تحضر قطعة حلوى كبرى، وعدد من أرغفة الخبز الطازج، تمسك بالسكين، وبكل قوتها تطرق على القاعدة الخشبية للمنضدة، وتفتح عيونها البنية عن آخرها، وكأنها أكثر النساء دموية، وتقول: "قطعية.. محدش بيكلها بالساهل".. فرغم قصر مشوارها الفني، ولكن مازالت جملتها الشهيرة المستقطعة من فيلم "رايا وسكينة" في المسلسل الكوميدي "عائلة شلش" معلقة بأذهان كثيرين من المصريين.. إنها ذات الشعر الأشقر والوجه الصبوح الفنانة "تحية الأنصاري"، التي تحل ذكرى وفاتها الثامنة اليوم. نقاش "سحر" لوالدها "شلش"، ومشاهدها الكوميدية على عربة "سندوتشات الحلاوة والجبنة"، خلال المسلسل التليد، ظلت أسيرة النفوس، تتعالى معها الضحكات، وترتسم بإعادتها الابتسامات على شفاه المشاهدين، فدورها بالمسلسل الكوميدي بجانب الفنان صلاح ذو الفقار والفنانة ليلى طاهر، كان الأشهر في مشوارها الفني، الذي قلصه مرضها بالسرطان، فأودعها سجينة منزلها بعيدة عن الأضواء، وتتوقف عن استكمال أعمالها التي لم تتعد ثمانية كان آخرها "صرخة بريء" بجوار إلهام شاهين. تقف تحية التي أتمت دراستها الثانوية حينها، أمام المرآة لتجسد أدورا من درب الخيال، تتعايش مع إبداعها الفطري، ولكنها تصطدم بتقاليد المجتمع البالية، وعقيدة عائلتها التي تنظر إلى الفنان بوصفه غير أخلاقي، ونسبه إليهم عار لم يألفوه، ورغم ذلك ومع إصرارها على خوض تجربة التمثيل، وقف محمد أبو الفتوح والدها أمام رفض العائلة، إلى جوار موهبتها ورافقها طوال خطواتها الفنية. تظهر الأنصاري، التي حلت آخر شقيقتها في عائلة لأب مصري وأم تركية، في إطلالتها الفنية الثانية مع مسلسل الشهد والدموع تراجيديا، في دور بعيد عن الكوميديا التي خلدت ذكراها، بجوار الفنان يوسف شعبان والفنانة الراحلة نوال أبو الفتوح، وتستكمل مسيرتها التي انحصرت في الأعمال التليفزيونية "فى ناس طيبين"، مع الفنانة زهرة العلا، و"في حاجة غلط" مع الفنان الراحل حسن عابدين والفنانة كريمة مختار. تتجلى موهبتها الفنية في أواخر مشورها حين ظهرت مغمضة العينين لتجسد دور فتاة كفيفة مع الفنان سمير حسني والفنانة الراحلة سعاد نصر، في دور اعتبره النقاد أكثر تميزا، علاوة على دورها في المسلسل الديني، "محمد رسول الله" مع الفنان محمد الدفراوي. في هدوء داخل منزلها بمصر الجديدة، وفي الثامن عشر من نوفمبر 2005، خرجت محمولة على الأعناق، بعد أن صعدت روحها إلى بارئها، عن عمر يتناهز 43 عاما بسبب ذبحة صدرية بعدما عاشت طوال عمرها تحمل السرطان بداخلها، لترحل عن الحياة، وتبقى في وجوه كثيرين ممن يمر عليهم طيفها في ضحكة صافية أمام شاشات التليفزيون، لينطبق عليها قول شوقي: "الناس صنفان.. موتى في حياتهم وأناس في بطون الأرض أحياء".