ليست صدفة أن أكبر قضايا الفساد التي تنظر الآن امام النائب العام تورط فيها أعضاء من الحزب الوطني.. وليست مصادفة ان يكون كل المتهمين وكل من تشير اليهم اصابع الاتهام من مسئولين ووزراء كانوا جميعاً ينتمون الي نفس الحزب فالواقع يقول ان الحزب الوطني تحت رئاسة مبارك كان الراعي الرسمي للفساد والمفسدين ولكن من أفسد من.. السلطة ام الحزب، أو بمعني آخر من الجاني منهما ومن الضحية؟.. كلاهما افسد الآخر فالسلطة المطلقة افسدت الحزب وبعد فترة انتقل فساد الحزب الي السلطة فأفسد كل منها الآخر.. أي حزب يولد من رحم السلطة لابد أن يتسلل اليه الفساد ويزداد الفساد باستمرار احتكار الحزب للسلطة ومن الطبيعي ان الحزب الذي يحتكر السلطة علي طول الخط بل ويحتكر ثروات هذا البلد يصبح قبلة للمنتفعين والمفسدين ومأوي للزواحف والفطريات والطحالب والخفافيش والفئران.. فهل حزب بهذا الوضع الاجرامي كان حزباً سياسياً أم كان حزب لصوص وحرامية؟ للأسف الشديد الحزب الوطني لم يكن يوماً حزباً سياسياً بل كان اشبه بمعمل تفريخ للصوص والحرامية وكانت السرقة هي الهواية المستحبة لمعظم من أوكلت إليه المسئولية في هذا الحزب او حكومة الحزب وصار من لا يسرق متخلفاً ولا يساير الفكر الجديد لأمانة اللصوص بالحزب التي كان يترأسها مبارك الابن ووجد الجميع ان الجميع ينهب ويسلب فاطمأنوا وراحوا يمشون وراء اقدام سادتهم.. هكذا استبيحت مصر في عهد مبارك وحزب مبارك فمن رأي نفسه علي رأس وزارة او مؤسسة اعتبر انها ملكه فاستباح مالها وتصرف فيها بما يحقق له المليارات وخلق حوله دائرة من اللصوص اقل قليلاً في المقام والدخل يسهلون له السرقة نظير معلوم يعلمه او من خلف ظهره ايماناً بالنظرية التي تقول ان المسئول الفاسد لا يمكن ان يحيا ويتمتع بفساده الا لو ترك من حوله يفسد أيضا حتي يسكت وتنكسر عينه امام فساد المسئول وبالتالي صار المال العام سداحاً مداحاً استطالته كل الايادي المسئولة عنه ولم ير هؤلاء اللصوص في مصر سوي امكانية نهبها والاستمتاع بخيرها علي حساب ابناء الشعب الغلابة الذي كان هناك مخطط منظم ومنضبط لإفقارهم ايمانا بالنظرية التي تقول ان النظام الفاسد لا يمكن ان يحكم شعباً شبعان فالشبعان يفكر فيرفض فيثور اما الجوعي فلا يثورون علي النظم الفاسدة لأنهم يلتهون في البحث عن لقمة العيش. هكذا انتشر وباء سرقة المال العام من اقصي مصر الي اقصاها تحت حماية مبارك الأب ومبارك الابن وادرك هؤلاء اللصوص جيداً هذه الهواية ودرسوا قوانينها وعرفوا انهم في مأمن طالما أن الذي يحميهم الرجل الكبير وابن الرجل الكبير ولم يتوقع احد منهم انه سيأتي اليوم الذي يقع فيه الكبير والصغير ويسقط النظام وتتساقط شبكة الفساد وينهار الجدار علي الجميع وتفتح الملفات وتنشر الفضائح علي عينك يا تاجر وقد جاء هذا اليوم لتكشف الثورة النقاب وترفع الغطاء عن النهب المنظم لثورة مصر من جانب الرؤوس الكبيرة والأذناب الصغيرة التي تنتمي لما يسمي بالحزب الوطني لتكون حياة الحزب وحياة اعضائه تصلح لتكون فصولاً متتابعة في كتاب اسود كل فصل به "حكاية من وراء القضبان". فهل بعد كل ما حدث وبعد ان اصبح هذا الحزب مرفوضاً ومنبوذاً علي كافة المستويات الشعبية ومن جميع المصريين الذين شعروا بالحرية بعد أن انتهت صلاحية هذا الحزب في 25-1 وتم تنفيذ حكم الحرق علي مقراته في 28-1 وشيعت جنازته واستخرجت له شهادة وفاة في 11-2 يخرج علينا من يحاول احياء الحزب من جديد.. انه كان حزباً وانتهي فكيف يعود!!؟ وكيف بعد ان دمر زلزال الثورة المعبد علي الكهنة يخرج من يحاول جمع الاشلاء ولملمة العظام من تحت الأنقاض لتعود الحياة للمعبد من جديد.. فعلاً اللي اختشوا ماتوا. [email protected]