عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير.. أسعار الذهب اليوم الإثنين 29 أبريل في مصر بيع وشراء    شهداء وجرحى بينهم أطفال ونساء جراء قصف إسرائيلي لمنزل غرب قطاع غزة    "بلومبرج": الولايات المتحدة تضغط من أجل هدنة في غزة وإطلاق سراح الرهائن    ميدو: سامسون أكثر لاعب تعرض للظلم في الزمالك    بسبب واقعة «الشورت».. عمرو أديب يهاجم نجما الأهلي والزمالك ويطالب بمعاقبتهما (فيديو)    إخلاء سبيل سائق سيارة الزفاف المتسبب في مصرع عروسين ومصور ب قنا    الأرصاد الجوية تكشف حالة الطقس اليوم الإثنين وتُحذر: ظاهرة جوية «خطيرة»    خلال 24 ساعة.. أمن قنا ينجح في تحرير طفل مختطف ويضبط الجاني    أشرف زكي: الفن مفهوش واسطة وإذا تدخلت لتشغيل الممثلين إهانة لهم (حوار)    «حياة كريمة».. جامعة كفر الشيخ تكرم الفريق الطبي المشارك بالقوافل الطبية    الاقتصاد الأمريكي يحتاج لعمال.. المهاجرون سيشكلون كل النمو السكاني بحلول 2040    وزير الاتصالات: 170 خدمة رقمية على بوابة مصر الرقمية    ربان الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في مصر يحتفل بعيد الشعانين ورتبة الناهيرة    البابا ثيودروس الثاني يحتفل بأحد الشعانين في الإسكندرية    مقتل 3 من قوات الاحتلال وإصابة 11 آخرين بانفجار عبوة ناسفة في غزة    مناطق روسية تتعرض لهجمات أوكرانية في مقاطعة كورسك    فيصل مصطفى يكتب: عجلة التاريخ    معاداة الصهيونية.. انقسام جديد يهدد النواب الأمريكي    حزب الله يعلن استهداف 4 مواقع عسكرية إسرائيلية على حدود لبنان    سرايا القدس تعلن قصف تجمع لجنود الاحتلال في جنود غزة    الاستعداد للعريس السماوي أبرز احتفالات الرهبان    بالصور.. الوادي الجديد تستقبل 120 طالبًا وطالبة من كلية آداب جامعة حلوان    الاتحاد المغربي: نُهنيء نهضة بركان بالتأهل لنهائي الكونفدرالية أمام الزمالك    "مضغوط بقاله فترة ".. الزمالك يعلن موقفه من شلبي بعد احتفاله أمام دريمز    كواليس جلسة استماع محمد الشيبي أمام لجنة الانضباط    ميدو: لو كنت مسؤولًا في الأهلي لعرضت عبد المنعم على أخصائي نفسي    بعد المشادة مع كلوب، ليفربول يفتح باب العروض لبيع محمد صلاح    تعليق لميس الحديدي على وصول الزمالك لنهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية    هل يؤثر تراجع الطلب على الأسماك في سعر الدواجن.. مسئول بالاتحاد العام للدواجن يجيب    مصطفى عمار: الدولة خلال 2024 تضع على عاتقها فكرة التفكير في المستقبل    المهندس خالد عباس يكشف عدد سكان العاصمة الإدارية    مصرع شاب في انقلاب سيارة نقل بالوادي الجديد    إصابة 12 شخصًا اختناقاً بالكلور داخل محطة مياه في قنا    مصرع 5 أشخاص صدمهم ميكروباص على الصحراوي الشرقي جنوبي المنيا    حالة الطقس اليوم الإثنين 29_4_2024 في مصر    ضربة للمحتكرين.. ضبط 135 ألف عبوة سجائر مخبأة لرفع الأسعار    4 مليارات جنيه لاستكمال المرحلة الثانية من مبادرة حياة كريمة لعام 24/25    على مدار نصف قرن.. سر استمرار الفنان سامي مغاوري في العمل بالفن    صورة نادرة للإعلامية منى الشاذلي بالجامعة والفنانة فاطمة محمد علي تكشف قصتها    ندوة حول تطور أذواق المستهلكين بالمؤتمر الدولي للنشر بأبوظبي    كانت هتعيط.. أول تصريح من ياسمين عبد العزيز على انفصالها من العوضي|فيديو    حدث بالفن| وفاة والدة فنان وأزمة بين بسمة وهبة وفنانة شهيرة وإيران تمنع مسلسل مصري من العرض    نجوى كرم تشوق الجمهور لحفلها في دبي يوم 3 مايو    عمرو أديب يكشف تفاصيل إصابته ب جلطة في القلب    الإفتاء توضح حكم تخصيص جزء من الزكاة لمساعدة الغارمين وخدمة المجتمع    دعاء في جوف الليل: اللهم جُد علينا بكرمك وأنعم علينا بغفرانك    3 حالات لا يجوز فيها الإرث شرعًا.. يوضحها أمين الفتوى    وزير الاتصالات: التعاقد مع 60 شركة لتوفير 65 ألف وظيفة للشباب    أبرزها كورونا.. أستاذ مخ وأعصاب يكشف أسباب زيادة معدلات الإصابة بجلطات المخ والقلب    طريقة تحضير بودينج الشوكولاتة    الكشف المبكر عن سرطان الكبد.. أسترازينيكا مصر: فحص 30 مليون مصري بحلول عام 2030    محافظ بني سويف يلتقى وفد المجلس القومي لحقوق الإنسان    وظائف خالية ب الهيئة العامة للسلع التموينية (المستندات والشروط)    في أحد الشعانين.. أول قداس بكنيسة "البشارة" بسوهاج الجديدة |صور    محمد أبو هاشم: حجاج كثر يقعون في هذا الخطأ أثناء المناسك    منها تناول السمك وشرب الشاي.. خطوات هامة للحفاظ على صحة القلب    بروتوكول بين إدارة البحوث بالقوات المسلحة و«التعليم العالي»    خلال افتتاح مؤتمر كلية الشريعة والقانون بالقاهرة.. نائب رئيس جامعة الأزهر: الإسلام حرم قتل الأطفال والنساء والشيوخ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سكان المقابر يتحدثون من داخل المأساة: «أموات.. عايشين جنب أموات»
«صابر»: «نفسى آخد شقة أعيش فيها أنا وعيالى وأسيب المقابر للأموات».. و«ضاحى»: «ليا أصدقاء أجانب بيزورونى كل ما ينزلوا القاهرة»
نشر في الوطن يوم 06 - 01 - 2015

صارت وجوههم مألوفة للمواطنين العاديين من فرط ظهورهم على الشاشات وصفحات الجرائد، تتغير الأحوال والأوضاع السياسية حولهم فى العاصمة المصرية، ويتغير الرؤساء ورؤساء الحكومات والوزراء والمحافظون لكنهم ثابتون فى أماكنهم وصامدون ضد تقلبات الأيام، إنهم سكان المقابر الذين ورثوا الأحواش والقبور عن آبائهم وأجدادهم، لا يهمهم أى شىء سوى لقمة العيش والبحث عن حياة كريمة، لم يهنأوا بها بعد. التقت «الوطن» عدداً من سكان مقابر ترب الغفير ورصدت ما آلت إليه أوضاعهم.
أمام باب أحد الأحواش فى حارة الزمر الضيقة بمنطقة المجاورين بمقابر الغفير جلس صابر ياسين محمد، صاحب ال58 عاماً، على كرسى خشبى للحصول على قسط من الدفء الناتج عن أشعة الشمس الساطعة بعد ليل شديد البرودة، ورث «صابر» الحوش عن والده وتزوج وأقام به طوال حياته، لا يحلم إلا بالحصول على شقة تؤويه هو وزوجته وابنيه، يقول «صابر» فى هدوء: «أنا تربى ماسك القرافة اللى فى المنطقة وكل الناس هنا تعرفنى بالاسم، من أول ما وعيت على الدنيا هنا ما شفتش ولا مسئول ولا محافظ جه زارنا أو عمل لنا حاجة، إحنا ميتين بالحيا، أموات عايشة مع أموات، نفسى فى أى شقة تكون بعيدة عن المنطقة هنا».
يضيف «صابر»: «زى ما انت شايف أنا قاعد كده مستنى الرزق لأن شغلتنا دى على الله، ممكن أدفن 2 فى الشهر أو محدش يموت فأقعد من غير شغل، بعد المغرب كل الناس بتدخل أحواشها وتنام من الساقعة، وبالليل بنخاف نخرج من البلطجية».
وبجوار الأكاديمية الصوفية فى شارع سلطان أحمد كان يجلس على ضاحى، البالغ من العمر 80 عاماً، أمام حوش كبير وبجواره بعض معدات صناعة الحرير التقليدية، تلمع عين الرجل عند استقبال الزائرين الجدد، وترتسم الابتسامة على وجهه حتى تظهر أسنانه التى نال منها الزمن، تبدو هيئته أصغر من سنه، صار وحيداً فى الحوش بعد أن ماتت عنه زوجته قبل 5 أعوام وزواج أبنائه فى شقق خارج المنطقة.
يقول «ضاحى» مفتخراً: «أنا بحب المكان ده جداً وما أحبش أطلع منه ولا أسكن فى حتة تانية، أولادى بيقولولى تعالى أقعد معانا يومين تلاتة لكن أنا ما بحبش أتطفل على حد، حتى لو كانوا عيالى ولو رحت ليهم ما بدخلش وإيدى فاضية، أنا راجل حرايرى وطول عمرى شغال فى المهنة دى لحد دلوقتى، وكنت بكسب فى الشهر 2500 جنيه لكن بسبب تدهور الأوضاع ما اشتغلتش من 4 شهور، وباخد معاش من الحكومة حوالى 350 جنيه فى الشهر، مش بيكفونى، لكن الحمد لله ما باخدش جنيه من حد، وعيالى الخمسة علمتهم كلهم والكبير بتاعهم مدير عام فى التأمين الصحى».
يرجع «ضاحى» ظهره للخلف ويقول مبتسماً: «أنا مصاحب أجانب كتير بييجوا يزورونى هنا على طول أمريكان وأستراليين، وأنا بعزمهم على الفطار والغدا، أنا بعزمهم مجدعة وعشان أحسن صورة المصريين، ومش منتظر منهم حاجة عشان كده هما بيحبونى، دا حتى فيه واحد أمريكانى كان عندى هنا من 8 شهور».
يدخل عم على إلى الحوش ويشير بيده إلى غرفة الجلوس وغرفة نومه التى توجد بها شاشة تليفزيون كبيرة، ويقول: «أنا بحب أقعد قدام التليفزيون وبحب السياسة قوى وبعرف مذيعين كتير بحب ناس منهم وفيه ناس ما بحبهاش»، يجيد التحدث عن الأوضاع، قائلاً: «حسنى مبارك لأنه هو اللى بوظ البلد وباع كل حاجة فيها، والحزب الوطنى بتاعه هو سبب الفساد اللى موجود دلوقتى، رشاوى واختلاسات ووسايط وبهدلة فى المصالح الحكومية وتفاوت رهيب فى الأجور»، ويتابع حديثه عن الرؤساء: «أنا زعلت جداً على عبدالناصر لما مات وبكيت عشانه، لكن زعلى على السادات كان أقل لأنه هو اللى عمل الانفتاح اللى فى رأيى سبب خراب مصر».
يدخل عم على المطبخ ويشير إلى الأدوات التى يمتلكها ويقول مفتخراً: «أنا بطبخ هنا كل أنواع الأكل ومش باكل إلا بالسمن البلدى ومش حارم نفسى من حاجة، لما الست بتاعتى ماتت دفناها فى مكان تانى ما دفنتهاش هنا، عشان ما يبقاش سرقة للمقابر اللى أنا قاعد فيها، وأنا بروح أزورها وأقرأ لها الفاتحة على طول، كانت ست محترمة علمت ولادها وربتهم كويس ربنا يرحمها»، يتحدث عن وقت التسلية فى الأحواش والتى تقتصر على الجلوس على المقاهى أو الفرجة على التلفاز، وينهى حديثه بالدعاء للبلد قائلاً: «يارب حال البلد يتصلح».
أما سناء إسماعيل، صاحبة ال52 عاماً، التى تسكن فى حوش جمال عبدالهادى بمنطقة المجاورين فتقول: «الأموات بيكونوا نايمين، وبنقعد أنا وجيرانى نتكلم جنبهم بس لما بيكون فيه ميت جديد بقعد كام يوم خايفة لكن بعد كده بتعود عليه»، وعن الأوضاع الحالية تؤكد: «عاوزين واحد يعمل الصح وخلاص، الكل بيتكلم وبس، الكلام مش بفلوس، نريد فقط شقة آدمية نسكن بها أنا وعيال ابنى اللى قاعد معايا هو ومراته، عددنا 9 نسكن فى غرفتين بس. بخاف على الواد الصغير ابن ابنى لما بيروح يلعب جنب المقابر فى قلب الحوش بتاعنا، منذ 6 شهور جالنا موظفين من الحكومة بجانب شباب كثيرين من جمعيات خيرية ومن بنك الطعام لبحث حالتنا ومساعدتنا بالأغذية ولم نتلق أى شىء منهم».
يظل سكان المقابر متأهبين لاستقبال زائر جديد ما بين متوفى يزيد من كثافة الحضور بينهم، أو باحث يعدهم بتحسين أوضاعهم التى لم تشهد تغييراً طوال حياتهم فى ذلك المكان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.