نقابة الصحفيين تُقر قواعد جديدة للمنتسبين من الخارج وأساتذة الصحافة والإعلام    مستشار قانوني يوضح موقف الأحكام القضائية ضد المتقدمين للتصالح على مخالفات البناء    أنباء عن التواصل مع أحد أفراد طائرة الرئيس الإيراني "المنكوبة"    عمر جابر: جمهور الزمالك عظيم ويستحق الفرحة    محافظ الوادي الجديد يبحث إنشاء أكاديميات رياضية للموهوبين    10 صور للتحفظ على لانشون مجهول المصدر ومخابز مخالفة بالقاهرة    دموع التماسيح.. طليق المتهمة بتخدير طفلها ببورسعيد: "قالت لي أبوس ايدك سامحني"    تفاصيل المؤتمر الصحفي للإعلان عن تفاصيل الدورة الأولى لمهرجان دراما رمضان    سلطنة عمان تتابع بقلق بالغ حادث مروحية الرئيس الإيراني ومستعدة لتقديم الدعم    المتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية ضمن أعلى 5 متاحف حققت زيارات في يومها العالمي (صور)    رئيس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة: جرائم الاحتلال جعلت المجتمع الدولى يناهض إسرائيل    وزارة الصحة: طبيب الأسرة هو الركيزة الأساسية فى نظام الرعاية الأولية    بينها «الجوزاء» و«الميزان».. 5 أبراج محظوظة يوم الإثنين 19 مايو 2024    أتزوج أم أجعل أمى تحج؟.. وعالم بالأوقاف يجيب    طقس سيئ وارتفاع في درجات الحرارة.. بماذا دعا الرسول في الجو الحار؟    خبير تكنولوجى عن نسخة GPT4o: برامج الذكاء الاصطناعي ستؤدي إلى إغلاق هوليود    مع ارتفاع درجات الحرارة.. نصائح للنوم في الطقس الحار بدون استعمال التكييف    الكشف على 1528 حالة في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    تحركات جديدة في ملف الإيجار القديم.. هل ينتهي القانون المثير للجدل؟    وزير الأوقاف: الخطاب الديني ليس بعيدًا عن قضايا المجتمع .. وخطب الجمعة تناولت التنمر وحقوق العمال    الجمعة القادم.. انطلاق الحدث الرياضي Fly over Madinaty للقفز بالمظلات    جدل واسع حول التقارير الإعلامية لتقييم اللياقة العقلية ل«بايدن وترامب»    متحور كورونا الجديد.. مستشار الرئيس يؤكد: لا مبرر للقلق    داعية: القرآن أوضح الكثير من المعاملات ومنها في العلاقات الإنسانية وعمار المنازل    «النواب» يوافق على مشاركة القطاع الخاص فى تشغيل المنشآت الصحية العامة    كيف هنأت مي عمر شقيقة زوجها ريم بعد زفافها ب48 ساعة؟ (صور)    اقرأ غدًا في «البوابة».. المأساة مستمرة.. نزوح 800 ألف فلسطينى من رفح    المنشاوي يفتتح معرضا لمشروعات تخرج طلاب الحاسبات والمعلومات بجامعة أسيوط    ليفاندوفسكى يقود هجوم برشلونة أمام رايو فاليكانو فى الدوري الإسباني    هل يستطيع أبو تريكة العودة لمصر بعد قرار النقض؟ عدلي حسين يجيب    ختام ملتقى الأقصر الدولي في دورته السابعة بمشاركة 20 فنانًا    مدير بطولة أفريقيا للساق الواحدة: مصر تقدم بطولة قوية ونستهدف تنظيم كأس العالم    السائق أوقع بهما.. حبس خادمتين بتهمة سرقة ذهب غادة عبد الرازق    رسائل المسرح للجمهور في عرض "حواديتنا" لفرقة قصر ثقافة العريش    «نيويورك تايمز»: هجوم روسيا في منطقة خاركوف وضع أوكرانيا في موقف صعب    بايرن ميونيخ يعلن رحيل الثنائي الإفريقي    هل يجوز الحج أو العمرة بالأمول المودعة بالبنوك؟.. أمينة الفتوى تُجيب    نائب رئيس جامعة الأزهر يتفقد امتحانات الدراسات العليا بقطاع كليات الطب    بنك مصر يطرح ودائع جديدة بسعر فائدة يصل إلى 22% | تفاصيل    افتتاح أولى دورات الحاسب الآلي للأطفال بمكتبة مصر العامة بدمنهور.. صور    نهائي الكونفدرالية.. توافد جماهيري على استاد القاهرة لمساندة الزمالك    "أهلًا بالعيد".. موعد عيد الأضحى المبارك 2024 فلكيًا في مصر وموعد وقفة عرفات    مصرع شخص غرقًا في ترعة بالأقصر    حكم إعطاء غير المسلم من لحم الأضحية.. الإفتاء توضح    منها مزاملة صلاح.. 3 وجهات محتملة ل عمر مرموش بعد الرحيل عن فرانكفورت    رئيس الإسماعيلي ل في الجول: أنهينا أزمة النبريص.. ومشاركته أمام بيراميدز بيد إيهاب جلال    «الجوازات» تقدم تسهيلات وخدمات مميزة لكبار السن وذوي الاحتياجات    رئيس «قضايا الدولة» ومحافظ الإسماعيلية يضعان حجر الأساس لمقر الهيئة الجديد بالمحافظة    «المريض هيشحت السرير».. نائب ينتقد «مشاركة القطاع الخاص في إدارة المستشفيات»    أول صور التقطها القمر الصناعي المصري للعاصمة الإدارية وقناة السويس والأهرامات    نائب رئيس "هيئة المجتمعات العمرانية" في زيارة إلى مدينة العلمين الجديدة    وزير العمل: لم يتم إدراج مصر على "القائمة السوداء" لعام 2024    «الرعاية الصحية»: طفرة غير مسبوقة في منظومة التأمين الطبي الشامل    ياسين مرياح: خبرة الترجى تمنحه فرصة خطف لقب أبطال أفريقيا أمام الأهلى    سعر السكر اليوم.. الكيلو ب12.60 جنيه في «التموين»    ولي العهد السعودي يبحث مع مستشار الأمن القومي الأمريكي الأوضاع في غزة    عرض تجربة مصر في التطوير.. وزير التعليم يتوجه إلى لندن للمشاركة في المنتدى العالمي للتعليم 2024 -تفاصيل    ضبط 34 قضية فى حملة أمنية تستهدف حائزي المخدرات بالقناطر الخيرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«نيكسون» فى اجتماع مع كبار مسئوليه عام 1973: نحن جميعاً مع أمن إسرائيل.. وضد أى محاولة للنيل منه
الرئيس الأمريكى اتخذ إجراءات قوية لقطع الطريق على إدخال قوات سوفيتية فى أزمة الجيش الثالث

فى الحلقة الثانية من وثائق الخارجية الأمريكية التى أفرجت عنها مؤخرا نستعرض اجتماعين مهمين للرئيس الأمريكى، الأول مع كبار المسئولين فى حكومته فى 18 أكتوبر 1973، والثانى 27 نوفمبر 1973 حضره عدد من أعضاء الكونجرس من الحزبين الجمهورى، والديموقراطى إلى جانب المسئولين الرسميين، يظهر فيهما بوضوح دور مستشار الأمن القومى الأمريكى وقتها هنرى كيسنجر، فى السعى نحو سلام يؤدى إلى كسر وحدة العرب على حد تعبيره، وتطبيق فكرة مناطق منزوعة السلاح حول حدود إسرائيل لتجعلها أكثر أمنا، وتظهر تلك الاجتماعات أيضا أن الهدف الأساسى للإدارة الأمريكية من إشراك الاتحاد السوفيتى فى الجهود الدبلوماسية هو منعه من التدخل بقوة فى مسار الأحداث، وحتى لا يدين له العرب بالفضل فى تحقيق تسوية، وتلقى الوثائق الضوء على جهود الولايات المتحدة لاحتواء آثار الحظر البترولى دون التعرض لابتزاز من منظمة الأوبك، والدول الأخرى المنتجة للنفط، وأن الحظر كان السبب الرئيسى فى تسريع الرئيس نيكسون لخطط الاكتفاء الذاتى من الطاقة.
فى اجتماع للرئيس الأمريكى الأسبق ريتشارد نيكسون فى 18 أكتوبر 1973 مع كبار المسئولين فى حكومته استغرق نحو ساعتين من الثالثة و9 دقائق حتى الخامسة ودقيقتين بعد الظهر، طلب نيكسون من مستشاره للأمن القومى هنرى كيسنجر تلخيص الموقف فى الشرق الأوسط، فقال كيسنجر:
على إسرائيل الآن أن تدرس كيف تعزز موقفها بالوسائل الدبلوماسية وليس فقط بالوسائل العسكرية، ونحن الآن فى وضع يمكننا من منع تصاعد الحرب، ومن أن تتحول إلى مواجهة مع العرب، وبالتالى لدينا فرصة أفضل لفرض تسوية، وكل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى لديهما أصدقاء يدعمانهم، والاختبار هو أن نتمكن من دعم أصدقائنا، وأن نحافظ فى الوقت نفسه على التوازن بينهم وبين الآخرين، ونحن فى وضع يمكننا أن ننجح فى ذلك، وقرار مجلس الأمن يمكنه أن يضع حدودا لتصرفات أطراف الصراع ويدفعهم للتصرف بحزم، ونحن نحاول التوصل إلى توافق فى الآراء قبل أن نتحرك، وقبل أن يسألنى أحد إذا ما كان الاتحاد السوفيتى يستغفلنا، أو يضعنا فى موقف صعب، عليه أن يسألنى أولاً عما كان يمكن أن نفعله ولم نفعله حتى الآن، وفى الواقع نحن تحركنا بقوة وحشدنا جسرا جويا كبيرا فى ظل عدم وجود قواعد باستثناء قواعدنا فى جزر الأزور البرتغالية.
الرئيس: وهناك ما هو أكثر من ذلك.
كيسنجر: أبلغنا الاتحاد السوفيتى بأن الوضع الحالى هو اختبار «لحالة التهدئة» المتفق عليها بيننا (حالة التهدئة اتفاق بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى لمنع وصول أى نزاعات فى المناطق التى تتعارض فيها مصالحهما إلى مستوى الحرب المسلحة)، ونحن لم ننقض هذا الاتفاق، ولدينا خطوط اتصالات مع العرب، والتقى الرئيس بهم أمس، ونحاول استخدام الدبلوماسية كجسر من أجل التوصل إلى تسوية مناسبة، وسنعلن عن القضية للرأى العام بعد أن تحقق الجهود الدبلوماسية نتائجها، وما يجب أن تعلموه هو أن جهودنا تستهدف فى النهاية التوصل إلى تسوية، وقمنا بالرد على التحدى المتمثل فى الجسر الجوى السوفيتى، والسلوك السوفيتى غامض لكننا لا نريد الدخول فى مواجهة معهم، ونعتقد أنهم سوف يستجيبون بطريقة ما.
الرئيس: الاتحاد السوفيتى لديه مشكلة مع العرب، لقد أدوا أداء جيدا على الأرض، ولا يريدون التفاوض إلا بشروط لا يمكن أن تقبلها إسرائيل، ونحن نسعى للتوصل إلى وقف لإطلاق النار وفقا لقرار الأمم المتحدة 242.
كيسنجر: قرار 242 ليس اقتراحا جديدا، والتكهن بشأن صيغة معينة أمر خطير جدا، والمشكلة الرئيسية الآن هى كيف يمكننا دفع الأطراف للدخول فى مفاوضات فى ظل صيغة غامضة لا تحفظ لكل طرف ماء وجهه.
نائب وزير الدفاع وليام كليمنتس: فى هذه العمليات أدت قواتنا المسلحة أداء رائعا، لقد كانت عملية عسكرية معقدة ورائعة.
الرئيس: النقطة الأساسية هى أن نحاول منع الاتحاد السوفيتى من إرسال قوات، ولا يمكن أن نحيد الاتحاد السوفيتى تماما -مثلما أسمع من «الصقور الجدد»- إلى الدرجة التى تضطره لأن يتدخل مباشرة ويرسل قواته إلى ساحة المعركة، فنواجه خيارا رهيبا!
كيسنجر: فى هذا الاتجاه نحن ننفذ إجراءات صارمة على الأرض لكننا نتحدث بهدوء، ولا ينبغى التصعيد حتى تنجح الدبلوماسية فى تحقيق مسعاها، بهدوء نقدم قوات ومعدات هائلة، ورد الفعل العربى متواضع للغاية.
يشير تقرير الخارجية الأمريكية حول الوثائق إلى أن أهم المشكلات التى واجهتها إدارة نيكسون عقب حرب أكتوبر 1973، بخلاف مشكلة دعم إسرائيل على مستوى المعارك الميدانية، والتحركات الدبلوماسية تجاه الاتحاد السوفيتى لمنع تدخله المباشر، هى مشكلة الاعتماد على الطاقة، ففى وقت سابق بعث نيكسون برسالة خاصة فى 18 أبريل 1973 إلى الكونجرس عن سياسة الطاقة، يلخص فيها الخطوات التى ينبغى أن تتخذها الحكومة الاتحادية والشركات الخاصة والجمهور للحفاظ على الطاقة وتطوير الموارد المحلية، وتحدث عن استهلاك الطاقة فى سياق دولى، وقال فى رسالته: أعتقد أن تحدى الطاقة يوفر فرصة هامة للدول لتحقيق أهداف حيوية من خلال التعاون السلمى، وينبغى ألا نضيع فرصة تعزيز بناء السلام فى العالم، وبعض القضايا تقدم لنا فرصة جيدة لإثبات أن بإمكاننا تحقيق الكثير من مصالحنا الوطنية من خلال التعاون المتبادل بدلا من المنافسات المدمرة أو المواجهات الخطيرة.
واستكمل نيكسون هذه الرسالة فى بيان فى 29 يونيو من العام نفسه، يحدد إجراءات إضافية، وفى 18 أكتوبر فرضت منظمة الدول المصدرة للبترول «الأوبك» حظرا نفطيا على الولايات المتحدة بسبب دعمها لإسرائيل فى حرب أكتوبر، ووسع الحظر فى وقت لاحق ليشمل أوروبا الغربية واليابان، وأكد الحظر مدى اعتماد الولايات المتحدة على النفط الأجنبى، حسبما أوضح نيكسون فى خطابه إلى الأمة فى 7 نوفمبر عام 1973 الذى قال فيه: «الآن، وحتى قبل اندلاع الحرب فى الشرق الأوسط، كان النقص المرتقب موضع مناقشات مكثفة بين مسئولى الإدارة وقادة الكونجرس، والمحافظين وحكام الولايات، ووصلت هذه المناقشات إلى اتفاق واسع على أننا كأمة يجب أن نبحث عن مسار جديد»، ووصف نيكسون هذا المسار الجديد» بمشروع الاستقلال، مستوحيا وصفه من نجاحات مشروع مانهاتن ورحلة أبولو الفضائية.
وأضاف الرئيس فى كلمته: «اليوم.. التحدى هو استعادة القوة التى كانت لدينا من قبل فى هذا القرن، هى قوة الاكتفاء الذاتى، فقدرتنا على تلبية احتياجاتنا من الطاقة محدودة بدرجة تمنعنا من استمرار قدرتنا على التصرف بحزم وبشكل مستقل فى الداخل والخارج فى خدمة السلام، ليس فقط من أجل أمريكا ولكن من أجل جميع دول العالم، وأتوقع أن تتمكن الولايات المتحدة من تحقيق الاعتماد على الذات فى توفير الطاقة بحلول عام 1980»، وبناء على ذلك أعلن الرئيس عددا من إجراءات التقشف تتراوح ما بين خفض الحدود القصوى لسرعات السيارات على الطرق السريعة، وتخفيض وقود التدفئة فى المنازل والشركات، وردا على الانتقادات بأن البلاد ليست مستعدة بشكل كاف لأزمة الطاقة، قال نيكسون فى مؤتمر صحفى فى 17 نوفمبر 1973:
«توقعت حدوث هذا الأمر من قبل، وأنتم تعرفون لماذا توقعته.. ليس بسبب الشرق الأوسط أو المشكلات فى خط أنابيب ألاسكا، ولكن لأن هذا العالم رغم كل مشكلاته يزداد غنى، ولا أعنى بذلك عدم وجود كثير من الجياع، ليس فقط فى أمريكا حيث يوجد كثيرون، ولكن إذا أردتم أن تروا الجياع اذهبوا إلى الهند أو بعض دول أمريكا اللاتينية أو البرازيل، ولكن بصفة عامة، مع زيادة الثراء فى العالم، حيث تزداد بشدة أعداد أجهزة التكييف، يزداد الاحتياج إلى الكهرباء، ويزداد الاحتياج للوقود، وهذا هو السبب فى أننى بعثت برسالة منذ عامين إلى الكونجرس أطلب فيها أن يدرس برنامجا يمكن الولايات المتحدة من الاكتفاء الذاتى فى مجال الطاقة، وتابعت ذلك فى أبريل هذا العام، حتى قبل أن نعرف أو تكون لدينا أدنى فكرة عن أزمة الشرق الأوسط التى سببت مشكلة خطيرة، بل وأزمة خطيرة لنا، وطلبت من الكونجرس 7 تشريعات للتعامل مع موضوع الطاقة، أحدها وصل مكتبى يتعلق بخط أنابيب ألاسكا، ووقعت عليه، وأتمنى أن ننتهى من التشريعات الستة قبل عيد الميلاد».
***
وفى اجتماع جمع بين قيادات من الحزبين الجمهورى والديمقراطى فى واشنطن فى 27 نوفمبر عام 1973، طلب الرئيس نيكسون أن يقدم هنرى كيسنجر عرضا للموقف فى الشرق الأوسط، فقال كيسنجر: «سألخص ما حاول الرئيس القيام به أثناء الحرب، وما نأمل أن نواصل إياه على مدى الشهور القليلة المقبلة، وسأتناول سريعا موضوع حظر البترول، خلال الحرب كان لدينا هدفان: الأول أن نتوصل سريعا إلى وقف لإطلاق النار، والثانى أن نجعل الولايات المتحدة فى وضع يؤهلها للتأثير بقوة فى الوصول إلى تسوية، ولذلك كان علينا أن نفعل الكثير من الأمور التى تصب فى اتجاه أحد الطرفين، وكان أولها الجسر الجوى، فلو كنا سمحنا بانتصار الأسلحة السوفيتية على الأسلحة الأمريكية لحدث تحول كامل فى ميزان القوى، وثانيا حافظ الرئيس على اتصالات شخصية مع العرب، ومع الاتحاد السوفيتى استخدمنا علاقاتنا لتهدئة النزاع وعملنا معهم للوصول به إلى مرحلة جديدة، واسمحوا لى أن أشرح لكم ما «التهدئة» من وجهة نظرنا، لماذا نريد علاقة مع الاتحاد السوفيتى؟ ليس السبب أن البنية الداخلية للولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى متقاربة، وليس لأننا غيرنا أهدافنا، وإنما التهدئة ضرورية بسبب ترسانة الأسلحة النووية اللازمة للاستراتيجية العظمى لدى كلا الجانبين، ومنع حرب نووية أمر حتمى فى سياستنا، ومن الواضح أن التهدئة لا تمنع حدوث أمور متعارضة معها فى كثير من المناطق، وهذا لا يعنى أن نذعن لسياسات القمع الشديد فى الاتحاد السوفيتى».
عندما ذهبت إلى الشرق الأوسط، واجهنا أولا مطلب العرب بعودة القوات الإسرائيلية إلى خطوط 22 أكتوبر، وثانيا: كان علينا أن ندفع باتجاه بدء عملية التفاوض، وثالثا قلت للعرب إن الولايات المتحدة وحدها هى التى تستطيع إجراء المفاوضات وإعادة الأرض، وقلت للسادات إن لديه فرصة تاريخية، وإن بإمكانه التفكير فى خطة لوقف إطلاق النار أو العمل على عقد مؤتمر يؤدى إلى سلام حقيقى، والسادات رجل حكيم، وكانت نتيجة ذلك أننا تفاوضنا حول خطة النقاط الست لتثبيت وقف إطلاق النار والبدء فى عملية التفاوض، والآن يجرى تنظيم المفاوضات، وهذا الأسبوع سيناشد الاتحاد السوفيتى، والولايات المتحدة أطراف النزاع لعقد مؤتمر، والسبب فى عقده تحت رعاية الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى أن عقد منتدى أوسع سيؤدى إلى توسيع الخلاف بقدر مشاركة أطراف آخرين، فالصينيون سيختلفون مع السوفيت، والبريطانيون والفرنسيون سيختلفون معنا أيضا، والمؤتمر الذى نريد عقده لم يكتمل بعد، ولكنى أعتقد أنه سيكون هذا الأسبوع، وإسرائيل لا تستطيع أن تفعل شيئا قبل يناير المقبل، والجزء الأول سيخصص لفصل القوات، ونأمل إشراك قوات من الأمم المتحدة حتى تخلو المفاوضات اللاحقة من احتمالات تجدد القتال، والمرحلة الثانية هى قضية الحدود الصعبة بالنسبة لإسرائيل، وهى الترتيبات الأمنية بين إسرائيل والعرب والضمانات الخارجية، ولا نريد ضمانات كتلك التى تقدمها الولايات المتحدة، والاتحاد السوفيتى تلقائيا فى أى نزاع محدود، وانطباعنا هو أن هناك ميلا لدى العرب للدخول فى مفاوضات هادئة أكثر من أى وقت مضى منذ الحرب العالمية الثانية، ومع ذلك هناك ضغوط شديدة من دول غنية راديكالية كالعراق وليبيا، وربما أيضا من الاتحاد السوفيتى، وإن لم يتضح ذلك حتى الآن، وللأسف يتخذ البريطانيون، والفرنسيون واليابانيون مواقف قريبة من مواقف العرب الراديكاليين، فقد طالبت المفوضية الأوروبية بخط 22 أكتوبر بعد تخلى السادات عنه مباشرة، مما يجعل موقفه صعبا، ولكن احتمالات الخروج من الأزمة جيدة، لكنها ستكون صعبة، وإسرائيل ستمر بفترة عصيبة إذ يتعين عليها أن تنسحب من بعض الأراضى، حتى لا تظل فى حالة حروب دائمة.
لكن اسمحوا لى بأن أتحدث عن الحظر النفطى، أولا من المهم جدا ألا ندلى بتصريحات علنية فى هذا الشأن، ولقد أجريت محادثات مكثفة مع الملك فيصل، وهو متعصب دينيا، ومحافظ، وصديق للولايات المتحدة، لكنه واقع بين ضغوط العراق، واليمن الجنوبى، ولذلك يحاول أن يزايد على الراديكاليين وأن يبدو كقائد للقضية العربية، ووجهات نظرهم المطروحة أمام الرأى العام عنيفة بل وشرسة دائما، ولكن فى اللقاءات السرية أعتقد أنهم يبحثون عن وسيلة للخروج من الأزمة.
لقد ذهب الأوروبيون واليابانيون للعرب وقالوا: «ماذا تريدون منا أن نفعل؟»، وهذا أمر لا يطاق، وإذا استسلمنا لهذا فإننا (1) سنشجع الأطراف المتطرفة فى المنطقة، (2) سنعطى فرصة للأوروبيين لكى يصعدوا اقتراحاتهم، (3) سنعطى فرصة للاتحاد السوفيتى لتأييدها، وعلى سبيل المثال يقترح الأفارقة الآن إبقاء الحصار حتى تتوقف الولايات المتحدة عن سياساتها العنصرية، ويمكن أن نواجه ابتزازا من جميع منتجى المواد الخام.
علينا أن نتحدث مع منتجى النفط، ولكن ليس تحت الابتزاز، وهناك فرصة للتراجع عن الحظر، وإعطاء فرصة للمفاوضات، واسمحوا لى بأن أضيف تعليقا بشأن الاتحاد السوفيتى، هناك من يقول: «إذا كان اتفاق التهدئة بيننا وبينهم عظيما جدا فلماذا تحدث هذه المواجهات؟ والحقيقة أنه ما لم يكن لدينا مشكلات مع الاتحاد السوفيتى ما احتجنا إلى «اتفاق تهدئة الحرب الباردة»، لقد قام الاتحاد السوفيتى ببعض الأمور التى لا نريدها، ولكن فى بعض الحالات الأخرى أحجموا عن التحرك، فلم يقدموا دعما للإرهابيين، ولم يمر يوم دون اتصال بين الرئيس وبريجنيف (رئيس الاتحاد السوفيتى)، خلقوا أزمة حول الجيش الثالث واتخذ الرئيس إجراءات قوية لقطع الطريق على إدخال قوات سوفيتية، وعندما اتخذ الإجراء تمكنت اتصالاتنا من التحرك بسرعة نحو تسوية، وهذا هو معنى «التهدئة» وعموما هو اتفاق فعال، وإذا تحكمنا فى أعصابنا وحققنا أهدافنا ستكون لدينا فرصة جيدة لتحقيق سلام حقيقى.
الرئيس: هل يمكنك أن تحدد بعض المواعيد؟
كيسنجر: آمل أن يبدأ المؤتمر فى منتصف ديسمبر.
الرئيس: دعونا نتحدث بصراحة، نحن نريد رفع الحظر النفطى، لكننا لا نقول أى شىء عما سيجعل موقف العرب صعبا.
جيرالد فورد (نائب الرئيس الأمريكى وقتها): هل يمكننا الحديث عن المشاركين فى المؤتمر؟
كيسنجر: لا، هذا يسبب مشكلة داخلية لدى العرب.
سؤال (من أحد الحاضرين): ماذا عن سوريا؟
كيسنجر: السوريون سعوا للاتصال بنا، ومشكلتهم تتمثل فى موقف العراق وحزب البعث، وليس لدينا علاقات مع سوريا، وبالتالى فإن الاتحاد السوفيتى سيتولى إحضارهم للمؤتمر.
الرئيس: سوريا هى أقرب جغرافياً للاتحاد السوفيتى.
رئيس لجنة العلاقات الخارجية السيناتور وليام فولبرايت: ماذا سيحدث إذا أجلت الانتخابات الإسرائيلية؟
كيسنجر: لا يمكننا الانتظار إلى ما بعد 31 ديسمبر، يمكننا المماطلة فى بعض التفاصيل التنظيمية ولكن ليس بعد ذلك.
ستانلى سكوت (أحد مساعدى الرئيس نيكسون): هل الإسرائيليون أكثر تشددا من اليهود الأمريكيين أم أقل؟
كيسنجر: الإسرائيليون أقل تشددا فى مواقفهم من لوبى اليهود الأمريكيين، ومشكلة إسرائيل الآن هى الحملة الانتخابية، فمنذ 22 أكتوبر تحسن موقف الإسرائيليين وأصبحوا على استعداد للتفاوض بشأن أمور كثيرة، لكن اليهود الأمريكيين متشددون جدا ويميلون إلى الضجيج، وتسخين الإسرائيليين ومنحهم وعودا هائلة.
فولبرايت: أليس هذا ضربا من الوهم؟
الرئيس: هذا يحدث داخل هذه الإدارة.
فولبرايت: ليس فى الكونجرس.
كيسنجر: دعونى أوضح، إننا نحاول الحفاظ على أمن إسرائيل، ولا ننوى على الإطلاق التضحية بها، وهم يعلمون ذلك جيدا.
كارل ألبرت (عضو بالكونجرس): لماذا يعتقد الأوروبيون أن تدمير إسرائيل سينهى الابتزاز؟
كيسنجر: هذا فصل حزين فى تاريخ أوروبا، ولا توجد إجابة جيدة.
ميليارد (عضو بالكونجرس): هل ستذهب إلى أوروبا؟
كيسنجر: أنا ذاهب إلى اجتماع حلف شمال الأطلنطى وطلب منى الرئيس أن أحاول تبريد الموقف هناك، حيث ستوجد حالة من الصراخ.
سكوت: هل يعرف اليهود الأمريكيون حجم الخسائر الإسرائيلية؟
كيسنجر: سنعمل مع اليهود الأمريكيين، والرئيس نيكسون أفضل صديق لإسرائيل، وهم باتوا يدركون الآن أنهم لا يمكنهم الاستمرار اعتماداً على الحلول العسكرية، ولا يمكنهم تحقيق انتصار فى حرب استنزاف طويلة.
جون ستينيس (رئيس لجنة القوات المسلحة حتى عام 1975 فى مجلس الشيوخ): إلى أى مدى يمكننا التحكم فى هذا المؤتمر وما المخاطر أمامنا؟
كيسنجر: الإجابة حساسة، من مصلحتنا أن نشرك الاتحاد السوفيتى حتى لا يتخذ موقفا متشددا، ولكن يجب أن نوضح للعرب أيضا أن التسوية لا يمكن أن تأتى إلا من خلال النفوذ الأمريكى، وهذا هو المسار الضيق الذى نسير فيه، ونفعل ذلك لكى ندعم العرب المعتدلين ونظهر أن المتشددين لن يحصلوا للعرب على أى شىء، وبالتالى سنواجه بقوة الاقتراحات الراديكالية، لكننا سنتحرك لإجبار إسرائيل على قبول المقترحات المعتدلة.
يونج (عضو بالكونجرس): ما مدى أهمية فتح القناة؟
كيسنجر: هذا سيكون جزءا من أى انسحابات عسكرية، ولا تقلق بشأن قناة تفتح المحيط الهندى أمام البحرية السوفيتية، حيث يمكننا مشاهدتهم فى المحيط الهندى وغيره من أعالى البحار.
ستراتون: ما أهمية القرار 242 الآن؟
كيسنجر: على المستوى الداخلى هنا وبين الأسرة الواحدة، لا يعنى القرار 242 شيئا.
الرئيس: إنه يعنى 1967 بالنسبة للعرب، ويعنى بالنسبة للإسرائيليين ما لديهم من الأرض مضافا إليها 10%.
كيسنجر: نريد أن نفرق بين نطاقات من الأرض منزوعة السلاح وبين الحدود، ويبدو أن السادات يتفهم فكرة الحزام الأمنى.
فولبرايت: ليس من الصواب القول إن قرار 242 لا يعنى شيئا.
الرئيس: المقصود أنه يعنى أشياء مختلفة للأطراف المختلفة، وبالنسبة لنا هو يعنى ما يتم التفاوض عليه.. واسمحوا لى بأن ألخص الموقف:
نحن جميعا مع أمن إسرائيل وضد أى محاولة للنيل منه، وقد أثبتنا ذلك بشكل واضح فى هذا الصراع، وبفضل دعمنا العسكرى لها ظلت آمنة من العرب، لكن لا يمكن استبعاد الاتحاد السوفيتى من العملية إطلاقا.
نحن نختلف مع الاتحاد السوفيتى بشأن الصين، وتتعارض مصالحنا فى أوروبا، لكننا لا نجد أزمة كل سنة على الطريق، وفى الشرق الأوسط وفى جنوب شرق آسيا لم تتداخل مصالحهم أبدا كما يمكن أن يحدث بفضل اتفاق التهدئة، وهذا صحيح فى 3 مناطق: الصين، وأوروبا، وربما فى الشرق الأوسط، وهذه المرة فى الشرق الأوسط، قرر السوفيت أن العلاقات معنا أهم بالنسبة لهم من الشرق الأوسط.
جميع الموجودين هنا مع بقاء إسرائيل، وبقاؤها مرهون بالدعم الأمريكى فى مواجهة التحركات السوفيتية المحتملة فى الشرق الأوسط، والشعب الأمريكى يؤيد تحركنا بالدعم العسكرى من خلال أصدقائنا فى الكونجرس، لكن تأييده سيتراجع إذا رأى القوات الأمريكية تخوض حربا ضد الاتحاد السوفيتى فى الشرق الأوسط.
والولايات المتحدة ملتزمة بالتحرك نحو السلام، وفى هذه الحالة ستكون الولايات المتحدة، والاتحاد السوفيتى فقط هما طرفا القضية، لهذا السبب يجب أن يلعب الاتحاد السوفييتى دورا، والأمر الثالث أن الولايات المتحدة لديها الآن علاقات جيدة مع معظم الدول العربية تقريبا، ويمكننا العمل معهم للتوصل إلى تسوية، ولا نريد إحراج الاتحاد السوفيتى.
كيسنجر: نريد أن نعطى العرب المعتدلين حافزا للعمل معنا.
تيب أونيل (عضو الكونجرس): «القوات السوفيتية كانت موجودة فى مصر حتى 1972 ثم طردتهم، فماذا حدث؟
كيسنجر: الرئيس قال عام 1970 لا نريد السوفيت فى مصر، وكان السادات مستاء من وجود الاتحاد السوفيتى فى مصر فطردهم، والسوفيت لم يكونوا راضين عن الوضع بعد طردهم وبدأت الحرب، ويجب أن أعترف بأننا الآن أمام آفاق أكثر إيجابية مما لو كانت الحرب لم تحدث.
جون ماكليلان (رئيس لجنة المخصصات بمجلس الشيوخ ولاية أركنساس): ما حافز العرب من أجل السلام؟ إسرائيل ليس لديها أصدقاء وهم لديهم النفط.
كيسنجر: العرب تعلموا أنهم لن يستطيعوا طوال حياتهم أن يكسبوا الحرب، لكنهم يستطيعون أن يجعلوها تنزف دما، والعرب الراديكاليون بالتأكيد يريدون تدمير إسرائيل، والمعتدلون يخشون من أن تهدد تكلفة العداء استقرار أنظمتهم، يمكننى أن أجعل الإسرائيليين أكثر أمنا بحدود قريبة من حدود عام 1967، ومنطقة أمنية أبعد من حدودهم الحالية وأن تبقى قواتهم على اتصال، لن يسعى العرب جميعا لتحقيق السلام، لكن السلام سيكسر وحدة العرب لأن لديهم دوافع مختلفة.
الرئيس: وهناك سبب آخر، كل العرب قوميون، والولايات المتحدة لديها أخطاء لكن لا أحد يعتقد أن العلاقات مع الولايات المتحدة تنتهك استقلالهم، وهذا ليس صحيحا أيضا بالنسبة للاتحاد السوفيتى والعرب يدركون ذلك، وربما يكون هذا سبباً جزئياً فى طرد مصر للسوفيت عام 1972، وأعتقد أن العرب المعتدلين يفضلون أن تلعب الولايات المتحدة دورا فى التسوية بدلا من أن يكونوا مدينين بالفضل للاتحاد السوفيتى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.