الكتب الممنوعة أكبر دليل على أن الإبداع مقيّد بنص القانون و"شمس التنوير" تحجبها الرقابة، فإن حظر الكتب أو منعها يعتبر بشكل كبير اعترافًا ضمنيًا بمحتواها، ويظل التاريخ هو الوحيد القادر على أن يرد لبعضها مكانتها المهدرة، وتجد مكانها الحقيقي في النور بعيدًا عن ظلام الاستبعاد، وتظل تابوهات المثلث المقدس "الدين، الجنس، والسياسة" هي المتحكم في كل الأوقات، حتى في ظل أبهى عصور التنوير. فقد تعرَّضت أشهر المؤلفات في السياسة والأدب والدين في سائر أنحاء العالم على مدار التاريخ، لعدد من الاتهامات لتواجه الفناء بعد ذلك مع أصحابها وتبقى الكتب الممنوعة على الرفوف، لتؤكد أن الانغلاق والجمود لا يستطيعان الصمود فترة طويلة أمام فطرة العقل البشري في المعرفة والتحرر من القيود، وفيما يلي قائمة بأشهر 10 كتب ممنوعة: 1- رواية "آيات شيطانية" للكاتب سلمان رشدي هي رواية للكاتب البريطاني من أصل هندي، سلمان رشدي، صدرت في لندن عام 1988، وبعد مرور 9 أيام على إصدارها، منعت الهند الكاتب من دخول بلادها وتلقت دار النشر التي طبعت الكتاب الآلاف من رسائل التهديد والاتصالات التلفونية المطالبة بسحب الكتاب من دور بيع الكتب، ومُنع الكتاب في كل من بنجلاديش والسودان وجنوب إفريقيا وكينيا وسريلانكا وتايلاند وجمهورية تنزانيا المتحدة وإندونيسيا وفنزويلا وسنغافورة ومصر والكويت وإيران وباكستان السنغال وكينيا والهند. وخرجت مظاهرات تنديد بالكتاب في عدد كبير من عواصم العالم، بالإضافة إلى حرق أعداد كبيرة من الكتاب في برادفورد في المملكة المتحدة، وصدور فتوى من الخميني بإباحة دم سلمان رشدي. 2- كتاب "حقوق الإنسان" للمفكر توماس بين نشر الكاتب البريطاني توماس بين، عام 1971، مذكراته الشهيرة تحت عنوان "حقوق الإنسان"، التي كان يرد فيها على هجوم إدموند برك على الثورة الفرنسية، وهو ما منع في المملكة المتحدة، وخضع "بين" للمحاكمة بتهمة الخيانة، وأُدين إثرها وحوكم المؤلف بتهمة تأييد الثورة الفرنسية، كما تم منعه في روسيا القيصرية إبان ثورة دجنبر. 3- رواية "أولاد حارتنا" للكاتب نجيب محفوظ هي رواية تم نشرها في البداية مسلسلة في صفحات جريدة الأهرام عام 1959، ليهاجمها شيوخ الأزهر وطالبوا بوقف نشرها، فرغم عدم إصدار قرار رسمي بمنع نشرها إلا أنه وبسبب "الضجة" التي أحدثتها تم الاتفاق بين محفوظ وحسن صبري الخولي، الممثل الشخصي للرئيس الراحل جمال عبدالناصر، بعدم نشر الرواية في مصر إلا بعد أخذ موافقة الأزهر. وصدرت لأول مرة في كتاب عن دار الآداب ببيروت عام 1962، ومنع دخولها إلى مصر رغم أن نسخًا مهربة منها وجدت طريقها إلى الأسواق المصرية، ليتم نشرها في مصر بعد وفاة محفوظ في أواخر عام 2006 عن دار الشروق. وتم اتهام نجيب محفوظ بالكفر والخروج عن الإسلام، بالإضافة إلى التطاول على الذات الإلهية، ليتطور الأمر إلى محاولة اغتياله بسكين في رقبته، بالرغم من أن "أولاد حارتنا" ضمن الأعمال التي حصل عن مجملها على جائزة نوبل في الأدب. 4- رواية "مزرعة الحيوان" لجورج أورويل هي رواية صدرت عام 1945، بعدما واجهت الكاتب صعوبات جمة في محاولات طباعة المخطوط، إذ رفضها أربعة ناشرين، وحُذفت مقدمة المؤلف في جميع الطبعات تقريبًا، كما رأت قوات الحلفاء أثناء الحرب العالمية الثانية أن الرواية بأكملها تمثل نقدًا للاتحاد السوفييتي، وهي دولة حليفة في ذلك الوقت، وبالتالي رأت أن الرواية غير صالحة للنشر في زمن الحرب فأحجم الناشرون عن طبع الرواية وسحبت نسخها من المكتبات، وبعد نشر الرواية مُنعت في الاتحاد السوفييتي وغيره من الدول الشيوعية، وتم منع الرواية من قِبل الحكومة الكينية سنة 1991 ورفض مسرحية مأخوذة من الرواية لانتقادها القادة السياسيين الفاسدين، كما منعت الرواية في مدارس الإمارات العربية المتحدة سنة 2002 بدعوى احتوائها على نصوص أو صور مخالفة للقيم الإسلامية والعربية، وما زالت الرواية محظورة في كوبا وكوريا الشمالية، الدولتين الشيوعيتين. 5- رواية "شيفرة دافينشي" للكاتب دان براون هي رواية بوليسية للكاتب الأمريكي دان براون، تم نشرها خلال عام 2003، وحققت الرواية مبيعات كبيرة تصل إلى 70 مليون نسخة، وتمت ترجمتها إلى 50 لغة، وصنفت على رأس قائمة الروايات الأكثر مبيعًا، وفقًا لقائمة صحيفة نيويورك تايمز، وتم منع الرواية من دخول الفاتيكان ولبنان والأردن ومصر وعدة دول أوروبية عام 2003، بقرار مجالس الكنائس، لتصوير الكاتب دان براون الجانب الإنساني لحياة المسيح وتناوله لعلاقته بالسيدة مريم بطريقة تخالف المذكور بالإنجيل باعتبارها مسيئة للمسيحية، وتحايلت عدة دول عربية وقامت بنشر نسخ غير مرخصة. 6- رواية "عناقيد الغضب" للكاتب جون شتاينبيك الرواية التي قدمها للكاتب الأمريكي جون شتاينبيك عام 1939، وفاز عنها بجائزة بولتزر في عام 1940، وتمت مصادرة الرواية ومنعتها الولايات المتحدة الأمريكية، واعتبرتها مسيئة بأحداثها التي تدور بولاية كاليفورنيا، حيث تتناول القصة حياة أسرة فقيرة تهرب من جفاف حل بأوكلاهوما إلى كاليفورنيا، سعيًا خلف الحلم الأمريكي، ليفسد الكساد الاقتصادي في أمريكا في عام 1929 الأمر عليهم، حيث صور الكاتب طبقة المعدمين، والطبقية التي ميَّزت المجتمع الأمريكي وتناقضه بين رفع شعارات كالمساواة والعدالة وبين الفقر الذي أودى بحياة الفقراء موتًا. 7- رواية " الدكتور جيفاغو" للكاتب بوريس باسترناك هي رواية للكاتب والروائي الروسي بوريس باسترناك، الحاصل على جائزة نوبل، التي صدرت عام 1957، وتدور الرواية حول الطبيب الواقع بحب امرأتين خلال عقود الثورات والقمع الشيوعي، وهي ما قدَّمها المخرج ديفيد لين، في فيلم بنفس الاسم، وحصد بها خمس جوائز أوسكار، وتم منع الرواية من جانب الاتحاد السوفييتي في 1958، لانتقادها للبلاشفة وللشيوعية حتى عام 1988، على عكس المخابرات البريطانية التي ساعدت في نشرها لتستخدمها كسلاح دعائي قوي، كما استخدمتها إيطاليا ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية لتقوم بنشرها في موسكو والدول التابعة للاتحاد السوفييتي، لتتصدر الرواية قائمة أكثر الكتب مبيعًا لمدة ستة أشهر في صحيفة نيويورك تايمز. 8- كتاب "كفاحي" للقائد الألماني أدولف هتلر جمع الكتاب بين عناصر السيرة الذاتية والشرح التفصيلي لنظريات هتلر النازية، وتم نشره عام 1925 ونشر المجلد الثاني منه في العام الذي تلاه، وعبَّر فيه عن كراهيته لليهود وضمنه خطط بشأن الاستيلاء على أوروبا فيما بعد، وتم حظر تداول الكتاب في ألمانيا منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، ويعتبر الكتاب بمثابة تحريض صريح ضد السامية، وأكد وزراء العدل بالولايات الألمانية انحيازهم لحظر نشر الكتاب للزعيم النازي بعد انتهاء مدة الملكية الفكرية له، مؤكدين أن الكتاب مثال مخيف على الكتابة التي تحتقر الإنسان. 9- رواية "وليمة لأعشاب البحر" لأديب حيدر حيدر الرواية التي كتبها الأديب السوري حيدر حيدر، والصادرة عام 1983، وتدور أحداثها حول مناضل شيوعي عراقي هرب إلى الجزائر، غير أنه يلتقي مناضلة قديمة تعيش عصر انهيار الثورة، والخراب الذي لحق بالمناضلين هناك، بعد سبعة عشر عاما. ومُنعت الرواية في مصر ودول عربية أخرى، بعد أن تسببت في ردود فعل غاضبة من جانب المسلمين بعد إعادة طبعها في مصر سنة 2000 وبعد صدور فتوى تطالب بمنعها بدعوى إساءة "حيدر" للإسلام وللذات الإلهية، وأدت مظاهرات طلبة الأزهر الغاضبة إلى مصادرة الرواية. 10- رواية "كوخ العم توم" للكاتبة هارييت بيتشر ستو رصدت الرواية الصادرة عام 1852، للكاتبة والناشطة الأمريكية هارييت ستو، المعاناة التي عاشها الزنوج نتيجة التمييز العنصري والعبودية والتي كانت إحدى الفترات المظلمة في التاريخ الأمريكي قبل الحرب الأهلية، وحمَّست القصة القوى المعارضة للرق بشمال أمريكا، بينما أثارت غضبًا واسعًا في الجنوب. وتم حظر الرواية في ولايات الجنوب الأمريكي بعد الحرب الأهلية لمحتواها المناوئ للعبودية، كما حظرتها روسيا القيصرية في عهد القيصر "نيقولا الأول" عام 1852 لتناولها فكرة المساواة ولتهديدها للقيم الدينية.