فقد الإعلام تلك الابتسامة العذبة، ذاك الصوت الذكي والحضور الرصين، والثقافة الموسوعية، التي امتلكها واحد من أبناء جيل آمن أن إتقان العمل واجب وعبادة، طور كثيرًا من نفسه لكي يصل لتلك المكانة التي لم يسبقه لها أحد. إنه الإعلامى الكبير محمود سلطان الذي غيبه الموت عقب صراع مع المرض إثر إصابته بجلطة، استدعت احتجازه في العناية المركزة بمستشفي الأنجلو. هو واحد من جيل العمالقة في التليفزيون المصري، وأحد الاصوات المميزة في نشرات الاخبار، والذي ارتبط اسمه بواحد من أشهر البرامج على الشاشة، وهو "عالم الحيوان"، وكان أول من اشترك في تقديم "صباح الخير يامصر" والذي كان أول برنامج توك شو إخباري في التليفزيون. حصل "سلطان" خلال مشواره الإعلامي على العديد من التكريمات والجوائز ومنها نجمة سيناء عن عمله على جبهة القتال في حرب أكتوبر، وكانت آخر التكريمات في الدورة 15 لمهرجان الإعلام العربي عام 2010. ولد محمود محمد عطا جاد سلطان في 15 نوفمبر 1940، بمدينة القناطر الخيرية، حيث كان يعمل والده موظفًا بمصلحة الري، حيث نشأ في أحضان الطبيعة وتأثر بسحر النيل ما جعله شخصًا رومانسيًا مرهف الحس، كما أدرك سلطان معنى الثورة منذ عمر الثانية عشرة، وكان لثورة يوليو 1952 تأثير كبير على تكوينه العقلي والوجداني وحسه الثوري. حلم أن يكون مذيعًا، كان يراوده منذ نعومة أظفاره، وكانت البداية عندما التحق بالبرنامج الإذاعي الموجه عام 1966، وحتى عام 1970 حينما أصبح مشرفًا على البرنامج السواحلي الموجه للشرق الأوسط وجنوب إفريقيا. انتقل إلى إذاعة صوت العرب مذيعًا لنشرة الأخبار ومقدمًا للبرامج الخاصة السياسية والثقافية، وكان أبرزها "اللقاء المفتوح، الحياة، الحب، الأمل" وفي عام 1989 أصبح كبيرًا للمذيعين. أعطى سلطان لنشرة الأخبار أهمية ولقارئها مكانة جعلت اسمه يتردد بقوة عند رجل الشارع مع زملائه "همت مصطفى، وزينب الحكيم، وأحمد سمير، ودرية شرف الدين، وزيره الإعلام الحالية وغيرهم"، فقد كانوا جميعًا يقدمون برامج سياسية وإخبارية إلى جانب النشرة الإخبارية .