شغلت المرأة جانبا كبيرا في حياة الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودي، فهي الجدة والأم والزوجة والابنة والعمة والشقيقة، لكل منهن قصة، وكان لكل منهن تأثيرًا كبيرًا على قلب "الخال"، فشكلت واحدة وجدانه، وثانية عايشته أفراحه وآلامه، وأخرى حزن عليها، وصبية أطعمها من شعره حتى ورثت موهبته. كان الأبنودي شديد الإرتباط بأمه، فاطمة قنديل، رغم أن ترتيبه كان الأوسط بين الأبناء، وانعكست هذه العلاقة بصورة كبيرة في تشكيل ورسم ملامح شخصيته، كما كان لها الأثر الأكبر في حبه للشعر، لا سيما أن "أمه" كانت تحرص دائما على ترديد الموروثات والأغاني وتستلهم وحيها من الطبيعة. وقال الأبنودي، عن أمه: "عاشت وماتت فاطنة أب قنديل وهي لا تعرف العام الذي ولدت فيه ولا العام الذي ودعت فيه الحياة ولا أي عام آخر"، كما قال عنها: "ما سمعته من أمي شحنني بتجربة خرافية كانت دائما لصيقة بالغناء، ذلك أنه في أبنود بعامّة يشكل علاقة فريدة مع الحياة، كالحر والبرد والظل والشمس والليل والنهار والجوع والشبع، لا يوجد فعل لا يصاحبه غناء في تلك القرية وفي بيتنا الفقير بالذات"، وأيضا: "وأمي.. والليل مليل، طعم الزاد القليل، بترفرف.. قبل ترحل، جناح بريشات حزانى، وسددت ديونها، وشرت كفن الدفانه، تقف للموت يوماتي". أما الجدة "ست أبوها"، كان أثرها في حياة الأبنودي لا يقل شيئًا عن تأثير والدته، فلم يخلو لقاء تلفزيوني أو صحفي إلا ويتحدث عنها "الخال"، وعن مدى تشكيلها لوجدانه، فيذكرها بالقول: "تزوَّج الحاج قنديل من ست أبوها، كانت امرأة حية نشطة مؤمنة حادة الطباع في رقة، تعمل كالرجال وتملأ البيت الكبير بالحركة والصخب". هكذا كانت بداية ودور المرأة في حياة الأبنودي، إلى أن ظهرت في حياته الزوجة، فكما يقول: "لعبت المرأة دورا حيويا في حياتي كإنسان وشاعر، وساهم ارتباطي بالإعلامية نهال كمال في كتابتىي لقصائد الأشعار، حيث استطاعت أن توفر لي مناخًا هادئًا يتسم بالاستقرار والدفء، كما أنها تحملت مشقة السفر والانتقال بصورة شبه يومية من القاهرة للإسماعيلية، حيث اضطرتني الظروف نظرا للتلوث للإقامة بالإسماعيلية منذ سنوات طويلة، وكان ذلك تنفيذًا لأوامر الأطباء، وعلى الرغم من طبيعة عملها كإعلامية فإنها لم تتراخ لحظة في دورها معي". أيضًا، نشأت علاقة صداقة بين الأبنودي وابنتيه "آية ونور"، وكان يحرص على اصطحاب "آية" في الأمسيات والندوات الشعرية، كما يحرص على الاستماع لآرائها في الأشعار التي يكتبها، وكما يقول، أما ابنته "نور" فقد ورثت موهبة الشعر عنه، وبالفعل تكتب الأشعار ولكنها تفضل كتابتها باللغة الإنجليزية. أما الشقيقات في حياة الأبنودي، فكما يراهن: "يتميزن بالحنان الأنثوي الذي يغرق فيه أفراد الأسرة، إضافة إلى ملاحظتهن الدائمة لي واهتمامهن بالتفاصيل التي أحرص على اتباعها في حياتي، وكثيرًا ما كنت أشعر أن شقيقاتي تقمن بدور الأم حيث التدليل والعطاء والحب ومحاولة معالجة الأمور والمساهمة في إقناعي بتدبير أموري". وعن والدة زوجته، قال "الخال": "لم أشعر يومًا بالقلق من وجود حماتي، بل أراها دائمًا في صورة أم الزوجة التي لا ترجو إلا سعادة ابنتها واستقرارها، وتسعد لما يسعدنا، بل إنها كانت في كثير من الأحيان تقدم التضحيات في سبيل ذلك، وأعتبرها دائما جانبًا مريحًا في حياتي". ولم يقف دور المرأة في حياة "الأبنودي" عند ذلك الحد، فكانت تربطه صلة قوية مع عمته "يامنة"، التي خصص لها قصيدة شعر تحمل اسمها، أطلق عليها "قصيدة العمة يامنة".