قبل الانتخابات الرئاسية خضت أمام الدكتور «محمد العدل» مناظرة تليفزيونية أدارها الإعلامى «كامل عبدالفتاح» فى برنامج «الآخر» على شاشة التليفزيون المصرى، كنت أمثل خلالها مؤيدى المرشح الرئاسى آنذاك المشير «عبدالفتاح السيسى» وكان الدكتور «العدل» يمثل حملة المرشح «حمدين صباحى». من وقتها التزمت الصمت تجاه كل ما يطلقه «حمدين صباحى» من تصريحات، احتراماً لصداقة قديمة، وتقديراً لمرحلة نضال وطنى يحملها «حمدين» على أكتافه من شبابه، حتى جاءت لحظة انقطاع البث عن حواره مع الإعلامى «وائل الإبراشى» على شاشة «دريم»، هنا قررت تمزيق «سلوفان البطولة المزعومة» الذى يحاول البعض إلصاقه دائماً بوجه «حمدين». طبقاً لشهادة الدكتور «خالد منتصر» فإن التيار الكهربائى ينقطع باستمرار عن القناة وليست المرة الأولى التى ينقطع فيها، فليس هناك شبهة مؤامرة لحجب انتقاد «حمدين» لدولة 30 يونيو هذا أولاً. ثانياً: «حمدين» يقول بنفسه إنه نشر بعض مقالات الرأى التى ينتقد فيها أداء النظام ولم تحجب، وأنا أقرر من هنا أننى، من قلب معسكر 30 يونيو، كثيراً ما وجهت انتقادات فى كتاباتى للنظام ولم أجد زوار الفجر على بابى، هذا بمناسبة تفرغ «حمدين» للحديث عن «الحريات» بدلاً من قضية الفقراء والعدالة الاجتماعية. مضطرة أن أقف لأقول إننى فتشت عن لقب يسبق اسم «حمدين» فلم أجد لقباً مقبولاً، هل هو مؤسس حزب «الكرامة» أم زعيم التيار الشعبى أم المرشح الرئاسى الخاسر، الحقيقة لو كان لتلك الكيانات وجود حقيقى على المسرح السياسى لصح أى لقب فيها! لقد رأيت بنفسى شباب التيار الشعبى يتم حشدهم للتصفيق وملء قاعة إحدى الندوات، تماماً مثل مجاميع «التوك شو» وتديرهم زوجة إعلامى معروف، ولا أعرف الحقيقة أى نشاط يقوم به التيار الذى لم يتحول إلى حزب، ولا الحزب الذى ليس له قاعدة شعبية، فبأى حق يعطينا «حمدين» دروساً فى «تنظيم الجماهير»؟ فى حواره مع جريدة «الوطن» يطالب «حمدين» بإنضاج «بديل تنظيمى وطنى قوى» ينحاز لأهداف الثورة ويعمل على تحقيقها بعد أن ينال ثقة المصريين، يكون منوطاً به تقديم سياسات بديلة فى العدالة الاجتماعية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وهذا الاقتراح يفجر الضحك ويبدو كوميدياً، لأن «حمدين» أجهض كل تجمع سياسى قاده، رغم تصوره عن نفسه أنه «زعيم قومى»، لكن يبدو أن قدرته على قيادة تنظيم سياسى منظم توقفت عند مرحلة «اتحاد طلبة الجامعات»، وحتى قدرته على اكتساح دائرة انتخابية كنائب للشعب لم تنضج لتجعل من حزب «الكرامة» أغلبية برلمانية، مهما برر مقاطعة الانتخابات بقوانين انتخابات يرفضها أو تدخل أمنى غير مثبت. أشعر بحساسية شديدة فى استخدام كلمة «الفشل» فى وصف أداء «صباحى»، خاصة وهو يصور ظهوره الإعلامى بأنه «فتح» وتفكيك للخنادق المغلقة، متوهماً أن: (حلف المؤيدين يسيطر بنسبة 100% على الإعلام)، رغم أن المؤيدين هم أول من ينتقد الرئيس وسياساته فى الفضائيات. كنت أنتظر «إعادة إنتاج سياسى» لمشروع «المناضل الثورى»، بوجود من «لحم حى» لحمدين على الخريطة السياسية، لكننى وجدت «حمدين» ما زال يعتمد على «الخطاب الحنجورى» ووعود ينطبق عليها الوصف اللبنانى: «طق حنك» أكثر من تقديمه نموذج المعارضة الواعية الرشيدة التى تحتاجها مصر بالفعل، فكل ما طرحه «حمدين» هو: (بديل وطنى وثورى للسياسات الحالية، وهذا البديل لازم ينضج)، يعنى حضرتك تنتظر «حمدين على نار هادئة»، وتكون المدة الرئاسية الأولى قد انتهت بالفعل، حتى فى تصنيفه للتكتلات السياسية يخلط «حمدين» بين الحلفاء والأعداء، فخيانة «البرادعى» لا تتساوى بفساد «الحزب الوطنى»، ولا الفساد يعادل إرهاب «الإخوان»، لكن «حمدين» يرتمى فى أى حضن ويراهن على كل الفصائل السياسية فيخسر كالعادة. أتفق تماماً مع «حمدين» فى أن (بقايا نظام مبارك مدسوسون فى أجهزة الدولة وبين أصحاب المال)، لكن إذا كان يخشى على «السيسى» من «الحزب الوطنى» كيف سمح «ضميره الوطنى» أن تعمل ابنته «سلمى» مذيعة فى قناة مملوكة لرجل أمانة السياسات «محمد أبوالعينين»؟! لقد خذلنى «حمدين صباحى»: كنت أنتظر معارضاً حزبياً يفعّل آليات الديمقراطية داخل «مجلس النواب» بدلاً من أن يلعن المال السياسى من الخارج، أنتظر قائداً لقاعدة جماهيرية منظمة فلم أر إلا زعيماً للمنفيين فى «تويتر»، أتوقع طرحاً مختلفاً لتطبيق «العدالة الاجتماعية» فلم أجد إلا صورة «نجم شره» لأكلة جمبرى فاخرة على «فيس بوك»، وما زلت أنتظر أن ينضج «حمدين» على نار هادئة!!