قال خبراء تربويون إن وزارة التربية والتعليم «مسئولة سياسياً» عن كوارث المدارس وموت التلاميذ، خاصة بعد تكرار حوادث وفاة الطلاب بسبب تدهور الأوضاع والتقصير من قبَل المسئولين بالإدارات التعليمية. من جانبه، قال الدكتور أشرف محرم، أستاذ أصول التربية والسياسة التعليمية بكلية التربية جامعة عين شمس، إن «ما تشهده بعض المدارس من كوارث تصل إلى حد موت التلاميذ نتيجة لسقوط باب مدرسة أو نافذة على أحدهم، هو مسئولية سياسية تتحملها وزارة التربية والتعليم، التى هى وزارة ردود فعل فقط»، حسب تعبيره. وأضاف «محرم» ل«الوطن» أن «من الضرورى تفعيل عمل جهاز المتابعة فى الوزارة بضمير بدلاً من الاكتفاء بإمضاء الأوراق، وكذلك محاسبة هيئة الأبنية التعليمية ومتابعتها أولاً بأول، خاصة أن الوزارة فى حاجة إلى تنظيم واضح وإلى مراجعة أعمالها جيداً لمعرفة محاسبة المقصرين فى مسئولياتهم، علماً بأن الوزير فى أى دولة يستشعر الحرج فى حالة وجود تقصير ما، وما يحدث يومياً بالمدارس هو مسلسل سخيف»، حسب قوله. من جهته، قال الدكتور أحمد يحيى، أستاذ علم الاجتماع السياسى بجامعة قناة السويس، إن «المشكلة الحقيقية تتمثل فى ضعف المتابعة والرقابة»، مشدداً على «ضرورة محاسبة المقصرين والمهملين وتشكيل لجان دورية لمتابعة أعمال الصيانة الدورية المطلوبة فى المؤسسات التعليمية، مع توفير الاعتمادات المالية الخاصة بالصيانة والأبنية، ومعالجة القصور فى المدارس التى تحتاج إلى ملايين الجنيهات». فيما اعتبر الدكتور كمال مغيث، الخبير التربوى، أن «الكوارث التى تشهدها المدارس دليل على اكتمال انهيار وفشل المنظومة التعليمية، التى لا تقوم بدورها المنوط بها بناء على مقاييس جودة التعليم، فضلاً عن معاناة عدد من المدارس من المآسى الأخلاقية وكافة أشكال العنف والتحرش، إلى جانب خلايا الإخوان النائمة التى تعبث بعقول التلاميذ». ولفت «مغيث» إلى أن «الحل الأمثل لمأساة موت التلاميذ داخل المدارس هو إعداد تقرير مع بداية كل عام دراسى، على أن تتولى هيئة الأبنية التعليمية إصداره فى الإجازة الصيفية كل عام، من خلال زيارة المدارس ومعرفة مدى جاهزيتها لاستقبال التلاميذ من خلال متابعة المبانى والأسقف، والبوابات، والكهرباء، والأسوار، بحيث تكون الهيئة هى المسئولة عن تقاريرها هذه، إلى جانب تفعيل فكرة الصحة المدرسية لإسعاف التلاميذ المصابين سريعاً، وإنشاء وحدة صحية فى كل مجمع مدارس للاستعانة بها فى الحالات الطارئة». ونوه «مغيث» بأن «وزير التربية والتعليم يتحمل المسئولية السياسية والأدبية عن فقدان التلاميذ أرواحهم بالمدارس؛ لأنه المسئول عن المنظومة ككل، لكن الوزير يتبع سياسة كبش الفداء لتهدئة الرأى العام، وأنا أقول لمسئولى الوزارة: اتقوا الله فى أطفالنا». ورأى الدكتور عادل عبدالفتاح، رئيس قسم التربية المقارنة بجامعة عين شمس، أن «الكوارث التى تشهدها المدارس وتصل إلى حد موت الأطفال هى أمور جنائية لا بد من محاسبة المسئول عنها»، معتبراً أن «الوزارة وهيئة الأبنية التعليمية هما المسئولان الرئيسيان عما يحدث وعما تشهده المدارس من إهمال». وشدد «عبدالفتاح» على «ضرورة إعداد تقارير دورية عن سلامة المدرسة بضمير، وأن تكون هذه التقارير واقعية، وفى حال وجود مخالفة تتم محاسبة مسئولى هيئة الأبنية التعليمية وفق القانون». بينما أكد حسين إبراهيم، الأمين المساعد ل«نقابة المعلمين المستقلة»، أن «المسئولية الجنائية تقع على المقصرين فى أداء أدوارهم، أما المسئولية الأدبية والسياسية فتقع على عاتق كل من وزير التربية والتعليم والمحافظين، فإن كان هناك تقصير من مشرف دور أو مدرس فصل أو حتى مدير مدرسة فهؤلاء يجب مساءلتهم فوراً وعزلهم من مناصبهم ومحاكمتهم إذا لزم الأمر، أما الوزير أو المحافظون فعليهم التقدم باستقالاتهم فوراً». وتساءل «حسين»: أين دور وزير التعليم فى توجيه التعليمات باستمرار والمتابعة والمرور المفاجئ على المدارس بدلاً من الانتظار لتلقى التقارير التى تأتى من هنا أو هناك وتكون دائماً مجملة بعبارة «كله تمام يافندم»؟ وأين الدور الحقيقى للوزير فيما يجرى داخل أروقة هيئة الأبنية التعليمية واطلاعه على عمليات الصيانة الدورية التى من المفترض أن تتم فى المدارس، وهى فى أكثر الأوقات تتم على الأوراق فقط، وإن تمت تكون مخالفة للمواصفات؟ وأين دور المحافظ فى المتابعة والمرور المفاجئ وتوجيه التعليمات لمجالس المحليات ولرؤساء الأحياء بالمتابعة اليومية، وتوجيه التعليمات لأقسام الشرطة لوقف الاعتداءات على المعلمين من أولياء الأمور، وأيضاً على الطلبة والطالبات من البلطجية الذين يقتحمون المدارس فى أوقات كثيرة ويثيرون الرعب والفزع فى نفوس كل العاملين والطلاب؟ ولفت «حسين» إلى أن «السبب الرئيسى فى هذه الحوادث هو إهمال وتقصير المسئولين فى أداء أدوارهم، والنتيجة النهائية أن يكون كبش الفداء هو مدرس الفصل أو مشرف الدور أو حتى مدير المدرسة».