أدلى وزير المالية بتصريح لجريدة المال (الأربعاء 29 أغسطس) حول أموال أصحاب المعاشات استخدم فيها خبرته الطويلة فى وزارة المالية فى طرح الموضوع بما يوحى أن الحكومة بريئة من الاستيلاء على أموال أصحاب المعاشات، وأن الخزانة العامة تتحمل أعباء كبيرة للوفاء بقيمة العلاوة الاجتماعية المقررة لأصحاب المعاشات سنوات طويلة، وأن الخزانة العامة تغطى الجانب الأكبر من معاشات بعض الفئات، ويذكر فى سياق حديثه أرقاماً دقيقة لكنه يوردها بما يوحى أن الخزانة العامة والحكومة هى التى تتولى حماية أموال أصحاب المعاشات وتفى بجانب كبير من متطلباتهم، وما أورده الوزير من مبالغ هو صحيح ولكن حديثه كله يقوم على مغالطات صريحة وكان عليه أن يعترف بالحقيقة التى يتحمل هو شخصياً جانباً كبيراً فى المسئولية عنها وهى نهب وزارة المالية والحكومة لأموال أصحاب المعاشات بحكم كونه أحد كبار العاملين بالوزارة لسنوات طويلة ارتكبت خلالها جريمة نهب أموال أصحاب المعاشات، خاصة عندما كان مساعداً لوزير المالية، يوسف بطرس غالى، الذى جمع بين وزارة المالية ووزارة التأمينات الاجتماعية واستخدم هذا الجمع فى شفط أموال أصحاب المعاشات والاستيلاء عليها لاستخدامها فى سد العجز الجارى بالموازنة العامة للدولة مقابل صكوك على وزارة المالية ليس لها قيمة حقيقية؛ لأن الأموال أنفقت بالفعل فى سداد العجز بالموازنة العامة للدولة ولا يستطيع أصحاب المعاشات استرداد قيمة هذه الصكوك، كما يحدث مثلاً بالنسبة لأذون الخزانة أو ما تطرحه البنوك من شهادات استثمار أو وثائق مالية، فالخزانة العامة للدولة مفلسة ولا تستطيع سداد قيمة هذه الصكوك إذا طلبها أصحاب المعاشات بل تطلب الوزارة جدولة سدادها على سنوات طويلة. والحقيقة التى يخفيها ممتاز السعيد، وزير المالية، أن نهب أموال المعاشات بدأ سنة 1980 عندما تأسس بنك الاستثمار القومى وتضمن قرار تأسيسه توريد حصيلة صندوق التأمين والمعاشات الحكومى وصندوق التأمين للعاملين بالقطاعين العام والخاص إلى البنك سنوياً، حيث قام باستخدامها بفائدة قيمتها 4.5% بينما كانت أسعار الفائدة السنوية فى ذلك الوقت تتجاوز ال12% بكثير، وقام بنك الاستثمار القومى بإقراض أموال أصحاب المعاشات الغلابة إلى كبار رجال الأعمال بحجة تنفيذ مشروعات إنتاجية وفى تمويل مشروعات حكومية، وهكذا ضاعت على أصحاب المعاشات قيمة فرق الفائدة لسنوات طويلة وتقدر بمئات الملايين من الجنيهات وكان نتيجة ذلك أن البنك مدين حالياً لأصحاب المعاشات بمبلغ 84 مليار جنيه يضيف فوائدها إلى أصل الدين سنوياً دون أن يستفيد منها أصحاب المعاشات. بالإضافة إلى هذا فقد استولت الحكومة على 212.5 مليار جنيه قدمت مقابلها صكوكاً على وزارة المالية ليس لها قيمة حقيقية فعلية، كما أوضحت من قبل، وهناك أيضاً 45 مليار جنيه مديونية وزارة المالية تمثل التزاماتها تجاه أصحاب المعاشات التى لم تسددها منذ 1987 وليست هناك فوائد على هذه المديونية، نحن إذن أمام مديونية على الخزانة العامة وبنك الاستثمار القومى قيمتها تتجاوز ال412 مليار جنيه تم حرمان أصحاب المعاشات من استثمارها بالفائدة السارية سواء فى البنوك أو صناديق الاستثمار المضمونة أو شهادات الادخار التى يصدرها البنك الأهلى وغيره، وكانت النتيجة عجز صناديق التأمين عن الوفاء بالتزاماتها تجاه أصحاب المعاشات وتحمل الخزانة العامة هذه الالتزامات التى يفاخر بها وزير المالية وينسى أن وزارته كانت المسئول الأول عن هذا الوضع الذى تعانى منه الآن هذه الصناديق وينعكس ذلك على أصحاب المعاشات الذين يكتوون بنار الغلاء وكان بإمكانهم زيادة المعاشات بمعدلات أعلى بكثير من قيمة العلاوة الاجتماعية المقررة لهم إذا حصلوا على فوائد عن مدخراتهم فى صناديق التأمين طول ثلاثين سنة حرموا خلالها من استثمار هذه الأموال بطريقة اقتصادية سليمة. فهل يعدل وزير المالية عن هذه المغالطات ويعترف بالوقائع التاريخية ويعوض أصحاب المعاشات عن الجريمة التى ارتكبت بحقهم طوال هذه السنوات.. وهل يعلم أن أصحاب المعاشات لن يتخلوا عن حقوقهم المسلوبة وأنهم يعتزمون التحرك الجماعى لاسترداد هذه الحقوق؟