراطي، ورغبتها في الحفاظ على وضعها ووضع المؤسسة العسكرية كما كانت قبل الثورة. فالقيادة العسكرية لم تقبل بالتحول الديمقراطي، فأدخلت المؤسسة العسكرية في المعركة.

* كلما تمادى القمع والتشويه الإعلامي وآلة التعذيب والقتل والاعتقال تصبح المعركة وجودية
وتوسعت شبكة الثورة المضادة قبل الانقلاب العسكري، لتشمل الدولة العميقة، أي قيادات أجهزة الدولة وشبكات المصالح داخل الدولة، وأيضا شبكات المصالح المرتبطة بها خارج الدولة وخارج مصر. حتى باتت أغلب أجهزة الدولة منخرطة في الثورة المضادة.
الانقلاب وتغير المعركة
يرى "حبيب" أن المعركة بين الثورة والثورة المضادة ظلت تدور بين قوى الثورة وقوى نظام ما قبل الثورة، حتى جاء الانقلاب العسكري مستندا على تحالف واسع، أدى عمليا إلى توسيع جبهة معركة الثورة، لتصل إلى أقصى حد لها. فلم تعد معركة مع الطبقة الحاكمة المستبدة، بل معركة مع كل تحالف الاستبداد في المجتمع.
فقد ضم الانقلاب العسكري كل أجهزة الدولة، وسخرها لتثبيت سلطة الانقلاب، كما اعتمد الانقلاب على مؤسسات الجيش والقضاء والشرطة لمواجهة الحراك الثوري. كما ضم الانقلاب العسكري أغلب شبكات رجال الأعمال ووسائل الإعلام، وكل القطاعات المرتبطة بنظام ما قبل الثورة، وأيضا كل الشرائح المرتبطة بشبكات المصالح.
وضم تحالف الانقلاب العسكري، كل الكتل العلمانية والمسيحية أو أغلبها، ومعها العديد من الأحزاب والرموز العلمانية، مما جعل قاعدة الاستبداد تتوسع لأكبر حد لها. فالانقلاب العسكري حوّل طبقة الحكم المستبدة إلى شبكة واسعة مسيطرة على الدولة والاقتصاد، ومستندة على قاعدة جماهيرية مشكلة من كتل عديدة غير متجانسة.
معركة غالب ومغلوب
وتحت عنوان "معركة غالب ومغلوب" قال "حبيب" إنه في لحظة بداية الانقلاب العسكري، دخلت مصر عمليا في معركة غالب ومغلوب، وهي أخطر معركة يمكن أن يتعرض لها وطن. فقد انتصرت القوات المسلحة لفريق من المجتمع ضد فريق آخر، مما دشن بداية المعركة الصفرية، حيث أصبح هناك غالب ومغلوب.

* الانقلاب أدخلنا بمعركة صفرية فيها غالب ومغلوب وهي أخطر معركة يمكن أن يتعرض لها وطن
وأخطر ما قامت به القوات المسلحة، ولأول مرة في تاريخها الحديث والمعاصر، أنها تدخلت في معركة سياسية بين تيارين، ودخلت في معركة الثورة مع طبقة الحكم المستبد، مما جعل القوات المسلحة تنصر فريقا على آخر، في سابقة تاريخية، جعلت قيادة القوات المسلحة في قلب معركة صفرية.
وبين "حبيب" أن المعركة مع طبقة الحكم المستبد، ترتبط أساسا بقيادات النظام المستبد، والرموز الأساسية له، كما ترتبط بالعناصر الفاعلة وصاحبة القرار في هذا النظام. ولكن توسيع المعركة، يدخل كل من استفاد من منظومة الاستبداد، وكل من لا يريد التغيير، كما يدخل كل الامتداد الاجتماعي لشبكات النظام المستبد.

وتوسيع معركة الثورة، ليدخل فيها كل من يؤيد الحل العلماني، وكل من يعادي القوى الإسلامية، وكل من له خصومة مع جماعة الإخوان المسلمين، يجعل المعركة بين قطاعات في المجتمع، مما يجعل المعركة مجتمعية، وفي الوقت نفسه معركة صفرية، وهو أخطر ما تواجهه مصر.

وبحسب "حبيب" الانقلاب العسكري، وضع مصر أمام حالة نزاع أهلي بين كتلتين من المجتمع، كتلة تؤيد التحرر الكامل، وكتلة تؤيد سلطة الانقلاب العسكري. فلم تعد المعركة محصورة بين قادة الانقلاب والثوار، بل أصبحت معركة بين قطاعين في المجتمع.
وعندما تصبح المعركة صفرية، وبين قطاعات في المجتمع، فإن ذلك يعني أننا أمام معركة داخل المجتمع، فيها غالب ومغلوب، ويصعب أن تنتهي لصالح كل المجتمع، وأن يكون الجميع غالبا فيها، ودون أن يكون طرف من المجتمع مهزوما.

الهروب إلى الأمام
ورصد "حبيب" أنه لم يكن من الحتمي أن تتحول المعركة بعد الانقلاب العسكري إلى معركة صفرية، إذا توفرت الظروف التي تتيح العديد من البدائل أمام الجميع، بحيث يمكن الوصول إلى حلول لا تقوم على قاعدة غالب ومغلوب بين مكونات المجتمع، ويكون الغالب فقط هو الحرية، والمغلوب هو الاستبداد، وليس قطاعات من المجتمع.

* أخطر ما قامت به القوات المسلحة في سابقة تاريخية تدخلها في معركة سياسية جعل قيادتها في قلب معركة صفرية
لكن سلطة الانقلاب اتبعت سياسة الهروب إلى الأمام، وحشد أنصارها في كل لحظة تواجه فيها تحدي الحراك الثوري. فاعتمدت سلطة الانقلاب على التمادي المستمر في سياسة القمع، حتى وصلت إلى حدود غير مسبوقة تاريخيا، فأصبح الحراك الثوري يواجه موجات قمع وقتل واعتقال وتعذيب، تفوق التصور.
لافتا إلى أنه كلما تمادت سلطة الانقلاب في القمع، أصبح أمام الحراك الثوري طريق واحد فقط، وهو إسقاط منظومة الاستبداد والفساد برمتها، واستكمال طريق الثورة الكاملة. فالقمع الدموي، ينهي أي فرصة للحوار والتفاوض لتحقيق المصالحة المجتمعية، ولا يبقي إلا حلا واحدا، وهو التفاوض لتسليم السلطة للثوار.

وأوضح "حبيب" أن سلطة الانقلاب، تستدعي الكتل المؤيدة لها في مواجهة الحراك الثوري، حتى يصبح نزاعا أهليا، وحتى تتصدى الكتل المؤيدة للانقلاب للحراك الثوري، خاصة مع فشل أجهزة الأمن في التصدي للحراك الثوري. واستدعاء الكتل المؤيدة للانقلاب لمواجهة الحراك الثوري، يعمق الجانب المجتمعي للنزاع، ويفشل أي محاولة لفك الارتباط بين النزاع الأهلي ومعركة التحرر.
ومع سياسة التمادي والهروب إلى الأمام، تورطت أجهزة الدولة والعديد من قياداتها، ومعها وسائل إعلام، وأطراف إقليمية ودولية، في المواجهة ضد الحراك الثوري، مما جعل الأطراف المنخرطة في المعركة، والتي تتحمل مسئولية السياسة القمعية الدموية تتسع، وكأن سلطة الانقلاب تتبع سياسة توريط كل من تحمي مصالحه، حتى لا تقع المسئولية على قادة الانقلاب فقط.

استئصال التيار الإسلامي
قال "حبيب" إن خطة الانقلاب العسكري قامت على استئصال القوى الإسلامية من المشهد السياسي، خاصة جماعة الإخوان المسلمين، حتى تتمكن سلطة الانقلاب من فرض النظام السياسي العسكري، لأنها تدرك أن القوى الإسلامية، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين، لها قاعدة شعبية يمكن أن تفشل مخطط الانقلاب.
واستندت خطة الانقلاب العسكري، على الحفاظ على دولة الاستبداد التي كانت قائمة قبل ثورة يناير، وهي دولة قومية قُطرية علمانية، تمثل دولة تابعة للمنظومة الغربية. ولذلك اعتبر قادة الانقلاب، أن القوى الإسلامية، خاصة جماعة الإخوان، تمثل تهديدا للطابع القومي العلماني للدولة.
ولأن سلطة الانقلاب اعتمدت سياسة الهروب إلى الأمام، أي التمادي في القمع.. كما رصد "حبيب، لذا فإنها اتخذت كل السياسات والإجراءات، من أجل إقصاء جماعة الإخوان المسلمين كليا من المشهد السياسي والاجتماعي، كما عملت على السيطرة على كل الأنشطة الإسلامية، الاجتماعية والدعوية وغيرها.

وخلص إلى أن سلطة الانقلاب أصبحت تهدف إلى إقصاء التيار الإسلامي من المشهد السياسي، وتحتفظ بغطاء إسلامي من القوى أو الرموز التي تتحالف معها، حتى تخفي معركة استئصال المشروع الإسلامي سياسيا واجتماعيا. وهو ما جعل سلطة الانقلاب، تعمل على تجفيف منابع المشروع الإسلامي، وهو ما يجعلها تسيطر كليا على المجال الإسلامي بكل مكوناته.

* كلما تمادى الانقلاب في القمع أصبح أمام الحراك الثوري هو إسقاط منظومة الاستبداد
وعملية إقصاء التيار الإسلامي، جعلت الانقلاب العسكري، يمثل عملا ضد التيار الإسلامي ولصالح التيار العلماني، مما جعل المعركة السياسية بين التيارين الإسلامي والعلماني، تصبح معركة صفرية، بعد أن نصرت قيادة القوات المسلحة التيار العلماني على التيار الإسلامي بقوة السلاح.
ومع استمرار القمع الدموي، واستمرار التأييد العلماني الذي تحظى به سلطة الانقلاب العسكري، تتضاءل مساحة المعركة السياسية بين التيارين الإسلامي والعلماني، لتصبح معركة ثورية بين الحرية والاستبداد، مما يجعل معركة التيارين الإسلامي والعلماني، تدخل مرحلة معركة الغالب والمغلوب.
المعركة الوجودية
وتحت عنوان "المعركة الوجودية" قال "حبيب" من الملاحظ أن سلطة الانقلاب اندفعت منذ اللحظة الأولى لتحقيق النصر الكامل، وكلما اكتشفت أنها لم تتمكن من تحقيق نصر كامل ونهائي، تندفع أكثر في سياستها القمعية. وهو ما يجعل المعركة تتحول إلى معركة وجودية، بين طرفين، يصبح وجود كل طرف منهما مرتبطا بانتصاره على الطرف الآخر.
موضحا أن سلطة الانقلاب، وكل من تعاون معها، أصبحت مهددة بلحظة حساب عسيرة، عندما يسقط الانقلاب، لذا فكل الأطراف الفاعلة في الانقلاب العسكري، تحارب في معركة وجود. وفي الوقت نفسه، فإن قاعدة الحراك الثوري، دفعت بالفعل ثمن الثورة الكاملة، وثمن الحرية الكاملة، وأصبحت تعتبر معركة التحرر، هي معركة وجودية بالنسبة لها.

ومع الانتقال من مرحلة إلى أخرى من معارك المواجهة بين الحراك الثوري والانقلاب العسكري، تتحول المعركة إلى معركة وجود، ومعركة صفرية، ومعركة فيها غالب ومغلوب. فمرور الوقت يقلل من فرص التوصل إلى حلول، لا تجعل داخل الوطن غالبا ومغلوبا، وتقصر المعركة مع قادة الانقلاب.

* المعركة صفرية لأن قيادة القوات المسلحة نصرت التيار العلماني على التيار الإسلامي بقوة السلاح
مضيفا، فمعركة التحرر تقوم ضد كل رموز السلطة المستبدة وكل أدواتها، وكل من يشارك في القتل والقمع والاعتقال والتعذيب، ولكن سلطة الانقلاب وسعت من دائرة شركائها لتحتمي بهم، وكلما شعرت بالخطر توسع من شركاء الانقلاب، بحثا عن مخرج، مما يعني أن سلطة الانقلاب تورط أطرافا أكثر في المعركة الوجودية، حتى تحمي نفسها.

مثلث الثورة والديمقراطية والهوية
وكشف "حبيب" أن الانقلاب العسكري كان هو ذروة الثورة المضادة، التي استهدفت تقويض الثورة بالكامل، وتقويض الديمقراطية، وأيضا تقويض الهوية الإسلامية. فواقعة الانقلاب العسكري، جمعت بين الثورة والديمقراطية والهوية الإسلامية، وربطت بين هذه العناصر الثلاثة، حتى بات الفصل بينهم غير ممكن.
والربط بين الثورة والديمقراطية والهوية الإسلامية، غير مسار معركة الثورة، فأصبحت ليست ثورة تدعو للتحرر فقط، كما كانت في يناير 2011، بل أصبحت ثورة تستهدف تحقيق التحرر والديمقراطية، والانتصار للهوية الإسلامية.

مشيرا إلى أن موقف القيادة العسكرية وكذلك القوى العلمانية، هو الذي ربط بين الثورة والهوية الإسلامية، عندما تم تقويض الديمقراطية، من أجل تقويض الثورة والهوية الإسلامية معا. لذلك لم يعد أمام الحراك الثوري، إلا الدفاع عن الثورة والديمقراطية والهوية الإسلامية معا.
مؤكدا أن معركة الثورة، هي معركة وجودية بين الاستبداد والتحرر، وكذلك معركة الديمقراطية. فمعركة التحرر، تمثل معركة صفرية مع الاستبداد، وكل الطبقة المستبدة، فلا يوجد نصف ثورة أو نصف حرية، فإما الحرية الكاملة أو الاستبداد.

* سلطة الانقلاب تخفي معركة استئصال المشروع الإسلامي سياسيا واجتماعيا وتعمل فعليا على تجفيف منابعه
ولكن معركة الهوية، يمكن أن تكون معركة تفاعلية، تأخذ شكل التنافس أو الصراع السياسي، حتى تستقر هوية النظام السياسي الجديد بعد التحرر. وواقعة الانقلاب العسكري، حولت معركة الهوية إلى معركة وجودية بين هويتين، فإما تنتصر الهوية الإسلامية، أو تنتصر الهوية العلمانية.

ويرى "حبيب" أنه عندما يصبح انتصار الثورة مرتبطا بانتصار الهوية الإسلامية، تصبح المعركة بين تيارين في المجتمع، لكل منهما قاعدة شعبية مساندة له، أيا كان حجم هذه القاعدة. ولأن الهوية العلمانية قبل الانقلاب وبعده، ارتبطت بالدولة العسكرية والاستبداد، لذا أصبحت معركة التحرر، هي معركة صفرية مع العلمانية المستبدة.
ولم يعد من الممكن فصل المعركة مع قيادة الدولة العسكرية، وقيادات الدولة العميقة، عن المعركة ضد العلمانية المفروضة على المجتمع. ولم يعد أيضا من الممكن فصل المعركة مع قيادة الانقلاب العسكري، عن القاعدة الشعبية التي تساندها من أجل فرض العلمانية.

توابع المعركة الصفرية
ونبه "حبيب" إلى أنه عندما تتحول الثورة إلى معركة صفرية، فمعنى ذلك أنها أصبحت معركة بين تيارين في المجتمع، أي معركة بين مكونات المجتمع. مما يعني، أن انتصار الثورة، أصبح انتصارا لفريق من المجتمع على فريق آخر، مثلما كان الانقلاب العسكري، انتصارا لفريق على فريق.
وفي كل الأحوال، فإن المعارك الاجتماعية التي تنتهي دون غالب أو مغلوب، تحافظ على بنية المجتمع، وتمنع حدوث تمزق في نسيجه الاجتماعي. ولكن كل المعارك التي تنتهي بغالب ومغلوب، تؤثر على بنية المجتمع تأثيرا كبيرا، وتعيد تشكيل بنية المجتمع من جديد.

موضحا أن الحراك الثوري في يناير 2011، كان حراكا ضد الاستبداد، ولم يؤدِ إلى غالب ومغلوب على المستوى الاجتماعي. وبعد بداية التحول الديمقراطي، ظهر الانقسام السياسي، والذي كان يجب أن يدار فقط من خلال آلية العمل الديمقراطي، باعتبارها آلية لإدارة الاختلاف. وما ينتج عن العملية الديمقراطية، يؤدي إلى انتصار خيار على آخر، ولكن داخل عملية سياسية منظمة، تعطي فرص متساوية للجميع.
وبعد الانقلاب العسكري، تم تقويض الديمقراطية، وتقويض فرصة إدارة الخلاف من خلال آلية سياسية منظمة. مما دفع البلاد إلى نزاع أهلي، حيث تحول الانقسام السياسي، إلى نزاع أهلي أشعله تدخل القوات المسلحة مع فريق ضد فريق.
فالمشكلة برأيه التي يواجها الحراك الثوري، هو أنه أصبح في معركة مع قيادة منظومة الاستبداد، وشبكاتها المختلفة، وأيضا مع قواعد اجتماعية تساند منظومة الاستبداد، ومع تكوينات اجتماعية مهنية في مؤسسات الدولة وامتدادها العائلي، وأيضا مع قواعد اجتماعية تعادي المرجعية والهوية الإسلامية.

وانتهى "حبيب" إلى أن سلطة الانقلاب العسكري، اندفعت منذ اللحظة الأولى لتحقيق نصر كاسح على تيار في المجتمع، مما جعلها تغلق كل السبل أمام أي حل سياسي، لأنها كانت تريد تحقيق النصر الكامل، بدعم وضغط من الحليف الإقليمي خاصة. وهو ما جعل المعركة تتحرك سريعا نحو المعادلة الصفرية.
لذا أصبحت معركة الثورة، ليست فقط معركة سياسية، بل أيضا معركة اجتماعية، تدور فعليا بين قوى الاستبداد، والقواعد الجماهيرية المؤيدة للاستبداد أو المستسلمة له، كما تدور أيضا بين تيار يطالب بالتحرر ويرفع الهوية الإسلامية، وتيار يفضل الاستبداد العلماني، على الديمقراطية الإسلامية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.