حدد الدستور وظائف مجلس النواب فى الباب الخامس منه وعنوانه «نظام الحكم» وذلك فى المادة 101 على النحو التالى: «يتولى مجلس النواب سلطة التشريع، وإقرار السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، ويمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، وذلك كله على النحو المبين فى الدستور»، وإن أُولى هذه الوظائف هى التشريع، وهى الوظيفة الأهم لكل أعضاء البرلمانات فى العالم لذلك شاع إطلاق اسم «المشرعون» «LEGISLATORS» عليهم، والتشريع يعنى صياغة القوانين الحاكمة لأداء الأفراد والمؤسسات والتى تتطابق مع الدستور، ومن المتوقع أن يستغرق البرلمان الدور الانعقادى الأول والثانى فى تشريع القوانين، فطبقاً للدستور يجب عليه خلال 15 يوماً من انعقاده مناقشة القوانين التى صدرت بقرار جمهورى من المستشار عدلى منصور رئيس الجمهورية السابق والمشير عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية الحالى، وهى ما يقرب من 300 قرار جمهورى بقوانين صدرت عنهما من بينها 46 قانوناً اقتصادياً، وبالتالى يجب مناقشتها والعمل على إقرارها وتفعيل آثارها أو إدخال بعض التعديلات عليها وفقاً للمصلحة العامة مع تشريع القوانين المكملة والمفسرة لها، ويأتى فى مقدمة هذه القوانين: ■ إعداد قانون باللائحة الداخلية التى تنظم عمل البرلمان: حيث إن اللائحة القديمة تحتوى على كثير من الأمور التى تتعارض مع الدستور الجديد، وهى لائحة ديكتاتورية يسيطر عليها رئيس المجلس مع تقيّد شبه كامل لعمل اللجان النوعية، وهى بُنِيَت على فلسفة هيمنة حزب الأغلبية، ولا مجال فيها لدورٍ حقيقى للمعارضة أو المستقلين، وبالتالى فإن إعداد لائحة داخلية جديدة للمجلس بفلسفة تتفق مع مبادئ الديمقراطية والمشاركة يأتى فى مقدمة الأولويات، وسوف يكون لها انعكاس على فاعلية وكفاءة البرلمان فى أداء اختصاصاته، وطبقاً للمادة 118 من الدستور «يضع مجلس النواب لائحته لتنظيم العمل فيه، وكيفية ممارسته لاختصاصاته، والمحافظة على النظام داخله، وتصدر بقانون». ■ إعداد قانون مكافحة الإرهاب: وهو ثانى القوانين التى ستناقش فور انعقاد البرلمان المقبل للبت فيه، حيث نص الدستور فى مادته رقم 237 على أن: «تلتزم الدولة بمواجهة الإرهاب، بكافة صوره وأشكاله، وتعقب مصادر تمويله، وفق برنامج زمنى محدد باعتباره تهديداً للوطن والمواطنين، مع ضمان الحقوق والحريات العامة، وينظم القانون أحكام وإجراءات مكافحة الإرهاب والتعويض العادل عن الأضرار الناجمة عنه وبسببه»، وعلى الرغم من التعديلات التى أجرتها الحكومة على بعض القوانين لمواجهة خطر الإرهاب، فإنها لا تغنى عن حتمية إصدار قانون تفصيلى لمكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه الفكرية والتمويلية. ■ القوانين الاقتصادية ومنها: (أ) قانون الاستثمار الموحد: فالدولة فى إطار مواجهتها للفقر والبطالة وسعيها لتحقيق العدالة الاجتماعية تعمل على تشجيع الاستثمار والمستثمرين، وقانون الاستثمار الموحد من أهم متطلبات تحقيق ذلك، وإن الجوهر الرئيسى لهذا القانون هو أن تتم كافة الموافقات والتراخيص بإجراءات مُيسّرة ومن جهة واحدة، بالإضافة إلى وضع ضمانات لطمأنة المستثمرين وآليات عادلة لفض المنازعات، وكذلك مناقشة (ب) قانون تحصين العقود المبرمة بين الحكومة والمستثمرين، وقوانين ضمان تحقيق العدالة الاجتماعية ومنها (ج) قانون الضريبة على الدخل، (د) وقانون الحد الأقصى والأدنى للأجور. ■ قانون الجمعيات الأهلية: حيث نص الدستور فى مادتيه 75، 83 على أن للمواطنين الحق فى تكوين الجمعيات والمؤسسات الأهلية على أساس ديمقراطى، وتكون لها الشخصية الاعتبارية بمجرد الإخطار، ويعد تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدنى من أهم وسائل التنمية، مع الأخذ فى الاعتبار متطلبات الحفاظ على الأمن القومى. ■ قانون دور العبادة الموحد: حيث نص الدستور فى المادة رقم 64: على أن حرية الاعتقاد مطلقة وحرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة لأصحاب الأديان السماوية حق ينظمه القانون، وهو من القوانين الهامة التى طالب بها المجتمع منذ فترة طويلة، وأدى التأخر فى إصداره إلى العديد من المشاكل. ■ القوانين الخاصة بترسيخ المواطنة وتجريم (التمييز والحض على الكراهية). ■ قانون العقوبات: وهو من القوانين التى سوف تخضع للكثير من التعديلات لتتفق مع نصوص الدستور التى عدّلت الكثير من العقوبات. ■ تشريع قوانين تنظم آليات تشكيل وعمل الكيانات التى استحدثها الدستور: مثل كيان مكافحة الفساد وغيره. - جميع ما ذكرناه يدخل فى إطار الدور التشريعى لأعضاء البرلمان، ويضاف إليه دورهم الرقابى على السلطة التنفيذية، وكذلك دورهم فى اعتماد الموازنة والخطط العامة للدولة، ودورهم الخدمى فى دوائرهم، وهو دور لم ينص عليه الدستور ولكن يحتمه ما يعانيه الشعب من مشاكل متراكمة وإهمال لسنوات طويلة، وبالتالى يجب علينا العمل على تكوين برلمان يتصف بالفاعلية والكفاءة بحيث يستطيع إنجاز مهامه فى أسرع وقت وبجودة عالية وبأقل تكلفة.