في الوقت الذي يقترب فيه منتخب مصر من التأهل لكأس الأمم الإفريقية 2017، نجح منتخب مصر للكرة النسائية أيضا في إنهاء غياب امتد 18 عاما عن المشاركات القارية. تأهل منتخب مصر للكرة النسائية إلى كأس الأمم الإفريقية التي تستضيفها الكاميرون في نوفمبر المقبل، بعد تجاوز ليبيا وكوت ديفوار في التصفيات. ولأنها لعبة ترتبط أكثر بالرجال، لا يمكن أن تشعر بأن ما تحقق إنجازا فعلا أو شيء قد يهم غير اللاعبات أو عائلاتهن لو اهتموا. حب الرجال لكرة القدم يصل إلى الغيرة، فقد لا يجد مشاكل في رؤية فريق نسائي لأي لعبة أخرى ككرة اليد أو الطائرة أو السلة، ولكن الأزمة في تقبل فريق كرة قدم من البنات. لذلك أبطال هذا التقرير هم اللاعبات أنفسهن، ومنه سنعرف إذا ما كان هذا التأهل إنجازا فعلا أم شيء لا يستحق عناء الاهتمام. البداية ليس من الطبيعي أن تقابل في حياتك فتيات علاقتها بكرة القدم تمتد لأكثر من التشجيع، وهذا تحديدا لم يظهر بالصورة الحالية قبل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي. لن تجد بنات تلعب كرة القدم في الشارع أو في النادي إلا نادرا جدا، ولو وجدت على الأغلب لن تلفت نظرك المهارات أكثر من السخرية. كيف يمكن لفتاة أن تكتشف موهبتها في كرة القدم ثم تتخذ قرارا بتطويرها بشكل احترافي فعلا؟ تجيب سارة الحاوي قائد منتخب مصر السابقة والتي اتجهت للتدريب بعد الاعتزال "الآن أصبحت ممارسة البنات لكرة القدم أسهل، بسبب العدد الكبير للأكاديميات الخاصة والتي لا تشترط الخضوع لاختبارات. الكل يتدرب بمقابل مادي وإذا أعجب المدرب بموهبة أي لاعبة قد يعرضها على ناد". "أتذكر في السابق أن المسؤولين كانوا يتمنوا أن يجدوا فتيات تريد لعب كرة القدم". ولكن بداية نورهان عمرو لاعبة منتخب مصر حاليا، كانت فعلا مثل أي لاعب "رجل" مع كرة القدم. تحكي لاعبة نادي الطيران صاحبة ال19 عاما "لعبت كرة القدم في الشارع والمدرسة وبعدها هناك من اقترح على والدتي أن تقدم لي في نادي الطيران، والحقيقة أن والدتي كان أكثر من يساندني في مشواري". "أحب ليونيل ميسي وأبو تريكة مثل أي شخص، ولكن في الكرة النسائية أفضل الأمريكية أليكس مورجان". الاحتراف حسنا، وصلنا هنا إلى مرحلة اللعب في الأندية. والحقيقة أن الدوري المصري للكرة النسائية ليس بالشكل الاحترافي الذي قد يشعر أي لاعبة بطفرة في مستواها. الدوري هنا من مجموعتين وتضم كل مجموعة 6 فرق، فريقا الطيران ووادي دجلة على رأس كل مجموعة وينهيان المسابقة فائزين بكل المباريات. أي أن ممارسة كرة القدم للنساء فعليا ليست خارج ناديي الطيران ووادي دجلة. وهذا ما يتحدث عنه محمد مصطفى مدرب منتخب مصر للكرة النسائية، والذي عمل مساعدا لإسماعيل يوسف في الجونة والإنتاج الحربي وقاد فريق 1999 في الزمالك قبل العمل لأول مرة مع غير الرجال في هذه اللعبة. يقول مصطفى: "الدوري المصري لا يمكن أن يفوز لاعبات على نفس مستوى المنتخبات الإفريقية التي نواجهها، وهذا ما نقلته للمسؤولين". "يجب أن يلعب في الدوري 5 أو 6 فرق على نفس إمكانات ومستوى الطيران ودجلة". السؤال هنا.. ما الفارق في العمل مع البنات عن الرجال في كرة القدم؟ يجيب مدرب المنتخب "لا يوجد فارق في العمل الفني، الاختلاف فقط يكون في الجانب البدني. ولذلك استعنت بمعد بدني أيضا من نادي الزمالك ليكون معي ضمن الجهاز الفني". "السر في إدراك كيفية التعامل مع البنات بأسلوب راق. الأخلاقيات أهم". الإنجاز لكن الأمر لا يتوقف عند حد مستوى الدوري أو المنافسة فيه، هناك أسباب أخرى تدفع أبطال هذه القصة لتسمية تأهل الفريق إلى كأس إفريقيا بالإنجاز فعلا. الإنجاز هنا لا يتعلق فقط بأن هذا الفريق تأهل لكأس إفريقيا بعد غياب امتد 18 عاما، ولكن هناك صعوبات أخرى تصل إلى حد ملابس اللاعبات. تقول سارة الحاوي القائد السابق لمنتخب مصر: "لعبت في منتخب مصر بداية من 2001 عندما كنت في ال16 من عمري، وقتها لم يكن هناك فرق للأعمار السنية المختلفة. منتخب مصر الأول فقط، وطبعا هذا تغير الآن". "كانوا يطلبون منا إعادة الملابس بعد كل مباراة للمنتخب، ولايزال هذا الأمر مستمر حتى الآن، كما أن المكافآت لا تصل حتى لمرتب موظف الحكومة". "أيضا اللعب مع المنتخبات الإفريقية صعب جدا، فبعيدا عن التزوير المعتاد في أعمار اللاعبين فهم أقوى بدنيا بشكل ملحوظ". وتؤكد نورهان عمرو اللاعبة المشاركة في إنجاز التأهل "من الطبيعي أن تكون هذه الملابس تخصنا سواء فزنا أو خسرنا، ولكن ما يحدث هو أنهم يأخذوها منا بعد كل مباراة". "عندما فزنا من قبل لم يمنحونا المكافأت كما وعدونا". "أتذكر أنهم كانوا يفكرون في إلغاء نشاط الكرة النسائية خلال اجتماع الجمعية العمومية المقبل، ولا أعرف إذا كانوا غيروا رأيهم أم لا بعد التأهل لكأس إفريقيا". "عانينا أيضا بسبب تغيير المدربين كل فترة، كما أن الإعلام لم يهتم بنا تماما". وتكمل فايزة حيدر قائد منتخب مصر وفريق الطيران "منتخب الناشئين كان يلعب في تصفيات المونديال، ولذلك كان الاهتمام كله موجها لهذا الفريق. وبعد خروجه انضم لنا عدد من عناصر هذا الفريق". "لم يتوفر لنا فترة كافية لإعداد الفريق قبل مواجهة كوت ديفوار، ولكننا كنا نمتلك الخبرة الكافية رغم الغيابات". "لدينا لاعبة أخرى محترفة في الولاياتالمتحدة اسمها سلمي طارق ولكنها لم تتواجد معنا في هذه المباراة". "لو الجهاز الفني تعب بنسبة 100%، فاللاعبات تعبن بنسبة 50 ألف %". "لعبنا ضد منتخب قوي يتأهل دائما للمونديال، والكل كان يجهز نفسه لخسارة ثقيلة بعشرة أهداف لدرجة أن مدربتهم قالت بعد مباراة الذهاب أنها ستهزم مصر بعدد وافر من الأهداف في أبيدجان". وأتم محمد مصطفى مدرب الفريق "أشكر اللاعبات والجهاز الفني على التأهل بعد الفترة الصعبة التي عشناها بسبب عدم وجود وقت كاف للإعداد". "نجحنا في صنع فريق يضم لاعبات أصحاب خبرة وشابات من منتخب الناشئين".