أحمد التوني الملقب ب"سلطان المنشدين" و"ساقي الأرواح"، توقف صوته اليوم، الذي لم يكف عن مدح الرسول وأولياء الله الصالحين، وتوقفت الأنفاس الهائمة بالذكر وحب آل البيت، وشيع آلاف من أهالي بقرية الحواتكة بمركز منفلوط بمحافظة أسيوط، مساء الاثنين، جثمان "التوني". فصاحب الجلباب والعمامة الصعيدي والمسبحة والكوب يُعد "التوني" أحد أشهر مداحي الرسول، حيث طاف محافظات الصعيد، ليتغنى بقصائد أقطاب الصوفية، ونظم العديد من حفلات الإنشاد الديني في الوطن العربي، وفي مختلف دول العالم، مثل سوريا، باريس، والولايات المتحدة، والبرازيل، والأرجنتين، ودول شمالي أفريقيا. في يوليو 2011 ظهر "التوني" على إحدى منصات ميدان التحرير مع فرقته وأدى العديد من القصائد الشهيرة التي تفاعل معها آلاف الشباب الذين تجمعوا في الميدان للاستماع إليه. وفي 20 يوليو 2013 عاد مرة أخرى "التوني"إلى التحرير للمشاركة في مليوينة الانتصار والعبور، التي دعت لها العديد من القوى السياسية، بعد الإطاحة بنظام الرئيس المزول محمد مرسي، كما نظم حفلة مؤخرًا بساقية الصاوي. وكان "التوني" على علاقة بعدد من السياسيين والمفكرين، وأبرزهم حمدين صباحي، المرشح الرئاسي المحتمل، الذين كان من أوئل من نعوا "سلطان المنشدين"، وكتب "صباحي" في حسابه على "تويتر": "رحل أمير الإنشاد الديني سلطان العاشقين الشيخ أحمد التوني، أعزي نفسي وأسرته الكريمة وجمهوره الكبير الذي أشجاه وأبكاه في مدح وحب رسول الله". من أبرز الموالد التي أحياها "سلطان المنشدين" مولد الحسين والسيدة زينب والسيد البدوي، ومن أبرز تلاميذ "التوني" الشيخ ياسين التهامي، أحد أشهر مداحي الرسول. كان الشيخ يرتجل الانشاد دون مرافقة الألحان، لكنه استعان بالموسيقي في وقت لاحق بعدما أدرك أهمية استخدامها في نشر رسالة التصوف، وتكونت فرقته الموسيقية من 3 آلات وهي الكمان، والناي، وآلة إيقاعية، يتمايل في خشوع، يضبط الايقاع بمسبحته المميزة، والكأس الزجاجي الذي يمسك به في حفلاته وينقر عليه بين الحين والآخر، اعتمد "التوني" على أشعار كبار أئمة التصوف، من أمثال "ابن الفارض والحلاج". يقول الشيخ التوني عن الموسيقى أنها "تجلب الجمهور، وتقرب المعنى، وتطرب النفس، وترقق المشاعر"، وأن الموسيقى تؤدي لأن يسود "سهرات الإنشاد الصوفي نوع من الصفاء والحب، والإبداع والتشويق". يهدف الشيخ من خلال الإنشاد والموسيقى الروحية إيصال رسالة التصوّف الإسلامي إلى العالم كله. ويعتقد أن التصوف صالح لجميع الأديان وليس حكراً على المسلمين وحدهم. يركز الشيخ في إنشاده على الكلام، لا على الألحان حيث تكون الألحان مجرد خلفية مرافقة. وهو ينشد بشكل فطري قائم بصورة أساسية على الارتجال مما يحفظه من أشعار كبار أئمة التصوف ومنهم: "أبو العزايم وابن الفارض والحلاج..ويتبع الشيخ تختاً موسيقياً شرقياً بسيطاً مؤلفاً من "الرق والناي والكمان.." يعزفون وراءه وفقاً لما يفيض على شيخهم من تجليات شعراً وتنويعاً بين المقامات الموسيقية.. وقد يتولى بنفسه ضبط الإيقاع من خلال النقر بمسبحةٍ على كأس زجاجي وبهذا يعود الشيخ "أحمد التوني" إلى طريقته الأصلية في الإنشاد التي بدأها الشيخ السبعيني قبل حوالي الستين عاماً. يقدم الشيخ التراث القديم كما هو كما جاء على ألسنة الأولياء والعارفين بالله والسالكين في مدارجهم ومنهم: "الجندي والرفاعي والدسوقي والجيلاني" وغيرهم من أهل الله –على حد تعبيره- وعن الموالد التي تشتهر بها "مصر" والتي يعتبر الشيخ "التوني" نجمها الأول منذ سنواتٍ عديدة قال الشيخ: "ما زال مولد السيد البدوي بمدينة "طنطا" شمالي "مصر" المولد الوحيد الذي يحافظ على تقاليده الأًصلية لا سيما "الدورة" وهي نوع من الحركات تتبع في الحضرات الصوفية .." ويؤكد الشيخ "التوني" أن مولد السيد "البدوي" هو الأكبر والأشهر في "مصر". كان الشيخ ينشد مرتجلاً من دون مرافقة الألحان إلى أن أدرك أهمية استخدام الموسيقا في نشر رسالة التصوف التي يحملها والتي بلغت عبر صوته مسارح "باريس وعموم أوروبا والولايات المتحدة والبرازيل والأرجنتين وسائر دول شمالي أفريقيا بالإضافة إلى سوريا.." في الموالد كمولد السيد "البدوي" والسيد "الحسين" والسيدة "زينب" كان الشيخ "أحمد" يجد متعته في الغناء المتواصل ولساعاتٍ طويلة، فقبل سنوات كان الشيخ ينشد لحوالي الست ساعات في المولد بغض النظر عن المناسبات التي يمكن أن يحييها نفس الليلة وكل ذلك ارتجالاً مما يحفظه من الشعر دون أن ينشد في ليليتين متتاليتين نفس الأشعار. إلا أنه الآن يقتصد في الإنشاد لتقدم السن لكنه يحافظ على نفس طريقته في الإنشاد.." ويعتبر الشيخ ياسين التهامى أحد أشهر تلاميذ الشيخ التوني.