محافظ شمال سيناء يفتتح المسجد الكبير بمدينة الشيخ زويد    الأنبا باسيليوس يترأس صلوات بصخة الصلبوت بكاتدرائية يسوع الملك بالمنيا    برلماني: تدشين اتحاد القبائل العربية لمواجهة خطط الطامعين    وظائف وزارة العمل 2024.. بالتعاون مع شركات القطاع الخاص    محافظ أسوان: توريد 102 ألف طن من القمح حتى الآن خلال موسم الحصاد الحالي    رئيس شعبة مواد البناء: سعر طن الحديد تراجع 22 ألف جنيه خلال شهرين    منسق حملة مقاطعة الأسماك : الأسعار انخفضت 40% في 10 أيام    تعمير سيناء : طريق محور 30 يونيو ساهم في زيادة حركة التجارة    وزير الشباب والرياضة يتفقد معسكر "يلا كامب" بمدينة دهب    خبير: ابدأ ترسخ توطين الصناعة وإنشاء مشروعات تتوافق مع السوق المحلي والأجنبي    فيضانات البرازيل.. مصرع وإصابة العشرات وآلاف المشردين في جنوب البلاد    وفاة نجل قائد الجيش السوداني بعد تعرضه لحادث سير في تركيا    آصف ملحم: الهجمات السيبرانية الروسية تجاه ألمانيا ستظل مستمرة    الأهلي يختتم استعداداته لمباراة الجونة    أنشيلوتي يؤكد مشاركة نجم ريال مدريد أمام قادش    ردا على بيان الاهلي.. الكومي يكشف تفاصيل ما سوف يحدث في أزمة الشيبي والشحات    سبب رفض الكثير من المدربين فكرة تدريب البايرن    محافظ أسوان يتابع جهود السيطرة على حريق اندلع ببعض أشجار النخيل    بدءا من السبت.. السعودية تعلن عن إجراءات جديدة لدخول مكة    بعد غيبوبة 10 أيام.. وفاة عروس مطوبس تفجع القلوب في كفر الشيخ    نوال عبد الشافي تطرح برومو «يا خيبتو» | فيديو    ابنة نجيب محفوظ: الاحتفاء بوالدي بعد سنوات من وفاته أفضل رد على منتقديه    ريم أحمد تنهار من البكاء في عزاء والدتها (فيديو)    أجمل دعاء ليوم الجمعة.. أكثر من الصلاة على سيدنا النبي    أحمد كريمة: علم الطاقة «خزعبلات» وأكل لأموال الناس بالباطل.. فيديو    بلاش تفكير في الكلية .. نصائح حسام موافى لطلاب الثانوية العامة    مصطفى بكري ل حسام موافي: نفخر بك طبيبًا خلوقًا    «السمكة بتخرج سموم».. استشاري تغذية يحذر من خطأ قاتل عند تحضير الفسيخ (فيديو)    المؤتمر الدولي لكلية الألسن بجامعة الأقصر يعلن توصيات دورته الثالثة    برشلونة يوافق على انتقال مهاجمه إلى ريال بيتيس    فيلم السرب.. أحمد السقا يوجه الشكر لسائق دبابة أنقذه من الموت: كان زماني بلوبيف    في تكريم اسمه |رانيا فريد شوقي: أشرف عبد الغفور أستاذ قدير ..خاص    علاء نبيل: لا صحة لإقامة دورات الرخصة C وهذا موعد الرخصة A    المحكمة الجنائية الدولية عن التهديدات ضد مسئوليها: يجب أن تتوقف وقد تشكل أيضا جريمة    بالصور| انطلاق 10 قوافل دعوية    رئيس قوى عاملة النواب يهنئ الأقباط بعيد القيامة    طليعة المهن    ضبط ربع طن فسيخ فاسد في دمياط    حبس 9 أشخاص على ذمة التحقيقات في مشاجرة بالمولوتوف بين عائلتين ب قنا    تنفيذ إزالة فورية لتعدٍّ بالبناء المخالف بمركز ومدينة الإسماعيلية    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    انتظروا الشخصية دي قريبًا.. محمد لطفي يشارك صورة من كواليس أحد أعماله    المقاومة الفلسطينية تقصف تجمعا لجنود الاحتلال بمحور نتساريم    بواسطة إبراهيم سعيد.. أفشة يكشف لأول مرة تفاصيل أزمته مع كولر    في اليوم العالمي وعيد الصحافة.."الصحفيين العرب" يطالب بتحرير الصحافة والإعلام من البيروقراطية    الشكاوى الحكومية: التعامُل مع 2679 شكوى تضرر من وزن الخبز وارتفاع الأسعار    المنتدى الاقتصادي العالمي يُروج عبر منصاته الرقمية لبرنامج «نُوَفّي» وجهود مصر في التحول للطاقة المتجددة    بيان عاجل من المصدرين الأتراك بشأن الخسارة الناجمة عن تعليق التجارة مع إسرائيل    بقير: أجانب أبها دون المستوى.. والمشاكل الإدارية عصفت بنا    ضبط 2000 لتر سولار قبل بيعها بالسوق السوداء في الغربية    التعليم العالي: مشروع الجينوم يهدف إلى رسم خريطة جينية مرجعية للشعب المصري    سموتريتش: "حماس" تبحث عن اتفاق دفاعي مع أمريكا    إصابة 6 في انقلاب تروسيكل بالطريق الزراعي ببني سويف    الجمعة العظيمة: محاكمة وصلب المسيح وختام أسبوع الآلام    «الإفتاء» تحذر من التحدث في أمور الطب بغير علم: إفساد في الأرض    إصابة 6 أشخاص في مشاجرة بسوهاج    الفلسطينيون في الضفة الغربية يتعرضون لحملة مداهمات شرسة وهجوم المستوطنين    الغدة الدرقية بين النشاط والخمول، ندوة تثقيفية في مكتبة مصر الجديدة غدا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودي في حوار رمضاني صريح.. 1
تعلمت حب الشعر الشعبي خلال عملي راعياً للغنم في طفولتي
نشر في الأخبار يوم 22 - 08 - 2010

في حالات كثيرة يتحول الإنسان منا إلي رمز وطني.. وربما هو لا يدري ذلك.. لانه مشغول دائما بما يحقق آمال وطنه. وهذه قاعدة أعتقد انها تسري علي كل الذين لا هدف ولا هم لهم سوي الوطن وآماله وأمانيه. وبالنسبة للشخصية التي هي محور هذا الحديث، وبالتالي هذا الحوار.. فقد لعب الحظ دوره العظيم في مقابلتي لها.. رغم انني أعرف الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودي منذ عدة سنوات. ولكنها كانت معرفة سطحية وغير عميقة. ثم قابلته للمرة الثانية.. حيث يقيم هناك في إحدي ضواحي أو أطراف أو قري مدينة الإسماعيلية. وكان حريصا علي ان يترك لنا دليلا متحركا يسير امامنا بسيارة خاصة كي يوصلنا إلي حيث يقيم هناك.. فاستقبلنا استقبال الأعزاء والأحباب وزاد من كرمه ان قدم لنا طعاما شهياً كي نأكل معه عيش وملح. وفي المرة الثانية.. وبسيارة الأخبار حاولت ان أصل إليه من دون دليل. وبالتالي أخذت أسأل منذ ان دخلنا مدينة الإسماعيلية عن المكان الذي يقيم فيه الأبنودي وذلك علي سبيل التأكيد، وكلما كنا نسأل.. نجد العشرات يتطوعون كي يصفوا لنا هذا المكان. وتنساب كلماتهم في حب وسعادة وترحيب، لقد أصبح أهالي الاسماعيلية يعرفون مكان إقامته في هذا الشارع الكبير لأنه تحول إلي رمز وطني مهم، ولذلك وغيرهم حريصون علي ان يحدثونك عن هذا المكان، بل والاكثر من ذلك رأينا كثيرا منهم يتطوعون لتوصيلنا إلي حيث يقيم عبدالرحمن الأبنودي في الضبعية.. تلك المنطقة الريفية التي تبعد عدة كيلومترات عن الإسماعيلية. والتي تحيط بها أشجار المانجو من كل مكان. ولما وصلنا إليه - سألنا.. كيف جئت ان هنا؟! فأخبرته بأن اهالي الاسماعيلية يعرفون أين يقيم. وبالتالي كان لهم الفضل في وصولنا إليه هنا.
كنت في المرة الأولي التي زرت فيها الأبنودي في بيته العامر قد أجريت معه حوارا سياسيا ساخنا. وفي هذه المرة جئت إليه اخاطب فيه الإنسان الشاعر الجميل والتعرف علي مشوار عمره الذي بدأه هناك فوق تراب قرية أبنود التي حدثني عنها بعشق وبحب، حتي انه قال لي من بين ما قال: »القرية دي صاحبة بطولات.. عارف الفرنسيين دمروها بالكامل وحرقوها.. لدورها الخطير في ضرب هذه الحملة التي زحفت ناحية الصعيد وفي أثناء حديثه معي عن قريته التي ولد ونشأ بها كان كثيرا ما يشير بأصبعه لصورة موجودة خلفه ومعلقة علي الحائط.. انها صورة أبنود بعد ان احتراقت. بل ومازالت أثار هذه الحرائق موجودة إلي اليوم. ولأول مرة أطلب من الضيف الذي أجلس أمامه ان يختار نقطة البداية التي سوف نتحدث عنها. فأجابني علي الفور: دعني أحدثك عن رحلتي مع الشعر انه كل حياتي.. منذ طفولتي الأولي وإلي اليوم. واتفقنا ودار جهاز التسجيل.. وأنا الآن أنقل كل ما جاء به من كلمات علي لسان الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودي الذي حكي لنا علي مدي أكثر من 3 ساعات تفاصيل مشوار عمره وحياته وشعره وطفولته وعلاقته بأبيه وبأمه وباخوته الاحد عشر. وأشياء كثيرة أخري.
هنا قرية أبنود
الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودي حين سألتك في البداية عن النقطة التي يجب ان تبدأ بها قلت لي الشعر.. لماذا؟
دعني أولا أحدثك عن طفولتي المبكرة التي كان لها الفضل العظيم في تكوين مسيرتي في عالم الشعر.
يا ريت؟
أنا ولدت في عام 8391 في قرية أبنود.. وقضيت فيها فترة ربما وصلت إلي سن السادسة أو السابعة من العمر. لقد كنت أقيم فيها مع أمي فاطمة جنديل »قنديل«. أنا وهي فقط!. لأن والدي كان في هذه الفترة قد انتقل باخوتي للإقامة في مدينة قنا.. بعدما عمل مدرسا للغة العربية هناك ثم مأذونا وعالما دينيا. واتذكر انني حين ولدت لم يستبشروا خيرا.. لانني كما قالوا ولدت في الحسومات. وفي بلدنا من يولد في هذه الفترات من السنة يعدونه من الأموات لانه وكما قالوا لي.. يولد ضعيفا. وبالتالي سوف يموت ولكن أمي عملت كل جهدها وحتي لا أموت.. كما أخبرها بذلك أبي.. الذي أكد لها ان عبدالرحمن لن يعيش طويلا. ويبدو ان اصرار أمي علي ان أعيش قد ولد بداخلي واياها طاقة لا مثيل لها من الحب والعاطفة الذي ظلت طويلا إلي ان توفاها الله.
دعني أتوقف لحظات وأسأل.. هذه الفترة لا شك حددت علاقتك بكل من أمك وأبيك كيف؟
بطبيعة الحال.. اذ كنت أنا وأمي نعيش في قرية أبنود وأبي وبنتين اخوتي انتقلوا للعيش معه في قنا.. بعدما نجح في ان يتم تعيينه مدرسا ثم عالما أزهريا ثم مأذونا.. ولهذا المشوار قصة أخري سوف أحكيها.
انني ألمح في عينيك رغبة في أن تحدثنا باستفاضة عن عالمك الأول في قرية أبنود!! تفضل؟
هذا صحيح.. لان هذه الفترة لي من أخصب فترات حياتي رغم انني بدأتها وربما وأنا عندي 4 سنوات فقط! ومع ذلك فإنني أتذكر كل ملامحها وتفاصيلها. وكما قلت لك، لقد تركت أثارا عظيمة في مسيرة حياتي في الشعر.
نريد التفاصيل؟
لقد اتفقنا ان تلتزم بالصمت.. كي أحكي أنا.. فأرجو ذلك.
دا صحيح؟
في قرية أبنود تفتح عالمي الأول علي كل ما كان يحيط بنا.. الزرع والحيوانات والناس الطيبين. ونظرا لأنني كنت في حاجة إلي ان أكسب قوت يومي أنا وامي. فقد عملت راعيا للغنم.. نعم انني أتذكر ذلك وبشكل كبير. كنت أرعي أغنام الناس. وأنت تعرف ان هذه كانت مهنة الأنبياء ولقد اكتشفت في هذه السن المبكرة ان سبب اشتغال الأنبياء.. انني كنت كثيرا ما أجلس بعدما أقوم بواجبي نحو الغنمات »الأغنام« كي أتأمل.. وانظر هنا وهناك. وتعرف كما ان شغلانة الغنام أو راعي الغنم علمتني كثيرا أنواع الزروع وأشكالها. وتأثير كل نوع علي الأغنام التي أرعاها. لأن هناك بعض النباتات التي قد تصيب الحيوان بالقئ أو بالتسمم. اذن عليك ان تعرف كل ذلك.
وما علاقة الأغنام بالشعر؟
معاك حق نسيت ان أقول لك.. انني وأنا أعمل في هذه المهنة سمعت أغرب الاشعار.. التي كنت ارددها مع الاطفال. وقد ظلت هذه الأشعار الشعبية عالقة في وجداني لفترات طويلة ليس ذلك فقط، بل كذلك كنت اسمع من كانوا حولي من الفلاحين سواء وهم يسقون الأرض بالشادوف الذي كان يصدر ألحانا مصحوبة بكلمات يرددها الفلاح. من أجل ان تهون عليه ما يقوم به من أعمال صعبة. ثم الأشعار التي كنت أسمعها من ذلك الفلاح الذي كان يدور مع الساقية. وكذلك الذين يعملون في الحقول.
وهكذا.. أصبح عندي مخزون بدائي من هذه الأشعار التي كنت أرددها مثلهم تماما.
هل هناك تفاصيل أخري تذكرها عن هذه المرحلة المبكرة من حياتك؟!
طبعا.. هناك عالم الكبار الذي كنت أعيش فيه وحوله. هؤلاء الكبار من أهل أبنود الذين كانوا يجتمعون كل مساء حول شاعر الربابة وحلقات الذكر والإنشاد الديني. ثم النساء اللواتي يحتفلن أيضا في عالمهم الخاص بتلاوة الأشعار الشعبية ولا أنسي ان احدثك أيضا عن الموالد وكل المناسبات الدينية. سواء المسلمة أو المسيحية.
تفاصيل الاحتفالات
وهل مازلت تتذكرها؟
أنني اتذكرها جيدا لانني كنت مشاركا فيها كأحد أطفال قريتي التي لم تكن تفرق بين مسلم أو مسيحي كنا في أعياد المسيحيين نمسك الشموع ونلف بها في الشوارع ونلعب مع بقية الأطفال. ونقف أمام الكنيسة الموجودة في قريتنا حتي نكمل الاحتفال الذي بدأناه مع أهل قريتي بالنهار وأقولها لك بجد لقد كنا نأكل كثيرا في هذه الاحتفالات وبدون تفرقة.
أمي فاطمة »جنديل«
تحدثت كثيرا عن أمك وفضلها عليك.. فهل ما يزال تأثيرها يلعب دوره في حياتك؟
والي الآن.. الله يرحمها.. نعم.. أمي التي منحتني الحياة بعدما كنت وكما سبق وقلت لك غير مؤهل للاستمرار في هذه الحياة.. كانت تسهر من أجل ان أشفي من الأمراض. وكانت تشجعني علي الحياة وتساعدني علي ان استمر. وشيء آخر معهم.. لقد منحتني أيضا حب الشعر والتمسك به.. حتي انها كانت من أهم مصادر هذا الشعر في حياتي.. وأنا أذكر في هذا المقام انني كنت أترجم كل أقوالها وما أسمعه منها إلي اشعار وكلمات أغان. ولذلك وفي إحدي زياراتي لها. طلبت مني حقها فيما كنت أكسبه من المطربين.. وكانت تقول لي بالحرف الواحد.. مش ده كلامي اللي انت كنت بأقوله لك والناس فاكرة أنك انت مؤلفه!!. وكنا نضحك كثيرا. ان هناك العشرات من المواقف العظيمة التي كانت تربطني بأمي وأتذكرها بالتفاصيل هذه المواقف مازالت تجري في دمي وعروقي ومازالت كلمات فاطمة »جنديل« تعيش بداخلي.
وماذا عن علاقتك بأبيك؟
دي حكاية طويلة.. بدأت من يوم ما تركنا انا وأمي في أبنود وانتقل إلي قنا بعدما نجح في العثور علي وظيفة مدرس لغة عربية. وأقام هناك واستقر وذلك من قبل ان انتقل إليه أنا وأمي ونعيش معه وبقية اخوتي في بيتنا الكبير في قنا. وان لابي قصة حياة مهمة عرفت بعض تفاصيلها.
لقد كان يعيش في اسرة فقيرة جدا. وكان واخوته يعملون عند احد الخواجات في طاحونة دقيق. وسرعان ما هرب أبي من هذا العمل بعدما نجح في حفظ القرآن الكريم، ثم التحق بالمعهد الديني حتي تخرج منه وكان في نيته ان يلتحق بالازهر، ولكن لظروفه العائلية عمل مدرسا واستقر به المقام في قنا. ولما انتقلنا للعيش معه هناك اختلفت معه كثيرا حتي في اقبالي علي تأليف الشعر العامي. لقد كان أبي رحمة الله عليه شاعرا فصيحا وله ديوان عظيم به قصيدة نهج البردة وكذلك قصيدة ألفية النحو،. وأنا أذكر ان علاقتي توترت بوالدي عندما مزق أول ديوان لي بالعامية. وعلي فكرة انا بدأت أكتب شعر الفصحي ولكنني كرهته رغم اتقاني للعربية. ذلك لانني لم أجد نفسي فيما أقوله.. كنت لا أشعر بما يخرج مني من أشعار بالفصحي. لقد كنت أعشق شعر العامية وشعر الفلاحين وناس من حولي. ولقد ظل هذا الخلاف مستمرا حتي بعدما كبرت ودخلت المدرسة الثانوية.. مدرسة قنا الثانوية. والتي حصلت فيها علي الشهادة التي كانت تؤهلني إلي الجامعة كنت أتمني ان أدخل قسم اللغة الانجليزية بكلية اداب القاهرة فرفض ابي لانها كانت تمثل في رأيه الكفار!! لذلك فقد أصر علي ان أدخل قسم اللغة العربية ولظروف ما فقد توقفت مسيرتي العلمية عند شهادة البكالوريا رغم انني قد عُدت ودخلت كلية الاداب جامعة القاهرة عام 1891 وفي قسم اللغة العربية حصلت علي الليسانس وسنة أولي تمهيدي ماجستير.
حكاية ال04 جنيها!
عرفت بأن خلافك مع الوالد قد استمر. لانك رفضت دخول الجامعة.. فما هي تفاصيل هذا الخلاف؟
أولا كان خلافا ثقافيا وفكريا بحتا بدأ عندما مزق لي أول ديوان في شعر العامية. ثم استمر بعد ذلك واستعمل ذلك الخلاف.. عندما أعطاني 04 جنيها مصاريف الجامعة.. وفي القاهرة وفي أوائل الستينيات حيث كانت المراكز الثقافية علي أشدها.. كنت قد بدأت الانغماس داخل هذه الحركة.. مما تسبب في ان أنسي مواعيد الامتحانات بالجامعة.. فتركتها واستغللت هذا المبلغ الكبير في شراء أهم مكتبة في حياتي من سور الأزبكية. هذه المكتبة التي نقلتها معي مرة اخري حين عدت إلي قنا، واحتلت دورا كاملا في بيتي. وكان لها الفضل العظيم علي عدد كبير من أبناء قنا ومن أصدقائي.
وما النتيجة التي أسفرت عنها هذه المناوشات بينك وبين والدك الشيخ محمود الأبنودي؟
أبدا.. بعد ان عرفت انني تركت الجامعة سألني هتعمل ايه؟ المهم.. انه استغل علاقاته فعينني كاتبا في محكمة قنا. في الوقت الذي عين فيها زميلي الشاعر الراحل أمل دنقل محضرا بنفس المحكمة!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.