يبدو أن حوادث المدارس أصبحت عرضاً مستمراً، حيث لا يكاد يمر يوم إلا وتقع حادثة جديدة تسفر عن قتيل أو مصاب، حيث شهد الأسبوع الماضى 3 حالات وفاة، أبرزها حادثة «ذبيح المطرية»، التى راح ضحيتها الطفل «يوسف»، نتيجة سقوط زجاج النافذة على رقبته، وتم نقله إلى عدة مستشفيات، واستمر ينزف أكثر من 4 ساعات، حتى توفى داخل المستشفى. «يوسف» لم يكن الأول ولم يكن الأخير، وإنما لحق به الطالب يوسف سلطان عبدالكريم، 6 سنوات، تلميذ بالصف الأول الابتدائى، الذى توفى إثر سقوط بوابة المدرسة عليه، مما تسبب فى وفاته فى الحال. وقال سلطان زكى، والد الطفل المتوفى: إن الإهمال قتل نجله، لافتاً إلى أنهم أرسلوا شكاوى عديدة إلى وكيل وزارة التعليم، تطالبه بصيانة المدرسة، ولم يستجب لندائهم. وأضاف أن المدرسة قريبة من البحر وتم إنشاؤها منذ أكثر من 22 عاماً والصدأ يأكل الأبواب ولم يتم عمل الصيانة الدورية لها، مطالباً بمحاسبة المسئولين عن وفاة نجله لعدم تكرار الحادث مع أىٍّ من التلاميذ. كما وقعت حالة وفاة ثالثة، للطالب حسن هانى بمدينة السلام بمدرسة عثمان ابن عفان، بسبب سقوطه من درجات السلم وإصابته بكسر فى الجمجمة. فيما قرر الدكتور محمود أبوالنصر، وزير التربية والتعليم، صرف 30 ألف جنيه للأسر، تعويضاً عن فقد أبنائهم، وتحويل المسئولين إلى التحقيق. وقال وزير التربية والتعليم، إن أطفال مصر هم ثروتها التى لا تعوّض، والاستهانة بسلامتهم خيانة عظمى. وحذر الوزير، مسئولى التعليم بالمحافظات من التهاون فى متابعة المدارس، وشدّد على ضرورة التأكد من توفير سبل الأمان والسلامة لجميع الطلاب، ووجّه بسرعة إنجاز المهام التى سبق أن كلف بها اللجان المتخصصة، للمرور على جميع المدارس فى كل المحافظات لضمان كفاءة مرفق المدارس وصلاحيتها. وأصدر الوزير قراراً بإلغاء ندب صفى الدين موهوب مدير مديرية مطروح، لإهماله متابعة أعمال الصيانة بالمدارس وندب محمد عبدالفتاح الشركسى مديراً للمديرية، وإحالة مديرة مدرسة الزغيرات الابتدائية، ومدير الإدارة التعليمية، ومدير المتابعة بالمديرية إلى التحقيق، ووقفهم عن العمل، وإحالة مدير فرع الأبنية التعليمية بمطروح ومدير إدارة التخطيط بالمديرية، إلى النيابة الإدارية، وذلك بعد وفاة أحد التلاميذ بعد سقوط باب المدرسة عليه. وأوضح الوزير أن مدير منطقة هيئة الأبنية التعليمية بمطروح كان قد قدم شهادة معتمدة من مدير المديرية والإدارة التعليمية، بأنه لا يوجد ما يؤثر سلباً على العملية التعليمية وأمن وسلامة الطلاب. وكان الوزير قد أحال مدير مدرسة عمار بن ياسر بالمطرية إلى التحقيق ووقفه عن العمل، وكذلك مُدرسة الفصل، ومشرف الدور، ومسئولى الأمن والصيانة، فى حادث الطالب يوسف محمد يحيى الذى لقى مصرعه بعد سقوط زجاج نافذة الفصل عليه. ووجه الوزير تعليمات مشددة إلى مدير هيئة الأبنية التعليمية وكل مديرى المديريات التعليمية، ببذل أقصى جهد وتكليف جميع مديرى المدارس بالتأكد من سلامة المدارس وتوفير بيئة آمنة للطلاب. وتبرّأ اللواء محمد فهمى مدير هيئة الأبنية التعليمية، مما يحدث بالمدارس وموت الطلبة، قائلاً: إن الهيئة غير مسئولة عن صيانة المدارس، وإن المسئولية تقع كاملة على المديريات التعليمية، لافتاً إلى أنه منذ عام 2010 حتى الآن، يتم إرسال ميزانية صيانة المدارس إلى المديريات مباشرة، ولا تتدخل الهيئة فيها بأى شكل. وأضاف «فهمى» أن الوزير أحال مسئول هيئة الأبنية ومدير المدرسة وجميع المسئولين بالمديرية والإدارة إلى التحقيق، والتحقيق سيُثبت من المسئول. بينما قال الدكتور عبدالحفيظ طايل مدير مركز الحق فى التعليم: «الإهمال فى المدارس ليس مشكلة أشخاص، بقدر ما هو مشكلة سياسات تتحمل مسئوليتها هيئة الأبنية التعليمة ووزارة التربية والتعليم، وتنظر الدولة إلى التعليم بوصفه سلعة، وبالتالى التعليم المجانى يعانى من أعطاب السلع الرخيصة، بدءاً من شكل الكتاب المدرسى والفصول، وتأهيل المعلمين مهنياً وتربوياً، وأخيراً ما تعانيه من حوادث الموت. فادية مغيث الخبيرة التربوية، قالت: إن «وزارة التربية والتعليم والأبنية التعليمية مسئولة مسئولية كاملة عن الإهمال الموجود بالمدارس». وأضافت أنه من المفترض أن هناك إدارة للأبنية المدرسية فى كل منطقة تعليمية، مهمتها الإشراف على جودة الأبنية ومتابعتها، والتأكد من أن المدارس ليس بها أخطاء قد تمثل خطورة على التلاميذ، مثل بيارات الصرف الصحى التى لقى عدد من الأطفال مصرعهم إثر سقوطهم بها فى أكثر من مدرسة، فضلاً عن البوابات الحديدية والنوافذ التى تسقط كل يوم لتقتل زهرة من زهور أسرنا. وتابعت «مغيث»: «لا بد من تفعيل القوانين التى تواجه الإهمال بجدية أكثر، خصوصاً ما إذا كان هذا الإهمال متعمداً، ويجب أن يكون هناك رد فعل سريع من الدولة، ومن كل المؤسسات المختصة بالمنظومة التعليمية، حيث سرعة إجراء التحقيقات، وسرعة الضبط القضائى والمحاكمة، حتى لا تمر كل حادثة مرور الكرام، دون معاقبة المقصرين. وفى الإسكندرية، تلقت إدارة مدرسة لوران الثانوية بنات بإدارة شرق التعليمية بالإسكندرية، أمس، منشوراً من المديرية التعليمية بقرار وقف معلم الرياضيات، بطل واقعة محاولة التحرّش بطالبة، ومواعدتها فى شقة، مقابل عدم اتهامها بتحريض الطالبات على التظاهر، الواقعة التى كانت «الوطن» قد انفردت بنشرها. وقال يوسف الديب، مدير إدارة شرق التعليمية، ل«الوطن»: «اتخذت قراراً بإحالة المدرس إلى الأعمال الإدارية، وإبعاده عن التدريس للطلاب أو الطالبات، لحين انتهاء التحقيقات الرسمية فى القضية، التى تنظرها النيابة الإدارية بالإسكندرية»، وأضاف: «إذا تمت إدانة المدرس وإثبات تهمة مراودة الطالبة عن نفسها، ستتخذ الإدارة التعليمية قرارات نهائية بشأنه، ليكون عبرة لغيره من المدرسين، بخلاف الحكم القضائى الذى سيصدر ضده فى هذه الحالة». وفى السياق نفسه، تواصلت العقيد منال عاطف، من إدارة مكافحة العنف ضد المرأة بوزارة الداخلية، مع أسرة الطالبة، عبر «الوطن»، وأكدت أنها ستقوم بما يلزم فيما يخص الأزمة، مؤكدة أن الإدارة تبذل جهوداً مضنية لحماية الفتيات من التحرش والعنف.