يختلف التهجير القسرى للمواطنين المصريين الأقباط فى سيناء عما حدث معهم فى دهشور أو العامرية إلخ؛ ففى سيناء لم يكن بوسع اللواء السيد عبدالفتاح حرحور محافظ شمال سيناء سوى إجلاء الأسر المسيحية من مناطق الاحتلال الوهابى مثل (رفح) إلى المناطق المصرية المحررة مثل (العريش)؟! وليس معنى ذلك أن مايحدث فى رفح للأقباط ليس تهجيرا قسريا، بل يزيد على ذلك؛ فهو تطهير عرقى من قبل أصحاب الرايات السوداء للمصريين عموما بدأ من الحلقة الضعيفة وهى المواطنون المصريون الأقباط، ومن يراجع «الوطن» سيجد مقالين للكاتب حول المخاطر التى تهدد سيناء بالانفصال عن التراب الوطنى، وعلى سبيل المثال لا الحصر ومنذ 29/7/2011 وحتى الآن قام السلفيون الجهاديون التكفيريون ب(85) عملية ضد كمائن الشرطة والقوات المسلحة أدت إلى قتل وجرح (2011) من الضباط والجنود، إضافة للهجوم على كمين الرويسةبرفح (41) مرة فى شهر ونصف الشهر، والهجوم على مديرية أمن العريش ورفع الرايات السوداء عليها،كل ذلك بعد مؤشرات واضحة على أن تلك الجماعات تحاول إثبات عدم سيطرة الحكومة المصرية على سيناء. ولا ينفصل ما يحدث فى سيناء عن أزمة الإسلام السياسى عامة والتيار السلفى خاصة، فالرئيس محمد مرسى يحاول جاهدا حماية حدود الوطن وحماية حدود الجماعة،وهنا يتجسد التناقض، فالحلفاء السلفيون أحد أجنحتهم الجهادية التكفيرية انشقت عن التيار الدعوى فى اتجاهين: الاتجاه التكفيرى غير المسلح ويحاول وضع مبدأ تكفير الأقباط على أجندة الوعى التام وعلى سبيل المثال قيام الشيخ ياسر برهامى بتكفير الأقباط (14) مرة فى فتاوى موثقة فى «صوت السلفى» وموقع «أنا سلفى» وآخرها فتوى عدم توصيل القساوسة للكنائس واعتبار ذلك أشد كفرا من توصيل السكارى للخمارات!! كل تلك الفتاوى والدعاوى التكفيرية لعبت أبرز الأدوار فى خلق مناخ برز بشكل خاص فى ظل علنية وحرية ما بعد ثورة 25 يناير، فمثلا من يراجع ما حدث فى أسيوط سيجد أن الأحداث وقعت فى مناطق النفوذ السلفى، ومن يرصد محافظة الجيزة من العمرانية 2010 وحتى دهشور 2012 مرورا بأطفيح وإمبابة سيجد أن هناك ست حوادث تم فيها التهجير القسرى وحرق الكنائس وكل هذه مناطق نفوذ سلفى ويتجلى ذلك فى وجود نواب لحزب النور والأحزاب السلفية، ولا يختلف ذلك عما حدث فى قرية شربات فى العامرية وغيرها من الأماكن، وصولا لمحاولة الشيخ أبوإسلام لشرعنة تمزيق الإنجيل المقدس على أن هذا الإنجيل ليس الإنجيل الحقيقى!! هكذا يستغل التيار الدعوى للحركة السلفية التحالف مع جماعة الإخوان والتصويت للرئيس مرسى لتطبيق منهجهم التكفيرى بالعنف الفكرى واكتساب مشروعية تمرير المذهب الوهابى عبر بوابة إخضاع الأقباط أو أسلمتهم دينا أو ثقافة، أو تهجيرهم لإعادة توزيع السكان على أسس جغرافية تقسيمية. أما الجناح المسلح فى سيناء فيتبع ذات المنهج القديم الذى اتبعته الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد قبل المراجعات، حيث قامت تلك الجماعات التكفيرية من أصحاب الرايات السوداء بالهجوم على مؤسسات الدولة فى سيناء ولم تحقق أغراضها كاملة فلجأت إلى ضرب السياحة (اختطفت تلك الجماعات 114 رهينة) منذ أبريل 2011 وحتى الآن ولكن أهدافهم لم تتحقق فلجأت تلك الجماعات لتهديد الأقباط وتهجيرهم القسرى حتى (تلوى ذراع الدولة) وتكتسب مشروعية إعلامية تضع الدولة فى موقع الضعيف غير المسيطر على شبه الجزيرة، كل ذلك من أجل إرسال رسالة للعالم بأن شبه جزيرة سيناء لا تخضع لسيطرة الدولة المصرية وأن أى حلول للقضية الفلسطينية عن طريق الإخوان وحماس عبر سيناء لن تتحقق بدون التفاوض معهم.