أيها الضمير الغائب! متى تعود من جديد؟ هل من أمل لعودتك مرة أخرى كى تقود وتسود؟ هناك مصادر عليمة تؤكد اغتيالك على أيدى الفاسدين من فلول النظام البائد، وهناك مصادر مطلعة تُرجع تعرّضك لعملية تصفية من الجماعة المحظورة ومؤيديها من التكفيريين، بيد أننى على يقين بأنك موجود، لكنك «ضمير مستتر» أو «ضمير خجول» تحتاج إلى بيئة صحية وجو نظيف كى تعود حاكماً ومتحكماً فى أمة تبحث عن نفسها! إننا فى أمس الحاجة إلى عودة الضمير، لأنه غاب وطال غيابه، إن صور ومظاهر غياب الضمير لا تُعد ولا تُحصى، لكننى أتعرّض اليوم لأكثر عمليات غياب الضمير وقاحة، وهى إصرار رموز الفساد من النظام البائد على العودة مرة أخرى إلى المشهد السياسى عبر صناديق الانتخابات البرلمانية المقبلة، ألا يستحى هؤلاء؟ ألا يوجد لديهم بقية من ضمير أو أخلاق؟ إن محاولات تبييض السمعة وغسيلها عبر أصوات الناخبين غير النابهين أو المنتبهين هى عملية تدليس غير مشروعة فى كل الشرائع. إن الحزب الوطنى ونظامه ونوابه وقياداته وأتباعه قد مات موتاً لا رجعة فيه، ولأن الضرب فى الميت حرام، لم أحاول أن أتكلم عنه، فثقافتنا لا تقبل التشفّى.. لكن ما يجرى على الساحة من محاولات مستميتة من جانب فلول هذا الحزب شىء يدعو إلى الدهشة والاستغراب، فبعد كل هذه الفضائح التى صنعها الحزب بسياساته الخرقاء ورجاله تلك الفضائح التى تحوى قصصاً للفساد والإفساد لا مثيل لها على مر التاريخ بطوله وعرضه، الفساد الرأسى يلتحم بالفساد المحورى ومن ثم حدث التوسّع الأفقى. لقد كان النظام السابق وبطانته المفسدة أبطالاً لأضخم سيمفونية فساد عرفها العالم بأسره، لقد شارك الجميع، جميع قيادات ونواب وأعضاء الحزب الوطنى فى هذه الجرائم، فالفاسد لم يفسد إلا بوجود مفسد والمفسد لن يستطيع أن يؤدى مهمته إلا بوجود أغطية تشريعية وقانونية وإعلامية، إننى لا ألوم الفاسدين الذين استغلوا المناخ الفاسد ونهشوا فى أعراض الوطن بقدر ما أحمّل المسئولية لمن شرّع وفصّل القوانين على مقاس الفاسدين. كما أن الإعلاميين الذين هلّلوا وصفّقوا وبشّروا الشعب المسكين بغير الحقيقة عليهم اللعنات من ربهم، إن مصر وقعت تحت حكم جماعة لها قانونها الشيطانى، وبكل جرأة أقول إن هؤلاء الذين شاركوا فى تضليل الشعب وسرقة مقدراته، سواء بالمشاركة أو بالصمت، عليهم لعنة الله ولعنة الشعب، إننى أكتب هذا المقال وأنا أرى وأراقب عن كثب تحركات بعض فلول الفاسدين من قيادات الحزب الوطنى، لبعث حزبهم من جديد فى محاولة منهم للحفاظ على ما سرقوه وما نهبوه، إن كل واحد من هؤلاء يحاول أن يغسل يديه ويبرّئ نفسه من الجرائم والنكبات التى ارتكبها الحزب، والغريب أن هؤلاء يتحدّثون عن الحزب ببلاهة شديدة، وكأنهم لم يكونوا جزءاً لا يتجزّأ منه. والآن هل يحق لهؤلاء أن يتحوّلوا ويركبوا الموجة ويقوم كل منهم بإزالة المساحيق القديمة التى تغطى وجوههم ليقوموا بعمليات تجميل جديدة تتناسب مع المرحلة الجديدة، إن هؤلاء بدأوا فى استخدام عبارات جديدة وشعارات جديدة وبدأ كل منهم فى البحث عن خارطة طريق خاصة به، يحاول من خلالها العبور إلى مرحلة جديدة، فهل نحن منتبهون؟!