سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«أم علاء» بعد 20 سنة أمام لهاليب الفرن: إسكندرية ماريا وترابها عيش وبيض وعسل حرارة الفرن أضرت بعينها اليمنى ومع ذلك استمرت فى مهنتها لتربية أطفالها الخمسة بعد مرض زوجها
14 ساعة تمكثها يومياً أمام الفرن، لا تعبأ بالحرارة التى تلهب وجهها ولا بانحناءة ظهرها التى تشعرها بآلام تستمر معها طوال اليوم، فعزاؤها الوحيد هو كلمات الإطراء التى تسمعها من زبائنها فور تناولهم الخبز الساخن. «أم علاء»، صاحبة فرن بلدى فى الإسكندرية، يقصدها كل من يحن لطعم العيش الفلاحى واليدوى، مهارتها فى خَبز العيش وسرعتها فى تسويته تُشعرك أنك أمام سيدة خُلقت لتلك المهنة وولدت أمام الفرن. «مهنة جدودى.. ولا أقدر فى يوم أسيبها»، قالتها «أم علاء» وهى تجلس وسط علب «السمن البلدى»، والصوانى الكبيرة المرصوص عليها أرغفة العيش الفلاحى، و«الجرار» الذى تستخدمه لتوزيع الخبز فى الفرن أثناء التحمير، وعلى وجهها ابتسامة تستقبل بها الزبائن الذين يقصدونها دون غيرها، لأنها الوحيدة التى تعمل حتى الآن فى مهنة صنع العيش الفلاحى والبلدى يدوياً على مدار 20 عاماً. «المش.. البيض بالسمن البلدى.. العسل بالقشطة»، هى الأصناف التى تقدمها أم علاء للزبائن بجانب الخبز، حتى تكتمل الوجبة الشهية: «الناس كانت بتيجى تتفرج على الست اللى لسه بتشتغل على فرن بلدى بإيديها، وسط الأفران الإفرنجية بس بعد كده بقيت مطلوبة بالاسم». «أم علاء» (43 سنة)، تحملت ما لم يتحمله الرجال، فمنذ أن مرض زوجها نتيجة تهدم مدرسة على جسده خلال عمله ك«فواعلى» حتى بدأت الزوجة رحلة الشقاء: «عملنا له قميص جبس، وفلوسنا كلها راحت، واتحملت هم خمس عيال لسه مايعرفوش حاجة فى الدنيا، وهايموتوا من الجوع فقررت أشتغل». يوم «أم علاء» يبدأ من الساعة الواحدة ظهراً حتى الثالثة فجراً، وطوال هذه المدة لا تستطيع التحرك من أمام الفرن ولو للحظات، حيث تقوم بإعداد العيش الفلاحى بكل مراحله، بدايةً من نخل الدقيق ثم عجنه وتركه حتى يتخمر ثم يدخل الفرن، وبعد إتمام المهمة تمسح أم علاء بيدها قطرات العرق التى تنساب على جبينها وهى تقول: «حرارة الفرن ضيعت عينى اليمين، وكل اللى نفسى فيه عُمرة».