فى محاولة أمريكية لإقناع مصر بالدخول فى التحالف الدولى لمواجهة تنظيم داعش الإرهابى وظاهر ذلك جلياً من زيارة، جون كيرى، وزير الخارجية الأمريكى، ولقائه برئيس الجمهورية ووزير الخارجية وفقاً لقمة جدة الأخيرة المدعو لها من قِبل أمريكا وبرعايتها نظراً لخبرة مصر فى مجال مكافحة الإرهاب على مدار ثلاثة عقود خاضت مصر حرباً ضروساً ضد الإرهاب ابتداء من تنظيم الفنية العسكرية مروراً بتنظيم الجهاد والجماعة الإسلامية وتنظيم طلائع الفتح وأخيراً جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية وظهور الكثير من الجماعات الجهادية الصغيرة، فخبرة مصر فى مجال مكافحة الإرهاب طويلة وعميقة، وبمطالعة الإطار القانونى والتشريعى الذى تنتهجه الحكومة المصرية لمواجهة الإرهاب يتكون من قانون العقوبات والإجراءات الجنائية، وقانون غسل الأموال، وقانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية، وقانون الأسلحة والذخائر، وقانون البنك المركزى والجهاز المصرفى، فجميع هذه التشريعات السارية المفعول تشكل منظومة لمواجهة جرائم الإرهاب، سواء على المستوى الموضوعى أو المستوى الإجرائى وسواء تمثلت المواجهة فى إجراءات منع أو إجراءات ضبط وتعقب أو إجراءات محاكمة وتجفيف منابع الإرهاب وجماعاته، فقد كانت مصر من أوائل الدول التى سارعت ودعت العالم، وفى مقدمتهم الولاياتالمتحدةالأمريكية، لضرورة التعاون الدولى لمكافحة الإرهاب، وحرصت على أن تتضمن تشريعاتها المختلفة نصوصاً تتفق مع التزاماتها الدولية والإقليمية. إن مصر منذ عام 1992 أصدرت التشريع رقم 97 لسنة 1992 لتجريم الإرهاب إثر موجة الاعتداءات الإرهابية التى تعرضت لها البلاد آنذاك وجاءت بتعريف محدد للجريمة الإرهابية وجرم القانون الإرهاب فى جميع صوره التنظيمية، فجرم التعاون أو الالتحاق بأى جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة إرهابية أياً كانت تسميتها فى خارج البلاد طالما كانت تتخذ من الإرهاب والتدريب العسكرى وسائل لتحقيق أغراضها حتى لو كانت أعمالها غير موجهة إلى مصر إسهاماً منها فى مجال التعاون الدولى فى مكافحة الإرهاب، كما جرم المشرع المصرى كل من سعى إلى تأليف عصابة أو تولى زعامة أو قيادة ما بشرط أن تهاجم طائفة من السكان أو تقاوم رجال الإدارة بالسلاح فى تنفيذ القوانين سعياً منها لمسايرة موقف العديد من التشريعات الدولية مثل إنجلتراوأمريكا وألمانيا وإسبانيا، واعتبر الإرهاب ظرفاً مشدداً سواء تعلق بالسلوك الإجرامى أو الغرض من الجريمة وهو موقف يتفق أيضاً مع معظم التشريعات الحديثة. فقامت مصر بالتصديق على اثنتى عشرة آلية دولية لمكافحة الإرهاب حتى الآن، وبادرت إلى توجيه العديد من نصوص الاتفاقات الدولية إلى تشريعات نافذة وقابلة للتطبيق، فضلاً عن تصديقها على العديد من الاتفاقات الإقليمية على المستوى الدولى المتعلقة بمكافحة الإرهاب، والجدير بالملاحظة أن قانون العقوبات المصرى يطبق على مُرتكب الجرائم الإرهابية حتى لو كان أجنبياً مقيماً فى الخارج وذلك حال عودته إلى مصر، فضلاً عن أن القانون المصرى يسمح بالاعتراف بالأحكام الأجنبية الصادرة فى الخارج فى حدود معينة، بالإضافة إلى وجود العديد من الاتفاقات الثنائية بين مصر والدول الأخرى بشأن تسليم المجرمين وتبادل المعلومات والتعاون فى مجال مكافحة الإرهاب وغسل الأموال والمخدرات. فخبرة الدولة المصرية كبيرة وعميقة فى مجال مكافحة الإرهاب، وهو أمر تعلمه الإدارة الأمريكية جيداً وتدرك أهمية مصر فى مكافحة الإرهاب بالمنطقة، نظراً لخبرتها فى تعاملها مع هذه المنظمات الإرهابية من الجانب التنظيمى والفكرى والتمويلى، فبادرت الإدارة الأمريكية بتسليم مصر دفعة طائرات الأباتشى المتوقفة عن تسليمها للحكومة المصرية بغية تحفيزها فى مساعدتها من حيث الخبرة والمعلومات فى كيفية تعاملها مع مختلف التنظيمات، خاصة أن أمريكا قد حسمت موقفها من التحالف الدولى ضد «داعش» واعتبرت رسمياً أنها فى حالة حرب ضد التنظيم، وذلك على لسان «جوش أرنست» المتحدث باسم الرئاسة الأمريكية، وأن أمريكا فى حالة حرب مع «داعش» كما أنها فى حالة حرب مع تنظيم القاعدة وحلفائه فى العالم، والكل يعلم من هم حلفاء «داعش» وتنظيم القاعدة فى العالم وعلى رأسهم الولاياتالمتحدةالأمريكية.