عندما اعتزل الشاشة الصغيرة كوجه تليفزيونى ظل صوت الإعلامى محمود سلطان الذى غيبه الموت أمس، يلازم المشاهدين المصريين كمعلق على واحد من أشهر برامج التليفزيون المصرى لأكثر من عشرين عاماً مضت، وهو برنامج «عالم الحيوان»، الذى كانت الأسر المصرية تتابعه بشغف واهتمام عقب صلاة الجمعة من كل أسبوع قبل حديث الشيخ الشعراوى. رحل «سلطان» فى هدوء وصمت بعد تدهور حالته الصحية وإصابته بكسر فى القدم نتيجة سقوطه على الأرض فى منزله، وإصابته بجلطات مختلفة، ما أدى إلى دخوله «العناية المركزة»، ليتوفى عن عمر يناهز 74 عاماً، تاركاً بصمته الإعلامية فى التليفزيون والإذاعة المصرية، حيث تتلمذ على يد جيل العمالقة من رواد التليفزيون الأوائل. حلم الإذاعة كان يراود محمود محمد عطا جاد سلطان، المولود بمدينة القناطر الخيرية عام 1940، منذ نعومة أظافره، حتى تحقق بالتحاقه بالبرنامج الإذاعى الموجه عام 1966 وحتى عام 1970، حينما أصبح مشرفاً على البرنامج السواحلى الموجه لدول أفريقيا. ورغبة منه فى الظهور بشكل أكثر لمعاناً كمذيع انتقل إلى إذاعة «صوت العرب» قارئاً لنشرة الأخبار، ومقدماً للبرامج السياسية والثقافية، حيث توالت برامجه ومنها: «اللقاء المفتوح»، و«الحياة، الحب، الأمل» وفى عام 1989 أصبح كبيراً لمذيعى الإذاعة، ولأن التليفزيون كان فى تلك الفترة عامل جذب لكل مذيعى الإذاعة انتقل إليه ضمن مجموعة من الإذاعيين الشهيرين الذين سبقوه إلى شاشة التليفزيون، وقدم برنامج «صباح الخير يا مصر»، مع مواصلة عمله بإذاعة «صوت العرب»، وبعد شهرته على الشاشة الصغيرة، لم يبتعد «سلطان» عن ميكروفون الإذاعة الذى كان بداية تألقه. كانت مواجهة كاميرا التليفزيون للمرة الأولى أمراً مرعباً لمحمود سلطان المولود عام 1940، رغم كونه مذيعاً متمرساً ومدرباً ولديه خبرة لسنوات، لكن ثناء المحيطين به أعاد إليه الثقة، وأعطاه فرصة لتحقيق المزيد من النجومية، حيث عاصر «سلطان» أحداثاً كثيرة ومهمة أعطت لنشرة الأخبار أهمية، ولقارئها مكانة جعلت اسمه يتردد بكثرة عند رجل الشارع مع زملائه همت مصطفى وزينب الحكيم وأحمد سمير ودرية شرف الدين. تدرج «سلطان» فى السلم الوظيفى من كبير للمذيعين، إلى نائب لرئيس قطاع الأخبار باتحاد الإذاعة والتليفزيون، ومستشار من الدرجة الممتازة، حتى وصوله لسن المعاش عام 2000، وطوال هذه السنوات لم تنقطع صلته بالإعلام كخبير أو محاضر فى الجامعات المصرية، أو عضو فى لجان التحكيم والمؤتمرات والمنتديات الإعلامية داخل وخارج مصر، حصل «سلطان» على العديد من شهادات التقدير بجانب وسام سيناء تقديراً لعمله على جبهة القتال خلال حرب أكتوبر 1973، فضلاً عن الدروع والكئوس والميداليات التذكارية.