يعد العنف المنزلى ظاهرة واسعة الانتشار، لا سيما ضد الفتيات والنساء، حيث تعانى من جميع المستويات والخبرات؛ فما يقرب من نصف (47.4٪) النساء المتزوجات فى مصر تعرضن للعنف الجسدى فى وقت ما من حياتهن وهن بالغات وفقاً للمسح الديموغرافى والصحى لمصر، وقد برزت فروق لافتة للانتباه بين المناطق الريفية والحضرية فيما يتعلق بإجمالى نسبة النساء المتزوجات اللاتى تعرضن للعنف الجسدى منذ بلوغ سن 15 سنة، حيث تعرّضت نساء من الحضر بتعرضهن لعنف زائد، مقارنة بالنساء الريفيات، كما برزت الفروق وفقاً للثراء واضحة. أفادت نسبة 33% من النساء بأنهن تعرّضن فى وقت من الأوقات للضرب، أو الصفع، أو الركل، أو أى شكل من أشكال العنف الجسدى على يد زوجهن الحالى أو السابق، مما يؤكد انتشار العنف الزوجى (سواء كان نفسياً، أو جسدياً، أو جنسياً) عبر الفئات الاجتماعية والاقتصادية المختلفة للنساء، وعلى الرغم من أن انتشار العنف ينخفض فى صفوف أولئك اللاتى تنتمين إلى مستويات اجتماعية أعلى وحصلن على مستويات أعلى من التعليم، فإن ما يقرب من 24% ممن أكملن التعليم الثانوى أو حصلن على قدر من التعليم العالى و25% ممن ينتمين إلى أعلى المستويات الاجتماعية قد اختبرن العنف الجسدى على أيدى أزواجهن. وقد أفادت المستجوبات اللاتى تزوجن فى سن مبكرة (قبل بلوغ 20 سنة) بمستويات أعلى من التعرّض للعنف على أيدى الزوج السابق أو أحدث زوج؛ كما تشير نسبة مرتفعة من المطلقات إلى أن العنف الزوجى و(أو) المعاملة القاسية كانا السبب الأساسى لإنهاء الزواج. إن العنف ضد النساء لا يقتصر على مصر فقط، بل يكتسى بعداً عالمياً، فهو يتجاوز كل الحدود الثقافية والدينية والمعرفية ويطال كل المجتمعات حتى المتحضرة منها. وقد عرّف الإعلان العالمى للقضاء على العنف ضد المرأة العنف بأنه أى فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عليه، أو يرجّح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة، سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية، بما فى ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفى من الحرية، سواء حدث ذلك فى الحياة العامة أو الخاصة. فهو كل سلوك أو فعل موجّه إلى المرأة يقوم على القوة والشدة والإكراه، ويتسم بدرجات متفاوتة من التمييز والاضطهاد والقهر والعدوانية، ناجم عن علاقات القوة غير المتكافئة بين الرجل والمرأة فى المجتمع والأسرة على السواء، والذى يتخذ أشكالاً نفسية وجسدية متنوعة فى الأضرار، والعنف القائم على أساس نوع الجنس الذى ينال من تمتع المرأة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية، وتشتمل هذه الحقوق والحريات على ما يلى: أ. الحق فى الحياة. ب. الحق فى ألا تخضع المرأة للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. ج. الحق فى حرية شخصها وأمنها. د. الحق فى الحماية المتساوية أمام القانون. ه. الحق فى المساواة فى نطاق الأسرة. و. الحق فى التمتع بأعلى المستويات الممكنة من الصحة الجسدية والنفسية. ز. الحق فى العمل فى ظروف عادلة ومواتية. ومن المؤكد أن مرتكبى العنف على مستوى العالم يبررون جرائمهم بمرجعيات متعددة، منها الدينى، بصرف النظر عن اختلاف الأديان، أو الاجتماعى رغم التباين الضخم فى العادات والتقاليد عبر القارات الست، لكن الفارق بين دولة وأخرى هو التباين فى احترام حقوق النساء كمواطن وإنسان، وسن القوانين التى تحمى من العنف وتردع المرتكب ولا تبتز بمبررات لممارسة جريمة لم يعد السكوت عنها ممكناً.