وحتي عندما اعتزل الشاشة الصغيرة كوجه تليفزيوني ظل صوته يلازمنا كمعلق علي واحد من أشهر برامج التليفزيون المصري لأكثر من عشرين عاما وهو برنامج «عالم الحيوان» ومحمود سلطان كما يقول: كنت تلميذا لجيل العمالقة أمثال همت مصطفي، أ ميمة عبدالعزيز والآن أصبح أستاذا لأجيال وأجيال كمحاضر ومدرب ومعلم لشباب الإعلاميين. النشأة ولد محمود محمد عطا جاد سلطان والذي اطلق عليه فيما بعد اسم محمود سلطان في 15 نوفمبر 1940 بمدينة القناطر الخيرية، حيث كان يعمل والده موظفا بمصلحة الري.. وكان لنشأته في أحضان الطبيعة وسحر النيل الخالد تأثير كبير جعله شخصا رومانسيا حالما يتأثر بشكل ما بما يحيط به من أشياء، هو أيضا ينبهر بداخله بأي إنسان يبدع في مهنته أو يتفنن في صنعته. التحق محمود سلطان بمدارس القناطر الخيرية من المرحلة الابتدائية وحتي الثانوية وفي القاهرة التحق بكلية الآداب قسم تاريخ حيث تخرج فيها عام 1965. منذ كان عمره لا يتعدي بعد اثني عشر عاما بدأ يدرك معني الثورة، حيث كان لثورة يوليو 1952 تأثير كبير علي تكوينه العقلي والوجداني. الإذاعي حلم أن يكون مذيعا، كان يراوده منذ طفولته الأولي، وكانت البداية عندما التحق بالبرنامج الإذاعي الموجه عام 1966 وحتي عام 1970 حينما أصبح مشرفا علي البرنامج السواحلي الموجه للشرق الأوسط وجنوب أفريقيا. ورغبة منه في الظهور بشكل أكثر لمعانا كمذيع انتقل إلي إذاعة صوت العرب مذيعا لنشرة الأخبار ومقدما للبرامج الخاصة السياسية والثقافية، حيث توالت برامجه ومنها: «اللقاء المفتوح، الحياة، الحب، الأمل» وفي عام 1989 أصبح كبيرا للمذيعين. التليفزيوني ولأن التليفزيون كان في تلك الفترة عامل جذب لكل مذيعي الإذاعة وبالطبع أكثر شهرة ولمعانا وجماهيرية، لذا انتقل إليه ضمن مجموعة من الإذاعيين المشاهير كانوا قد سبقوه علي رأسهم الإذاعية همت مصطفي. في نفس الوقت ظل يواصل عمله بإذاعة صوت العرب، لأنه كما ذكرنا كان عاشقا للميكروفون الإذاعي منذ الصغر إلي جانب أن الميكروفون كان بداية مشواره الإعلامي، ورغم كونه مذيعا متمرسا ومدربا ولديه خبرة لسنوات إلا أنه كما يقول: لم يستطع أن يواجه الكاميرا عندما قرأ موجز الأنباء علي شاشة التليفزيون لأول مرة، حتي أنه شعر بالخوف لدرجة أنه لم ير الكاميرا أمامه وهذه اللحظة كما يتذكر سلطان: بعد أن قرأت الموجز سألت المحيطين بي عن رأيهم، فأكدوا أني كنت ثابتا وواثقا من نفسي، فتعجبت وقلت لهم كيف؟! فقد كنت أشعر بغير ذلك حيث كان الخوف من الانطباع الأول علي أدائي يقلقني لأنه يدوم، وحمدت الله أنني لاقيت القبول لدي الناس منذ الوهلة الأولي بطلتي علي الشاشة. وابتدا المشوار حقيقة لقد عاصر محمود سلطان أحداث كثيرة ومهمة أعطت لنشرة الأخبار أهمية ولقارئها مكانة جعلت اسمه يتردد بكثرة عند رجل الشارع مع زملائه همت مصطفي وزينب الحكيم وأحمد سمير ودرية شرف الدين وغيرهم، فقد كانوا جميعا يقدمون إلي جانب النشرة الإخبارية برامج سياسية وإخبارية منها علي سبيل المثال: «موضوع للمناقشة، حوار الأسبوع وصباح الخير يا مصر». كان لنجاح محمود سلطان السريع والقبول الجماهيري علي الشاشة الصغيرة أن تم ترشيحه لنقل الأحداث السياسية والقومية المهمة في مصر علي الهواء مباشرة من خلال الإذاعات الخارجية للتليفزيون ومنها حفل إعادة افتتاح قناة السويس للملاحة بحضور الرئيس محمد أنور السادات، حيث شارك محمود سلطان الإعلامية همت مصطفي في نقل وقائع هذا الحدث التاريخي والسياسي المهم، وكان الرئيس محمد أنور السادات، كان يعي تماما أهمية الإعلام لذلك كانت فرصة سلطان كبيرة للاشتراك في متابعة ونقل العديد من الأحداث المهمة داخل وخارج مصر عبر شاشات التليفزيون المصري. تأثره بالرواد يقول محمود سلطان عن تأثره بالجيل السابق من الرواد، تأثرت بهم جميعا وأعتقد أن كل جيلي في الإذاعة تأثر بالجيل الذي سبقه حتي أن الإعلامية همت مصطفي منذ أن كانت كبيرة مذيعين ثم رئيسا للقناة الأولي ثم رئيسا للتليفزيون لم تبخل يوما بعطائها الإعلامي وخبرتها، ولذا ظلت محتضنة لجيل بأكمله، لذلك كانت لها بصمات واضحة علينا جميعا ولا أنسي أيضا الإذاعية الكبيرة والقديرة أميمة عبدالعزيز التي قامت بتدريبنا علي أكمل وجه. مذيع ال BBC بعد أن ذاع صيته الإعلامي في مصر والعالم العربي كمقدم برامج وقارئ نشرة يمتلك مقومات وسمات كثيرة أهلته للتربع علي عرش المشاهير من نجوم الإعلام المرئي والمسموع قررت إذاعة ال BBC أن تضمه إلي قافلتها الإعلامية، وبالفعل حصل علي إجازة من العمل في مصر لمدة عام وسافر إلي لندن عام 1989 ليصبح أحد منابر هذه الإذاعة التي طالما كان يستمع إليها باهتمام ويعتبرها مصدرا مهما للمعلومات الإخبارية. عضو البرلمان في عام 1995 رشح نفسه لعضوية مجلس الشعب وحصل بإجماع علي أصوات دائرته الانتخابية واستمر يمارس العمل السياسي طوال مدة برلمانية كاملة حتي عام 2000. التدرج الوظيفي كانت أولي خطوات السلم الوظيفي في الحقل الإعلامي، كبيرا للمذيعين ثم نائبا لرئيس قطاع الأخبار باتحاد الإذاعة والتليفزيون وأخيرا مستشارا من الدرجة الممتازة، وذلك حتي وصوله لسن المعاش عام 2000 وطوال هذه السنوات لم تنقطع صلته بالإعلام كخبير أو محاضر أو عضو في لجان تحكيم أو مؤتمرات أو منتديات إعلامية داخل وخارج مصر. الخبير الإعلامي قام بالتدريس في الجامعات المصرية ومنها كلية الإعلام بجامعة القاهرة، كلية إعلام 6 أكتوبر، كلية إعلام عين شمس، بالإضافة إلي الإشراف علي تدريب أجيال من المذيعين والمذيعات في العديد من القنوات التليفزيونية المختلفة سواء التابعة لاتحاد الإذاعة والتليفزيون أو الخاصة.. في الوقت الذي اعتذر فيه عن العمل كمذيع في القنوات الخاصة، باعتباره ابن التليفزيون المصري، بل وأحد نجومه ورواده. حاليا هو يمارس قراءة نشرة الأخبار في إذاعة راديو مصر، كما يقدم بصوته التعليق علي برنامجه الشهير «عالم الحيوان» علي شاشة التليفزيون المصري منذ منتصف السبعينات وحتي الان، وبذلك يعتبر واحدا من أشهر وأقدم البرامج التليفزيونية علي الشاشة. الجوائز حصل محمود سلطان خلال مشواره الإعلامي علي العديد من شهادات التقدير إلي جانب وسام سيناء تقديرا لعمله علي جبهة القتال خلال حرب أكتوبر 1971، هذا بالإضافة إلي العديد من الدروع والكئوس والميداليات التذكارية في مناسبات عديدة قومية وإعلامية وثقافية. هذا وكان قد تم تكريمه مؤخرا خلال الدورة الخامسة عشرة لمهرجان الإعلام العربي في ديسمبر عام 2010. هذا وكانت جماعة الإعلاميين الأحرار في ماسبيرو قد رشحته مع الإعلامي القدير حمدي قنديل لعضوية مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون في صورته الأخيرة لتسيير أعمال المجلس خلال الفترة المقبلة التي تحتاج إلي إعلاميين لديهم رؤية مستقبلية إعلامية وسياسية وفهم لطبيعة المتغيرات السياسية علي الساحة العربية والدولية إلي جانب الخبرة والمصداقية والشفافية التي يتصف بها علي مدي تاريخه الإعلامي.