حين يصل منتخب لنهائي كأس الأمم الأوروبية فجدارته بالتتويج أكيدة تماما مثل منافسه، ولذا فإن الفيصل يعلق في تفاصيل طفيفة تحدد هوية البطل. وبعد ما تبعناه من متعة وإثارة في يورو 2008 نلقي نظرة على بواطن القوة والضعف في طريقة ألمانياوإسبانيا لنعيش نهائي متعته لا تتكرر إلا كل أربعة أعوام. بداية فإن حظوظ ألمانياوإسبانيا متساوية تماما، ويرجع ذلك للقدر الذي أصاب ديفيد بيا وحرم الإسبان منه. فبالرغم من أن مهارته التي تساوي وزنها ذهبا، إلا أن إصابة بيا ستجبر المدير الفني الإسباني لويس أراجونيس على إشراك فرانسيسك فابريجاس ما فيه تكثيف للوسط. فقبل مباراة إسبانياوروسيا في قبل النهائي، قناعتي كانت أن ألمانيا ستتوج باللقب في حال مواجهة أبناء أراجونيس. السر أن طريقة لعب المدير الفني الألماني يواخيم لويف التي تعتمد على المرتدات وتكثيف عمق الملعب تتوافق إيجابياتها مع سلبيات إسبانيا. فإسبانيا حين تلعب برأسي حربة تتفوق هجوما لأن الثنائي بيا وفرناندو توريس يتحركان على الدوام بلا انتظار للفرص ما يجعل دفاع الخصم يعيش دقائق صعبة. ولكن وجود رباعي إسباني بلا تعليمات دفاعية هم بيا وتوريس وديفيد سيلفا وأندريس إنيستا يمثل عبئا على الوسط، ما ينتج عنه مساحات بين ماركو سينا وشابي هرناندز. أضف لذلك أن عدم التجانس بين كارليس بويول ومارشينا في قلب الدفاع يجعل خط ظهر إسبانيا يفضل عدم التقدم حتى لا يخطأ، ما يفتح مسافة أخرى بين سينا والدفاع. كل تلك المساحات التي ظهرت جليا في لقاء السويد كانت تقف في صالح ألمانيا، لولا إصابية بيا. مع إصابة بيا سيحل سيسك في وسط الملعب، ليوقف نقطة القوة التي ميزت ألمانيا على البرتغال وهي الدفاع المتأخر والضغط على طرفي الملعب لبدأ الهجمات المرتدة. فقد ينخدع البعض في ضعف ألمانيا أمام تركيا، لكن الحقيقة أن تعديل لويف طريقة اللعب ل4-5-1 يجعل بلاده منازلا صعبا في مواجهة الكبار، لكنها تخفق أمام الصغار. الفارق أن برتغال كمنتخب كبير يفضل المباغتة بالهجوم، وهو ما كشف مساحات في دفاعه أنجحت مخطط الألمان في الاعتماد على المرتدات. أما تركيا فلم تندفع بشكل كبير لإدراكها مدى قوة ألمانيا، وبالتالي ظهرت الماكينات بلا أنياب فدخل المنافس أجواء اللقاء وبات ندا حقيقيا. كما أن وجود سيسك يمنح شابي هرناندز حرية حركة تجعله أقرب لصانع لعب منه لمتوسط ميدان دفاعي، وهو ما كان مفتاح الفوز على روسيا. فسيسك أسرع لاعب وسط يصل لمنطقة جزاء الخصم، ما يجعله أفضل من شابي في مجاورة سينا، كما يملك شابي عين سحرية في قراءة الملعب ليصبح أميز كصانع لعب. العيب الوحيد الذي يمكن أن يسببه سيسك لبلاده هو أن وسط الملعب سيزدحم بعشرة لاعبين ما قد يزيد نسبة الركلات الحرة ميزة الألمان الأساسية وعيب إسبانيا الأكبر. وفي المقابل، فإن المنتخب الألماني تظهر فيه نقطة ضعف واضحة من بداية البطولة وحتى الآن لم يعالجها لويف، وهي المساحات الشاسعة خلف ظهيره الأيسر. فالعديد من لقطات البطولة أخرها هدف تركيا الثاني شهدت أن فيليب لام لا يجد من يحمي ظهره، والنتيجة قد تؤدي بحظوظ المانشافت في نهائي البطولة. سبب ذلك يرجع لأن قلبي الدفاع لا يضغطان خلف الظهيرين كما أن ثلاثي الارتكاز يستقر في العمق من دون دعم للأطراف. فعلى كريستوفر ميتزلدر التقدم خلف لام ليغلق المساحة الشاغرة مع التزام توستن فرينجز بمساندة بيير ميرتزاكر في قلب الدفاع في حال تراجع المنتخب للدفاع. وفي النهاية كنت أتمنى ألا تنتهي البطولة، ولكن عزائي الوحيد أني استمتعت مع كل لقاء شاهدته وكل لقطة أنستني "همي" المحلي.