، الذى لا يستطيع مخلوق أن يحدد من هو؛ فالله وحده أعلم.. أيا كان اتجاهك يا فخامة الرئيس.. تذكر جيدا أن حسنى مبارك لم يستيقظ الشعب المصرى مرة واحدة ووجده فى السجن رهن أمر من شرطى.. بل كان قائدا فى حرب أكتوبر لا يستطيع أحد أن ينكره.. ولم يكن اختيارا فقط من أنور السادات ليكون فى موقع القيادة بل أيضاً اختاره جمال عبدالناصر من قبل فى أعقاب هزيمة 1967 فى موقع قيادى كمدير للكلية الجوية.. ولم يكن فى بداية حكمه إلا حاكما يلقى قبولا واستمر كذلك حتى وصلت إليه شلة المنتفعين وحملة المباخر وذيول الديكتاتورية وعشاقها وخدامها فترة.. ثم أحاطه جلاد «الداخلية» وجزارها فى الثمانينات وفتح بحرا من الدماء لم ينتهِ إلا بعد سنوات طويلة.. ثم أحاطته مجموعة الفساد.. وخلالها تم عقد زواج بين السلطة الفاسدة والثروة المشبوهة، ومن هنا ترعرع الفساد.. وتوغل وتوحش.. وتمنهجت أبشع أساليب البطش والتعذيب.. واحتقروا أصحاب الآراء والفكر فخطفوهم وجردوهم من ثيابهم وتركوهم فى الصحراء وسط الذئاب والضباع.. لمجرد أنهم قاوموا مشروع توريث عبودية الشعب الذى لم يكن فى يوم إلا سيدا أذاق كل الغزاة مرارة الحياة.. وجعل من مصر مقبرة لهم وللطامعين فيها.. وكونت لجنة سياسات لقمع المعارضين وتزوير الانتخابات فاختفى دور المؤسسات والبطانة الصالحة.. ومن هنا يا فخامة الرئيس القادم.. أيا كان اتجاهك.. وأيا كنت أنت، عسكريا بلباس مدنى.. أو دينيا بلباس مدنى.. أو ديكتاتوريا بلباس ديمقراطى.. قام الشعب بثورته التى استردت شجاعته التى عُرف بها.. وأقبل على الشهادة فمقاومة القهر والاستبداد والفساد ابتغاء رضاء الله، نحسبها شهادة لله وحده.. ويومها سقط «مبارك»، الذى كان يوما قائدا منتصرا فى حرب أكتوبر.. ضمن أبطال أكتوبر.. والذى كان حاكما يلقى قبولا بانحيازه إلى الشعب حتى أحاطه الفاسدون والجلادون ومصاصو الدماء.. وياللعجب!! لم يجد منهم أحدا وتهربوا منه.. وتسابقوا فى محاولة لإخراس صوته خوفا من أن يفضح أمرهم.. فخامة الرئيس القادم، لم يستيقظ الشعب المصرى على 30 يونيو فجأة؛ لأن محمد مرسى انحرف بطريق الحكم لأنه قسم الشعب وترك فتاوى التكفير تُطلق تحت رعايته.. لكن الحقيقة أن محمد مرسى، لمن يعرفه، كان برلمانيا قويا.. وكان منسقا جيدا بين صفوف المعارضين.. وجاء فى أول انتخابات رئاسية حقيقية.. وحاول وحاولت معه رموز المعارضة إنقاذ الموقف.. لكن فجأة انحرف وأصدر إعلانا دستوريا مستبدا يمنح نفسه سلطات لم تمنح لنبى من قبل، والعياذ بالله.. باختصار لا يُسأل عما يفعل.. فاختفى دور المؤسسات وفُرّغ دور الرئاسة من مضمونها.. وأسوأ ما حدث هو فتاوى التكفير والنفاق التى وُجهت للمخالفين فى الرأى ولمعارضيه.. تحت سمعه ورعايته.. ولم يتدخل لإيقاف مثل هذا العبث.. فأصبح الأمر مخيفا؛ فمن لم يكن معه فسيكون فى خانة الكفار والمنافقين.. ومن هنا لم يقبل أحد أن يكون فى هذه الخانة.. فكانت «30 يونيو» لإنهاء العقد بين حاكم وشعب.. فخامة الرئيس القادم، ستدق لك الطبول.. وتُنشَأ لك الكيانات.. ويتسابق المقربون فى كل عهد وزمان ليقدموا لك القرابين.. فتأكد أن الخارج لم يمنح حتى الآن صكا لحاكم بالبقاء.. وأن أباطرة التعذيب ومافيا الفساد والمنافقين لن يذرفوا الدموع إلا لمن يجلس خلفك على عرش الحكم.. فخامة الرئيس الذى لا أعرفه، عندما أراد عمرو بن العاص، رضى الله عنه، أن يحصن عاصمة مصر بسور يحميها فأرسل إلى خليفة المسلمين عمر بن الخطاب، رضى الله عنه وأرضاه، يطلب منه مالاً.. فقال له: «حصّنها بالعدل».. فتأكد أن الزمان الذى اتسعت فيها زنزانة من زنازين طرة لتسع اثنين ممن جلسوا على عرش الفرعون، ما زال بها مكان لثالثهما إذا خطا على طريق الفساد والقهر والاستبداد والظلم.. يومها لن ينفعه حملة المباخر ولا المنافقون؛ لأنه قد شغلهم من جلس خلفه.